إضاءات حول الحركة الثقافية بمدينة تاوريرت، خلال فترة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات.
عبد السلام بوروح.
نحن قدماء تلاميذ وأطر إعدادية علال بن عبد الله، حينما تعود بنا الذاكرة لنهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، لا بد وأن يستوقفنا مشهد الحركة الثقافية التي عرفتها آنذاك مدينتنا العزيزة تاوريرت، , حركة ثقافية، ملتزمة شكلا ومضمونا، ساهم فيها أبناء المدينة من خلال إطاراتهم الجمعوية الجادة بكل ما أوتوا من إبداع وفن،،، إن كان المسرح قد شكل آنذاك العمود الفقري ومحور أنشطة كل جمعية، فهو فتح عدة مجالات وملتقيات لإبداعات أبناء المدينة في الموسيقى والشعر والرسم والتنشيط الثقافي و السينمائي وكانت الأسابيع الثقافية التي نظمتها جمعية الأمل الثقافية والأسابيع الفلسطينية التي نظمتها جمعية أصوات المسرح بمثابة ملتقيات عرفت فيها المدينة أعراسا ثقافية وصل صداها كل أرجاء الوطن نظرا لقيمة المبدعين والمفكرين الذين ساهموا وشاركوا في تلك التظاهرات الثقافية، هذا بالإضافة لنشاط النادي السينيمائي والتظاهرات الثقافية المتنوعة التي نظمتها الجمعيات الثقافية الأخرى التي كانت تؤثث ذالك المشهد الثقافي
….
للأسف توقفت تلك الحركة سنوات قليلة بعد ذالك لأسباب ذاتية وموضوعية ولكن المؤسف هو أنه لم تسلط عليها الأضواء، لا من خلال رواد وفاعلي تلك الحركة ولا من باحثين في الشأن الثقافي، واعتقد أنه حان الوقت لكي ننبش في ذاكرتنا وننفض الغبار على الصور والوثائق التي لها صلة بتلك الفترة.
وسأشير هنا فقط لبعض التظاهرات المهمة لكي يعرف الإخوة والأصدقاء أن ما قمنا به يستحق فعلا هذه الالتفاتة .ça vaut le détour.
– إن كانت جمعية الأمل الثقافية والتي تعتبر من الجمعيات القلائل على الصعيد الوطني التي كانت تتوفر على أرضية ثقافية، قد نظمت أسابيعها الثقافية بإمكانيات محدودة فهي تعتبر من بين الأسابيع الثقافية المهمة على الصعيد الوطني و الأولى من نوعها التي نظمت على مستوى جهة الشرق
.
– إن كانت جمعية أصوات المسرح نظمت أسابيعها الفلسطينية بإمكانيات محدودة كذلك, فهي الأولى على صعيد المغرب، إذا استثنينا الأسابيع الفلسطينية التي كانت تنظم داخل المؤسسات الجامعية، وما أطلق عليه إسم ’’ كارنافال’’ فهو في حقيقة الأمر مظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مظاهرة نظمت لأول مرة في المغرب وسط المدينة و تضامن عبرها ساكنة المدينة مع الشعب الفلسطيني، ومظاهرة بذالك الحجم، وفي ذلك الزمان وفي مدينة لم تكن تنظم فيها حتى احتفالات فاتح ماي، يجب أن تحسب للجمعية المنظمة و للمدينة
.
– أما مشاركة جمعيات المدينة في مهرجانات مسرح الهواة فكانت جد متميزة و كانت تتبوأ فيها مراكز الصدارة على مستوى الجهة الشرقية بحيث لسنتين متتاليتين كانت جمعية الأمل الثقافية تتفوق على فرق مسرحية كبيرة سواء بمدينة وجدة التي كانت تتنفس مسرحاً أو بمدن مجاورة، لتحتل المرتبة الثانية بعد فرقة المسرح العمالي وتتقابل معها في الدور النهائي، وحينما نذكر فرقة المسرح العمالي نستحظر المرحومين محمد مسكين كمؤلف ويحي بودلال كمخرج، هؤلاء الهرمين المسرحيين المرموقين على المستوى الوطني الذي تركا إبداعات رائدة في الإبداع المسرحي المغربي، وفرقة المسرح العمالي التي فازت على جمعية الأمل بصعوبة في النهائي على مستوى الشرق ، هي بالذات من ستفوز على المستوى الوطني لتمثل المغرب في العراق
.
حاولت أن أعطي فقط بعض الإشارات الساطعة من تلك الفترة التي عايشتها و التي ستكون حتما قد غابت عنها الكثير من التفاصيل، مستندا بما جمعته من صور كانت في حوزتي أو التي نشرها بعض الإخوان في صفحاتهم ولم أتطرق كذلك للفترة التي استمرت فيها جمعية الأمل الثقافية نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات و بدماء جديدة والتي أتمنى من الإخوة سواء الدين عايشوا تلك المرحلة الذهبية سواء كفاعلين ثقافيين أو ملاحظين أو غيرهم أن يغنوها بإضافاتهم وملاحظاتهم.
عبد السلام بوروح.
لقد سبق لي أن سلطت بعض الأضواء على الفرقة الموسيقية لجمعية الأمل الموسيقية –النشأة والمسار – من خلال مقال نشرته في أربعة أجزاء على صفحتي و بموقع وجدة سيتي …..
Aucun commentaire