شحلال محمد
بدعوة كريمة من ذ.كلتومة كرش غزار،حضرت اليوم الأول من فعاليات الندوة الدولية حول ،،المناجم في الأدب أو أدب المناجم،وهي الندوة التي خصص لها يومان بمركز الدراسات والبحوث.
كان أغلب المساهمين في فعاليات هذه الندوة ،من أبناء مدينة،،جرادة،،الذين تتوالى ابداعاتهم المستلهمة من حياة العمال المثقلة بالأحداث المأساوية،وسيظل سجل هذه المدينة مفتوحا، من أجل مزيد من الغوص ،حتى يكتمل تاريخ هذه المدينة التي لم تتخلص بعد من وشاحها الأسود.
كنت أعتزم تسجيل انطباعاتي البسيطة حول كافة المتدخلين،لكنني عدلت عن الفكرة حين انتقلت الكلمة لأحد أبناء،،جرادة،، يعتبر ظاهرة حقيقية تسائلنا جميعا عندما نفكر في رد الجميل لهذه المدينة التي أطعمتنا خبزا بطعم الدم،لكنها علمتنا الصبر على المحن ورفع التحدي.
ان الأخ محمد بنعلي ،الذي حال المرض المبكر دون نموه الطبيعي،قد تمكن بعد معاناة طويلة من انتزاع مكانته في المجتمع بامتياز، بعدما تحدى الاعاقة والأمية ليدخل عالم الابداع الأدبي.
لا شك أن كل المهتمين من أبناء جرادة يعرفون قصة ،،سي محمد بنعلي،، ومسيرته الابداعية التي لم تشفع فيها اعاقته ليتعرض لعملية سرقة ابداعه بشكل مفضوح،ويسائل بالتالي كل الجهات المعنية والحقوقية حتى تسانده في انتزاع حقوقه.
لقد تابعت معظم لقاءاته التي كشف فيها عن محنته مع الجهات التي انتفعت من الشريط المستوحى من روايته، دون أن تراعي وضعية هذا الرجل العصامي الذي لم يفقد بعد الأمل في ايجاد حل مشرف لقضيته.
ربما غابت صورتي عن الأخ سي محمد بنعلي بعد كل هذه السنين الطويلة التي مرت على مغادرتي للمدينة ،لكنني وبالمقابل،مازلت أحتفظ بصورته أيام الطفولة يوم كان يصارع من أجل البقاء،قبل أن يصارع من أجل الابداع.
يجب أن أبوح بتأثري القوي الذي غالبت معه دموعا عنيدة ،وأنا اتابع السي محمد ، وهو يشخص قصة مرضه التي تضافرت فيها عوامل عديدة ليصبح من ذوي الحاجات الى الأبد،ورغم هذا الابتلاء الكبير،فانه مازال بيننا من لا يتردد في الاتجار بمعاناته !
أسأل الله أن يجزي العائلة التي تولت رعاية هذا الصبي حتى يرفع التحدي وينافس بالتالي غيره في مجال كنا نتوهم بأنه حكر على الاخرين الذين كتب لهم القدر مسار حياة طبيعية.
كما أنني أعتذر له- سلفا- عن هذا الفضول الذي أرجو أن يتقبله لأنه كان تنفيسا عن لحظة تأثر صادقة.
تحية صادقة للأخ محمد بنعلي ولكافة المبدعين الذين حضروا الندوة،في انتظار المزيد من العطاء الأدبي والفكري.