Home»Correspondants»الوالي زينب العدوي وأثر القوة الناعمة‎

الوالي زينب العدوي وأثر القوة الناعمة‎

1
Shares
PinterestGoogle+

القنيطرة، يا من لا يعرفها ،  فهي حاضرة الغرب وكبرى مدن الجهة، استطاعت أن تراكم عبر سنين وضعها الإستقطابي جغرافيا وثقافيا وبيئيا مؤهلات كثيرة، وهي الداخلة مبكرا إلى منظومة الحداثة بإيقاعها الغربي عبر تواجد القاعدة الأمريكية في بداية القرن العشرين. لكن سرعان ما زحفت عليها عوامل البداوة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. تناسلت فيها الآفات الإجتماعية الناتجة عن الهشاشة وسوء التدبير،بالموازاة مع المقاربات الأمنية ونظيراتها التنموية التي دشنها المسؤولون المحليون. لكن في كل مرة كان يثبت،عند التقييم، عجز هذه المقاربات عن الوفاء بالمطلوب، والمطلوب هو ببساطة، تأمين شروط حياة مدنية تليق بالمواطن القنيطري الحريص دوما على كل ما هو راق . لا ندري لماذا لم تتزحزح المدينة كثيرا عن موقعها في سلم التنمية، رغم مرور كل هذه السنوات وتعاقب مسؤولين شتى على الشأن المحلي فيها، وهم الواردون عليها من مختلف المصادر والتوجهات. هل هناك تقاعس من طبيعة ما في التدبير، أو عجز مرحلي تبرره الدورة الإقتصادية المتعثرة ؟ أم هناك تواطؤ مستحكم للفساد في جميع مستوياته مع نظام الإمتيازات بشكل يرهن الأغلبية للعيش في شروط متدنية، في مدينة مفتوحة على امتيازات لا حصر لها ؟
إن مناسبة هذه التساؤلات المشروعة هو ما نشهد عليه في الآونة الأخيرة من تغير لا تخطئه العين في وثيرة التعاطي مع الشأن العام ومع الملفات الشائكة والمعلقة، مباشرة بعد تعيين الوالي الجديد السيدة زينب العدوي. هذه المرأة ذات العزم والقوة الناعمة دخلت على مدينة، كسائر المدن الناشئة، تعاني من هشاشة البنيات الحديثة في هوامش الفقر التي تسيجها، ومن رداءة في بعض الخدمات الموجهة للعموم واهتراء جزئي أو كلي لبعض البنيات التحتية، فضلا عن اختلالات في تدبير بعض المرافق العمومية. هذه أمور تنشأ وتترعرع في كنف ضعف المحاسبة، وتتأصل في سلوك بعض المسؤولين كمكسب لا محيد عنه. لذا فمن حسن الطالع أن نستبشر بقدوم أول مسؤولة ترابية تململت المدينة في عهدها ودشنت انطلاقة جديدة في سائر المجالات.
لا يجوز أن يفهم من الكلام الأخير تعمدا للإطراء أو التزلف، لإستخدامهما وسيلة لنشر الأفكار وإثبات الآراء، فإني في جميع الأحوال، لست في موقف الحاجة أو استجداء التقرب و المنفعة. إنما هنالك دافعين إثنين للإقرار بهذه الشهادة في حق هذه المسؤولة المتربعة على هرم السلطة في الجهة. الأول هو اليأس من محاولات تنفيذ مشاريع التنمية في المدينة وتعثر بعضها، مع استحالة تجسيد منافعها بشكل مدروس يمس واقع المواطن القنيطري ويحفز درجة الرضا عنده. أما الثاني فإننا نرى فيه أنه من غير المنصف تجاهل ما تقوم به السيدة الوالي من مجهودات متواصلة في الزمان والمكان، عبر حزمة من المشاريع والملفات التي أقدمت على مباشرة معالجتها محليا وجهويا، فور تعيينها على رأس الولاية. ولانحتاج إلى تعداد المشاريع المتعثرة التي أفلحت السيدة الوالي في إعادة وضعها على سكة التنفيذ من جديد، بما يفيد أن أسلوب عملها ناجع وواقعي، وجل تدخلاتها ميدانية وليست مكتبية فقط. وأنا  شخصيا ممن يحبذون أن يتولى العنصر النسوي مناصب المسؤولية في هذا المستوى من التنفيذ ؛أولا لأن المرأة هي أقل عرضة للإبتزاز والإغراء المادي الذي تستدعيه الأبهة الزائدة عند نظيرها الرجل،الأمر الي يقلل من حظوظ المفسدين الذين يسعون إلى التقرب من السلطة لنيل رضاها مقابل سكوتها عن فرض قانون لعبتهم. وثانيا أن عمل المرأة  يتميز بالإنضباط والإصرار على تحقيق الهدف والتفاعل مع الحالات المختلفة.
لذا أصبح من الضروري الإشادة بالعديد من المبادرات الخلاقة التي أطلقتها السيدة الوالي في إطار واجبها. فقد يئسنا من لعن الظلام وسئمنا من ترديد شعارات اليأس وتوابعه . من قال إن التنمية والإصلاح مستحيلين في بلدنا ؟ ها هي التجربة الجديدة تثبت العكس، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أو التخمين أن الحياة والذوق العام ،بهذه الجهة وغيرها، قابل للتطور نحو الأفضل؛ شريطة محاصرة الفساد والحرص على ديمومة اليقظة،حتى لا تتحول المقاربات العلاجية والتصحيحية الجارية إلى مجرد تدخلات موسمية يزول مفعولها مع انتهاء فرحة تدشينها.

                                                 محمد اقباش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *