أيها المارون إلى المناصب البرلمانية و الوزارية
تشتعل في الآونة الأخيرة نار الحملة الانتخابية حتى حدود 06 من أكتوبر.وتعرض الأحزاب (حسب بعض تصريحان الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة لقناة العربية السعودية فان 30 حزبا مغربيا يخوض المعركة الانتخابية ) برامجها الحزبية.
و المغربي لا زال لا يميز بين البرامج في الحملة الانتخابية التي تختلف كليا عن البرنامج الحكومي.و لهذا لا يلتزم الحزب الفائز بالحقائب البرلمانية والوزارية بالبرنامج الانتخابي الذي أوصله إلى الفوز. ومن التجارب السابقة نتعلم و ندرك ذلك الفارق بين الوعود الانتخابية وبين الانجازات الحكوميةعلى أرض الواقع.
من بين الأمور التي كانت تحظى بالأهمية في الحكومة المودعة نوايا رئيس الحكومة حاليا، التخلي تدريجيا عن المدرسة العمومية و المستشفى العمومي (نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها التكفل بهذه القطاعات الاجتماعية في نظره) وتطبيق مبدأ من أراد أن يعلم أبناءه عليه أن يدفع (من تصريحات وزير التعليم العالي وكذلك رئيس الحكومة وهذا يعتبر ضربا في الصميم للمدرسة العمومية)…وجعل التعليم طبقيا بامتياز ، وهذا ما كانت تحذر منه الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي (عندما كانت هذه الأحزاب في أوج شعبيتها)…
مسلسل خوصصة التعليم سيستمر في حالة الولاية الثانية للحكومة الحالية لأنها و بتعبير رئيسها الحالي سوف تستمر في انجاز برنامجها الإصلاحي؟ (أي تحرير جميع القطاعات العمومية من وصاية الدولة و نقلها إلى الخواص مع تحرير الأسعار للمواد الاستهلاكية الأخرى (غاز البوطان وغير ذلك) وحذف صندوق الدعم الاجتماعي(المقاصة )بشكل نهائي، و الحد من الوظيفة العمومية و القضاء التدريجي على ما يسمى بالموظف العمومي، وإصلاح نظام التقاعد ( الذي يعني الاقتطاع من أجور الموظفين و المتقاعدين و الزيادة في سنوات العمل)…و التطبيق الحرفي لتعاليم البنوك المقرضة ..و تطبيق فلسفة اللبرالية المتوحشة (اللبرالية الجديدة) في كل قطاعات المجتمع …اللبرالية المتوحشة التي ليس فيها مكان إلا للأقوياء في المال و الأعمال ولا مكان فيها للطبقة المتوسطة و الفقراء…فالكلمة و القوة و السلطة ليس للعلم بل للمال و للمال فقط…
في الوقت الذي نجد فيه ،رئيس الدولة الفرنسي (فرانسوا هولاند) يدعو ويسعى إلى خوصصة المدرسة العمومية.وهو الرئيس الفرنسي صاحب التوجه الاشتراكي الحقيقي ، إلى جعل المدرسة العمومية خطا أحمر يعلو على الحسابات السياسية الضيقة (بل التعليم عنصر من عناصر الوحدة الترابية).
و لجأ إلى الإجراءات التالية:
– الزيادة في ساعات تدريس اللغة الفرنسية باعتبار اللغة عنصرا أساسيا من عناصر الهوية.
– رفع احور المدرسين العاملين بالمدرسة العمومية
– منح تعويضات سخية للمدرس في العالم القروي
– تشغيل 60000 (ستون ألف) أستاذ جديد
-تخصيص ميزانية ضخمة تعتبر هي الأكبر في كل القطاعات العامة…
فهل المسئولون عندنا يدركون أن المدرسة هي :
1)مؤسسة اجتماعية للتنشئة الاجتماعية
2)مؤسسة إدارية تقوم بشؤون إدارية.
3)مؤسسة سياسية تشرف عليها الدولة وتساهم في التربية المدنية للمواطن
4)مؤسسة مدنية تربي على السلوك المدني و المواطنة و الآداب و الأعراف و التقاليد الاجتماعية للمجتمع
5 )مؤسسة تحافظ على التراث الاجتماعي و الثقافي و الديني و اللغوي للمجتمع وتعمل على المحافظة عليه وتنقله إلى الأجيال
6)المؤسسة التعليمية تساهم في التنوير و في نشر الفكر العقلاني، وفي التربية على المنهج العلمي في البحث و التفكير، وفي محاربة التطرف (السلوكي و الأخلاقي والفكري)
7) وتعتبر مجالا لتطبيق المساواة وتكافؤ الفرص :تعليم واحد وموحد لجميع الفئات الاجتماعية.
8)تعتبر أداة من أدوات المراقبة و الضبط الاجتماعي يمارسها المجتمع على الناشئة.
9) المدرسة العمومية وسيلة لتحقيق الوحدة الوطنية و الشعور الوطني و الانتماء للوطن..
الخ من الأهداف المختلفة التي تسعى المدرسة الوطنية العمومية لتحقيقها.فهل نسعى بخوصصة التعليم إلى تفكك الوحدة الوطنية و الاجتماعية للمجتمع؟
هل ندخل عناصر دخيلة في تكوين صنفين من المواطنين؟مواطنون معتزون بوطنهم ومواطنون ليس لهم انتماء لا وجداني و لا عاطفي لوطنهم بحكم الثقافة التي تزودهم بها المؤسسة الخاصة و التي ستتمتع بكل الحرية في الثقافة التي ستروجها داخل أروقتها (وستكون تابعة بلا شك للبعثات الأجنبية:الفرنسية و الأمريكية و الانجليزية و الاسبانية و الألمانية ..و ربما الصينية و اليابانية…)؟
إذن من واجب من يدعو إلى خوصصة المدرسة العمومية أن يفكر كثيرا قبل الإقدام على هذه الخطوة التي لا تخلو من مخاطر وكوارث اجتماعية … على جميع الأصعدة…فاللعب بالمجتمع و الدولة و الاستقرار الاجتماعي يجب أن يكون عند المسئول الوزاري الوصي على هذا القطاع ،خطا أحمر يكون فوق الاعتبارات الشخصية والسياسية و الاقتصادية…وفوق توصيات البنوك العالمية المقرضة…
1 Comment
ورد بالخطأ المعلومة التالية (الرئيس الفرنسي يدعو ويسعى الى خوصصة التعليم و المدرسة العمومية) و الصحيح ان ريس الحكومة المغربية هو من دعا الى خوصصة التعليم و المدرسة العمومية بينما الرئيس الفرنسي اعتبر خوصصة المدرسة العمومية خطا أحمر و لهذا جاء بالاجراءات التي تبين اهتمام فرنسا بالمدرسة العمومية. اعتذر لموقع المجلة و للقارئ الكريم عن هذا الخطأ الصادر سهوا وغفلة، و لعله يتدارك الخطأ من خلال المعلومات التي اتت بعد هذا الخطأ (مضاعفة ساعات تعلم اللغة الفرنسية +رفع اجور الاساتذة + خصص تعويضات اضافية لمدرسي العالم القروي + تشغيل 60000 استاذ جديد +تخصيص ميزانية ضخمة تعتبر هي الاكبر في كل القطاعات العامة. وشكرا على اذاعة هذا التصحيح