لكم الله عز وجل يا أهل غزة لقد أوقف عدوكم إطلاق النار مع لبنان كي يتفرغ لإبادتكم
لكم الله عز وجل يا أهل غزة لقد أوقف عدوكم إطلاق النار مع لبنان كي يتفرغ لإبادتكم
محمد شركي
لقد توقف فجر اليوم إطلاق النار في الجبهة اللبنانية بموجب اتفاق بوساطة أمريكية فرنسية كما صرحت بذلك بعض وسائل الإعلام ، ولا يعلم لحد الساعة تفاصيل شروط هذا الوقف ، ولا شيء يعلم عن مكاسب الطرفين منه ، ولا مدى إمكانية الانتقال منه إلى إنهاء الحرب نهائيا.
والشيء الوحيد الذي اتضحت معالمه ، والذي لا غبار عليه هو ما جاء على لسان رئيس وزراء العدو الصهيوني قبيل دخول وقف إطلاق النار حيز التطبيق، إذ صرح بأنه من ضمن دواعي قبوله لهذا الوقف هو التفرع لإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت ذريعة القضاء على المقاومة الفلسطينية قضاء مبرما .
وهكذا تخلى الطرف اللبناني عن شرط اقتران وقف النار مع الكيان الصهيوني بوقفه في غزة أيضا تزامنا ، و ها قد بقي أهل غزة وحدهم عرضة لجرائم الإبادة الجماعية قصفا، وتقتيلا، وتجويعا تحت حصار خانق ، وتهجيرا قسريا من ساحة إلى أخرى بشكل يومي في طول وعرض القطاع .
ويحدث كل هذا على مرأى ومسمع العالم بما في ذلك الدول التي تزود الكيان الصهيوني بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة بكل سخاء، بل وتشاركه عمليا وإجرائيا في تلك الجرائم. ويحدث هذا أيضا، وقد خذل أهل غزة من أوجب عليهم شرع الله عز وجل نصرتهم .
وإنه لمن العار أن تتدخل الولايات المتحدة وفرنسا… وما خفي من أطراف أخرى لوقف إطلاق النار في الجبهة اللبنانية ، في الوقت الذي تستمر فيه إبادة أهل غزة . ولا شك أن تقديم المتدخلون لوقف النار في الجبهة اللبنانية يصب في مصلحة العدو الصهيوني الذي ترتبط مصلحته الارتباط الوثيق بمصالح هؤلاء المتدخلين في منطق الشرق الأوسط ، وهي البقرة الحلوب بالنسبة إليهم ، كما أنها منذ القرن الماضي الساحة المفضلة لديهم لإدارة مختلف الصراعات فيها عن طريق توظيف العراب الصهيوني ، وذلك من أجل تلك المصالح التي لم تعد غير خافية على أحد .
ومن الواضح أن أصحاب تلك المصالح والأطماع في البقرة الحلوب قد ألزموا العراب الصهيوني بقبول ما لم يقبله إلا مكرها ،وهو الذي ما فتىء يكشف علانية النقاب عما يسميه الوطن القومي التلمودي الموسع لليهود في طول وعرض الوطن العربي ، والذي يريده أن يبتلع الشام بأسره بما في ذلك الضفة الغربي وقطاع غزة ،والعراق ، وشبه جزيرة العرب، ومصر… وجنوبها وغربها . وفي عدة مناسبات كان مجرم حرب الإبادة المطلوب للعدالة الدولية يكشف لوسائل الإعلام عن خرائط مشروع وطن اليهود التلمودي الموسع .
وفي تبادل للأدوار الماكرة والخبيثة عبر بعض أعضاء حكومته من النازيين عن رفضهم لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية ، واعتبروا ذلك صفقة خاسرة لأنهم ممن يستعجلون البدء في التوسع لتحقيق حلم الوطن التلمودي الموسع بدءا بالضفة والقطاع ثم لبنان، ومرورا بسوريا فالعراق وذلك عن طريق الحرب ، ثم انتقالا بعد ذلك إلى المناطق الأخرى بوسائل أخرى قد أعدت لذلك سلفا ، وعلى رأسها استعمال السلاح الناعم المتمثل في التطبيع .
وفي هذا الظرف الدقيق، نقول لأهل غزة لكم الله عز وجل ، جبّار السماوات والأرض، والقاهر فوق العباد ، والفعّال لما يريد ، وهو سبحانه وتعالى حسبكم ونعم الوكيل ، ولا لوم عليكم وقد صدقتم الله تعالى في جهادكم وصمودكم ، وأبديتهم المنقطع النظير من الشجاعة والبسالة ، والتضحية والفداء بالمهج واسترخاصها في سبيل الله عز وجل من أجل بيت المقدس ، وأرض الإسراء والمعراج ، فأما شهداؤكم ، فعند الله عز وجل في الجنان منعمون ، وأما أجوركم على صبركم، وتضحياتكم، وثباتكم فموفورة عنده جل وعلا ، وأما قتلى العدو ففي النار يسجرون، وأما سوء العاقبة فتنتظر كل من وجب عليهم نصركم ولكنهم خذلوكم وللآخرة أسوأ عاقبة.
إنا والقلوب والأكباد تتفطر حزنا على ما أنتم فيه من بلاء عظيم لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا وإياكم إلى الله راجعون ، والأمر كله بيده جل في علاه ، وتقدس اسمه ، وإنه لمع العسر يسر ، وسيحدث سبحانه وتعالى أمرا كما يريد ويشاء ، ولا راد لقضائه . ولكم يا أهل غزة العزاء في قوله جل شأنه :
(( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا )) صدق الله العظيم .
Aucun commentaire