مصاحبة أطر الإدارة التربوية الجدد بين الضوابط التنظيمية ومزاجية بعض القائمين على الشأن التربوي
مصاحبة أطر الإدارة التربوية الجدد بين الضوابط التنظيمية
ومزاجية بعض القائمين على الشأن التربوي
بقلم : ذ.عبد المجيد البوغي
تحتل الإدارة التربوية ( مدير ، ناظر ، حارس عام ، رئيس الأشغال ) باعتبارها قيادة إجرائية ،مكانة حساسة داخل المنظومة التربوية الى جانب باقي القيادات الثلاث : الإستراتيجية ، التنفيذية ، والتقويمية .واعتبارا لمكانة هذه القيادة وموقعها ضمن تسلسل القيادات الأربع فان المشرع خصها بمقتضيات تنظيمية وازنة و دقيقة ، إن على مستوى الإسناد و التأطير ( القرار الوزاري رقم 05/1849 الصادر بتاريخ 8 غشت 2005) أو الاختصاصات والمهام ( المرسوم رقم 376.2.02 الصادر بتاريخ 17 يوليو 2002) . هذا بالإضافة إلى كون جسامة المسؤولية الملقاة على عاتق هذه الفئة من الاسرة التعليمية للنهوض بالقطاع ،بدأت تفرض على المشرع تطوير الميكانيزمات التنظيمية والتأطيرية لتأهيل أطر الادارة التربوية للانخراط بشكل أكثر فعالية و نجاعة في القادم من مشاريع الاصلاح . وفي هذا الصدد تم إحداث سلك خاص بتكوين أطر الادارة التربوية ببعض المراكز الجهوية للتربية و التكوين و فتحه عند مستهل الموسم الدراسي الحالي ، كما تم تنقيح المذكرة الاطار المنظمة لانتقاء مديري المؤسسات التعليمية الجدد برسم الموسم الدراسي القادم . وسنقف من خلال هذه المقالة عند عملية مصاحبة أطر الادارة التربوية الممارسين تحت التمرين انطلاقا من القرار الوزاري رقم 05/1849 و المذكرة رقم 131/14 المؤطرين لها من خلال البعدين التاطيري و التشريعي للعملية. و إذا كانت المناسبة شرطا كما يقول الفقهاء ، فالشرط عندنا يؤثثه قرار فجائي أقدم عليه المكلف بتدبير النيابة الإقليمية – تاوريرت – و القاضي ببتر عضوية مفتش المصالح المادية و المالية من الفريق الاقليمي للمصاحبة الميدانية كما سنوضح لاحقا.
في الشق التأطيري : ترمي عملية المصاحبة الى مرافقة أطر الادارة التربوية الجدد الممارسين تحت التمرين طيلة الموسم الدراسي عبر محطات تبرمجها النيابة الاقليمية بجدولة زمنية مضبوطة ، على أن يتولى فريق مكون من المفتشين و أطر الادارة التربوية المتمرسين و المراكمين لتجربة تدبيرية ، تنفيذ العملية عبر تنظيم زيارات ميدانية للأطر المتمرنة بمقرات عملها و الوقوف على ما يلي : مدى استيعاب هؤلاء لمضامين المصوغات النظرية التي تلقوها عبر سلسلة الحلقات التكوينية النظرية بمراكز التكوين جهويا وسبل تنزيلها على أرض الواقع ،عبر ترجمتها إلى قرارات ميدانية. مدى تمكن المتمرنين من الكفايات التدبيرية الضرورية لمجال التدبير التربوي ، الإداري والمالي . رصد الأخطاء و الهفوات التي قد تشوب عملهم مع الحرص على توجيههم لتصحيحها وتداركها مستقبلا . تمكينهم من الترسانة التشريعية المنظمة لمهامهم تقنيا ، مسطريا و وثائقيا . هذا بالإضافة الى تنظيم زيارات ميدانية لهؤلاء الأطر لمصالح الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين أو مصالحها الإقليمية ، مع تنظيم عروض و لقاءات من طرف الفريق الاقليمي لفائدة المستفيدين من التكوين في مواضيع مرتبطة بمستجدات نظام التربية و التكوين . لتنتهي عملية التكوين الميداني التي تستغرق 5 اسابيع موزعة على السنة الدراسية بزيارة تقويمية لكل مستفيد على حدة وإعداد تقرير مفصل من لدن الفريق الاقليمي عن الأنشطة الميدانية للمصاحب ( بفتح الحاء ) و منحه نقطة عددية تتراوح بين 0 و 20 ، و ترفع النتائج المحصل عليها في التكوين الميداني الى رئيس لجنة التقويم النهائي تحت إشراف مدير الاكاديمية الجهوية للتربية و التكوين المعنية . مع الاشارة الى أن هذه النتائج تنضاف إلى النتائج المحصل عليها في إطار التكوين الذاتي من خلال تقرير مفصل يعده المستفيد و ينقط بدور بنقطة عددية من 0 الى 20 و معدل النقط المحصل عليها خلال دورات التكوين النظري الستة و ذلك استنادا الى الفقرة 4 من المذكرة رقم 131/14.
في الشق التشريعي والمسطري : تولى القرار الوزاري رقم 05/1849 الصادر في 2 رجب 1426 الموافق 8 غشت 2005 و المذكرة الوزارية رقم 131/14 بتاريخ 26.9.2014 المتممة والمنزلة له ، تاطير عملية المصاحبة الميدانية ، إن على مستوى تشكيلة الفريق و اختصاصاته اواهداف و مرامي التكوين وطرق تدبيره في سياق تكوين يتكامل فيه الشق النظري بالميداني والذاتي. في هذا الاطار افرد المشرع المواد 3 و 4 من القرار الوزاري اعلاه و الفقرة الثانية من المذكرة المنزلة له لتشكيلة فريق المصاحبة وطريقة اشتغاله و تنظيم عمله ، اذ اشترطت المادة الرابعة عضوية كل من : أستاذ باحث أو أستاذ ينتمي الى هيأة التدريس و يعمل بإحدى المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين مفتش تربوي للتعليم الابتدائي أو الثانوي الاعدادي أو الثانوي التاهيلي حسب الاطار الذي ينتمي إليه المستفيد من التكوين . مفتش في التخطيط التربوي او مستشار في التخطيط التربوي من الدرجة الاولى. مفتش في التوجيه التربوي او مستشار في التوجيه التربوي من الدرجة الاولى . مفتش المصالح المادية و المالية او ممون من الدرجة الاولى . مدير مؤسسة للتربية و التعليم. مشرف على التكوين ذي تجربة في مجال الادارة التربوية لا تقل عن أربع سنوات يتولى ارشاد و توجيه و مساعدة المستفيد من التكوين على الاداء اليومي للمهام المنوطة به وذلك حسب البرنامج المحدد من لدن الفريق الاقليمي للمصاحبة الميدانية . هذا ويقوم مدير الاكاديمية الجهوية للتربية و التكوين بتعيين الفريق بمقتضى الفقرة الاخيرة من المادة 4 المشار اليها اعلاه.
انطلاقا من تشكيلة الفريق نستنتج أن المشرع راعى تعدد و تنوع الاختصاصات عند تنصيصه على مسطرة التنصيب بهدف مسايرة تنوع محاور التكوين و توزعها بين ما هو تربوي، إداري ، مادي و مالي . و بالتالي يبقى حضور جميع مكونات الفريق من بداية فترة التكوين الى نهايتها ملزمة و ضرورية لا اختيارية خاصة و أن العملية تتوج بقرار الاقرار في المنصب او عدمه و الذي يستند بدوره الى نقطة عددية من 0 الى 20 يمنحها أعضاء الفريق بشكل متضامن للمستفيد من التكوين بمعامل 3 من أصل 8 حسب المادة الثامنة من القرار الوزاري رقم 05/1849.
عودة و بنقاش قانوني و مسطري هادئ لما أقدم عليه المكلف بتدبير النيابة الإقليمية – تاوريرت – : انتظر المسؤول عن تدبير النيابة الإقليمية المحطة الرابعة من سلسلة حلقات التكوين الميداني لأطر الادارة التربوية الجدد بالإقليم لإقصاء مفتش المصالح المادية و المالية من مواصلة عمله الى جانب زملائه في الفريق بعدم استدعائه رسميا لحضور لقاء 14 ابريل 2015 و هي اخر محطة قبل شروع الفريق في تنظيم زيارات تقويمية تهدف الى تنقيط المستفيدين من التكوين بهدف الاقرار في المنصب .
ملاحظات حول قرار ضمني:
1- عدم استدعاء مفتش المصالح المادية و المالية رسميا رغم اتصاله بمصالح النيابة الاقليمية و تذكيرها بذلك ، يعتبر قرارا ضمنيا بإبعاده من الفريق.
2- عدم إشعار المعني بالأمر كتابة او شفويا على الأقل بموضوع القرار يعتبر خرقا مسطريا خطيرا في التقاليد و الأعراف الادارية .
3- عدم إشعار منسق الفريق و من تم باقي اعضائه بالأمر يعتبر احتقارا للفريق ككل و تحقيرا لأشغاله .
4- هل القرار اجتهاد شخصي للمكلف بتدبير النيابة أم هناك تنسيق مع السيد مدير الاكاديمية الجهوية للتربية و التكوين – وجدة – و في جميع الحالات وجب احترام مبدأي الاختصاص و تطابق و تقابل القرارات المعمول بهما في القانون الإداري.
5- عدم تبرير القرار و تعليله و تبليغ المعني بالأمر بذلك أو على الأقل إحاطة منسق الفريق بحيثيات الموضوع يعتبر تجاوزا خطيرا لمبدأ الشرعية باعتباره احدى دعامات القرار الاداري .
6- من سيتولى تقييم الاطر الادارية المتمرنة في مجال التدبير المادي و المالي بحكم تخصص المقصي من الفريق من جهة ، وإشرافه طيلة الموسم الدراسي على تأطير المستفيدين من التدريب ميدانيا في هذا المجال من جهة أخرى .
لندفع بمنطق النقاش إلى مداه و نتساءل عن أية مصداقية لعمل فريق بدأ اشغاله متكاملا و أنها مبتورا على مستوى عضوية أحد مكوناته من دون مبرر شكلا و مضمونا . وأي شرعية لما سيفيض عنه من قرارات حاسمة و راسمة لمستقبل أطر تسند لها مهام أجراة السياسة التعليمية على أرض الواقع و قيادة المنظومة ميدانيا . أسئلة محرجة و كل سؤال يفضي بنا الى حزمة أسئلة أخرى أكثر احراجا . لكن المشكل في تقديري الشخصي المتواضع و كمتتبع للشأن التعليمي على الاقل في شقه الاداري لاينحصر في هكذا قرار متسرع لا يخلو من ارتجالية و عدم تقدير عواقبه ، فالأمر لا يعدو اكثر من عارض يزاحم جملة اعراض مرض خطير ينخر المنظومة و يسائلها على مستوى القيادة الاستراتيجية . فكيف يعقل مثلا أن تترك المنظومة التربوية على مستوى القيادة التنفيذية (نيابة أو أكاديمية ) تائهة تعيش على إيقاع التكليف الذي قد يتجاوز موسم دراسي بكامله أحيانا. مما يفضي بالقطاع إقليميا أو جهويا إلى متاهات أخرى قد تزيد من تعميق جراح المدرسة العمومية المعطوبة أصلا . إنه وجه اخر من أوجه أزمة المنظومة التعليمية المتشعبة والله أعلم .
bouri.majid@yahoo.com
Aucun commentaire