ادريس لشكر …خطاب سياسي في فضاء أكاديمي
عبد السلام المساوي
الكاتب الأول الأستاذ Driss LACHGUAR إدريس لشكر يلقي الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي تحت عنوان » المؤسسة الملكية ومسارات التنمية في المغرب خلال ربع قرن من حكم الملك محمد السادس » بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش والعيادة القانونية بالكلية …
انه حدث ، حدث بكل المقاييس الأكاديمية والفكرية والسياسية ، أن يحاضر قائد سياسي في رحاب الجامعة وان يقنع حضورا استثنائيا ؛ انه حضور النخبة ، بل نخبة النخبة ؛ أساتذة جامعيون وطلبة باحثون وفاعلون سياسيون وفعاليات مجتمعية …
ولقد سجل الحضور المكثف والنوعي وسجل الرأي العام ، أن الأستاذ إدريس لشكر كان متميزا ، وكان متفوقا …كان متميزا لأن الفضاء متميز ، ولأن المكان ليس ككل الأمكنة …هنا فضاء العلم والمعرفة ، فضاء المنهجية العقلانية والصرامة المنطقية …ليس فضاء للتهريج والشعبوية …ولقد شهد الجميع أن ذ إدريس لشكرا كان ناجحا وكان مقنعا ؛ مقنعا بسلطة المعرفة لا معرفة السلطة ….خطاب الحاضر والمستقبل المؤسس على التاريخ
الأستاذ إدريس لشكر الكاتب الأول ، قدم في هذا الدرس الافتتاحي العرض السياسي التاريخي ، الوطني والمستقبلي . إن غياب عروض سياسية مغرية من شأنها جلب المواطن للمشاركة لابداء رأيه حول مستقبل البلاد ، ليس له من معنى سوى اعطاء هدايا مجانية للشعبويين والعدميين وأصحاب » الركمجة » الحقوقية واكسابهم أرضيات جماهيرية لا يستحقونها بالمرة .
ان مهمة استعادة المواطنين من أحضان الشعبوية والاغتراب السياسي والعزوف والكيانات المسمومة تبقى هي السبيل الوحيد والأوحد لاضفاء المعنى السياسي على الفعل السياسي .
اليوم تابعنا العرض السياسي العقلاني والواقعي الذي قدم معالمه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ذ إدريس لشكر الذي لا ينتظر زمن الحملات الانتخابية لاطلاق وعود وهمية محاطة بسياج من الأكاذيب …
ان الشعبوية كما العدمية ، كلتاهما تمثل عجزا عن إنتاج الخطاب السياسي الواقعي والتاريخي ، وتعكس سياسة الهروب الى الأمام في وجه تقديم أجوبة للطلب المجتمعي ، فيأخذ الحل شكل اللجوء الى خطابات غارقة في التزييف من دون بدائل حقيقية للمجتمع والدولة .
المغاربة في حاجة إلى خطاب سياسي دقيق وعميق وليس الى بوليميك فارغ يحاول تغطية الشمس بالغربال …
نسجل ان خطاب الأستاذ لشكر في الدرس الافتتاحي ، أبان عن مهنية عالية بعنوانين بارزين ؛ التحليل والموضوعية … خطاب متماسك ومتناغم تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية ….
خطاب مؤسس على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية …
خطاب أصيل متأصل يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي المنسجم مع الرؤية الملكية والمنخرط في الاستراتيجية الملكية …
خطاب اساسه هو الارث الاتحادي النضالي وبوصلته هو التفكير الاتحادي المبدع والمستقبلي …
خطاب عقلاني ، بعيد عن حماس وانفعالات اللحظة ؛ خطاب عقلاني واعي وهادف يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان …
خطاب متناسق منطقيا ، يشكل بنية ،موحدة من حيث الثوابت التي تحمي من الوقوع في التناقض …
الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي يتحدث ويفكر، يتحدث بهدوء وثقة ، مستلهما تاريخ الاتحاد الاشتراكي في المسار والصيرورة ومستحضرا التجربة الذاتية الضاربة جذورها في السبعينيات ….
ان الاتحاد الاشتراكي يجد نفسه في الخيارات الاستراتيجية والمبادرات الاجتماعية والاصلاحات الهيكلية التي يبشر بها جلالة الملك ، ويحث عليها في كل مناسبة وحين ، بل وينكب على الاشراف على الكثير منها .
وكان هذا الدرس الافتتاحي مناسبة للحديث عن بعض إنجازات الملك محمد السادس ، هذه الشخصية العظيمة ذات الحس الإنساني ؛
ويكفي استعراض حصيلة إنجازات المغرب طيلة العقدين ونصف من حكم محمد السادس ، للوقوف عند التحديات ، التي رفعها المغرب ، على جميع المستويات ، وتأكيد نجاح الرؤية الملكية المهيكلة ، التي حولت المغرب إلى فضاء للأوراش التنموية ، والإقلاع في جميع القطاعات ، عبر مخططات استراتيجية ، كان لها انعكاس على التنمية البشرية والإجتماعية … وهو ما يفرض الرجوع للقرارات الملكية الحاسمة التي كانت تبعث على التفاؤل والثقة في المستقبل وتحول الأزمة إلى فرصة ، بفضل ما يرمز إليه الملك من ضمانات دستورية ودينية وتاريخية . فكل ما أعلنه الملك من توجيهات وتعليمات ، منذ اعتلائه العرش وإلى اليوم ، كان يشيع الاطمئنان ويبعث على التفاؤل بحتمية الخروج من الأزمة والإقلاع الصحيح لبلادنا نحو آفاق التقدم والبناء الديموقراطي والتنمية الشاملة للبلاد رغم حالة اللايقين التي يعيشها العالم ؛
من الصعب في هذا المقام سرد كل ما أنجزه الملك محمد السادس خلال 25 سنة من الحكم ، لكن يمكن أن نجمل القول في أننا كنا أمام ملك يحصي كل صغيرة وكبيرة ، ويختار بعناية فائقة متى يتدخل وكيف يتدخل وأين يتدخل لتبقى للدولة هيبتها وللمواطن كرامته وللمؤسسات مكانتها .
إن المغرب قوي بوحدته الوطنية ، وإجماع مكوناته حول مقدساته ، وهو قوي بمؤسساته وطاقات وكفاءات أبنائه ، وعملهم على تنميته وتقدمه ، والدفاع عن وحدته واستقراره .
ارتضينا لنفسنا هاته المظلة الملكية راعية للمغاربة أجمعهم ، بمختلف أعراقهم ، وأنسابهم ، وجذورهم ، وأصولهم ، وألسنتهم ، ودياناتهم ، وكل ما يصنع الكون في الإنسان من اختلافات …لدينا ما يكفي من النبوغ المحلي لكي نعرف كيف نجمع هاته الفسيفساء المغربية الخاصة من نوعها في قالب واحد ، ينبض بقلب واحد ، حبا وانتسابا وإيمانا بشيء واحد : الوطن ، المغرب .
دامت لهذا المكان رحابة بركته ، وشساعة قدرته على مواجهة الأذى الكبير بالصبر الأكبر عليه .
ودامت لنا هاته القدرة على مواجهة من لا تاريخ لهم بكل هذا التاريخ .
Aucun commentaire