بين الجهل المقدس والجهل المؤسس
بين الجهل المقدس والجهل المؤسس
بقلم : ذ. عبد الفتاح عزاوي
تعــود تسمـية » الجهل المقدس » إلى الكاتب الفرنسي الشهير أوليفيه روا الذي حدد تجلياته في مانشهده من غسيل للأدمغة، عبر تمريرالخطاب الديني مباشرة دون توسط المعرفة والثقافة . وفي رغبة المرء الوصول إلى الحقائق الدينية دون تعمق وإعمال للعقل والوقوف على ظاهر الأشياء. كما أن هذا المفهوم بلغ مداه بتحوله إلى شك وارتياب في المعرفة الدينية ،وهذا الشك لاعلاقة له بالشك المنهجي المرتبط بالتفكير العقلاني ،إذ أصبح كل من هب ودب يحلل ويحرم وفق هواه ،ولعل الحاضنة الفكرية /الاجتماعية الكبيرة التي يحضى بها الإرهاب ،خير دليل على ذلك .
وفي المقابل ، يتحدث الدكتور محمد أركون عن مفهوم »الجهل المؤسس » المرتبط بالنظام التربوي العقيم في المدارس والجامعات العربية ، الذي ساهمت مناهجه و برامجه في تغييب العقل وإنتاج منظومة قيم هدامة كالتطرف والتعصب والانحراف . مما زاد من تعميق مأساتنا ولم نتمكن من مواجهة مشكلاتنا الداخلية ،ولا من مواجهة التحديات الخارجية التي فرضت علينا طوقاً من الحصار المعرفي، وذهبت كل محاولات الإصلاح في التعليم أدراج الرياح.
اليوم ، وفي ظل تشويه قيم الإسلام النبيلة وتصدير الفكر المنحرف والإضرار بعقيدة الأمة ، أصبح الجميع بين فكي كماشة الجهل المقدس والجهل المؤسس ،ماينذر باستمرارتنامي روح الكراهية بين أفراد المجتمع واتساع مخاطر التشرذم والانقسام .
إننا نجتاز مرحلة عصيبة ،انفجر فيها ماكان مضطرما تحت الرماد ،فتحول واقعنا العربي إلى حلبة صراع ، تضم مزيجا من القتلة والمقتولين ،وسقطنا في براثن الغرائزية الأولى. فـــأي قدر ساقنا إلى مانحن فيه ؟وكيف السبيل إلى محاربة كافة أشكال التجهيل ؟.
إن الجواب على هذه التساؤلات المطروحة يتطلب منا ضرورة الانبعاث من جديد والتصدي الفاعل لكل من يعيق إعادة بناء الإنسان ،عبر رد الاعتبار للفكر العقلاني والاغتراف من الينابيع الصافية لمخزوننا الثقافي والتراثي والديني. فهل يستفيق بني يعرب من سباتهم ،أم أنه لاحياة لمن تنادي ؟.
fattahazz@yahoo.fr
Aucun commentaire