حرمان الناشئة المتعلمة المغربية حضور صلاة الجمعة جريمة في حقها
حرمان الناشئة المتعلمة المغربية حضور صلاة الجمعة جريمة في حقها
محمد شركي
عندما يتوجه المصلون آباء وأولياء أمور إلى المساجد لحضور صلاة الجمعة في بلادنا ،تكون الناشئة المتعلمة في طريق العودة من المؤسسات التربوية إلى المنازل لتناول وجبة الغذاء والعودة من جديد إلى الدراسة ، الشيء الذي يعني أنها محرومة من حضور صلاة الجمعة ، ومن سماع توجيهات الخطباء مع أنها الفئة الأكثر حاجة إليها ،والمعرضة للضياع دون رعاية دينية تربطها بهويتها الإسلامية خصوصا في هذا الزمن الذي ساهم فيه تطور وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب المسافات بين الأمم بما لها من إيجابيات وسلبيات ،علما بأن هذه الأخيرة تشكل خطرا على الناشئة التي لا مناعة لها تمنعها من أن تكون ضحية لكل وافد يهدد هويتها الإسلامية .
وتتحمل الدولة مسؤولية حرمان الناشئة المتعلمة من حقها في عبادة الجمعة بسبب خلل في برمجة توقيت الدراسة الذي تتحمل مسؤوليته في الدولة الوزارة الوصية على الشأن التربوي التي قررت يوم الجمعة يوم دراسة بينما جعلت يوم الأحد يوم عطلة ، وهو توقيت موروث عن فترة الاحتلال الفرنسي لبلادنا سببه اعتبار ديني.
وتأتي في الدرجة الثانية من المسؤولية بعد الوزارة الوصية على الشأن التربوي الوزارة الوصية على الشأن الديني لأنها لا تحرص على حضور شريحة اجتماعية عريضة صلاة الجمعة ، وهي شريحة المتعلمين بمختلف أسلاك التعليم الشيء يحرمها من التمتع بحق من حقوقها . ولا عذر لهذه الوزارة في التخلي عن واجب من واجباتها التي هي من صميم عملها .
وتقع المسؤولية الكبرى على أولياء أمور الناشئة المتعلمة لأنه بإمكانهم مطالبة الدولة بتمكين أبنائهم وبناتهم من حقهم في عبادة الجمعة ، وهو أمر يتراخون فيه ، ولا يحرصون عليه كحرصهم على تعليم أبنائهم ، ومراقبة ومتابعة نتائجهم الدراسية دون أدنى تفكير في ضياعهم بسبب حرمانهم من التوجيه الديني الأسبوعي الضروري للحفاظ على تربيتهم التربية الدينية السليمة التي تسهم في تنشئتهم التنشئة الصحيحة خصوصا وأن البرامج الدراسية لا يعول عليها في ذلك كثيرا في ذلك بسبب شح الحصص المخصصة لمادة التربية الإسلامية، والتي لا يمكن أن تغني عن أربع خطب منبرية في الشهر إذا ما أحسن الخطباء استغلالها وكان لها الأثر الجيد في توجيه الناشئة المتعلمة .
وقد تغتفر للحزب الحاكم وهو الذي ادعى المرجعية الإسلامية، وتقدم بذلك للانتخابات ، وفاز دون شك بسبه كل تقصير إلا أن الذي لن يغفره له الشعب المغربي المسلم هو تساهله وتراخيه في أمور الدين وعلى رأسها عبادة الجمعة التي تحرم منها الناشئة المتعلمة ، وقد بدأت نتائج هذا الحرمان تتجلى في الانحرافات الخطيرة لهذه الناشئة مما بات يشكو منه الآباء والأمهات وأولياء الأمور وعموم المجتمع ، فضلا عن الصورة الباهتة لدى هذه الناشئة عن دينها ، ذلك أنها لم تعد تعرف منه سوى الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى لأن فيهما أكل وشرب ولباس وعطل ، ومناسبة المولد النبوي أو عاشوراء لأن فيها ألعاب ، وصخب وعبث ، وما عدا ذلك من أمور الدين لا يعنيها .
ومقابل غياب التدين لدى الناشئة المتعلمة، تجتهد التيارات الفاسدة المفسدة في استقطابها وجرها إلى ما ينقض هويتها الإسلامية ، التطويح بها في مستنقعات الرذيلة عن طريق الدعوات الإباحية التي تنادي بالتطبيع مع الفواحش وبرفع التجريم عنها ،علما بأن الناشئة المتعلمة هي السور القصر كما يقال عندنا الذي يسهل تسوّره بسبب سهولة استدراجها إلى الفواحش وهي تحت تأثير سن المراهقة حيث تكون غريزة الجنس في أوج انفجارها .
ويثير عدم اكتراث الدولة عندنا بغياب التدين لدى الناشئة المتعلمة الشكوك في النفس حول ما إذا كان الأمر يتعلق بمجرد غفلة منها أم أنه يتعلق بتعمد وراءه تخطيط ما ربما تكون وراءه جهات ما في الداخل أو الخارج لطمس معالم الهوية الإسلامية لهذه الناشئة إعدادا لها لفترة زمنية مقبلة كي تضطلع بدور تحويل المجتمع المغربي من مجتمع متدين إلى مجتمع لا صلة ولا علاقة له بالإسلام .
وإذا كان أولياء أمور الناشئة المتعلمة يخشون على مستقبل أبنائهم وبناتهم ، ويحملون همّ دراستهم واشتغالهم بعد إنهائها ، فإنهم لا يحملون نفس الهم بالنسبة لضياع دينهم وهو رأسمال لا مادي لا يقل أهمية عن الراسميل المادية التي تعد هاجسا مقلقا بالنسبة لهؤلاء الأولياء ، علما بأنه لا قيمة لمناصب ووظائف يحصل عليها الأبناء والبنات مع غياب الوازع الديني لديهم الذي يضمن استقامتهم وهم يضطلعون بمهامهم .
وفي الأخير نأمل أن يفتح نقاش جدي على أوسع نطاق لدى جميع الجهات المعنية بحثا عن سبل كفيلة بالدفاع عن حق الناشئة المتعلمة في الاستفادة من خطب الجمع التربوية صيانة لهويتها الإسلامية خصوصا وأنها تتعرض لتأثيرات سلبية مختلفة تشكل خطورة كبيرة عليها . وإذا ما تم تجاهل هذا الأمر، فإن العاقبة ستكون وخيمة ، والخسارة فادحة لأن الأمر يتعلق بأجيال المستقبل وبمستقبل الوطن ، ولن ينفع ندم بعد ذلك، ولات حين مندم .
1 Comment
شكرا للأستاذ محمد الشركي، لقد وضعت أصبعك على جرح خطير في جسم المجتمع ينزف منه دم كثير، فيورثه الوهن ، لحرمانه من الاستفادةمن أعظم مصدر للطاقة الحيوية التي تؤطر حركة أخطر وأهم شريحة فيه، وإنه لإهمال شنيع أن يستمر التمادي في التصامم والتغاضي عن هذا الشرخ الكبير في أسلوب التعاطي مع هذه المشكلة الخطيرة والخلل الوبيل. ولابأس أن ننبه في سياق إثارة هذه المشكلة، إلى أن العمل بتوقيت غرينيتش + واحد، الذي تم ترسيمه من طرف الحكومة، قد لطف من فداحة استعمال الزمن المدرسي الذي ارتضته الوزارة الوصية، حيث يكون أمام التلاميذ الذين يستكملون حصصهم الصباحية، أن يقوموا بجهد استثنائي، ويستنفروا قواهم من أجل أن يلتحقوا بصفوف المصلين في الوقت المناسب، وهنا يمكننا التمثل بالمثل القائل: » رب ضارة نافعة » في إطار الوضع المفروض والمنظومة المرتضاة، وإلا فإن الحل الجذري المريح الذي يتيح للناشئة وللمجتمع استثمار ذلك المصدر الغني والخلاق من مصادر الرأسمال اللامادي، هو تفريغ صبيحة الجمعة، وجعل الساعة الثالثة مساء هي أول ساعة، للدراسة على أن تنتهي في السادسة، أو تضاف ذلك ساعتان في الصباح. فنكون بذلك قد مكنا فلذات أكبادنا من أخذ زادهم التربوي الروحي الذي يعينهم على الاستقامة ، ويخفف من عبء مسؤؤلية المدرسة التي تنوء تحت مخاطر التمرد والانحراف، ويمكنهم من الاستجابة لنداء الجمعة والامتثال لأمر الله عز وجل القائل: » ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون… »( الجمعة: الآيتان 9 و10).