من كثر لغطه كثر غلطه: الأخطاء اللغوية في مقالات محمد شركي مفتش اللغة العربية
من كثر لغطه كثر غلطه:
الأخطاء اللغوية في مقالات محمد شركي مفتش اللغة العربية
محمد غربي
عُدْتُ إلى خمسة مقالات فقط من بين المئات لمحمد شركي، مفتش اللغة العربية بنيابة جرادة، نُشِرَتْ سابقا في موقع وجدة سيتي، من أجل استخراج نماذج من الأخطاء اللغوية التي وقع فيها. ولقد اقتصرت على بعض منها لأنها كثيرة، إذ الهدف ليس هو عد أخطاء السيد المفتش وجمعها، وإنما محاولة لفت انتباهه إلى ضرورة التحلي بقدر من المسؤولية والدقة أثناء الكتابة.
هكذا ارتأيت أن أدرج في هذا المقال العبارات والجمل التي عرفت اختلالات لغوية ضمن السياقات التي وردت فيها. بعد ذلك قمت باستخراج الأخطاء، فصوبتها تعميما للفائدة.
ومن هذا المنطلق، نجد محمد شركي في مقاله المعنون « عندما تغيب الرغبة الجادة في الدراسة يكون البديل عنها هو العبث الذي يصل حد الإجرام »(وجدة سيتي بتاريخ 28 فبراير 2013) يقول ما يلي: »هاجم تلميذ من مستوى البكالوريا بعض التلاميذ والتلميذات بمادة الحمض الحارقة، وأصاب منهم ستة تلاميذ، اثنان منهم تأثروا بحروق على مستوى الوجه ». يوجد الخطأ في العبارة التالية: » اثنان منهم تأثروا »، والصواب هو: » اثنان منهم تأثرا »، وذلك بأن الفعل مرتبط بمثنى وليس بجمع.
جاء في المقال نفسه: »إن الوزارة الوصية على الشأن التربوي غائبة كل الغياب عن البحث في ظاهرة العزوف عن الدراسة التي تأخذ أشكال متعددة ». يوجد الخطأ في العبارة التالية: » تأخذ أشكال متعددة »؛ والصواب هو: » تأخذ أشكالا متعددة « ، وذلك بأن « أشكالا » مفعول به؛ والمفعول به دائما منصوب.
وفي مقال آخر بعنوان: »الفساد عينه هو محاولة حل مشكل البطالة الجامعية على حساب مؤسسات التعليم الخاص » (وجدة سيتي بتاريخ 11 شتنبر 2012) ورد ما يلي: »وشتان بين مناقشة وطرح الفساد الذي تعاني منه مؤسسات التعليم الخاص ». نعثر هنا على صياغة غير سليمة تكمن في قوله: »مناقشة وطرح الفساد »؛ والصواب هو: »مناقشة الفساد وطرحه ».
هذه الصياغة السليمة التي صوبت بها خطأ محمد شركي نجدها بكثرة في القرآن الكريم. ولا يخفى على أي مهتم أن علماء اللغة العرب حينما أرادوا تقعيد اللغة العربية؛ أي وضع قواعد لها في القرن الثاني الهجري، كان الشاهد عندهم القرآن الكريم، والشعر الجاهلي.
ونعثر على خطأ لغوي آخر في قوله: » تعاني منه »؛ والصواب هو: »تعانيه »، وذلك بأننا إذا عدنا إلى لسان العرب لابن منظور نجد: »الـمُتَطَبِّبُ: الذي يعاني الطِّبَّ، ولا يعرفه معرفة جيدة »؛ فهو لم يقل: »يعاني من الطب ». ونقرأ في المعجم نفسه: »وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أُسقُفٌّ من سقِّيفاهُ؛ هو مصدر كالخِلِّيفَى من الخِلافةِ، أَي لا يُمْنع من تَسَقُّفِه وما يُعانيه من أَمر دينه وتقْدِمَته ».
يقول محمد شركي في المقال نفسه: « النفخ في معدلات المراقبة المستمرة بالنسبة لتلاميذ هذه المؤسسات »، في حين كان عليه أن يقول: »النفخ في معدلات المراقبة المستمرة بالنسبة إلى تلاميذ هذه المؤسسات ». هذا الخطأ يتكرر عشرات المرات في مقالاته المنتشرة كالفطر في عدد من المواقع الرقمية. ومما جاء في لسان العرب لابن منظور ارتباطا بهذا الأمر، نقرأ: »وزِنة المِثْقالِ هذا المُتعامَلِ به الآن: دِرْهَمٌ واحد وثلاثة أَسباع درهم على التحرير، يُوزَن به ما اختير وَزْنه به، وهو بالنسبة إِلى رِطْل مصر الذي يوزن به عُشْرُ عُشْرِ رطل ».
ويقول أيضا السيد المفتش: »يجب أن يمروا بنفس المسطرة التي يمر بها غيرهم »، والصواب هو: »يجب أن يمروا بالمسطرة نفسها التي يمر بها غيرهم »، ذلك بأن « نفسها » توكيد تابع للمؤكد « المسطرة ». يقول صاحب « متن الأجرومية » في باب التوكيد: »التوكيدُ تابِعٌ للمُؤَكَّدِ في رفعِهِ، ونَصبِهِ، وخفضِهِ، وتعريفِهِ، ويكونُ بألفاظٍ معلومة، وهي: النَّفْسُ، والعَيْنُ، وكُلٌّ، وأجْمَعُ، وتَوابِعُ أجْمَعَ، وهي: أكْتَعُ، وأبْتَعُ، وأبْصَعُ، تقول: قام زيدٌ نفسُهُ، ورأيتُ القومَ كُلَّهُم، ومررتُ بالقومِ أجمعين ».
إن الخطأ نفسه يتكرر في قوله: »تكون وسيطا ومشرفا على حصولهم على نفس الحقوق التي يحظى بها المدرسون بالتعليم العمومي »؛ والصواب هو: »تكون وسيطا ومشرفا على حصولهم على الحقوق نفسها التي يحظى بها المدرسون بالتعليم العمومي ». ولعل أخطاءه من هذا النوع هي من الكثرة بمكان، بحيث يصعب عدها وحصرها.
يقول أيضا في المقال نفسه: »توجد العديد من الكليات التي تتخلص من الطلبة عن طريق الشواهد الفارغة ». واضح أنه جمع اللفظ المفرد « شهادة » جمع تكسير؛ أي شواهد، في حين أن شواهد هو جمع شاهدة، أما جمع شهادة فهو شهادات.
وأما في مقاله الذي يحمل عنوان: »أخيرا ترحم الزمزمي على ياسين واستغفر لمن أنكر عليه شماتته به من قبل ولم يستغفر ربه »(وجدة سيتي بتاريخ 20 دجنبر 2012) فنجده يقول: »يبالغون في ذلك حتى يقعون في أنواع من الشرك والعياذ بالله ». لقد أخطأ مفتشنا حينما قال: »حتى يقعون »، بينما الصواب هو: »حتى يقعوا »، ذلك بأن الفعل المضارع يأتي دائما منصوبا بعد (حتى) إذا كان زمانه للمستقبل. وهنا ينصب الفعل المضارع بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. أما إذا كان زمانه غير ذلك فيُرفع نحو قولنا: »غاب خالد حتى لا نشاهدُه »؛ فتكون (حتّى) حرف ابتداء، والجملة بعدها استئنافية.
نقرأ في المقال نفسه: »…فتطاول وكبر لأن للرسول قوم ولا قوم للزمزمي ». وهذا يجعلنا أمام خطأ فادح يتجلى في رفع اسم « أن » الذي هو « قوم » في هذه الحال، والأصل فيه النصب. لذلك كان حريا به أن يقول: » : »…فتطاول وكبر لأن للرسول قومًا ولا قوم للزمزمي ».
وأما في مقاله المعنون: »ما أفدح الخسارة عندما تزال مؤسسة للقراءة طيلة سنة وتعوض بساحة للقراءة في ساعتين خلال سنة »(وجدة سيتي بتاريخ 20 ماي 2012) فيقول: »بداية أثمن مبادرة اقرأ وأهنأ المشرفين عليها ». وأنا أقول له: »ما أفدح الخطأ عندما يتسرع المرء في الكتابة ». لقد كان عليك أن تكتب همزة الفعل بعد فعل « أقرأ » على الياء يا هذا؛ أي كالآتي: « أهنئ ».
وفي مقال آخر بعنوان: »عجبا لأمر من لا خلاق له ومع ذلك لا يخجل من تلقين غيره دروسا في الأخلاق »(وجدة سيتي بتاريخ 27 نونبر 2012) نقرأ له: »هؤلاء المعلقين يحاولون الظهور بمظهر الغيارى على القيم والأخلاق ». وهنا لا أخفيكم أنني مستغرب أيما استغراب لوقوع مفتش اللغة العربية في خطأ يحاسب عليه تلاميذ الثانوي الإعدادي، بله رجل تربية وتعليم يتبجح صباح مساء بالدبلوم المهني الذي حصل عليه من مركز تكوين المفتشين، مع تقديري الشديد لدبلوم مفتش في التعليم، ولعدد لا يحصى من المفتشين الذين أبانوا عن استحقاقهم ليس فقط لهذا الدبلوم، بل لما يفوقه بكثير. إن الخطأ يوجد في قوله: »هؤلاء المعلقين »، بينما الصواب هو: »هؤلاء المعلقون »، وذلك بأن المعلقين بدل للمبدل منه « هؤلاء »؛ و »هؤلاء » هنا مبتدأ مرفوع، والبدل يتبع المبدل منه في إعرابه.
هذا الخطأ الفادح جعلني أتوقف قليلا عن قراءة المقال، فقلت في نفسي ربما تكون لوحة الكتابة قد خانت الأستاذ محمد شركي، وأوقعته في خطأ مطبعي، بيد أنني حينما واصلت القراءة فوجئت بوجود الخطأ نفسه في قوله: »هؤلاء المعلقين تجمع بينهم عقدة المفتش ». حينها أدركت أن لوحة الكتابة بريئة من هذا الخطأ براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، إذ إن الخلل اللغوي مصدره صاحب المقال.
هذا غيض من فيض الأخطاء اللغوية التي تم رصدها في خمسة مقالات للسيد محمد شركي؛ فترى كيف سيكون الحال لو امتدت عملية الرصد إلى جميع مقالاته التي تعد بالمئات.
ختاما، نصيحتي للسيد محمد شركي أن يبذل جهدا مضاعفا من أجل تحسين مستواه اللغوي والارتقاء به، بدل استسهال الكتابة في مواضيع مختلفة لا يجمعها أي رابط؛ استسهالٍ أدى به إلى الإسهال والإسفاف اللغويين.
8 Comments
نزولا عند طلب العديد من السادة الأفاضل ، مفتشين ، أساتذة ، وجهات نحترمها ونقدرها ، طلبوا منا حذف كل التعليقات ، وفسح المجال أمام مبادرات خيرة لايقاف ما يحدث ، لكونه اساء الى اسرة التربية والتعليم ككل أساتذة ومفتشين …..تقوم وجدة سيتي التي تؤمن دائما بالاخلاق الفاضلة ، كما نؤمن بقوله تعالى {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}
الشاعر / جرادة
من أعطاك الحق لتحذف ما اعتقده انه ملك لي من خلال موقعك الذي ليس ملكا لك ؟
الرد الرفيع على المقال الوضيع « بهذا تكون ثقافة الغربي قد قضت على لغط الشركي »
تحيتي
فعلا هذا المشرف لا يصلح للتأطير عليه بإعادة التكوين في مراكز الأساتذة
للأسف السيد شركي ليس إلا ضحية لمنظومتنا التربوية ونموذجا لخريجيها فكيف نريد لإطار تربوي أن يسمو بمعرفته ويطور كفاياته بدون تكوين مستمر وإذا كان هذا حال المؤطر والمشرف فكيف لنا ان ندين الأستاذ والتلميذ – حقا هزلت
السيد الشركي من خلال أسلوبك وكتاباتك ومن خلال الردود التي اثيرت حولك وخاصة هذا المقال الرصين للسيد الغربي, إسمح لي أن أنصحك بالتالي:تحسين مستواك في اللغة العربية فبهذا المستوى من حق أساتذة اللغة العربية رفض تأطيرك لهم, التكوين في مجال تقنيات التواصل وإدارة الإختلافات و الخلافات وكذا في مجالات التنمية الذاتية و علم النفس,كما أنصحك باستشارة طبيب نفساني حيث أن أسلوبك عنيف جدا ومتقادم ويبدوا أنك تتلذذ بسب الاخرين و بسبهم لك,وبإثارة معارك دونكشوتية ترى فيها أنك المنقد الوحيد.حتى بث أخشى أخي الكريم أن تستيقظ يوما وتدعي أنك المهدي المنتظر. تقبل تحياتي و دعواتي لك بطريق الصواب
السلام عليكم ورحمة الله
لا تكثروا على السيد الشركي
إنه شخص بائس و مسكين و ضعيف
أشفقوا عليه أرجوكم
استروا عورته ستركم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فوالله لقد أحزنني هذا المستوى الذي نزلتم إليه أيها السادة، فلإن كان الأستاذمحمد شركي قد أخطأ من حيث اللغة، فأنتم قد أخطأتم من حيث الأدب في إعطاء النصيحة، وهذا لا شك أنه أسوأ من سابقه