في مقاربة مواضيع مباراة التفتيش
بسم الله الرحمن الرحيم
في مقاربة مواضيع مباراة التفتيش
إعداد: عبد العزيز قريش
أبجدية:
للمقدم على مباراة التفتيش مني الدعاء بالتوفيق والنجاح والسداد.
مبادئ أساسية:
للإقبال على المباراة مبادئ أساسية، منها:
ـ التوكل على الله واستمداد العون والتوفيق منه.
ـ الاعتقاد من منطلق إيماني أن النجاح في المباراة أساسه العمل والتوفيق من الله ضمن الأربعة المكتوبة على الجبين. فإن تم فحمدا لله، وإن لم يتم فشكرا لله الذي لا يشكر على مكروه سواه. فهذا الاعتقاد يخفف من الضغط النفسي على المتباري فضلا عن جلب الاطمئنان النفسي.
ـ الهدوء العصبي والتنفس العميق مجلبة للتفكير الموضوعي والعقلاني في مواضيع المباراة.
ـ المعرفة الواسعة بالنظام التربوي والتكويني المغربي، بما يوجب الاطلاع على البعد البيداغوجي والتشريعي من هذا النظام بتمكن المتمرس. وهو ما يسمح للمتباري بجلب أكبر قدر من الأفكار والرؤى في الموضوع فضلا عن الاستشهادات. وعليه ينصح بالاطلاع والتمكن من الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي لأنه منبع المواضيع حاليا في مباراة التفتيش.
ـ استحضار معرفة التجربة لأنها مطلب أساس في تكوين الرأي الشخصي في المواضيع التي تتطلب ذلك. وهي معرفة مرتبطة بالشخص وبواقع التجربة التعليمية التي يمارسها ضمن معطيات معينة ومحددة بواقعها.
ـ عدم الإطناب في الجواب بما يخرج المتباري عن الموضوع أو يسقطه في التناقضات القولية والمتنية. وخير الكلام ماقل ودل.
ـ استحضار مهارات المنهج الفلسفي في التحليل من الأشكلة والمفهمة والحجاج إن كان الموضوع يتطلب ذلك.
ـ قراءة الموضوع أكثر من مرة بتأن وتمعن وروية دون إسراع، ومعرفة المطلوب، وأخذ مسافة منه ثم يتم استحضار الكم المعرفي من الذاكرة إلى المسودة فترتيبها منطقيا وفق المطلوب، وبعد قراءتها أكثر من مرة لأجل تعديلها وتطويرها يتم التحرير على ورقة تحرير المباراة.
ـ ليس العبرة بالكم الهائل المعرفي الوارد من الذاكرة على المسودة ومنها على ورقة التحرير، وإنما العبرة بنوعه ومنهجية توظيفه في مقاربة الموضوع.
ـ ليست هناك وصفة جاهزة في مقاربة الموضوع داخل إطار تطور الحقول المعرفية خاصة إذا استحضرنا مبدأ أساسيا في المعرفة يفيد بأن الموضوع هو الذي يوحي بمنهجية مقاربته. لكن درج التقليد الاختباري على وضع اختبارات بعينها تحت مسمياتها، وتحت سقف منهجية الإجابة عن مواضيعها. لذا؛ حسب الاطلاع على مواضيع مباراة التفتيش وجدنا المباراة تعتمد على الاختبار التحريري وخاصة منه المقالي الذي يعتمد على قدرات متعددة من قبيل التلخيص وادراك العلاقات وفهمما فهما صحيحا، والتفسير والاستنتاج والنقد والتنبؤ وإعادة تنظيم الحقائق وصياغتها… وهو اختبار يجب أن نستحضر فيه عناصر الإجابة المطلوبة؛ المستوحاة من السؤال نفسه بقراءة عميقة له.
ـ الكفاءة العلمية لها موقعها في المباراة؛ لذا وجب استحضارها بما يمد المتباري بالثقة بالنفس وعدم التخوف من المباراة أو استصعابها.
منهجية التعاطي مع مواضيع المباراة:
حسب واقع المباراة ومعطاها الاختباري، فهناك منهجيتان متداولتان في الميدان:
أ ـ إذا كان الاختبار يتضمن مفردات منفصلة فيما بينها بما يشبه أسئلة ذات الإجابة المصوغة. فإن المنهجية حينئذ هي الإجابة عن السؤال وفق مطلوبه مع تضمين الإجابة المعرفة المطلوبة ضمن المهارة المستهدفة وتحت سقف عناصر الإجابة. فمثلا الاختبار التالي في بيداغوجية التخصص:
فمقاربة السؤال الأول من الاختبار تقتضي:
· القراءة العميقة والمتأنية والمتكررة للسؤال من أجل فهمه واستيعابه.
· معرفة المهمة المطلوبة، وهي:
ـ شرح مضمون الفقرة الأولى بتركيز.
ـ إبراز مبررات الانطلاق من الممارسة الشفوية في تدريس وحدة اللغة العربية بالمدرسة الابتدائية قبل الممارسة الكتابية. وهي في المستويين الأول والثاني تنطلق من الشفهي، وفي باقي المستويات تنطلق من القرائي.
· معرفة عناصر الإجابة، وهي:
ـ الشرح ويتطلب تحديد بعض المفاهيم كالممارسة الشفهية والكتابية، والتدرج الطبيعي لاكتساب اللغة.
ـ مبررات الانطلاق من الشفهي من خلال درس التعبير.
وبالتالي أقترح الجواب التالي:
يقتضي شرح الفقرة تحديد بعض المفاهيم لأنها مداخل مصوغات منطلق المؤسسة الابتدائية في تدريس اللغة العربية في المستويين الأول والثاني من الشفهي عبر درس التعبير كـ:
ـ الممارسة الشفهية: مزاولة ومباشرة تدريس اللغة شفهيا من خلال درس التعبير، ويتكرر التدريس في الزمن.
ـ الممارسة الكتابية: مزاولة ومباشرة تدريس اللغة كتابيا، ويتكرر التدريس في الزمن.
ـ التدرج الطبيعي لاكتساب اللغة: الانتقال الطبيعي لاكتساب المتعلم اللغة من مرحلة إلى أخرى في سياق اجتماعي وبيولوجي عاد وطبيعي.
وأما مبررات ومصوغات هذا الطرح المنهجي والديداكتيكي في تعليم اللغة العربية بالمستويين الأول والثاني ابتدائي فنابع من:
· مبادئ ديداكتيكية عامة من قبيل:
ـ التدرج والاستمرارية؛
ـ التركيز على الكيف؛
ـ التنويع،
ـ إعطاء معنى للتعلمات؛
التكامل بين المكونات والوحدات؛
ـ التقويم.
ـ أما بالنسبة للتدرج فإن على المنهج مراعاة ذلك عند إتاحة الفرصة للتلاميذ للقيام بالأنشطة المختلفة أو تقديم المعلومات للتلاميذ أو الخبرات بشكل عام فيراعى التدرج من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المركب ومن المعلوم إلى المجهول[1].
· مبادئ ديداكتيكية خاصة باللغة مثل:
ـ انطلاقا من الاختيارات الييداغوجية العامة والمقاربة بالكفايات فإن إقدار المتعلم على التعبير السليم باللغة العربية يجعل التعبير الشفهي هدفا رئيسيا لتدريس اللغة. وبما أن المتعلم في المستوى الأول وفق سياق تعلمه للغة داخل الأسرة والمجتمع يكون شفهيا وجب الحفاظ على هذا السياق الطبيعي في تدريس اللغة.
ـ يبتدئ اكتساب اللغة، في السياق الطبيعي، من الاستعمال الشفهي أولا، وهذا يقتضي إيلاء الأهمية اللازمة للتعبير الشفهي، سواء في دروس اللغة المباشرة، من خلال حصص اللغة العربية، أو من خلال استعمال اللغة العربية الفصحى في باقي المكونات والوحدات الدراسية[2].
ـ السياق التواصلي في الأسرة والمجتمع يشكل الحاضن الأساس لتعلم المتعلم اللغة، ويأتي المجتمع المدرسي سياقا طبيعيا ممتدا للأسرة والمجتمع، حيث يجب أن يستمر فيه المتعلم في اكتساب اللغة شفهيا، لينتقل بعد ذلك إلى المقروء والمكتوب. وإلا؛ إذا اختلف السياق فأصبح معكوسا انفصل المتعلم عن سياقه الطبيعي اللغوي وحصلت له مشاكل عدم التكيف فضلا عن إشكالات تعلم اللغة. فبيئة المتعلم تلعب دورا أساسا في تعلم المتعلم اللغة لأنها قاعدة تنطلق منها المؤسسة في تعليم اللغة استمرارا لبيئتها؛ حيث ( البيئة المحيطة، والدة الطفل أولا، والأطفال الآخرين، وأفراد الأسر كلهم يشكلون عناصر لغوية فاعلة في تطور بنى، ونماذج لغوية، وتتحدد أصول اللغة المتطورة وشكلها الأولي وفق هذا السياق الاجتماعي البيئي، لذلك فإن إثراء ثقافة أفراد الأسرة، ,ابنيتهم اللغوية ينعكس إيجابا على نماذج اللغة المتطورة لدى الطفل في صوره الأولى، فالطفل ابن أسرته لغويا )[3]، وابن مجتمعه ومدرسته لغويا كذلك.
ـ يعتبر السماع ضروريا لاكتساب اللغة في كل نظرية معرفية أو تربوية؛ فهو، تبعا للنظرية المعرفية الطبعية، المحرض للمعارف اللغوية المنسوجة خلقة في خلايا العضو الذي يسمى ملكة لغوية ] ما يسمى الكفاية اللغوية عند تشومسكي [ وهو أيضا المحرك لبناء قواعد اللغة المستنبطة حسب الطريقة التنشيطية المؤسسة على النظرية المعرفية الطبيعية. والسماع في النظرية المعرفية الكسبية من أسس تحصيل المعرفة، لأن من فقد حاسة في إطار هذه النظرية فقد فقد علما[4].
ـ إن لقدرة الطفل على السمع أهمية بالغة، وبخاصة إذا عرفنا العلاقة التامة بين استماع الطفل إلى الكلام، وقدرته على إظهار ما استقر في سمعه من الأصوات اللغوية، ثم العلاقة بين الكلام المسموع والقراءة[5].
ـ إن التعبير الشفهي يجذب المتعلم إلى منطوقه عبر تموجات وترددات وتتابع الأصوات فيه، فيقلده ويحاكيه، فينمى لديه اكتساب اللغة والقدرة على تمييز الأصوات والكلمات والجمل وفهمها.
ـ التعبير يحتوي على التفاعلات الحدثية التي تساهم في التمثيل اللغوي؛ حيث ( تعتبر هذه التفاعلات الحركية والحسية أساسية لعمليات التمثيل اللغوي باعتبارها أسس البنى المعرفية اللغوية الرمزية، والمخططات اللغوية المتقدمة )[6].
ب ـ أما إذا كان الاختبار يتضمن وحدة الموضوع في إطار السؤال المركب، فجرت العادة على إجراء المنهجية التالية عليه:
· مقدمة / استهلال / فاتحة / قبل البدء / تلمس …
وتهم إبداء أهمية الموضوع من حيث موقعه في المجال المعرفي الخاص به أو لضرورته العلمية أو التطبيقية أو الإجرائية … مع توضيح مناطق الأهمية.
· صياغة الإشكالية:
وتهم بناء إشكالية الموضوع ضمن مطروح السؤال بما يبين مضمونها وحدودها الإشكالية، ويقدم أسئلة لتناولها ومقاربتها. حيث تكون الأسئلة متعلقة بالإشكالية وتساهم بشكل منهجي وموضوعي في مقاربتها بالتحليل والدراسة فضلا عن التفسير والاستنتاج. كما يمكن للإشكالية أن تطرح فرضيات للتناول والتداول ضمن البحث عن الأجوبة.
· تحديد المفاهيم من خلال تحديد المصطلحات / تحديدات مصطلحية:
ويهم هذا التحديد التعريف بالمفاهيم الرئيسة من خلال المصطلحات المعبرة عنها وضمن سياقها الوارد في متن السؤال. وتحديد المصطلحات يتم على مستويات ثلاثة. ليس من الضروري إيرادها جميعا، وإنما حسب حاجة المقاربة إليها.
ـ التحديد اللغوي؛
ـ التحديد الاصطلاحي؛
ـ التحديد الإجرائي.
· مناقشة وتحليل الموضوع بمعنى متن السؤال:
ويهم مناقشة مطروح الموضوع مناقشة موضوعية وعلمية تبتعد عن الإنشاء التربوي، مقدمة الدلائل والحجج والمصوغات، وترتكز على النظريات العلمية لأن المجال التربوي والتكويني هو مجال علمي وليس إنشائي. يحلل الموضوع ويشرحه تشريحا معرفيا أكاديميا قائما على الحقائق الموضوعية والواقعية والعلمية التي أثبت جدارتها العلمية الوثوقية بامتياز من خلال بحوث ودراسات.
وإذا كان السؤال يتطلب إبداء الرأي فيجب أن يكون مؤسسا علميا ومستقلا، وغير متأثر بطرح الموضوع. فحسب ما يراه صائبا المتباري يبديه في مناقشته فذلك من القيم المضافة في مقاربة الموضوع. كما في مناقشته وتحليله للموضوع يخلص إلى استنتاجات وخلاصات تؤيد الطرح أو تفنده أو تطوره وتغنيه وتثريه أو تؤسس لدراسته من جديد عبر رؤى مستجدة ومبتكرة.
وإذا تطلب الأمر البوح بتوصيات فليدونها المتباري في مناقشته، فذلك أفيد لأنها تصبح منارات في طريق التعاطي مع الموضوع مستقبلا.
وعلى العموم؛ فإن نص الموضوع والمتطلب في مقاربته يحددان مسار مناقشته. وهذا ما يتطلب تفعيل الأشكلة والمفهمة والحجاج حتى يتبين النهج والمضمون والأدوات التي تناقشه وتحلله وتقاربه.
· خاتمة / على سبيل الختم / عود على بدء / أخيرا …
وتهم تلخيص الموضوع أو فتحه على آفاق البحث من زوايا ومرايا متنوعة لم ترد من قبل أو إضافة متعلق بالموضوع نوعي.
وأما الآن فلنحاول تطبيق هذا على النموذج الاختباري التالي:
فقراءة الموضوع تفيد:
1 ـ المهمة المطلوبة:
التحليل والمناقشة والإجابة عن أسئلة نص الموضوع وهي:
· هل تسمح ثقافتنا السائدة بأن يكون للمتعلم فضول معرفي، وهي تنظر إلى الرغبة في المعرفة بكونها مزعجة وخطيرة؟ وهنا لابد من الإشارة إلى السؤال يتضمن طرحه أو حكمه عن الثقافة السائدة بكونها ترى أن الرغبة في المعرفة مزعجة وخطيرة! مما يدعو إلى مناقشة هذا الطرح إثباتا أو نفيا أو تصحيحا وتصويبا.
· هل تساعد ثقافتنا السائدة المتعلم على بناء ذاته عبر المعرفة؟
2 ـ شروط الإجابة أو سقفها:
· الجواب عن الأسئلة يتم من خلال:
ـ القراءات الخاصة للمتباري، بمعنى استحضار الأدبيات التربوية المرتبطة بالموضوع التي اطلع عليها المتباري. وهي ستلعب دور الاستشهاد والدليل والحجة، كما ستلعب دور تعزيز معطى التجربة والمعرفة المنبثقة منها » معرفة التجربة « .
ـ تجربته المهنية الخاصة، وهو ما يوجب على المتباري تدوين تجربته أثناء الممارسة الصفية وعلمنتها لأجل هيكلتها علميا وإضفاء البعد العلمي عليها. كما يجب عليه الإدلاء بالوقائع الموضوعية والحقيقية التي عاشها في تجربته المتعلقة بالموضوع، كأن يدلي مثلا بعناوين نصوص تحفز الفضول المعرفي عند المتعلم أو تمنع ذلك أو تقمع تلك الحاجة النفسية، أو يدلي بنوع من الأسئلة في الكتاب المدرسي تساعد المتعلم على إبراز طموحه وفضوله المعرفي … وهكذا.
3 ـ عناصر الإجابة:
لا يمكن الإجابة من خارج الحديث عن:
· الفضول المعرفي عند المتعلم / التلميذ ودوره في تحفيزه نحو طرح الأسئلة ومن تمة بناء المعرفة، وبناء ذاته.
· مدى سماح ثقافتنا المغربية للمتعلم / التلميذ بالفضول المعرفي.
· تحديد نظرة ثقافتنا المغربية حول الرغبة في المعرفة في إطار حكم النص عليها.
· مدى إثارة المدرسة المغربية الفضول المعرفي لدى المتعلم.
· مدى مساعدة المدرسة المغربية المتعلم على بناء ذاته من خلال بناء المعرفة.
ملاحظة: الحديث عن الثقافة يجب استحضار الثقافة المغربية العامة، والثقافة الشخصية للأستاذ، والثقافة المدرسية. لأنها ثقافات متكاملة ومساهمة في بناء النظرة إلى الفضول المعرفي والرغبة في المعرفة.
ومقاربة الموضوع تفيد ضرورة تحديد المصطلحات التالية أثناء التحليل، وهي:
ـ الفضول المعرفي؛
ـ المعرفة؛
ـ الذات؛
ـ الثقافة؛
ـ الرغبة؛
ـ المدرسة.
ومفاصل المقاربة تفيد:
المقدمة:
يشكل عند المتعلم الفضول المعرفي أو حب الاستطلاع أو الحافز المعرفي أو الدافع المعرفي أو الرغبة في المعرفة وفق من يرادف بين هذه الألفاظ ومعانيها البوابة الرسمية التي تفتح أمامه المجال المعرفي على مستوى المعلومات والمعارف العلمية والحقائق والنظريات والأنساق المعرفية والأفكار، وعلى مستوى منهجية البحث عن المعرفة وأدواته فضلا عن نماء أنماط التفكير لديه، وتنمية استقلاليته الذاتية، وتربيته على الاختيار. لذا؛ اهتمت النظريات التربوية والنفسية والاجتماعية؛ بل قل المدارس التربوية والنفسية والاجتماعية بعامل الفضول المعرفي عند التلميذ خاصة أنه عامل ذاتي تساهم بيئته في تنميته وإبرازه وحضانته. فهو لدى جون بياجي حاجة داخلية إلى المعرفة، يرتبط بالأداء الاستكشافي للتلميذ من حيث البحث عن الجديد في سيرورة نمائية معرفية، تنمو معها معارف التلميذ إزاء نمو الفضول المعرفي نفسه وتطوره.
فالفضول المعرفي أو حب الاستطلاع يحفز المتعلم على التعلم واكتشاف المجهول لديه. فهو يتعلق بالمعرفة والقدرة على التعرف والاطلاع على أي جديد، فهو متعلق كذلك بالعمليات الذهنية المعرفية التي تنمي معرفة المتعلم. وتنمية معرفة المتعلم تؤدي إلى تنمية بنائه المعرفي والذاتي. وهذا العامل يجب استحضاره في التدريس والمدرسة، واستثماره إلى أقصى الحدود لأنه يساهم بقسط وافر في التعلم وتكوين شخصية المتعلم. ذلك أنه ( من الحاجات النفسية الهامة للطفل حاجته إلى إشباع دافعه الملح إلى المعرفة عن طريق السؤال والخبرة الشخصية معا. فهو في هذا السن يتدفق نشاطا وحساسية كما أن خياله يكون على أشده ورغبته على أشدها في اختيار ما يجذب انتباهه مستخدما في ذلك قدراته وحواسه كلها. ونحن جميعا نعرف أن النشاط الجسمي للطفل … يدفعه إلى حركة لا تهدأ، وأن نشاطه العقلي يدفعه إلى سؤال لا يكاد ينقطع وإلى محاولة التعرف على كل ما يقع تحت متناول يده عن طريق اللمس والفحص … هذه الرغبة إذا فهمها الكبار على حقيقتها وعملوا على تلبيتها للطفل دعموا من شعوره بالثقة بالنفس والاطمئنان إلى الحياة )[7] وهو ما يبني للمتعلم مفهوم الذات ويدعمها ويمنحها الاستقلالية والوعي بنفسها.
وبما أن المدرسة امتداد طبيعي للأسرة والمجتمع في إطار نظرية سوسيولوجيا التربية لابد لها من احتضان الفضول المعرفي للمتعلم كحاجة لديه وتلبيتها وتنميتها، وبذلك يجب عليها أن تخالف أي طرح اجتماعي أو ثقافي أو تعليمي يخالف مبدأ استثمار الفضول المعرفي، لأن هذا ( الدافع يمكن ترتيبه وتطويره بفعل عوامل بيئية، وقد وجد أن للظروف البيئية، والاقتصادية، والأسرية ذات تأثير كبير في تطوير حاجة الاستطلاع لدى الطفل. ويمكن استغلال هذه الحاجة ـ الدافع المعرفي ـ لبلورته، وتعميق انتباه الطفل لتتبعه وتقصيه بحيث يصبح ميلا واتجاها عاما يسيطر على آداءاته المعرفية الاجتماعية التكيفية، ويتطور إلى أن يصبح معرفية ذهنية أكاديمية، وبذلك فإنه يمكن أن يلمح المتتبع بخصائص دافع الاستطلاع المعرفي، أنه يمكن أن يرتبط بالتحصيل ارتباطا عاليا، ومن ثم يكون مرتبطا بدرجة ذكاء الطفل )[8]. ومنه هل المدرسة المغربية تستحضر الفضول المعرفي عند التلميذ وتذكيه فيه، وتستثمره في تحصيل التلميذ للمعرفة وبناء ذاته، وتحصنه بالثقافة المدرسية في الحد الأدنى؟
الإشكالية:
إن الفقرة موضوع نص المباراة تقدم الفضول المعرفي مدخلا للتعلم وبناء الذات في ظل معطى الأدبيات التربوية والنفسية والمعرفية التي تعتبر الفضول العلمي حاجة طبيعية في المتعلم يجب تلبيتها وإشباعها حتى يبني معرفته ومعماره الفكري انطلاقا من الرغبة الداخلية التي تلح عليه في معرفة المجهول، ومعرفة الجديد. فقد قال ماتياس جروبر الباحث في درجة الفضول المعرفي وارتباطها بتقوية الذاكرة في جامعة كاليفورنيا بأن الفضول المعرفي يضع مخ الإنسان في حالة يكون خلالها قادرا على استقبال كل شيء سواء له صلة بالموضوع الذي يثير فضوله أم لا[9]. وإذ تعتبر الفقرة استحضار الفضول المعرفي مبدأ بيداغوجيا وديداكتيكيا في طرحها ودعوتها في التدريس وتصر على تبنيه؛ تقابله بحكم قيمة على الثقافة السائدة يفصح عن نفسه في النظرة السلبية للرغبة في المعرفة أو الفضول المعرفي باعتبارها مزعجة وخطيرة نتيجة تراكمات تاريخية وتقاليد تربوية وخطاب مدرسي تقليدي مازال يحتل بعض العقول وسلوكاتها وتصرفاتها. في حين كان من الأجدر على الثقافة أن تمنح مساحة كبيرة للفضول المعرفي للبناء عليه في تعليم التلاميذ. وهي الثقافة في واقعها ثقافات؛ تنطلق من الثقافة العامة التي تشكل الموروث الفكري الجماعي إلى الثقافة الأسرية فالثقافة الشخصية التي يتمثلها الشخص الفرد، وهو هنا المدرس مقابل الثقافة المدرسية السائدة في المجتمع المدرسي. والثقافة تتطور بتطور المجتمع والأفراد والمؤسسات. لذا يقع السؤال على موضوع الفضول المعرفي ومدى حضوره في المدرسة المغربية بكل ما تعنيه هذه المدرسة من متن تعليمي ونهجى ديداكتيكي ونظرية معرفية، وتخطيط وبرمجة تعليمية وممارسة فعلية في الصف الدراسي إزاء المعينات البيداغوجية والأدوات، والبنى الفكرية والتواصل والمدرس والمدير والمفتش … ومدى تضافر هذه المكونات في منح فرصة الظهور للفضول المعرفي فضلا عن مساءلة الثقافة العامة والأسرية والمدرسية والشخصية عما تحتويه من رؤية ونظرة نحو الفضول المعرفي أو الرغبة في المعرفة، وكيف تقرأه في ظل معطى النظرية المعرفية؟ وهل ما زال حكم وتقرير الفقرة على هذه الثقافة قائما أم فيه من التاريخية ما يؤدي إلى المجازفة العلمية التي لا تليق بالفكر الحقيقي القول بها؟ أم أن واقع الممارسات الصفية حسب التجربة الشخصية تؤكد ذلك أو تنفيه؟ ونحن نلمس الاختلافات في الخطاب المدرسي بين جماعة مدرسية وأخرى، وبين تنظير وآخر، وبين ممارسة وأخرى … فترى ما الكائن في الواقع المعيش مما هو مطروح في نص الموضوع؟
وقبل مناقشة الموضوع تنبري مصطلحات رئيسة للتحديد والتعريف لكي تساهم في الغوص في أوعية الموضوع والرفع من درجة وضوحيته وبسطه، وتمنحنا فهما عميقا للقضية الإشكالية. وهي:
ـ الفضول المعرفي؛
ـ المعرفة؛
ـ الذات؛
ـ الثقافة؛
ـ الرغبة؛
ـ المدرسة.
تحديدات مصطلحية:
لن نذهب إلى التحديد اللغوي للمصطلحات تحقيقا للاختصار وضمانا لمساحة ورقية تناسب تحليل ومناقشة الموضوع. ونكتفي بالتحديد المصطلحي بتعريف يناسب المصطلح دون إيراد مختلف التحديدات المصطلحية الوارد في المصطلح الواحد، لأن تحديد المصطلح الواحد يختلف فيه أهله وفق جهة النظر فيه ومجال استعماله. لكن؛ تظل المعانم أو السمات الأساسية والكبرى حاضرة في جميعها تشكل تقاطعا لمختلف صيغ التعريف. وأما بخصوص تعريف:
ـ الفضول المعرفي: هو حاجة نفسية داخلية متعلقة بمعرفة كل جديد ومجهول لدى الفرد. وقيل ( كل ما يدفع الفرد إلى فحص الأشياء والبحث عنها )[10]؛ غير أن كلمة الفضول لها معنى سلبي غير وارد هنا وهو حشر الأنف فيما لا يعني الشخص. ويشكل الفضول المعرفي لدى المتعلم الحافز الرئيس في بناء المعرفة ضمن بنياته العقلية. وتقابل هذا المصطلح مصطلحات مرادفة عند أغلب الدارسين القائلين بذلك من قبيل: حب الاستطلاع، الرغبة في المعرفة، الدافع المعرفي … بما يدفعنا إلى تبني هذا الطرح ـ وإن كانت بين هذه المصطلحات فوارق لغوية ومفهومية دالة ـ في هذه المناقشة.
ـ المعرفة: مصطلح مائع يصعب الإمساك به لأنه مستعصي على التحديد[11]، مما سنحاول تحديده وفق مجال التدريس تساوقا مع التدريس واستثمارا فيه، حيث المعرفة ( هي كل الأفكار والمعارف والمعلومات والمعتقدات والقيم التي تراكمت عبر السنين والحقب، لتشكل تراثا ثقافيا ومعرفيا للإنسان، والتي تنظم عادة في شكل مذاهب أو نظريات أو أنساق أو تخصصات متمايزة عن بعضها، مثل الفلسفة والفيزياء والأخلاق والمنطق والرياضيات )[12]. وهي نتاج مستوى المعرفة كبعد أدائي ( يتمكن الفرد بها من معرفة شيء ما أو الحصول على معلومات عنه )[13]، فيكون بذلك فعل معرفي ( من إدراك حسي وتذكر وتخيل وتصور وحكم واستدلال )[14].
ـ الذات[15]: مصطلح هو الآخر ممتنع عن التحديد بدقة لمعطى أبعاده المتنوعة والحقول المعرفية التي اشتغلت عليه؛ ومنه نميزه بتعريف ينسجم مع ذات المتعلم ثم نعقب بمفهومها؛ فنقول: ( الذات هي الشعور والوعي بكينونة الفرد. وتنمو الذات وتنفصل تدريجيا عن المجال الإدراكي. وتتكون بنية الذات كنتيجة للتفاعل مع البيئة وتشمل الذات المدركة، والذات الاجتماعية، والذات المثالية. وقد تمتص قيم الآخرين وتسعى إلى التوافق والثبات. وتنمو نتيجة للنضح والتعلم )[16]. ومفهومها يتحدد ( بأنه تكوين معرفي منظم موحد ومتعلم للمدركات الشعورية والتصورات والتعميمات الخاصة بالذات، يبلوره الفرد ويعتبره تعريفا نفسيا لذاته. ويتكون مفهوم الذات من أفكار الفرد الذاتية المنسقة المحددة الأبعاد عن العناصر المختلفة لكينونته الداخلية والخارجية )[17].
ـ الثقافة[18]: مصطلح تعددت تعاريفه ضمن تعدد المفاهيم التي تعبر عنها. لذا؛ يمكن تعريفها بما يمنح التحرك نحو الثقافة العامة والشخصية والمدرسية أمرا مستطاعا. فالثقافة على هذا المستوى هي: ( التمثيل الرمزي للفكر والقيم والأهداف داخل المجتمع )[19] بما تعني في فعلها ( اكتساب المعارف من أجل تهذيب الحس النقدي والارتقاء بالذوق وتنمية القدرة على الحكم )[20]. فالتمثيل الرمزي يقتضي ( تربية المربين في مراحلها جميعها تقوم على أساس الثقافة العامة أو قل، بتعبير أصح، على أساس الثقافة الإنسانية الواسعة )[21]. ( وهذه الثقافة العامة ضرورية خاصة لمعلمي التعليم الابتدائي. وليس ثمة أي خطر من التوسع بها ما سمح الوقت المخصص لإعدادهم )[22].
ـ الرغبة: بداية الرغبة درس إشكالي فلسفي، يمكن تجاوز مفهومها فيه إلى تعريفها تعريفا يتساوق مع طرح الفقرة في كونها حاجة داخلية، حيث هي: ( مصطلح عام يدل على الاشتهاء مع شعور واضح بموضوعه )[23]. وتطلب الإشباع. وهي حسب سبينوزا شهوة تعي ذاتها. بمعنى أن الإنسان يكون واعيا بما يشتهيه ويطلبه حفاظا على ذاته. وبذلك؛ فهي: (الشعور بالاحتياج إلى شخص أو شيء )[24].
ـ المدرسة: وتعني حاليا ( المؤسسة الاجتماعية التي توكل إليها مهمة التربية الحسية والفكرية والأخلاقية للأطفال والمراهقين في شكل يطابق المكان والزمان )[25]. وهي بهذا التعريف لها بعد وظيفي، وبعد مكاني بما هي ( مدرسة ابتدائية أو ثانوية تنشئها الدولة وتديرها، وهي متاحة لكل من يتقدم للالتحاق بها )[26]. وهو التعريف الذي اتخذ عمقه مؤخرا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تعريفا للمرسة قائلا: ( تحيل المدرسة في سياق هذه الرؤية الاستراتيجية، على مجموع مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي: التعليم الأولي والابتدائي والإعدادي والثانوي؛ التعليم العالي والجامعي والبحث العلمي؛ تكوين الأطر؛ التكوين المهني؛ التعليم العتيق )[27].
ـ للموضوع تحليل ومناقشة:
لا يشك أي تربوي أو باحث في التربية أو منظر لها أن الفضول المعرفي أساس حفز المتعلم على التعلم. فهو الذي يفتح للمتعلم باب البحث في المجهول وطلب الجديد من المعرفة إشباعا لحاجة مفقودة لديه عبر جملة من الأسئلة. حيث ( المعرفة تنطلق دائما من الحاجة. إن كل سلوك إنساني؛ وطلب المعرفة سلوك، لا يعدو أن يكون تلبية لرغبة يشعر الفرد بحاجة إلى تلبيتها. ويقول بياجيه في كتابه ست دراسات في علم النفس: يمكن أن نقول بصفة عامة، إن كل عمل وكل حركة وكل فكرة وكل عاطفة ليست سوى استجابة لحاجة. فالطفا، شأنه في ذلك شأن الكهل، لا يسلك سلوكا معينا إلا بتأثير علة وهذه العلة تترجم دائما إلى حاجة. وتبعا لذلك، يمكن أن نقول بأنه لا وجود لسلوك معرفي اعتباطي وأن كل طلب للمعرفة ينضوي دائما تحت لواء دافع أثاره. ومن جهة أخرى، فإن الحاجة تترجم دائما عن فقدان توازن الفرد مع محيطه سواء كان هذا المحيط ماديا أو معنويا أم ذهنيا. ويعود الفضل في تفسير الحاجة بانعدام التوازن مع المحيط إلى العالم التربوي السويسري كلاباراد الذي يقول: إننا نتحدث عن حاجة ما عندما يتغير شيء ما فينا أو خارجنا يدعونا تكييف سلوكنا على ضوء هذا التغيير. وإذا كان انعدام التوازن بين الفرد ومحيطه هو الذي يثير السلوك المعرفي لدى الأفراد فإن يصبح بإمكاننا أن نقول مع بياجيه بأن السلوك المعرفي للفرد لا يعدو أن يكون سلسلة مزدوجة من التوازن وفقدان التوازن. ومن الملاحظ في هذا الصدد أن عملية الموازنة هذه تمتاز بخاصية جعلت بياجيه يتحدث عن الموازنة المضيفة. وخلاصة القول، فإن الموازنة المعرفية هي موازنة مضيفة، وأعني بذلك أن انعدام التوازن لا يعود بالفرد إلى الشكل السابق من التوازن بل إلى شكل معارف جديدة إلى الموازنة السابقة. وأن صفة الإضافة التي تتسم بها كل موازنة جديدة هي التي تجعل النمو الذهني والمعرفي ممكنا. يقول بياجيه: لا يظهر لنا خلال ما سبق أن النمو الذهني للفرد يتمثل في تكيف مع الواقع يزيد دقة كلما تطور الفرد )[28]. وتطور الفرد بما فيه المتعلم لا يتحقق إلا بإشباع الفضول المعرفي المعبر عن الحاجة. وتشكل العملية التعليمية التعلمية حقلا لتلبية حاجات المتعلم بما فيها الفضول المعرفي كحاجة ومطلب للحاجة. فهي مشبعة بالمعارف والأفكار والمعلومات فضلا عن النظريات والأنساق الفكرية والحسيات والمهارات والقدرات والقيم … وهي بهذا مطالبة بتوظيف الفضول المعرفي عند المتعلم لفتح آفاق المعرفة لديه. ولاستثمار طموحه في بناء معارفه بنفسه. إذ؛ ( تلعب المدرسة دورا خطيرا في تشكيل شخصية الطفل )[29]. وعليها ( تنمية الدافع إلى التحصيل بأقصى قدر تسمح به قدرات الطفل )[30] من خلال ( تشجيع حب الاستطلاع عند الطفل وتنمية ميوله واهتماماته )[31]. فهي معنية بأن يكون توجيهها التربوي والتعليمي للمتعلم إيجابيا يقدم كل جديد، ويحثه على التعلم. و ( اعتبار المتعلم محور الفعل التربوي وفاعلا أساسيا في بناء التعلمات، وتنمية ثقافة الفضول الفكري وروح النقد والمبادرة، والبحث والابتكار لديه )[32].
والمتعلم الطموح للمعرفة المحب للاستطلاع يتميز بكونه: ( يستجيب إيجابيا للأشياء المعقد والمتعارضة والغامضة والجديدة بالتحرك تجاها محاولا فحصها واستكشافها ومعرفة الجديد. يزيد من تساؤلاته واستفساراته عن المنبهات المقدمة إليه. يفحص محيط بيئته محاولا البحث عن الخبرات الجديدة )[33]. التي ترتبط بأهدافه الرامية إلى التمكن من موضوع الفضول المعرفي لأجل السيطرة عليه ومن تمة السيطرة على البيئة، ورفع الغموض عنه. وبذلك ( يعد دافع حب الاستطلاع أحد الدوافع الثانوية » المعرفية، والاجتماعية « ، إذ أن الطفل يسعى في إشباعه لحاجة الاستطلاع المعرفي، إلى التزود بالمعرفة، وتوسيع أطره المعرفية وحدودها، بهدف المحافظة على بقائه البيولوجي وصيانته وصقله )[34]. وبما أن الفضول المعرفي مبدأ ديداكتيكي وسيكولوجي ثابت في الدراسات السيكولوجية والتربوية والديداكتيكية والمعرفية والاجتماعية، فقد اهتمت به بعض الدراسة واتخذته موضوعا للبحث من حيث مكوناته وسياقه وكيفية اشتغاله لكي تستثمر تلك المعرفة في تنميته عند الطفل والمتعلم والراشد، وتعمل على توفير شروط ومتطلبات تطوره في الأسرة والمدرسة والمجتمع. فقد افترض مثلا ( بيرلاين Berhyne أن حب الاستطلاع يمكن معالجته من جانبين، حب استطلاع معرفي، وحب استطلاع إدراكي حسي. وقد ارتبط حب الاستطلاع المعرفي بالمعرفة، والقدرة على التعرف والاطلاع، أي العمليات الذهنية المعرفية[35]. أما ما يتعلق بحب الاستطلاع المتعلق بالإدراك فهو يرتبط بزيادة الاهتمام بالمنبهات التي تتوافر في المجال الإدراكي للطفل )[36]. وبما أن الفضول المعرفي ( ظاهرة تطورية معرفية، فقد افترض أنها تظهر في مرحلة الطفولة في سن ست سنواتـ والثانية عشرة، إذ يظهر الطفل أداءات تصنف بأنها أداءات استطلاعية معرفية، وتحدد وفقها درجات حبه الاستطلاعية المعرفية، وقد تحددت هذه الأداءات ب:
· التوقف إزاء العناصر الجديدة، وتعميق النظر إليها.
· الانتباه إلى الأشياء الغريبة، والمتناقضة.
· التعامل مع المجهول والغريب.
· التحرك تجاه المنبهات ذات الخصائص الجديدة والغريبة، وتغيير نظامها والتدخل في تركيبها.
· الفحص الدقيق والاختبار للأشياء والموضوعات الغريبة.
· البحث عن معالجات وخبرات جديدة ومتنوعة.
· إظهار الحاجة إلى نفسه، وبيئته، والمحيطين به والتحرك نحو إشباعها )[37].
فعلى الفاعلين البيداغوجيين ( هيئة التدريس، هيئة الإدارة التربوية، هيئة التأطير والمراقبة التربوية، المبرمجين) العلم بها حتى يعرفون ما الفضول العلمي؟ وما مكوناته؟ وكيفية اشتغاله؟ وما شروط ومتطلبات تنميته وتطوره؟ وكيفية استثماره في المدرسة؟ … فهذه المعرفة ضرورية ولازمة في التكوين الأساس للأطر التربوية وأصحاب القرار تنويرا لمهامهم وتوجيهها على علم ومعرفة ودراية نحو استغلال معطيات المتعلم السيكولوجية والبيولوجية والفيزيولوجية والاجتماعية والثقافية لصالحه أولا ثم لصالح المؤسسة التعليمية ثانيا. وبما أن الفضول المعرفي عند المتعلم يحتل موقعا متقدما في البناء المعرفي والاستكشاف والبحث والتعرف على الجديد فهل المؤسسة التعليمية تستحضره كعامل مساهم في البناء المعرفي؟ وهل ثقافتها تتفهم الفضول المعرفي وتموقعه موقعه الطبيعي في التحصيل الدراسي؟ وإلى أي حد المناهج والبرامج والكتب المدرسية تحترم هذا المبدأ؟ وإلى أي مدى تستحضره الممارسة الصفية في الفعل التعليمي؟
إن التطور الحاصل على مدى العقود الأخيرة في العملية التعليمية التعلمية نتيجة انتشار الأدبيات التربوية، والدراسات المختلفة المتعلقة بالمؤسسة التعليمية المغربية، ومدخل التكوين الأساس والتكوين المستمر والتكوين الذاتي، أدى إلى تحسيس مكونات هذه المؤسسة البشرية بضرورة استحضار عدة مداخل لفعل التعليم، ومنها مدخل الفضول العلمي. وأصبح منتشرا في ثقافة أغلب هيئة التدريس والإداريين والمفتشين التربويين؛ ما أعطى فسحة للفضول المعرفي للظهور في بعض الممارسات الصفية الرائدة مقابل خفوته في البعض الآخر نتيجة أسباب متنوعة، منها الثقافة العامة المحافظة التي ترى في فضول الطفل المعرفي جسارة على الكبار، وتدخل في مواضيع أكبر منه فضلا عن معتقدات بالية، كالاعتقاد بأن الطفل مازال صغيرا عن عقل بعض الموضوعات خاصة في إطار نشر ثقافة تقليدية تأمر بالصمت وبقمع الطفل عن طريق الحياء » الحشومة « ، وعن طريق » ليس من شأنك » … مما رسب في الذاكرة الجمعية مقولات خاطئة عن الفضول المعرفي عند الطفل لا تتوافق مع عصر المعرفة والثورة المعلوماتية. فحملت ذاكرة وشخصية بعض أطر التدريس ورديفتها الإدارية والتأطيرية والمبرمجة والمؤلفة للكتب المدرسية مرشحات هذه الثقافة التقليدية المتجاوزة في جينات ثقافتها الشخصية. وأخذت تعامل الفضول المعرفي عند المتعلم بقمعه وكبته من خلال كبت تساؤلاته وتطلعاته إلى معرفة الجديد بحشره في أسئلة الكتاب المدرسي المغلقة على المتن المدرسي دون فتح آفاق السؤال على خارج المتن التعليمي، الأمر الذي جعل ممارساتهم مغلقة في فعلها وأسئلتها، بل مغلقة على ثقافة لا تؤمن بالفضول المعرفي ودوره في بناء معارف ومعرفة المتعلم ولا بناء شخصيته ولا تطور كفاياته المعرفية والسلوكية والأدائية! فالمدرس الذي يرى أسئلة المتعلم خارجة عن الموضوع وعن أدبيات الفعل التدريسي التقليدية الموجبة عليه الإنصات فقط وتخزين المعلومات واسترجاعها واستظهارها أثناء التقويم والاختبار، لا يمكنه أن يستثمر الفضول المعرفي عند متعلميه في بناء الدروس بما يفضي إلى بناء المعرفة، ومنها بناء شخصيات متعلميه. ومنحهم الثقة في النفس والاستقلالية في التعاطي مع المتن المدرسي وتقبل تساؤلاتهم الإضافية أو التي تفتح الدرس على الجديد، وتطلعه على المجهول. وكذلك المدرس الذي يجد مهامه محصورة في تبليغ كم معين من المعرفة إلى المتعلم عبر منهجية مغلقة لا يمكنه توظيف الفضول المعرفي لأنه يراه خارج المنهجية المعتمد ومن خارج الكم المعرفي المقرر. فينحصر بذلك الفضول المعرفي عند المتعلم ما يؤدي به إلى كبت حاجته إلى المعرفة، بل قد يؤدي به إلى الخوف من طرح السؤال إن كان الفضول المعرفي يقابل بالعقاب البدني أو اللفظي. وخفي عن مثل هذا السلوك أن ( الثواب مشوق إيجابي، أما العقاب فهو مشوق سلبي. ذلك يحمل المتعلم على تحصيل العلم عن طريق الرغبة، وهذا يدفعه إلى تحصيله عن طريق الرهبة. وغني عن القول أن التشويق عن طريق الرغبة خير من التشويق عن طريق الرهبة، لا لاعتبارات إنسانية فحسب، بل لاعتبارات تربوية أيضا. فالرغبة تثير في نفس المتعلم النشاط والجهد، على حين أن الرهبة قد تشل حركته وتوهن عزيمته )[38]. مما يجب مراجعة هذه الثقافة العامة والشخصية المغلقة على الماضي وعلى الموروث الشفهي التقليدي المتنكر لمبادئ التربية الحديثة، وتراها خروجا عن العادات وعن منطوق عادات وتقاليد التربية المغربية. وتزداد وضعية الفضول المعرفي عند المتعلم سوء عندما تتوحد ثقافة المؤسسة التعليمية نحو اعتبار الفضول المعرفي من الأدبيات الفائضة عن الحاجة، التي لا تلائم العملية التعليمية التعلمية عندنا، وهو معطى مستورد من ثقافة الآخر ولا يناسب بيئتنا. التي تتلاءم مع قمع الطفل ورغباته وحاجاته. وترى فيه فقط طفلا لا بعدا إنسانيا له، ولا مستقبلا للبلاد فيه، ولا امتدادا طبيعيا للوجود البشري يؤمنه، ولا حضارة مستقبلية يبنيها!؟ … ففي ظل مثل هذه الممارسات أو الثقافة؛ لا يمكن أن نجد الفضول المعرفي نافذا في الفعل التدريسي الواقعي، وإنما نجده في الأوراق الأدبية أو في الكتب والمراجع التربوية إن أحسنا الظن به، يعلوه الغبار ويحفظه النسيان.
في المقابل؛ فقد تشبع جماعة من أطر التربية والتدريس بمبادئ التربية الحديثة. فأفسحوا المجال للفضول المعرفي للظهور عند المتعلم وفي تعلمه، واستثمروه في التدريس. ففتحوا دفاترهم على مجموع الأسئلة التي يطرحها المتعلم أثناء التعلم، وكلفوه بالجواب عن أغلبها خارج الدرس، في شكل بحوث منزلية، تحفز المتعلم على التعلم الذاتي والتكوين وبناء ذاته بنفسه تحت إشرافهم وتوجيههم. فكانت نتائج متعلميهم متميزة. فمنحوا بذلك الثقة فيهم إزاء استقلاليتهم. وتوسعت معرفتهم، واكتسبوا مناهج البحث وأدواته، وتعرفوا على كل جديد، وسبروا غور كل مجهول، بل احترفوا السؤال بما هو مدخل المعرفة والأداء. وساهمت ثقافة هذه الزمرة من المدرسين المنفتحة بشكل كبير في بلورة دور الفضول العلمي في بناء المعرفة عند المتعلم، وفي بناء ذاته ومنحه جرأة التعاطي مع الجديد والمجهول، بل مكنتهم من أساليب التواصل العلمي والثقافي في مقاربة فعل التعلم. فاكتسبوا التفكير النقدي والإبداعي في ظل حرية طرح السؤال، فناقشوا متنهم التعلمي من منطلق الخطأ والصواب، أو من منطلق الحقيقة والمجاز، أو من منطلق المطلق والنسبي … وبذلك فتحوا أوراق الدروس على الإضافات المعرفية الجديدة التي أغنت هذه الأوراق بالمعرفة والمنهجية والموضوع. وليكن مثالنا من فتح أسئلة الدرس المغلق على أسئلة إضافية تستجلب معارف أخرى نوعية تكون قيمة مضافة للدرس. فسؤال المقارنة في الشكل أو في الموضوع أو في المكان أو في الزمن أو في الحدث أو الأشخاص … تفيد في استحضار البعد التاريخي والتطوري سنة ربانية وقانون طبيعي للأشياء وللمعرفة. وأدركوا ( أن مهمة المربي الأساسية هي التوجيه والإرشاد. وأن من واجبه قبل كل شيء وفوق كل شيء أن يثير في نفس المتعلم الرغبة في طلب العلم، حتى إذا تمكنت منه هذه الرغبة أقبل على العلم واندفع وراءه في لذة وشوق، وأبدى نحوه ذلك النشاط الذاتي الذي بدونه لا يمكن أن تتم تربيته )[39]، والأستاذ حاله هنا حال الطبيب حسب ما يراه توما الأكويني ( أن الطبيب لا يستطيع أن يشفي الجسم العليل، وإنما يعاونه على شفاء نفسه بنفسه. ففي الجسم قابليات طبيعية تعمل على حفظ توازنه الصحي، وغاية ما يقوم به الطبيب هو أن يستحث هذه القابليات على أداء وظيفتها. وهذه هي حال المعلم، فإنه لا يستطيع أن يعلم التلميذ، وإنما يساعده على تعليم نفسه بنفسه. وكل ما يترتب على المعلم هو أن يستحث التلميذ وييسر له الأسباب اللازمة لإبراز قابلياته الكامنة وإنمائها )[40] مع استحضار ( تموقع المدرس أو المكون، كمشرف على التعلمات وميسر لها، ومتفهم لحاجات المتعلمين/ات، ومتكيف مع مختلف الوضعيات، بما يحقق حافزيتهم وانخراطهم وتكامل قدراتهم وخبراتهم في التعلم )[41].
وبناء عليه، لا يمكن تصريف حكم الموضوع على ثقافتنا اتجاه الفضول المعرفي بالمطلق لأن المدرسة تضم ثقافات شخصية مختلفة فضلا عن ثقافة مدرسية تختلف من مدرسة إلى أخرى، ناظمها الثقافة المغربية العامة التي بدأت تشهد انفتاحا على معطيات التربية الحديثة وذلك تبعا لموقع الأسرة الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسيكولوجي ضمن الطبقة الاجتماعية والمجتمعية التي تنتمي إليها. وهي ثقافة تتأثر بمعطى الثقافات الأخرى للمجتمعات في نطاق العولمة، وفي نطاق تطور الأجيال البشرية والتطورات الحاصلة في الحياة العامة والخاصة للبشرية. فلم تعد منظومات الثقافات منغلقة على ذواتها ضمن الحدود الجغرافية والطبيعية واللغوية والدينية والإيديولوجية والإثنية، بل أصبحت منفتحة بعضها على بعض. ومتأثرة بمتغيراتها، وأصبحنا نتحدث عن الاستيلاب الثقافي، مما يعني أن الأحكام المطلقة لم تعد مع المتغيرات المختلفة التي تعيشها البشرية قائمة. وتنطوي على مجازفة علمية بالقول بها في حقل التربية والتعليم الذي لم يعد حقلا للإنشاء التربوي، وغدا حقلا للحقائق العلمية تغذيه الأبحاث والدراسات العلمية المختلفة التي تنضوي تحت دراسة التعليم والتعلم والمعرفة والاستراتيجيات والنفس والبيولوجيا والأعصاب والذاكرة … وغيرها. تلك التي تتقاطع في دراسة الإنسان ومجتمعه وكيفية تعلمه وأدائه وعيشه … وضمن تجربتي الشخصية أجد ممارستي الشخصية تفتح للمتعلم مجالا لإظهار فضوله المعرفي من خلال طرح الأسئلة المغلقة أو الجديدة المتعلقة بالدرس المدرسي، نتيجة كوني أبا/ أما علمت بموقع الفضول العلمي في تربية وتعليم أبنائي عبر أسئلتهم المتنوعة التي تذهب إلى حد اختراق المألوف والمعتاد في الحياة مثل السؤال عن الله والخلق ونشأة البشر والعلاقات بين الرجل والمرأة … والعديد منها متعلق بخروجهم إلى الحياة. وهي أسئلة بعضها يتم إرجاؤه بطريقة الإقناع إلى النضج لمقاربتها موضوعيا ومنطقيا وعلميا لكي يحصل الإقناع. فالفضول المعرفي تعيشه مؤسسة الأسرة قبل مؤسسة المدرسة. لذا؛ أرى أن تكون المدرسة امتدادا طبيعيا ومجالا تبعا لمجال الأسرة في احتضان الفضول المعرفي واستثماره في البناء المعرفي والذاتي عند المتعلم. حيث ( من المعروف أن الأطفال يعيشون في بيئات مختلفة من حيث المقومات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، مع أنهم قد يولدون مختلفين في قدراتهم واستعدادهم بالإضافة إلى تعرضهم إلى أساليب مختلفة في التربية. وهذه الاختلافات في الاستعدادات والقدرات، والبيئات والمعاملات، تعطي الطفل معالم شخصية تختلف عن زميله في مثل سنه، وبهذا فإن أطفال السنة الأولى الدراسية سيكونون مزيجا من الشخصيات، فمنهم الطفل النابه الذي يهتم بكل ما يدور حوله في غرفة الدراسة، وبالتالي أكثر استعدادا للتعلم ومنهم عكس ذلك تماما ممن يكونون أقل استعدادا. ولكل هذه الظواهر أثر بين في استعداد الأطفال )[42] للتعلم.
ويبقى معطى المنهاج والبرامج والكتب المدرسية حاضرة بقوة في مسألة الفضول العلمي، حيث ما قيل عن الثقافة يقال هنا. إذ هناك متن تعليمي يحفز الفضول المعرفي عند المتعلم على الظهور ويحتضنه ويشجعه عبر ما يطرحه من قضايا إشكالية وأسئلة مثيرة للبحث والدراسة تحقق حاجاته وتشبع فضوله المعرفي. ويفتح دفاتر المتعلم على معرفة الجديد، واكتشاف المجهول … مقابل وجود متن تعليمي مغلق ومنحصر في قضايا ماضوية متجاوزة كقطار معروف الرصافي ورحلة عبد المجيد بن جلون إلى فاس … وغيرها؛ لا تدخل في اهتمام المتعلم ولا تحقق حاجاته فضلا عن تحفيزه وشد اهتمامه، وهي تتسم بتقادم معلوماتها وتناسب المتحف التاريخي لا الواقع المعيش[43]. كما أن هناك منهجيات منفتحة في خطواتها على الاستكشاف والبحث والمناقشة والتحليل والتركيب إزاء أخرى مغلقة على نفسها تقولب تفكير المتعلم في نمط معين من المنهجيات فمنهجيات الدرس اللغوي العربي مثلا يقولب المتعلم في المنهج الاستقرائي. وبالمناسبة يلاحظ على منهجياتنا المدرسية الرسمية ابتعادها عن توظيف تقنيات التنشيط في مقاطعها وشرائحها ومفاصلها وخطواتها، وفي سبر أوعية المعرفة، وتنحو نحو الموروث المنهجي لمدرسة ما بعد الاستقلال مباشرة. وهو ما يدعو إلى مراجعة اختلالات هذه المدرسة نحو الفضول المعرفي وكل المبادئ الحديثة والمتطورة لمعطى فن التدريس. لذا؛ نجد مطلب ( توجيه هذه المقاربات نحو استهداف التمكن من مختلف المعارف والكفايات اللازمة لكل مستوى دراسي أو تكويني، والحد من الاعتماد على التلقين والشحن، واستثمارها في اتجاه تنمية البناء الذاتي للتعلمات وحفز التفاعل الإيجابي للمتعلمين، وتشجيع المبادرة والابتكار، وفتح العمليات التربوية على الأنشطة العملية والتطبيقية )[44] قائما بحدة؛ بل مطلب ضرورة واستلزام كالركن في الفقه.
ومنه؛ نجد مقولة الفقرة تنطبق على بعض الممارسات الصفية دون البعض الآخر. ومهما يكن؛ فهي تدق ناقوس خطر عدم اعتبار الفضول المعرفي للمتعلم في بناء معرفته وذاته. وتروج لمدخل أساس في التدريس وهو المفتاح لتحفيز المتعلم على الإقبال بنشاط وحيوية وجدية على الدراسة وهو الفضول المعرفي الذي أثبتت جدواه التعليمية والمنهجية الدراسات والبحوث العلمية. كما نبهت إلى أن هناك اعتلال في ثقافتنا نحو الفضول المعرفي، ما يوجب على الثقافات المنغلقة والنافية للفضول المعرفي أن تراجع ذاتها بما يمكنها من المداخل الحقيقية للتدريس. وتبقى حقيقة أن المشهد التعليمي المغربي تجاه الفضول المعرفي يعيش تنوعات ما بين الإيجابية والسلبية تبعا لعوامل مختلفة منها الثقافة والقناعة الشخصية بمهنة التدريس والتكوين الأساس والاستعداد السيكولوجي ورواسب ومستحاثات الثقافة العامة ومخلفات التاريخ المدرسي … مازال يطلب البحث والدراسة.
عود على بدء:
بناء على مقولة الفقرة يمكن إجراء بحث ميداني حول وجهة نظر ثقافة المدرس الشخصية وثقافة المؤسسة التعليمية كبنية نظامية تجاه الفضول المعرفي عند المتعلم حتى نثبت أو ننفي ما صدر عن الفقرة من حكم على ثقافتنا. وحتى نقدم مقترحات للمعالجة والتصحيح أو للتعزيز والاستثمار. وبذلك نفتح من جديد وبصيغة إمبريقية مسألة الفضول المعرفي وحضوره في ثقافتنا ومدرستنا وممارستنا الصفية.
ملاحظة:
بخصوص الاستشهادات الواردة بمراجعها فهي تحقق في التحليل الاستجابة إلى مطلب قراءات المتباري. وهي هنا مذكورة بصفحاتها على أساس أن المتباري اطلع عليها في الاستعداد للمباراة. وهي في ورقة التحرير سترد بقال فلان في كتابه كذا وكذا. وعلى المصحح الرجوع إلى الكتاب لمعرفة مدى صدقية الاستشهاد.
وبالله التوفيق والسداد
عبد العزيز قريش
[1] ذ. خالد مطهر العدواني، الأساس النفسي » السيكولوجي » في بناء المنهج، PDF، ص.: 5.
[2] وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، 2009، ط2، ص.: 72.
[3] د. يوسف قطامي، نمو الطفل المعرفي واللغوي، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2000، ط1، ص.: 352.
[4] د. محمد الأوراغي، اللسانيات النسبية وتعليم اللغة العربية، دار الأمان، الرباط، المغرب، 2010، ط1، ص.: 234.
[5] د. عبد الفتاح أبو معال، تنمية الاستعداد اللغوي عند الأطفال، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1996، ط3، ص.: 20.
[6] د. يوسف قطامي، نمو الطفل المعرفي واللغوي، مرجع سابق، ص.: 359.
[7] د. محمد قرني، ابنك والمدرسة: إرشادات تربوية ونفسية للأم، المركز العربي للنشر والتوزيع، الاسكندرية، مصر، د.ت.، د.ط.، صص.: 6 ـ 7.
[8] د. يوسف قطامي، نمو الطفل المعرفي واللغوي، مرجع سابق، ص.: 336.
[9] انظر موقع الجزيرة نت، دراسة تثبت أن الفضول يقوي الذاكرة، في طب وصحة.
[10] د. فؤاد أبو حطب ود. محمد سيف الدين فهمي، معجم علم النفس والتربية، مجمع اللغة العربية، القاهرة، مصر، 1984، الجزء1، ص.:28.
[11] أنظر تفصيل الموضوع في:
ـ د. نبيل علي، العرب وعصر المعلومات، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1414/1994، العدد184، صص.: 55 ـ 58.
ـ د. نبيل علي، العقل العربي ومجتمع المعرفة، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1430/2009، العدد369، الجزء 1، صص.: 88 ـ 103.
[12] د. عبد اللطيف الفاربي وآخرون، معجم علوم التربية1، سلسلة علوم التربية 9 ـ 10، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 1994، ط1، ص.:49.
[13] د. فؤاد أبو حطب ود. محمد سيف الدين فهمي، مرجع سابق، ص.:28.
[14] نفسه، ص.:28.
[15] للتوسع في مفهوم الذات تنظر أعمال كارل روجرز.
[16] د. حامد عبد السلام زهران، علم النفس النمو: الطفولة والمراهقة، عالم الكتب، القاهرة، مصر، 1982، ط5، ص.:257.
[17] نفسه، ص.:257.
[18] للتوسع ينظر : دنيس كوش، مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، ترجمة: د. منير السعيداني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان، 2007، ط1.
[19] د. نبيل علي، العرب وعصر المعلومات، مرجع سابق، ص.: 281.
[20] د. مصطفى حجازي، ثقافة الطفل العربي بين التغريب والأصالة، المجلس القومي للثقافة العربية، الرباط، المغرب، 1990، ص.:18.
[21] رونيه أوبير، التربية العامة، ترجمة: د. عبد الله عبد الدائم، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 1979، ط4، ص.:796.
[22] نفسه، ص.:797.
[23] د. فؤاد أبو حطب ود. محمد سيف الدين فهمي، معجم علم النفس والتربية، مرجع سابق، ص.:44.
[24] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D8%BA%D8%A8%D8%A9.
[25] د. عبد اللطيف الفاربي وآخرون، معجم علوم التربية1، مرجع سابق، ص.:82.
[26] د. فؤاد أبو حطب ود. محمد سيف الدين فهمي، معجم علم النفس والتربية، مرجع سابق، ص.:85.
[27] المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء: رؤية استراتيجية للإصلاح 2015 ـ 2030، 2015، ص.:83.
[28] د. أحمد شبشوب، مدخل إلى بيداغوجيا المواد: الديداكتيك، مجلة الدراسات النفسية والتربوية، مطبعة النجاح الجديدة، 1992، العدد13، صص.: 65 ـ 94.
[29] د. حامد عبد السلام زهران، علم النفس النمو: الطفولة والمراهقة، مرجع سابق، ص.:217.
[30] د. حامد عبد السلام زهران، علم النفس النمو: الطفولة والمراهقة، مرجع سابق، ص.:219.
[31] نفسه، ص.:219.
[32] المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء: رؤية استراتيجية للإصلاح 2015 ـ 2030، مرجع سابق، ص.:38.
[33] د. يوسف قطامي، نمو الطفل المعرفي واللغوي، مرجع سابق، ص.: 333.
[34] نفسه، ص.: 336.
[35] للتوسع تنظر مصادر علم النفس المعرفي وعلم الأعصاب التطوري المعرفي.
[36] د. يوسف قطامي، نمو الطفل المعرفي واللغوي، مرجع سابق، ص.: 334.
[37] نفسه، ص.: 335.
[38] ذ. جورج شهلا وآخرون، الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية، دار غندور، د.ب.، 1972، ط3، ص.: 115.
[39] ذ. جورج شهلا وآخرون، الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية، مرجع سابق، ص.:44.
[40] نفسه، ص.:44.
[41] المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء: رؤية استراتيجية للإصلاح 2015 ـ 2030، مرجع سابق، ص.:38.
[42] د. عبد الفتاح أبو معال، تنمية الاستعداد اللغوي عند الأطفال، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1996، ط3، صص.: 22 ـ 23.
[43] للتوسع ينظر: ذ. عبد العزيز قريش، القضايا المعرفية والإشكالات الديداكتيكية في المتن التعليمي بين المتعلم ووعي المدرس: نماذج من المدرسة الابتدائية للدرس وللوعي، عالم التربية، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 2014، العدد25، صص.: 259 ـ 314.
[44] المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء: رؤية استراتيجية للإصلاح 2015 ـ 2030، مرجع سابق، ص.:37.
Aucun commentaire