Home»International»العلامة الداعية السوري السيد محمد راتب النابلسي قدوة العلماء الدعاة في البلاد التي تكمم فيها أفواههم ، من أجل سكوتهم على الاستبداد والفساد

العلامة الداعية السوري السيد محمد راتب النابلسي قدوة العلماء الدعاة في البلاد التي تكمم فيها أفواههم ، من أجل سكوتهم على الاستبداد والفساد

0
Shares
PinterestGoogle+

العلامة الداعية السوري السيد محمد راتب النابلسي قدوة العلماء الدعاة في البلاد التي تكمم فيها أفواههم ، و يهددون أو يساومون من أجل سكوتهم على الاستبداد والفساد أو دعمهم له

محمد شركي

أمس الأول تناقلت وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي على أوسع نطاق وصول العلامة الداعية السيد محمد راتب النابلسي إلى دمشق بعد ثلاث عشرة سنة من المنفى القسري خارج وطنه  فرارا من النظام الشمولي البائد الذي ساومه ، وهدده ، وضيق عليه من أجل استدراجه إلى زمرته المؤيدة لبطشه وإجرامه الذي مارسه بكل وحشية ضد ثورة الشعب إبان الربيع العربي السوري ،إلا أنه أبى وفضّل المنفى القسري على الانحشار في تلك الزمرة  الظالمة .

لقد عاد بعد فرج الله تعالى إلى وطنه معززا مكرما مرفوع الرأس ، واستقبل بحفاوة كبيرة استقبالا يليق بمقامه وقدره ، وانهال مستقبلوه عليه  يلثمون يديه ، ويقبلون رأسه ، ويرفعون عقيرتهم بالتكبير والتهليل شكرا لله تعالى بعبرات على عودة علم من أعلام العلم ، وداعية من دعاة طليعة الدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة  في بلاد العروبة والإسلام .

والرجل غني عن التعريف في كل ربوع العالم العربي والإسلامي، لأنه لم يغب يوما عن منابر العلم والدعوة عبر المنصات الرقمية  والشاشات التلفزية حيث كان ملايين المسلمين يتابعون دروسه ومحاضراته  وندواته الوازنة ، وقد عرف باعتداله ووسطيته في تبليغ كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأسلوب يغلب عليه الترغيب ،والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن بصوت هادىء لا يميل إلى صخب ، ولا يعامل جمهوره الحاضر أو الذي يتابعه عن بعد بقسوة ولا بجفاء ، ولا باحتقار ، ولا يعيب عليهم جهلهم  بدين الله ، ولا يعيّرهم  بقلة اطلاعهم ، ولا يسخر منهم أو يتندر بهم .

 لقد كان نعم الداعية ليّن الجانب ، محببا لدى الناس ، لا يوسم أو يوصف بما يقدح في شخصه ، ولا ينكر شيء من تصرفاته  أو مواقفه . ولقد سجل أشرف موقف عندما رفض تهديد ومساومة ومقايضة الديكتاتور السفاح له ، وقد عمل بقول الله تعالى : (( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )) تجنبا للوقوع في الظلم مع الظالمين الذين  قال عنهم الله تعالى : (( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض )) إلى أن يقول : (( فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا )) ، واستثنى الله منهم من قال فيهم : (( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا )).

لقد اختار فضيلة العلامة النابلسي الهجرة  لما ضاق به المقام في أرض عاث فيها الدكتاتور الدموي فسادا ، يقتّل أهلها ، ويغيّبهم في السجون والمعتقلات الرهيبة حتى إذا ما قضوا تحت التعذيب غيب جثتهم في مقابر جماعية  لا زالت تكتشف يوميا ، ولم يدخر فضيلته  في مهجره جهدا في المواظبة على الدعوة إلى الله عز وجل بنفس النهج الذي كان عليه قبل رحيله من بلاد الشام .

لن نتحدث في هذا المقل  عن علمه ، ولا عن مؤلفاته ، ولا عن خطبه، ومحاضراته ، وندواته، فهي أشهر من أن تسرد ، ويستفاض في تعديدها ، وإنما قصدنا إلى الإشارة إلى كونها قدوة للعلماء في بلاد الإسلام خصوصا أولئك الذين يضيق عليهم في الدعوة إلى الله عز وجل أو يساومون أو يهددون لشراء ذممهم  بسكوتهم عن الظلم والاستبداد والفساد .

 وقبل ذلك نذكّر بأن أحوال العلماء في البلاد التي يسود فيها الاستبداد والظلم  تتراوح  بين  من زُجَّ بهم في المعتقلات لمدد طويلة ،  وبين من هُجِّير قسرا خارج أوطانهم ، أوكُمِّمت أفواههم . ومقابل هذه الأصناف الثلاثة يوجد صنف آخر من العلماء الدعاة يؤثرون مداهنة الاستبداد  متنكبين الصدام معه ، وهم يفضلون الرباط في أوطانهم  يدعون إلى الله تعالى بما تسمح  لهم به ظروف التضييق والرقابة . وهناك صنف آخر يُورطون في الدعاية للاستبداد بشكل أو بآخر ، ومنهم من يتملقونه ، وهم ممن سماهم أبو حامد الغزالي في مقدمة مؤلفه  » إحياء علوم الدين  » العلماء المترسمون أي الذين تصرف لهم رسوم أو رواتب .

إن النابلسي ضرب لكل العلماء مثلا  عاليا في الثبات على المبدإ ، ورفض المساومة  والخضوع للاستبداد ، وقد كافأه الله عز وجل بعودة مشرفة إلى وطنه ذرفت لها عيناه ، وهو بين محبيه يعانقونه بحرارة ، ويرون في عودته انتصارا للعلم وللدعوة ولحرية التعبير ، وحرية الرأي بعدما كشف الله تعالى غمة الشعب السوري ، وحرره من الظلم والاستبداد .

ولا يجب أن ننسى وجود علماء أمثال العلامة النابلسي قد هجّروا قسرا  أيضا بطريقة أو بأخرى عن أوطانهم ، وهم يترقبون فرج الله تعالى كي يعودوا إليها لمواصلة دعوتهم إلى الله عز وجل  دون قيود أو تضييق ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعجل لهم بفرج من عنده .

وفي الأخير نتساءل هل سيتخذ العلماء العلامة النابلسي حفظه الله تعالى قدوة لهم خصوصا أولئك الذين يساومون في سكوتهم على قول كلمة الحق ؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *