لماذا فشل العرض التعليمي بالمدرسة العمومية؟ مساهمة متواضعة في الدفاع
من المسؤول عن تدهور حالة المدرسة العمومية ؟و ما هي تفسيرات المسؤولين عن القطاع لهذا التدهور؟
وزارة التعليم و التربية الوطنية و القطاعات المرتبطة بها و الفاعلين التربويين بما فيهم أعضاء المجلس الأعلى للتربية و التعليم و الأسر التي تبعث بأبنائها إلى المؤسسات التعليمية بمستوياتها المختلفة (الأساسي و الثانوي و يمكن أن يضاف إليه التعليم الجامعي باعتباره الحلقة الأخيرة لهذا المسلسل و يتأثر بالمراحل السابقة سلبا أو إيجابا)، كلها تشير بإصبع الاتهام إلى المدرسين باعتبارهم المسؤولين المباشرين و الأساسيين في تدهور و ضعف المردودية التعليمية و العرض التعليمي و مستوى التلاميذ.
و يتجلى هزال المنتوج التعليمي في ما تشكو منه المدرسة العمومية من ضعف مستوى التلاميذ في اللغات بما فيها اللغة العربية و الرياضيات و العلوم،إضافة إلى المشاكل الأخرى المرتبطة بالهروب من المدرسة و التغيب و التكرار و مغادرة المدرسة في سن مبكرة (الفتيات في العالم القروي)،و شيوع ظاهرة الكسل و الشروذ و عدم الاهتمام و العدوانية داخل جدران المدرسة و الشغب…الخ…
و لا اعتقد أن المدرسة الخصوصية تتمتع بمناعة من هذا المشكل على اعتبار أنها تخضع للوصاية المباشرة للوزارة المعنية و لمراقبتها و ليس لها إلا هامش من الحرية في التصرف ضئيل مثل الفرنسية التي بعضها يستقطب كتبا من فرنسا في القراءة و التمارين و النحو و الصرف و ما إلى ذلك. و تستقبل تلاميذ لهم قدرات مالية و مادية على شراء الكتب و الأدوات المدرسية الأخرى،و لهم إمكانيات المتابعة من الوالدين و المساعدة البداغوجية و المعرفية.و نسجل أن أكثر الآباء الذين يبعثون بأبنائهم إلى المدارس الخاصة أو الخصوصية، لهم دراية بالقراءة و الكتابة و الحساب، و لهم معرفة(بسيطة أو معمقة) بالطرق التربوية و السيكولوجية ،و لهم اهتمامات بمتابعة الجديد في الميادين العلمية و الثقافية.و غالبا ما يوفرون لأبنائهم الملابس و التغذية (ليس الأكل) و أدوات التنشيط الفكري ،و البيت الخاص و الحاسوب و المراجع،و إخضاع الطفل (ة) لبرنامج عمل أسبوعي منظم يأخذ بعين الاعتبار العمل و الاستراحة و الاستجمام و الرياضة لوعي هذه الأسر(معظمها) بضرورة تنوع الأنشطة البدنية و النفسية و الفكرية و لوعيها أن « العقل السليم في الجسم السليم » … إضافة إلى ذلك إن البعض من المدارس الخصوصية التي تبحث عن السمعة و المكانة ترفض استقبال التلاميذ الذين لا يستطيعون أن يحققوا تطورا ذهنيا سريعا في العمليات التعليمية و تطرد المشاغبين و المهملين و لا يبقى في الأقسام إلا العناصر الجيدة التي تحقق نتائج( و يعتبر هذا رصيدا تتفاخر به المدرسة الخاصة)…
كل هذا لا يتوفر في المدرسة العمومية (الأساسي و الثانوي)… و من هذه النقطة بالذات يلاحظ تفوق تلاميذ المدارس الخصوصية على تلاميذ المدارس العمومية،ذات الاستقطاب المفتوح و من مستويات اجتماعية مختلفة(بؤساء – فقراء- مساكين- موظفون –تجار صغار و متوسطون –أبناء فلاحين، أميون- متعلمون- مثقفون-اسر مفككة- مستقرة- تعيش مشاكل- ….الخ).
إن المشاكل التي تتخبط فيها المدرسة العمومية بمكوناتها المختلفة من الإدارة إلى جهاز المراقبة إلى الهيئة التعليمية إلى التلاميذ و آباء التلاميذ،جعلت ترتيبها في أسفل السلم حتى بالنسبة لبعض البلدان الحديثة الاستقلال آو بعض البلدان تحت الاحتلال(فلسطين مثلا). و المؤشرات المعتمدة في المقارنة و الترتيب هي مستوى تعلم اللغات الحية و المهارة في الرياضيات و العلوم.
ملاحظة إضافية:
)( في دراسة قام بها المرحوم الدكتور لخضر غزال المدير السابق لمعهد الدراسات و الأبحاث للتعريب ( 1918- 31نونبر 2008) و الذي كان له الفضل في الإشراف على إنتاج أول معجم موحد لبلدان المغرب العربي في المصطلحات العلمية في مجالات الفيزياء و الكيمياء و الطب أطلق عليه اسم (المعجم الموحد)،كما ساهم في ابتكار أول طابعة للرقن باللغة العربية و جعل الحاسوب يتعامل بالحرف العربي بتعاون مع مؤسسات علمية دولية من كندا و الولايات المتحدة الأمريكية. الدراسة كانت بحثا مقارنا بين ما يعرفه الطفل المغربي و الطفل الفرنسي(مقارنة أطفال 7 سنوات أي عند الدخول المدرسي الطبيعي:أي مرحلة الطفولة المتوسطة) في أسماء الحيوانات و النباتات و الأشجار،فوجد آن الطفل المغربي لا يعرف إلا 30 % مما يعرفه الطفل الفرنسي في نفس العمر (المقارنة انصبت على الكتاب المدرسي هنا وهناك).و كلما تحولنا إلى الأعمار اللاحقة زاد الفارق…
يتبع إن شاء الله.
انجاز :نورالدين صايم
2 Comments
اشكرك السيد قدوري على المتابعة للمحطات الاجتماعية منها (احتفال المدرسة باليوم العالمي للمدرس) و نشر المقالات في الموضوع، و التي تتزامن مع الحدث.لكم كل التوفيق في المهام التي حرصتم باصرار على تحملها على عاتقكم بصبر و جلد و اصرار و روح وطنية
شكرا السيد قدوري على اختياراتك للمواضيع و على سهرك من اجل اغناء الجريدة.كل التوفيق ان شاء الله