تجديد الرؤية اللغوية من منظورنظرية كراشن ـ الجزء 6
تجديد الرؤية اللغوية من منظورنظرية كراشن:
نحو درس لغوي عربي حديث بمقاربات متعددة
– جزء6 –
4- المقاربة اللغوية :
تتجسد مقاربة كراشن في الجهاز المنظم عمليا، في المقاربة اللغوية ، المحكومة بالسياق الاجتماعي للاكتساب، وبالحمام اللغوي للانغماس، وبتلبية حاجات المتعلم النفسية والمعرفية لتفعيل القدرة التواصلية، التي تستدعي حسب نموذج « ديك » 1989 خمس طاقات هي:
الطاقة المعرفية ،المنظمة للمعلومة والمخزنة لها ،والطاقة المنطقية ، التي تساعد على استنتاج معلومات جديدة من معلومات معطاة ، والطاقة الإدراكية، التي تيسر عملية إدراك المحيط واكتساب المدركات واستعمالها ، والطاقة الاجتماعية ، التي تراعي الأوضاع الاجتماعية للمتكلم والمخاطب أثناء التواصل، والطاقة اللغوية ،المسؤولة عن إنتاج العبارة اللغوية وتفسيرها ،وأضاف اللساني المغربي عزالدين البوشيخي، الطاقة التخيلية لنسج صور افتراضية وبناء وقائع متخيلة، تحقق أهداف التواصل (15). هذا وتمر هذه المقاربة بثلاث مراحل:
1- مرحلة الاستقبال:
وتكون بتجزيئ المدخلات بحسب أفهام ومستويات المتعلمين، وتفكيك عناصر اللغة إلى أصوات ومفردات ،وعبارات وتراكيب وقواعد نحوية أو صرفية ،عن طريق تشغيل مرن بحسب الأولويات لمهارات اللغة الأساسية ، من الاستماع ،والمحادثة ،و القراءة ،و الكتابة.
2- مرحلة الإنتاج:
وتتحقق بالتوسع في فكرة مسموعة أو مقروءة أو مصورة ،يتم فيها تشغيل النظام اللغوي المكتسب بشكل عفوي، أوالنظام اللغوي المتعلم بطريقة واعية ،واستعمال المحصل من الأبنية اللغوية الجاهزة، والمتلازمات اللفظية والعبارات الاصطلاحية، ونمط الجمل والتراكيب الأصلية .
3- مرحلة التطبيق:
وتدرك بالتمييز بين الظاهرة المدروسة أو التركيب أو الأسلوب ومشابهاتها ومضاداتها في إطار الوعي بها ،على طريق صقل مهارة الانتباه الواعي والانتقاء المبرمج ،والتمهير على المنهج اللساني
السمعي، المرتكز على علم الأصوات كإطار مرجعي منفتح، على
معجم يتضمن وحدات معجمية لاحصر لها للغة في تاريخها وتطورها القاموسي، وعلى قوائم محصورة مرتبة ألفبائيا أو موضوعيا مشروحة ، محيلة على مدونات لغوية نصية تحتوي على مفردات مستعملة.
4- مراحل بناء المهمة:
يعتمد الدرس اللغوي لستيفن كراشن على سيرورة مندمجة ، تحقق « إثنوغرافيا التواصل »، التي دعا إليها » أوستن » و »سيرل » و » هايمر » و »جمبرز » ،من خلال ترسيخ مكونات العملية التواصلية:
أ- الظرف :
وهوالإطار الزماني والمكاني ، الذي يتم فيه التواصل.
ب- الحدث:
وهو الموقف المختزل للوقائع اللغوية، بعد تحديد نوعه: حوار، وصف ، إخبار، استدلال…،وموضوعه : طفولة ،بيئة… ،ووظيفته أي الغرض من استعماله ،وصناعه أي الشخوص الذين ينهضون بأدواره ،وصيغه مثل كلام محكي أو كلام مكتوب، ومحتوى الرسالة اللغوية المبثوثة للمتلقي التي توحي بها المعاني والأفكار والأحاسيس، وتؤشر عليها حلقات السلسلة الكلامية ،المتضمنة للأقوال وأدوارالشخوص، ومقاطعات بعضهم البعض، في إطار من التفاعل القواعدي، الذي يأخذ بعين الاعتبار مستوى العمر والجنس، والعلاقة في عملية التفسير والتحليل، للأحداث، والأقوال ،والأوصاف (16).
ج- الفعل:
ويتضمن الإنجاز الكلامي الكتابي أو الشفوي، في إطار البحث عن الارتباطات بين الفعل والفكرة ، أوالقول، أوالحوار، أوالوصف ،أوالاستدلال ، عن طريق الاقتران والتشابه والتضاد، والسببية والتتابع المرتكز ،على عوامل الاستعداد وظروف التعلم، المؤدي إلى تدريب المتعلم ،وتعديل سلوكه، وتحقيق الأثر الذي ينقل الارتباط إلى موقف جديد، كما يحث على ذلك » ثورندايك » .
هذا وتمر « المهمة » عند كراشن ، بعدة مراحل منها:
1- ماقبل التخطيط:
أين تصمم وتعرض السيناريوهات اللغوية والديداكتيكية، وأشكال المواقف التواصلية ،داخل ثلاثة أطرزمنية : زمن الاكتساب العفوي والانغماس، وزمن التحفيز والأداء اللاواعي والإعداد للدقة ، وزمن الإنجاز الواعي والطلاقة ، ثم تتوج بالانتقاء الملائم من هذه السيناريوهات، بحسب صنف التعثرات ، ومتن الحاجات المستهدفة .
2- التصميم:
يتم التخطيط للدرس اللغوي وفق سيرورة لغوية ومتوالية ديداكتيكية ،ترتهن لنموذج لغوي إرشادي لكراشن ، نص عليها دليل العربية للدكتور خالد حسين أبوعمشة الأردن 2019 :
التمشيات | ردود فعله | أنشطة المتعلم | المراحل |
– استكشاف. – استنباط. -قياس. -قص،صور،تصنيف،تنبؤ | ماهذا ؟ – أعرف هذا . – لاأعرف هذا. | – يرى يسمع مدخلات | 1- المواجهة |
– التحقق من الفهم. – توظيف الحركة الجسدية. – التمييز اللغوي. – الألعاب اللغوية. | ماذا تعني؟ -كيف أفعل هذا ؟ – مالفرق بين هذا وذاك ؟ – هل هذا صحيح؟
| – يميز بين المعاني والمعارف والمهارات… | 2- الشرح والتوضيح |
التمهير على الاسترجاع. – ترتيب الكلمات والجمل. – الوصل. – القراءة الأدائية. – رصد الفجوة المعلوماتية. – إتقان لعب الأدوار. – إحكام القص. | – ماذا تذكرت ؟ – ماذا فهمت ؟ – أربط المتذكر فيه بحياتي. | – ينقل المعارف والمهارات من الذاكرة القريبة إلى الذاكرة البعيدة. – دمج المعرفة في الحياة واستخدامها في سياقات جديدة مع ربطها بتجارب سابقة حبلى بالصور والأصوات والمشاعر. | 3- التذكر وشخصية المتعلم |
– الجدل. – التقديم. – المناقشة. – ألعاب التخمين. – لعب الأدوار. – فجوة المعلومة. | – طريقة آلية أو طبيعية. – معرفة العالم الخارجي. – التفكير غير الواعي والتفكير الواعي. | – استعمال اللغة المكتسبة في التوصيل . – الاستعمال الموازي للغة في سياقات جديدة. | 4- استحدام اللغة بطلاقة |
3- التنفيذ:
يتم عرض نص حواري أوقصصي، أو تقديم معطىيات مرئية أو مسموعة ، ومحاورتهما على شكل محادثة ،في اتجاه شرح المفردات، وتحقيق الفهم الأولي، ثم صياغة الحدث اللغوي وتحديد النمط الكتابي ،الذي يستضمر الظاهرة اللغوية المستهدفة ،فيستدرج انتباه المتعلم إليها ؛لرفع سقف إقداراته في افق الوعي اللغوي بالظاهرة أو التركيب أوالأسلوب، والتواصل باللغة لاستيعاب ثقافتها وانعكاساتها على الحياة الفردية والجماعية ،على طريق إجراء الروابط بين اللغة ومتعلقاتها ،بواسطة مقارنات ثقافية ولغوية تفضي إلى الاندماج في مجتمع اللغة المتعلمة، المتسم بالتنوع والتعدد، وتتوسل تجاوز تعقيد النص اللغوي؛ بسبب نقص خلفية الموضوع وسيادة المفاهيم الغائبة، أو نظرا لتداخل التراكيب ،أو وجود المشترك اللفظي، أوقوة السبك أومتانة الصياغة، بواسطة استراتيجية السؤال ،وتبني القراءة المنهجية : المسح ، الافتراض، تقديم الأجوبة عن الأسئلة المطروحة ،المناقشة ، التقييم، والنقد، واستراتيجية تيسير التلقي وتذليل التطبيق واٌلإقدار على الإنتاج: من أدرس؟ ماذا أدرس ؟ كيف أدرس؟ هل فهم المتمدرسون؟
4- التعزيز:
يتعرض المتعلم خلال السيرورة اللغوية لقلق؛ جراء التعقيد اللغوي والتخوف من عدم الفهم، فيصبح حالة نفسية تحت الضغط الذهني والنفسي والاجتماعي ، تحتاج إلى الراشح الانفعالي؛ لاستثارة رغبة التعلم ،وإيقاظ الشعور بحب اللغة ،عن طريق تحسيسه بالحاجة إلى الاكتساب والتعلم؛ لاستكمال التكوين وبناء الشخصية ، وتذليل الصعوبات لرد الاعتبار لثقته في لغته ، وإبعاد تخوفاته، بواسطة تذكيره بأهمية العائق المعرفي، على اعتبار أن الخطأ حسب باشلار هو: » نقطة بداية المعرفة الجديدة »،وبواسطة مصاحبات التعلم كمايرى « هكتر » كالتغذية اللغوية الراجعة، الإيجابية المحفزة، لا السلبية المثبطة(17) ، مع تنويع أساليب التدريس القائم على المشروع، والمرتكز على المهام، والتدريس التفاعلي، والتدريس المعكوس، وتعداد المدخلات:كالمدخل التكاملي، والوظيفي ،والمهاري ،والانتقائي…لبناء السيرورة اللغوية عن طريق:
5- الامتداد والاستثمار:
تخضع السيرورة اللغوية في تعليمية كراشن، بعد بنائها على النحو التالي:
مدخل يمثل مستوى أول يتضمن المستوى اللغوي الفعلي مضافا إليه المستوى الثاني، المتشكل من مدخلات مفهومة مصحوبة بتحدي، تساوي الكفاءة اللغوية المنشودة، حيث يتم تصفيتها براشح عاطفي؛ لتخطي الحاجز الطبيعي المعيق لتشغيل جهازالاكتساب لدى شومسكي ؛ ولتبديد المخاوف بفضل مراقب التعلم للمخرجات من الاكتساب المنجز، من خلال تصحيح الخطأ بعد تصنيفه، في إطار مقاربة التعليم الإتقاني، إلى خطا معيق لفهم الرسالة ،وخطا مؤثر على مستقبل الرسالة ،وخطا ثابت ومتكرر عند مرسل الرسالة، كالخطأ السهوي، وخطأ اللامبالاة، والخطا الحقيقي، وخطأ الحذف، وخطأ الإضافة، وخطأ الإبدال،وخطأ
الترتيب ، في أفق تفسيرالتداخلات بين اللغة الأم واللغة الثانية،
والتداخلات الداخلية بين الصيغ والمواقف التعلمية والتواصلية، دون إغفال التطابقات بين اللغتين الأم والثانية؛ للتركيز على الاستراتيجيات المتشابهة « (18).
هذا وإن التراكيب اللغوية المتشابهة بين اللغتين يتم تعلمها بسهولة في إطار النقل الإيجابي، أما الصيغ المختلفة فتشكل عقبة معرفية ،وتتسبب في الأخطاء نتيجة النقل السلبي (19) ، وأخيرا تحسين المخرجات عبر قناة الكفايات .
آخذين بعين الاعتبار ما ذهب إليه « لادو، »من أن اكتساب اللغة الثانية يتحدد بفعل الأنماط الصوتية واللغوية؛ لذا نلجأ إلى تحليل الأخطاء
بعد فك شفرات الترميز،حسب تصنيفات مشهورة من قبيل :
تصنيف داقنيوس 1996، للغة الأنجليزية ،أو تصنيف قرانجر 2003، للغة الفرنسية ،وفق نموذج : (مجال الخطأ – الفئة الفرعية للخطأ – نوع الكلمة).
من هنا تخضع السيرورة اللغوية إلى عمليات توسيع المدخلات
اللغوية، بضخ المدخلات المفهومة في كيفيات التقديم؛ للبحث عن التكامل الذي يؤدي إلى مخرجات معجمية ونصية ،تستضمر مخرجات لغوية، تتسم بالفهم والإتقان، والتحكم في الأداءات الدنيا والعليا.
Aucun commentaire