الرّوائي كفيح ينتصرُ للهامش في اليوم العالمي للغة العربية
قلم: إدريس الواغيش
في إطار أنشطته المتنوعة، نظم النادي الثقافي يوم السبت 04 يناير 2025 بمُؤسّسة المركز الفلاحي بمديرية الفقيه بن صالح 2025 نشاطا ثقافيا، كان محوره: » اللغة العربية، آفاق التدريس والإبداع وتكريس الهويّة »، تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية. كان القاص والروائي عبد الواحد كفيح ضيفا على النادي، بصفته وجهًا إبداعيًا أثرى المكتبة المغربية والعربية بمنجزه الإبداعي الغنيّ، سواء في القصة أو في الرواية والنقد.
احتضنت النشاط الثقافي الوحدة المدرسية « المكيمل »، بحضور الأطر الإدارية والتربوية للمؤسسة والمتعلمون والمتعلمات ومُمثّل عن المديرية الإقليمية الفقيه بنصالح، مع مشاركة مجموعة من المهتمين باللغة العربية والمدافعين عنها. وقد جاء تنظيم هذه الندوة الفكرية في سياق الانفتاح على العالم القروي، والاحتفاء بالإبداع والمبدع المحلي.
كلمة مديرة المؤسسة الأستاذة منال المفيشخ، نوّهت فيها بمجهودات القائمين على أنشطة النادي الثقافي، والدور الفعّال الذي يقوم به في إرساء ثقافة الاعتراف، وذلك من خلال استضافة ابن تلك الأرض المبدع عبد الواحد كفيح وتكريمه، وحرصه على تخليد اليوم العالمي للغة العربية كل سنة.
بعد ذلك، استأنفت الندوة أشغالها بكلمة ترحيبية للنادي الثقافي، ألحّت فيها الأستاذة فاطمة الزهراء حمديش على ضرورة إيلاء اللغة العربية المكانة التي تستحقها، باعتبارها لغة تدريس وإبداع وهَوية، مُشيرة في ذات الوقت إلى أهمية الانفتاح على المبدعين المحليين، والاهتمام بهم والتعريف بأعمالهم، وغرس فعل القراءة الإبداع في الناشئة.
وفي كلمة باسم المديرية، أشار المكلف بالشؤون المدرسية بمديرية الفقيه بن صالح الأستاذ محمد الذهبي إلى القيمة العلمية والفكرية التي تبوّأها الأستاذ المبدع عبد الواحد كفيح، إن ممارسا في القسم أو مبدعا أمام البياض، وأضاف أن كفيح « استطاع أن يُعبّر بإبداعه عن هموم الهامش وأوضاعه »، كما استطاع أن « يوصل إلى القارئ المغربي والعربي ما يجري في حياة البوادي والأرياف، وما يسكنها من ألم ووجع صامت »، وهو ما تبيّن للقارئ من خلال روايات: « روائح مقاهي المكسيك » و »أتربة على أشجار الصبار ».
أطر هذه الندوة العلمية باقتدار الأستاذ « عزالدين أوعنان، هو الذي تقدّم في مداخلته بورقة مُستفيضة عن المحتفى به، ركز فيها على « مسار كفيح الإبداعي الناجح، متحدثا عن « مؤلفاته وإصداراته، ومشاركاته الأدبية، إن على المستوى المحلي أو الوطني »، مُعترفا في ذات الوقت بأن « عبد الواحد كفيح استطاع بصفته قاصًّا وروائيًّا، أن يدافع في رواياته ومجاميعه القصصية عن المُهمّشين والمنبوذين والمقموعين في اجتماعيا »، مضيفا في ذذات المداخلة بأنه « كشف عن المستور في الواقع الاجتماعي المغربي في المنطقة، بصورة أدبية جمعت بين الواقعي والتّخييلي والعجائبي والغرائبي ».
الندوة الفكرة كانت مهمة في مجمل فقراتها، سواء من حيث طرحها لإشكالات « تتعلق باللغة العربية في علاقتها بالهوية والإبداع »، فضلا عن « تدريسية اللغة العربية «في حد ذاتها، وكيفية استثمار « الموارد الرقمية والتكنولوجيا الحديثة في تيسير تعليها وتعلمها ».
ومن جهة أخرى، قدم الأديب عبد الواحد كفيح مداخلة قيّمة، أشار من خلالها إلى « أهمية الاحتفال باللغة العربية في يومها العالمي، باعتبارها لغة من اللغات الأكثر انتشارًا في العالم »، وهي حسب قوله، كانت دائما « لغة القرآن الكريم »، وأيضا لأن « اللغة العربية ترسم معالم الهوية الفردية والجماعية للإنسان المغربي »، إذ أنه بدون لغة يضيف كيفح « نموت وتندثر هويتنا، لأن لغتنا العربية ركيزة أساسية لتأكيد الذات، ومُقوّم أساسي من مقومات الوجود المغربي والعربي والإسلامي ». وأضاف في مداخلته أن دورنا كمغاربة يكمن في « دعم اللغة العربية، والمحافظة عليها من كل المتربّصين بها، وتحصينها من المخاطر الداخلية والخارجية ».
وهنا لا بد من التذكير بأن اللغة العربية قد تعاظم دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل تحدّيات العولمة. وجمالية اللغة الروائية في العربية، سواء كانت رامزة أو دالة، تحبل بالعديد من الدلالات العميقة التي تفرض على المُتلقي الكشف عنها من خلال التأويل. وفي معرض حديثه عن ترسيم اللغة العربية بالأمم المتحدة، قارب الأستاذ المصطفى البودالي اللغة العربية من زاوية إدارية وقانونية، مشيرا إلى « المراحل التي مرّ منها الترسيم بقيادة الدبلوماسية المغربية الحكيمة، سواء مع محمد الفاسي الفهري أو المهدي المنجرة وغيرهم ». أما الأستاذ عبد الكبير أخزان من جهته، ركز على « أهمية إدماج التكنولوجيا الحديثة في تعليم اللغة العربية والتعلم بها ».
في ختام هذا النشاط الثقافي والعلمي، الذي استحسنه الجمهور الحاضر، وتفاعل معه بشكل جيّد وإيجابي، طُرحت أسئلة متنوعة ودقيقة، تلتها أجوبة شافية من كل المتدخلين، ولامست في مُجملها علاقة اللغة العربية بالإبداع أو الهوية والتدريس.
Aucun commentaire