وفي الطريق إلى الإعدادية كانت المأساة
كان مؤرخو العشق و الغرام و الهيام و الحب و التيه وهي منازل في الهوى، تشبه منازل الكواكب و النجوم التي بها يحدد أهل الفلك و قراءة الطالع مستقبل الفرد :أفراحه و أقراحه. مؤرخو الغرام يرددون كلما حدثت حالة انتحار بسبب هذا الداء الذي يصيب القلوب العليلة القول المشهور التي جرت مثالا على كل لسان: ومن الحب ما قتل. جريا على منوال: ومن الطمع ما قتل. أو ومن حب الكرسي ما قتل. و يقولون أيضا: ومن الظلم ما قتل.
هي فتاة في ريعان الأنوثة(17 سنة) من أم مطلقة بعدد من الأطفال من الذكور و الإناث،كلهم يشتغلون أجراء، و كلهن يشتغلن في بيوت الأكابر إلا واحدة منهن، هي القصة و الرواية و القضية .و ومن أب متزوج للمرة الثالثة، وفي كل مرة يغادر بيته ليتزوج بأخرى مشجعا، أن زوجتيه الاثنتين لم تقدما به دعوة إلى محكمة الأسرة ، ليقينهما أنهما لن تأخذا منه شيئا قد يحميهما من جور الأيام و السنين، في مجتمع لا يكترث للصامتين المشتكين من أمراض الفقر و الأمية و الخوف من الإدارة ،وضحايا الظلم و النسيان و التهميش . انه مجتمع يغلق أبوابه ونوافذه على نفسه،و لا يكترث للجائعين و المرقعين ألبستهم، و التائهين و الضالين بدون مأوى.
هي فتاة تدرس بإحدى المراحل الإعدادية في مؤسسة بمدينة وجدة.فتاة بحكم ظروف الفقر و العوز و انفصال الوالدين ،و تنكر الأب لهم جميعا، منتشيا بانتصاراته المتوالية، أن لا إحدى من زوجاته تجرأت على محاكمته مؤسسيا لإيمان كل واحدة منهن بعدم جدوى المحكمة. حتى لو قدر ان قضت لها المحكمة بشيء من النفقة فلا يحدث ذلك إلا بعد لي الذراع و الرأس و تقبيل اليدين..حتى يصل الملل مداه من الانتظار…
تعرفت الفتاة أثناء تواجدها بالمدرسة التي لم تكن إلا وسيلتها للانطلاق إلى عالم أرحب على أجير سائق شاحنة . كانت ترى فيه أحلامها التي لم تتحقق في أسرتها، التي كانت تحاصرها بالمراقبة في ذهابها و إيابها، ليقينها أن الفتاة في مرحلة مراهقة شديدة و قوية و عاصفية،تميزت بالطيش و عدم التمكن من السيطرة على أهوائها.
كانت أسيرة أحلام يقظة المراهقين: أن يكون لها بيت و أولاد، و تكون أسرة كبقية البشر- و من حقها ذلك- لعلها تخرج كما تصورت ، من السجن و الفقر و الحزن الذي يملأ بيت أمها. كان أخويها يشبعانها ضربا و شتما و حبسا لأيام، كلما سمعا بتورطها في مصاحبة شخص ما، وهما اللذين لاحظا عليها تهورها وعدم اتزانها العاطفي، وتسرعها في الأحكام. فكانا حريصين على سلوكها الذي تلوكه ألسنة الجيران.أما هي فكانت بطيشها في غفلة من قراءة عواقب سلوكها. معتقدة أنها في مأمن من خضوعها لمراقبة الناس و محاسبتهم و إشاعاتهم، وابتكار قصص وهمية عنها.
كان الفتى الأجير السائق،يراودها عن نفسها بمغريات كثيرة ، كلما التقيا بموعد يحدد على الهاتف النقال، في مكان ما تركب معه في سياحة على أطراف المدينة ،وخلالها، يمنيها بالزواج و البيت و الأولاد،و الهدايا البخسة مقابل أن ينال منها ما يناله الفتى من الفتاة…حيت كان يأتيها أولا و بطريقة شاذة ليس من موطن الحرث، وهي التي سمحت له بذلك مقابل وعد بالزواج.وتوالت الأيام حتى اكتشف أهلها أمرها .فطردوها من المنزل غير مكترثين بالمصير المجهول الذي ينتظرها، في شارع مأهول بذئاب بشرية، لا تنتظر إلا مثل هذه الفرص في الانتشاء فرحين باللحم البشري. و هي فرص من النادر أن يجود بها الدهر،خاصة عندما يتعلق الأمر بفتاة في أوج الأنوثة و الإثارة، ولشباب يعاني من جوع جنسي.
من حسن حظها وهي تبكي في طريقها المجهول، أن التقطتها أسرة مكنتها من المبيت و الأكل وشيء من الملابس، وفترات منتظمة في مصاحبتهم إلى حمام الحي.
لكن السائق الأجير لم تنته علاقته بالفتاة ، فكلما أراد قضاء نزوته كان يهاتفها للقاء.إلى أن حدثت النهاية لكل علاقة بين الفتى و الفتاة يكون الجسد هو الرابط بين الاثنين.فقد نال منها ما يريد ، أي ما يشير و يبرهن على عذريتها… نال منها ما أراد ..وكتم على أنفاسها بالإرهاب، أن لا تبوح بالخبر لأي شخص و إلا قتلها. و دائما مقابل كل استغلال جنسي ،وعد بالزواج. زواج لن يحدث في نظره إلا بعد سنتين (مدة كان يقنعها انه سيجمع مالا ليتقدم للزواج بها و هي الصغيرة القاصر التي لم تصل بعد إلى السن القانونية للزواج 18 سنة) وكانت ومدة كافية أن يستغلها جنسيا كلما كان في حاجة إليها، وخلال هذه المدة لم تجد الناصح الأمين الذي يرشدها و ينير لها الطريق، خاصة و أن هذه الأمور لا تصعد للعلن و لا تبوح بها الفتاة….
من حسن حظها أن الأسرة المستقبلة لها اقترحت على الفتاة ، أن تدبر أمورها المالية بالاشتغال في المنازل لأجل مصاريفها اليومية وحاجياتها الخاصة. وكان لها أن التقت صدفة، بامرأة موسرة في الحمام طلبت مساعدتها في جمع أشيائها.هذه السيدة هي التي أخذت على عاتقها أن تبحث لها عن عمل في بيت يمكنها من المال مقابل خدماتها المنزلية. وهي السيدة المحترمة التي عرفت بطريقتها الخاصة مأساة هذه الفتاة.و عرفت المضايقات التي تحدث في مثل هذه الأمور في الأسرة التي تعلم بالخبر، و لهذا اخفت أمرها عن أهلها.و عرفت السيدة أيضا أن ما ينتظر الفتاة ،هو الطريق إلى الانحراف من أوسع أبوابه. وهي السيدة التي اصطحبتها إلى إحدى الجمعيات التي تهتم بالنساء العازبات اللواتي وقعن ضحايا فقدان البكارة من طرف ذئاب بشرية، يغرر بهن لأجل دفعهن إلى الرذيلة.
عملت الجمعية على إرشاد الفتاة إلى السبل و الطرق و المساطر القانونية التي تسلكها من اجل إرغام هذا الشخص (الذئب) من اجل البناء عليها شرعا،حتى لو صرح انه لن يتزوجها إلا ليطلقها بعد ذلك(شهر)………..
هي قصة حقيقية لفتاة أرغمها طلاق الوالدين و الفقر و الإخفاق في الدراسة ان تتجه إلى هذا المسار المظلم ، وهي قصة قد تتكرر مرات…و مرات، و تكون ضحيتها المئات و الآلاف من الفتيات اللواتي يذهبن ضحايا فقرهن أو انحلال أسرهن أو مشاكل أسرهن، أو ضحايا أماني كاذبة و خدع و وعود بالزواج المستحيل من ذئاب بشرية.هي وعود و أماني بأسماء مختلفة قد تكون تحت شعار (زوجتك نفسي) أو زواج بالفاتحة و (يشهد علينا الله)، أو زواج على طريقة إحداث جرح بسيط على الإبهام ومزج دماء الطرفين،أو العيش تحت سقف واحد بدون أي عقد كما يحدث بين بعض طلبة و طالبات الكليات و الجامعات … هي قصة لها عبرة لمن يعتبر في مجتمع قرر أن يدين بدين الإسلام..دين من تعاليمه (أحب لأخيك ما تحبه لنفسك)… إسلام واضح المعالم، يحارب الظلم والرذائل و الفواحش و المنكرات بكل أشكالها…
انتاج :صايم نورالدين
1 Comment
يا ودي يا بسيمة الحقاوي يا ودي متى تصلحين أحوال المرأة وأﻷسرة؟ في الولاية المقبلة؟ أم عندما تلد البغلة؟ ما جدوى وجودك في هذا المنصب الحساس؟