العلاقات المهنية بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية
العلاقات المهنية بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية
إعداد: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.
تقديم:
العلاقة ارتباط قائم بين فردين أو مجموعة أفراد في بيئة أو فضاء مشتركين ، وقوام استمرارها استجابة الأطراف الأساسية فيها لإنجاحها مهما كان هناك من عناصر أخرى تتدخل فيها.
ومعلوم أن المؤسسة التعليمية فضاء تربوي إداري اجتماعي يتفاعل داخله، أخذا وعطاء، عدة أفراد من مختلفي المشارب والانتماءات الاجتماعية والثقافية والتوجهات والاهتمامات الشخصية.
ومن المفروض أن تسود المؤسسة التعليمية علاقات جيدة، لكن يتم تسجيل، وبشكل عام، عدة نزاعات بين الأطر الإدارية والتربوية، فتؤثر سلبا على هذه العلاقات، وتشحن الأجواء وتتوتر بفعل التشبث والاستبداد بالمواقف والآراء الشخصية، بعيدا عن النصوص التشريعية والتنظيمية. فما هي أسباب هذه النزاعات؟ وما تأثيراتها وانعكاساتها على أطراف العملية التربوية، أطر وتلاميذ وآباء وأولياء؟ وما تأثيراتها وانعكاساتها على العمل والمردودية المدرسية والإدارية؟ وما سبل تحسين هذه العلاقات بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية والحفاظ عليها؟
سنحاول، ضمن الفقرات الموالية، مناولة واقع هذه الإشكالية التي تغزو مؤسساتنا التعليمية والتربوية، بمناقشة وتحليل الأسئلة المطروحة آنفا، التي تشكل العمود الفقري لهذه المقالة المتواضعة، راجين من القراء الكرام، إبداء آرائهم وملاحظاتهم، التي تسهم لا محالة في إغناء هذا الموضوع، ولهم جزيل الشكر مسبقا.
I
.أسباب قيام نزاعات بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية:
نظرا لاختلاف الأفراد باختلاف شخصياتهم وبيئتهم وثقافتهم ونزعاتهم ومواقفهم ورؤاهم لمختلف القضايا التربوية والثقافية والاجتماعية، فإن أسباب الصراعات والنزاعات المؤدية إلى سوء العلاقات وكهربة الأجواء بين الأطر الإدارية والتربوية، تتشعب وتختلف من شخص إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى، كما ترتبط بمجال دون آخر، وبقضية دون أخرى. ومن جملة هذه الأسباب، يمكن أن نذكر ما يلي:
1)عدم الالتزام بالتعليمات والنصوص التشريعية:
تحت طائلة الضغوطات اليومية والانشغالات والروتين القاتل وتوالي الأيام وتشابك العمليات والأنشطة اليومية وتشعبها، وصعوبتها أحيانا، أو تعقدها، فإن أغلب الأطر الإدارية والتربوية، يهملون التعليمات الرسمية، ولا يراجعون النصوص التشريعية المنظمة والمحددة للمهام الموكولة إلى كل إطار حسب مجال تخصصه، الشيء الذي يربك مختلف الممارسات، إدارية كانت أو تربوية، فتحدث تداخلات وتجاوزات وأحيانا تطاولات على مهام وتخصصات أطراف أخرى، وبالتالي تنشأ نزاعات وصراعات تؤدي إلى اصطدامات ومواجهات تشوبها ملاسنات تحط بمستوى الموظف وتجعله حقيرا أمام المشاهد والمستمع والحاضرين عموما.
2)تجاوزات الأطر الإدارية وأطر المراقبة التربوية:
إضافة إلى ما تقدم في الفقرة أعلاه، واستنادا إلى الواقع المعيش، تصدر، في أغلب الأحيان، تجاوزات، عن قصد أو عن غير قصد، من طرف بعض رؤساء المؤسسات التعليمية والمراقبين التربويين، اتجاه مرؤوسيهم والمدرسين الذين يرفضونها بتاتا، وعيا منهم، أو اعتباطا. وبعد أخذ ورد ومناقشات، غالبا غير مجدية، تنتقل الأمور من سيء إلى أسوأ، حيث تتفاقم الأوضاع بسرعة كبيرة، وكل طرف يتشبث بموقفه، ويبادر إلى رفع تقرير في الموضوع، فتسوء العلاقة وتصل إلى نقطة اللاعودة.
وتجنبا لكل الحساسيات، فإن كلا من الإداري والمفتش، عليه الالتزام بحدود صلاحياته، ويعمل في إطار ما يخوله له القانون والتشريع المدرسي والنصوص المنظمة، حتى لا يثير نزاعا يعود سلبا على العلاقات بينه وبين الأطر العاملة بالمؤسسة التعليمية، كما ينعكس، كذلك، سلبا على التلاميذ والعملية التربوية بشكل عام.
3)التشبث بالآراء والمواقف الشخصية:
من طبع عدة أشخاص، حسب تربيتهم وبيئتهم الأسرية والاجتماعية، عدم الاعتراف بالخطأ، فيتشبثون بآرائهم ومواقفهم الشخصية دون الاحتكام إلى العقل والمنطق والنظر بوعي وتبصر لمختلف القضايا وملامسة جورها متجاهلين واجباتهم، ومتجاهلين حقوق الأطراف الأخرى، ومتجاهلين العواقب التي من الممكن أن تترتب على أخطاء، قد تكون ناجمة عن تهور محتمل.
إن الجهل بواقع الأمور، وعدم الاطلاع عليها، وعدم معرفة جوهرها، والغرور والتعالي، تجعل الشخص بعيدا عن التفاهم وتفهم الوضعيات ومناقشتها، الشيء الذي يجعله يعتقد أن منطقه هو السائد وأن آراءه ومواقفه لا تزحزح عنها وأنها راسخة، وكل من يحاول مناقشته أو محاورته وإقناعه مرفوضة تدخلاته، وبالتالي مردودة كل مساعي تقارب وجهات النظر.
4)تحقيق أغراض شخصية:
ونظرا لغياب الوعي الاجتماعي لدى بعض الأفراد ومحوهم الضمير الجمعي من قاموس علاقاتهم مع الآخر ومعاملاتهم اليومية، ونظرا لتركيبتهم النفسية وهيمنة الأنا على شخصهم، فإنهم ، وبدون أي مبالاة ولا شعور بالذنب، يرومون تحقيق أغراضهم الذاتية، ويدوسون مصالح الآخر غير آبهين بما يمكن أن يصيبه من مضار قد تعصف بوجوده الاجتماعي.
فكثير من الموظفين، ومن جملتهم الأطر الإدارية والتربوية بالوسط التعليمي، يتهافتون وراء النقطة والترقية والتعويضات واقتناء البقع الأرضية والدور والشقق والسيارات و… أصبحوا يضربون عرض الحائط التراتب الإداري والمراقبة الإدارية والتربوية، فانساقوا وراء قضاء مآربهم الشخصية، بانتهاج مختلف الأساليب، وأهملوا الواجب المهني، واصطدموا، عن قصد، مع رؤسائهم المباشرين، غير عابئين بمسؤولياتهم اتجاه المصلحة الاجتماعية العامة.
II
.آثار وانعكاسات العلاقات السيئة بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية على العمل التربوي والإداري والمردودية المدرسية:
1)توتر الأجواء:
تؤدي العلاقات السيئة بين الأطر الإدارية والتربوية ، بشكل مباشر، إلى توتر الأجواء بالمؤسسة التعليمية وشحنها محدثة تشنجات وتنافرا بين مختلف الأطراف. حيث تتشكل تحالفات ومجموعات متناحرة، يكن البعض منها العداء للبعض الآخر، فيغيب العمل الجماعي الموحد والتفاهم والتعاون، كما تداس الأهداف التربوية والاجتماعية المقصودة. فيكثر الشد والجذب وتقل النوايا الحسنة، ويحل معها المنكر والبغضاء ، كما تستولي على النفوس نية المكيدة والانتقام، فيسارع كل طرف إلى استعمال ما يمتلك من وسائل مادية وبشرية. فمن كتابة التقارير والشكايات وإرسالها، إلى الاستعانة بالأعيان والمعارف وذوي السلطة، مبلغين إياهم الحقيقة والخيال وحاشدين كل ما أوتوا من قوة نافعة كانت أو ضارة، لا يهم، إلا تحقيق النصر والمصلحة الشخصية.
2)إهمال العمل:
إن الانسياق وراء النزعات والنزوات الشخصية، والرغبة في سحق الآخر، عندما تسوء العلاقات بين الموظفين، ومن بينهم الأطر الإدارية والتربوية، تؤدي، حتما ، إلى الإخلال بالواجب المهني وإهمال مختلف العمليات والأنشطة اليومية، فيعطل العمل ويمكن أن يشل فتضيع مصلحة الجميع وتصاب بالتلف. ومن ثم تنعدم الفعالية، ويغيب الضبط والمراقبة، فيحل التسيب والفوضى والتلاعب في جميع المرافق، ويستغل عديمو الضمير المهني الوضع ليتخلفوا عن عملهم، أو يقوموا به بأي شكل كان ودون أي مسؤولية.
فما مصير العمل الإداري والمراسلات اليومية والإخبارات والإعلانات؟ وما مصير الدروس وإنجازها والواجبات المنزلية ومراقبتها وتصحيحها؟
وما مصير حصص الدعم والتقوية والفروض المحروسة والتصحيح وإطلاع التلاميذ على مستوياتهم التحصيلية؟
III
.سبل تنقية الأجواء وتحسين العلاقات بين الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسة التعليمية والحفاظ عليها:
1)المعرفة الدقيقة للمهام والصلاحيات:
ولتفادي الاصطدامات والنزاعات، من الواجب على الأطر الإدارية والتربوية الاطلاع، من حين لآخر وكلما دعت الضرورة، على القوانين والنصوص التشريعية المنظمة ومراجعة المهام الموكولة إلى كل إطار حسب تخصصه ومعرفتها معرفة دقيقة، مع معرفة حدود ممارساته الإدارية والتربوية في علاقته مع أطراف أخرى حتى لا تحدث تجاوزات أو خروقات تمس بحقوق الآخر، وتجره إلى صراعات هو في غنى عنها، قد تعصف بالحياة المدرسية والعلاقات داخل المؤسسة التعليمية.
إن معرفة صلاحياته، تجعل الموظف المتزن يلتزم ولا يترامى على صلاحيات طرف آخر، فيسود عنصر الاحترام والمسؤولية.
2)احترام التراتب الإداري:
لخصائص ترتبط ببعض الأشخاص، يتطاول، عن قصد أو عن غير قصد، بعض الأطر الإدارية والتربوية على رؤسائهم المباشرين، فينعتونهم بأوصاف تمس شخصهم، أو يوجهون انتقادات لاذعة لممارساتهم الإدارية والتربوية ينشأ على إثرها سوء تفاهم تتبعه مشادات كلامية وملاسنات وردود أفعال حادة سرعان ما تنعكس على العلاقات بينهم فتسوء وتتدهور إلى حد كتابة تقارير ومراسل المسئولين المباشرين بالمصالح الإقليمية أو المركزية.
إن احترام المرؤوس لرئيسه واجب، تنص عليه جميع التشريعات والقوانين المعمول بها، وتندرج ضمن بند الانضباط والسلوك، حتى لا يسير الموظفون نحو متاهات تصرفهم عن الأهم، وهم خدمة المواطن بصفة عامة، وخدمة التلاميذ وأولياء أمرهم في المجال التربوي والتعليمي.
3)احترام الآخر:
بشكل عام، كل فرد عليه احترام الآخر والتحلي بالسلوك القويم والصفات الحميدة المفروض توفرها في جميع الموظفين، بشكل عام، والأطر الإدارية والتربوية، على الخصوص. ومنها ما يلي:
التسلح بالمعرفة والاطلاع على القوانين والتشريعات، وإنجاز الموظف مهامه في إطار دون تجاوزات ولا تطاول على الآخر؛
البساطة وتقدير المسؤولية وتجنب التعالي وانتهاج أسلوب الحوار البناء والتشاور والتدبير الجماعي التشاركي؛
التحلي بالصبر الذي يعتبر مفتاح الهدى، والتمهل وعدم التسرع في الأحكام واتخاذ القرارت، إلا بعد تفكير عميق ومناقشات موسعة، حيث إن كل رد فعل سريع يعتبر بمثابة هجوم وتهجم؛
الصراحة والصدق اللذان يعتبران دعامة الشعور بالأمان والراحة تجاه الطرف الآخر. وهي أبسط مقومات الإنسانية التي يمكن أن يتحلي بها الشخص وأعمقها في نفس الوقت، واللذان يكسبان المخاطب الثقة والطمأنينة؛
خاتمة
للحفاظ على علاقات جيدة بين مختلف الأطراف، على كل طرف الالتزام بالقوانين والتشريعات المنظمة واحترام الآخر، والتحلي بالسلوك القويم والصفات الحميدة وتجنب الظلم على الخصوص.
وللقارئ الكريم رأي محترم.
نهاري امبارك. مكناس.
5 Comments
»
المعرفة الدقيقة للمهام والصلاحيات: ولتفادي الاصطدامات والنزاعات، من الواجب على الأطر الإدارية والتربوية الاطلاع، من حين لآخر وكلما دعت الضرورة، على القوانين والنصوص التشريعية المنظمة ومراجعة المهام الموكولة إلى كل إطار حسب تخصصه ومعرفتها معرفة دقيقة، مع معرفة حدود ممارساته الإدارية والتربوية في علاقته مع أطراف أخرى حتى لا تحدث تجاوزات أو خروقات تمس بحقوق الآخر »
المقال كان موفقاولامس العديد من الاختلالات ، ويتاكد هذا من خلال ما يقع من تجاوزات بنيابة جرادة مما تسبب في احتجاجات المديرين على التجاوزات التي تقع بهذه النيابة . فقد تحولت بعض الاطراف بهذه النيابة الى ضابطة قضائية تداهم منازل الغير وتحتجز ممتلكاتهم دون اي شرعية قانونية متجاوزة اختصاصاتها ودورها . واصبح رجال التعليم يتخوفون من هذه السلوكات الخطيرة التي ابتدعتها نيابة جرادة والتي لها انعكاسات خطيرة على رجال التعليم بهذه النيابة وعلى حياتهم المهنية . فاحتجاجات المديرين كان ردا معبرا عن هذه التجاوزات .
ان كل شيء واضح في العلاقات بين الموظفين الا من تعامى وتجاوز حدوده .ولماذا ذائما علاقة اداري وتربوي نراها بعين الترقب والحذر من وقوع مشاكل؟اليست بينهما علاقة تكامل؟ اعتقد ان ما يجب ان يناقش من فضلك هي علاقة الموجه مع الطاقم الاداري، لان الاداريين يشتكون دائما من عدم حضور الموجه لتاطير التلاميذ فهو دائما غائب.فالموجه لايحضر سوى للاطلاع على بطاقة الرغبات التي يوزعها الحراس العامون ويرشدون التلاميذ واخيرا يحضر الموجه مجلس التوجيه..واي توجيه…
و ماذا يقول الأخ مبارك في شأن مدير إعدادية ـزكمت رائحة فضائحه الأنوف و لا زال يمارس عمله متحديا الجميع..لازال يعربد متحرشا بهذه و صارخا في وجه ذلك و مرددا عبارة : « أنا عنترة هذا الزمن فاشربوا ماء البحر »
إنها إدارتنا يا مبارك حفظك الله اما ما يجب فهو أن لا يتساوى المجدون و النزهاء من الإداريين مع الغشاشين و السفهاء
salam alikm jazaka alaho ala hada lmodoe ljayd wlakin ya akhi lkarim honaka bad lmodarae ytajawazona salahyataho yatadona ala rajol talim
أتوجه بالشكر الجزيل إلى جميع المتدخلين وأد التوجه إلى الأخ عز الدين الذي تقدم بتعليق خارج الإطار فالعلاقات شيء والحضور أو الغياب شيء آخر. وسأعرض بحول الله على هذا المنبر المحترم مشاكل التوجيه التربوي وإذاك هات ما عندك لكن في إطار اللياقة وشكرا