حول بعض الاشكاليات البيداغوجية بكلية الحقوق بوجدة
كثر الحديث هذه الايام عن جامعة محمد الاول وعن المؤسسات الجامعية وكلية الحقوق التابعة لها، وعن إضرابات الطلبة واعتصاماتهم، وعن احتلالهم للمرافق الادارية، وعن تطويقهم للمكاتب الادارية، وعن نسفهم لمباريات الماستر، وتهديدهم بالقيام بكذا وكذا، وعن كذبة الاضراب عن الطعام، وسيارة الاسعاف، ومستشفى الفارابي، والحديث المتكرر عن النقط الموجبة للسقوط، والدورات الاستثنائية، ومسؤولية » فلان….وفرتلان « … وشروط ولوج مسالك الماستر وعن المحسوبية والوجهية، وعن الاقصاء الممنهج وغير ذلك. كما أثير موضوع الاخلال بالنظام العام الداخلي للمؤسسة وعرقلة اجراء مباريات أسلاك الماستر المعتمدة في تكوينات القانون الخاص والعام. كما تحركت المواقع المأجورة للنهش في الجامعة وتأليب الضمائر عليها.
ولا يبقى على المتتبع في مثل هذه الظروف الملتبسة، سوى أن يتساءل عن السبب في كل هذه الاحداث والوقائع وعن جوهر المشكل وأسباب بروزه، وهل يحتاج إلى كل هذا التصعيد، ومن هم الفاعلون فيه، ومن هم الرابحون والخاسرون منه. ولما ارتفع منسوب المزايدات، تساءلنا، لماذا في هذا الوقت بالذات؟ وبحكم غيرتنا على هذه الكلية التي تربينا على يد بعض أساتذتها وباعتبار تتبعنا لما حدث ويحدث بها ولها، ولو في الخفاء، مع التزام الحياد وتجنب أي حرج من هذا الجانب أو ذاك، ومع تحري الموضوعية، ارتأينا أنه من غير المعقول التزام السكوت لان ما يقع نزل بثقله فعلا على حياتنا الجامعية، ونريد التخلص منه. ولذلك قررنا أن نبادر إلى إماطة اللثام عن الخفايا التي يريد البعض حجبها، وإحاطة الرأي العام علما بالمعطيات الحقيقية وتبليغ المصالح المختصة والوزارة الوصية بممارسات من طبيعة عصبوية، ترسخت بالمؤسسة رغم محاولات الاصلاح والتوفيق.
لقد تتبعنا محاولات السعي لإعادة الاعتبار والمصداقية لكلية الحقوق، التي افتقدت إليها،خلال فترة طويلة، لسيادة صراعات مفتعلة بين مكوناتها. واليوم بعد مرور سنتين، لا بد أن يتساءل المتتبع من خارج المكاتب الادارية، عن الغرض من نشر الاشاعات حول التسيب وعدم الانضباط للقوانين المرعية في الوظيفة العمومية، وتوتير العلاقات بين المكونات الجامعية، والتشكيك في تطبيق الضوابط الاكاديمية والعلمية والبيداغوجية المعمول بها، ومنها ضوابط الولوج والتقييم وتدبير المسار البيداغوجي، وتخويل الشواهد الخ… وفي ظل هذا الجو المشحون، لم ينطق المسؤولون، ولم يقدموا سببا لهذا التصعيد المفاجئ، الذي نرى أنه انبثق من الرماد الذي خلفه اولئك الذين يمتهنون اللعب في الماء العكر، دون قياس تأثير ذلك اللعب الدنيء على محيطهم، وعلى سمعتهم. إننا لا نرضى أن نكون ضحية ممارسات وصراعات القدامى المقبلين على التقاعد، ولا نرغب أن يورثونا اقتتالهم، وهم شيب، حول شؤون تافهة، تتحكم فيها الانفعالات والعقد القبلية والنفسية، وثقافة الغدر والمكر والكراهية، واستغلال المؤسسات النقابية لتمريرها.
والحقيقة أن تدبير العلاقات في السنتين الماضيتين قللت من التوتر والتشاحن، وحسنت ظروف العمل، وعروض التكوين ووسعت الولوج وعملت على إصلاح وصيانة العديد من البنيات والممتلكات. غير أن بعض الممارسات ما زالت تعاكس هذا التوجه، خصوصا لان قلة من الفرقاء الاداريين والتربويين، لا زالت لم تتشبع بالروح الوطنية وبوجوب تغيير المناهج السلوكية والآداب الأخلاقية باعتبار أن مصالحها الانانية وراحتها النفسية، مع انعدام القناعات، تقترن باستمرار التسيب، والفوضى وإطلاق العنان للتشاحن ونزوات الحسد والتمكريه، والتحريض سرا على عمليات الاحتجاج، وقرصنة مصالح الطلبة لجعلهم مطية لتصفية حساباتها الشخصية مع زملائها، وتشجيعهم بل تحريضهم على الضغط والابتزاز، من أجل قضاء مصالح ذاتية غير مشروعة ضدا على القانون وعلى حساب مصلحة الجميع. وإن جلوسي أحيانا في مقهى الحدائق بحي القدس أو انتقالي أحيانا أخرى إلى مقهى موجودة قرب البارك، كشف لي العديد من الحقائق العلمية واستمعت للمناظرات حول تطور البحث عن الصراع وطرق وأساليب افتعاله داخل إحدى المؤسسات الجامعية. « الله يجيب الصبر لمن يتحمل المسؤولية بكلية الحقوق، إنه كمن يرقص فعلا على رؤوس الثعابين كما قال المرحوم عبدالله صالح ».
ولا بد من الاشارة إلى حقيقة يقرها الجميع، أن معظم الاحتجاجات التي عرفتها الكلية، خلال الموسمين الجامعيين 2016 و2017، كان سببها وموضوعها تصرفات الأستاذ…….. – المعروف عند القاصي والداني وعند العفيف والزاني- ، التي يصفها طلبته، وزملاؤه في الصراء والضراء، وكذا المحيط الاجتماعي، والسوسيومهني بأنها شاذة وابتزازية في بيع المطبوعات، وغير أخلاقية في التقييم وتمتاز بالتمييز وسوء المعاملة، جعلتها موضوع أحكام قضائية. وتشتكي كل الاطقم الادارية والبيداغوجية منه، وتقول بأنها وقفت وبكل غرابة خلال شده الحبل مع عمادة الكلية، حول الدورة الاستثنائية، من تعنته وعصيانه ومعارضته لرؤسائه وانحرافه، ورفضه إرجاع النقط في الوقت المحدد، وإجراء الدورة الاستثنائية التي نص عليها نظام التقييم والمراقبة المستمرة الذي اقترحه مجلس المؤسسة وصادق عليه مجلس الجامعة.
وأكيد أن تلك التصرفات التي يجمع الكل على طيشها، كان هدفها توتير الاجواء، على حد قول المسؤولين. وقد أخلت عمليا في نظرهم، بأجندة الامتحانات، وبعثرت آجالها، كما عمدت إلى مد أمد التلاعبات، والتمادي في التشدد في التقييم وفي التنقيط، وهو ما شكل السبب الدافع إلى الاحتقان، والذريعة الكبرى لحركة عرقلة مباريات أسلاك الماستر، التي انتهت إلى ما سمي بالاعتصام المفتوح، وإلى احتلال مداخل المرافق الادارية، وما صاحبه من ممارسات العبث بالممتلكات العمومية، وتمييع الاشكال النضالية، واستغلال ذريعة » تشدد » أستاذ المسطرة الجنائية أيضا لاختلاق الأحداث والركوب عليها والضغط على العمادة لمحاولة إجبارها على التدخل في الشؤون البيداغوجية، واستغلال المناسبة للمطالبة بمطالب تعجيزية، أصحابها لا يتوفرون على الاهلية والشروط القانونية لكسبها. وكان قد تم تنبيه الأستاذ المشار إليه، من طرف زملائه في المهنة، مرارا وبلباقة ومجاملة، في عدة مناسبات، إلى ضرورة تجنب تلك الممارسات الماكرة لأنه لا يصح أكل الثوم بأسنان غيره، ولا قرصنة الطلبة لتعطيل وعرقلة السير العادي للكلية، بدون موجب، لكن بدون جدوى، إلا بعد فوات الاوان، ومع ترك الثغرات القابلة للاستغلال.
وعلى خلاف ما نشره احد المواقع التي لم تتحر النزاهة في جمع الاخبار ونقلها، وكان عليها مراجعة رئيس الجامعة وعميد الكلية لتجميع الحقائق ونشرها، فقد أشار عميد الكلية بمناسبة لقائه بالمعتصمين ببهو الادارة، بأن دفتر الضوابط البيداغوجية ودفتر تحملات الاجازة الاساسية يخول الحق في استيفاء الوحدة لكل طالب يحصل على نقطة 10/20، كما يخول له الحق في استيفاء الفصل بنفس المعدل، شرط ألا تقل النقطة التي يحصل عليها في إحدى الوحدات على 05/20. وتجب الاشارة إلى أن مجلسي المؤسسة والجامعة تساهلا إلى حد بعيد وعالجا المشكل بمرونة غير معهودة، حيث سمحا من خلال مقتضيات الفصل 31 من نظام المراقبة والتقييم الخاص بكلية الحقوق، لطلبة السداسي السادس الذين استوفوا جميع الفصول ولم يتبق لهم سوى وحدة وحيدة لاستيفاء الفصل السادس والحصول على الاجازة، بالحق في اجتياز دورة استثنائية في تلك الوحدة شرط توجيه طلب في الموضوع. وهذا محتوى الفصل الذي ذكر به: »يسمح لطلبة السداسي السادس الذين استوفوا 5 فصول ولا يتبقى لهم سوى وحدة واحدة لاستيفاء جميع فصول الإجازة (6 فصول) والحصول على دبلوم الإجازة، اجتياز دورة استثنائية واحدة في الوحدة المعنية حكما تحت إشراف وتوجيه ورعاية الأستاذ أو الأساتذة المعنيين بالوحدة الغير مستوفاة. ويقدم الطلبة المعنيون في هذا الشأن طلبا خطيا لرئيس المسلك الذي يوافي به الأستاذ المعني أو لهذا الأخير مباشرة الذي يخبر رئيس المسلك تحت إشراف رئيس المؤسسة. » وقد تسربت أخبار من مصادر طلابية حضرت الحوار بين ممثلي المؤسسات الجامعية وممثلي الطلبة، عن توجيه طلب بحل الكثير من القضايا ومنها ايجاد حل لمشكل النقطة الموجبة للسقوط للاحتفاظ فقط بالصفر.
وينسب الساهرون على الادارة، مناورات وقعت بمناسبة هذه المحطة، وبمناسبة تطبيق هذا الفصل المتعلق بالدورة الاستثنائية إلى الأستاذ المعني …….الذي يروج بأن له خلافات مع الادارة، حول مشروعية الفصل المذكور لجعل نفسه مطية وانتحاريا متطوعا لتنفيذ مكائده ومخططات مؤازريه. واستغل كل الظروف والمواقف، لافتعال ما شاء حتى وقع في الشرك. وكان أن استقبلت نيابة العمادة المكلفة بالشؤون البيداغوجية لائحة الطلبة المعنيين بالأمر، وراسلته مرات ولم يقبل تسلم اللائحة، كما بلغنا وتأكدنا، إلا بعد إنذاره عن طريق المفوض القضائي، وتحريك المسطرة التأديبية حيث تدخل بعض مسانديه لطلب العفو عنه، على أن يلتزم القانون وحسن السلوك. غير أن الفأرة بمجرد فكها من المقبسة التي وقعت فيها حتى زحفت في بحثها من جديد عن أغراس تقضمها. وهل كان من اللازم – كما حكى بعض رؤساء الشعب- قرصنة نقط الطلبة لحل الخلافات المدعى بها مع الادارة؟ كما يستشف من كلام كل معاوني العمادة؟ وهل بعد كل هذا يتطوع للقيام من جديد بعمل انتحاري وسط النقابة.
ويتشكى الاساتذة من أن سلوك زميلهم المدان معنويا من طرف الكل، قد اختلق مشكلة عويصة من الناحية التربوية، لأنه جعلهم محرجين أمام كثير ممن له الرغبة في تحقيق أهدافه دون استحقاق، بخوض المعارك المدفوعة الاجر، وبتجاوز مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، فقد قال لنا أحد الظرفاء تعليقا على ما اطلع عليه في الصحف، بأن صاحب القصاصة تعمد التشكيك في عملية الانتقاء الأولي بأسلاك الماستر، وكأنه هو الذي يملك صلاحية تحديد الشروط المطلوبة في الولوج، وهو من يملك صلاحية الانتقاء بدل اللجنة البيداغوجية المحددة في دفتر التحملات، مدعيا لنفسه القدرة على تفعيل شبكة المعايير المعتمدة. وهذا الموقف المجانب للصواب والحقيقة، هو مجرد إخلال بواجب احترام القانون والمؤسسات، الذي يعتبر شرطا لازما لتوفير شروط العمل اللائقة لمباشرة العملية التربوية والتلقينية في جو من الراحة والاستقرار دونها يقع الحضر على كل التكوينات، التي يتخوف الاساتذة من تقديم طلب اعتمادها.
وقد أشارت العمادة إلى أن ذلك التصرف يعد فضولا تود منه بعض العناصر الانتهازية، بمختلف ينابيعها، وبعض الجهات التي تسخرها، الترامي على اختصاص الفرق البيداغوجية من أجل الضغط والابتزاز بغرض « نشل » مكاسب غير قانونية بالركوب على أكتاف بعض الضحايا. وفي نفس السياق يجب الانتباه إلى الاساتذة بمجرد انتهاء أجل اعتماد مسالكهم، لم يبادروا إلى التطوع من أجل تجديد الاعتماد. ومعلوم أن إحداث مسالك الماستر هو عمل غير إلزامي يقوم به أساتذة التعليم العالي، كما يعرف الجميع، تلبية لتوسيع عرض التكوين، بناء على شروط وضوابط ودفاتر تحملات تقدم بقصد الاعتماد، طبقا لمساطر إدارية، وليس من اختصاص الإدارة إحداثها بصورة منفردة، وهي تكتفي بالمصادقة والتشجيع المعنوي. ويبدو أن ناشر المقال موصى ميكانيكيا لتصفية حسابات ذاتية، فلماذا يحشر كل من ليس ميكانيكيا في المسؤولية عن جودة الحرفة؟، مع تعمد خلط الاوراق، وتأجيج التوتر حول قضايا بسيطة، كما يدعي، لم يسلك اولئك الذين سخر للدفاع عنهم، المسطرة القانونية في طلب التداول حولها من طرف المؤسسات المخولة وذات الصلاحية؟.
ولاحظوا تعليق أحد الطلاب المتضررين الذي تساءل عن مصير الذين نجحوا باستحقاق، فهل يستحقون أن يبقوا رهينة للنوايا الحقيقية للوكيل منظم المعتصم أو رهينة مختطفة إلى حين تلبية رغبة الاصيل. إن هذا المسلسل الموروث الذي أصبح يتكرر كل سنة في نفس المكان والزمان، وبنفس الاسلوب، وبنفس الحاضن الاصفر، ينبغي أن ينتهي. وعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته الاخلاقية لتحرير الجامعة المغربية من حالة الاحتقان الممنهجة، بفعل أناس تؤطرهم جهات لا ترغب في سيادة القانون وفي نشر ثقافة الاجتهاد والتميز والاستحقاق، بل ألفت التخطيط لقرصنة المكاسب على حساب مصلحة الجامعة والجامعيين، وضدا على توجهات الطلبة المناضلين، الذين عليهم أن ينتظموا ويتضامنوا مع نضالات الاساتذة، وينهضوا بقوة للدفاع عن الجامعة والعمل على ترسيخ قيمها وممارساتها الفضلى. وليعلم الانتهازيون أن الفرصة مؤقتة والجريمة لا تتقادم، وعلى نقابة العليم العالي أن تصحى من غفوتها.
Aucun commentaire