وجدة : أما آن الأوان لإعادة النظر في المصالح الوقائية والأمينة والمرافق العمومية ؟؟
آن الأوان لإعادة النظر في حاجيات مدينة زيري بن عطية من المصالح الوقائية والأمينة والمرافق العمومية
محمد شركي
بالأمس الأربعاء وحوالي الساعة الرابعة والربع بعد الزوال هتف لي أحد الأصدقاء ليخبرني بحادثة سير بحي ظهر المحلة قبالة وكالة الماء ، وبشارع لا يحمل اسما بل رقم 26 وليس به إشارة مرور . وكانت الحادثة عبارة عن اصطدام دراجة نارية من الحجم الصغير يمتطيها شابان في الخامسة عشرة من العمر بسيارة . ولما وصلت إلى عين المكان من أجل تفقد حال هذا الصديق لأنه صاحب السيارة ، وجدت جمعا غفيرا من الناس يحيط بالشابين وعليهما آثار جروح على وجهيهما وأطرافهما ، للتو إلى مصالح الوقاية المدنية فأجابني أحدهم بأن سيارة الإسعاف قد انطلقت بالفعل من مقرها بالثكنة ، كما هتفت إلى مصالح الأمين فسمعت نفس الجواب ، وعلمت أن غيري قد هتف من قبل خصوصا في زمن وفرة الهواتف الخلوية التي تعاني من البطالة .
وظل الجريحان ينتظران الإسعاف لمدة تزيد عن نصف ساعة. وخلال هذه المدة عاينت من سلوك بعض المواطنين أمورا غريبة ، فعلى سبيل المثال حاول أحد أقارب الضحايا الاعتداء على صاحب السيارة ، علما بأن الخطأ كان خطأ الشاب الذي كان يقود الدراجة النارية لأنه صدم السيارة من جهة اليسار ، ولم يحترم يمينه ، فضلا عن كونه لم يكن لا هو ولا رديفه لابسين خوذتهما ، وتبين فيما بعد أن تأمين الدراجة منتهي الصلاحية . ولا يمر أحد إلا ويسأل عن ظروف الحادثة ثم يمضي في الحكم ، وتحديد الخطإ وكأنه مطالب بذلك حتى خيل إلي أن بلادنا ليست في حاجة إلى شرطة حوادث السير لأن الشعب كله يستطيع أن يبث في هذه الحوادث . ورأيت عون سلطة وهو شاب يستغل الفرصة لإظهار سلطته حيث تقدم من صديقي وطلب منه أوراق هويته ، وأخرج قلما وكراسة وأخذ يسجل بشموخ أنف وكأنه قمة السلطة التي سينتهي إليها أمر هذه الحادثة . ومرت سيارة شرطة زرقاء اللون تابعة لما يسمى قوات التدخل السريع ، فمرت بسرعة أمام الحادثة دون أن يلقي من فيها مجرد نظرة على تجمهر كبير للناس . ومما عاينته أنواعا من التحريض حيث بدا بعض المحرضين ناصحا للشابين بعدم الحركة وخيل إلي أننا شعب طبيب أيضا ، ولا حاجة لنا إلى أطباء الجروح والكسور لأن الجميع يتوفر على الخبرة في ذلك ولله الحمد . ومن بين المحرضين من نبه أقارب الشابين إلى ضرورة تضخيم الشواهد الطبية من أجل أن تكون حصة التعويضات سمينة . وانقسم الجمهور إلى متعاطفين مع الشابين بالرغم من مخالفتهما لقانون السير ، وإلى متعاطفين مع صاحب السيارة حيث دار بعضهم بالسيارة المصابة هي الأخرى في مقدمتها وأفتوا في حجم الخسارة اللاحقة بها ، وخيل إلي أيضا أننا شعب ميكانيكي مع أننا لم نصنع سيارة واحدة لحد الساعة . المهم حدثت أمور غريبة مثيرة للسخرية والشفقة في نفس الوقت بسبب تأخر سيارة الإسعاف،الشيء الذي فسح المجال لعبقريتنا الفضولية للبث في أمور الصحة والقانون والميكانيك والسمسرة وغير ذلك …. ومما أثار استغرابي هدوء طاقم سيارة الإسعاف وحركتهما المتباطئة عكس ما نشاهد في اللقطات الاستعراضية بمناسبة اليوم الوطني للوقاية المدنية . وبعد إقلاع سيارة الإسعاف انفض الجمهور ، وبدأ انتظار وصول شرطة حوادث السير التي لم تحضر إلا بعد ما يزيد عن ساعة حيث بدأ الظلام يخيم على موقع الحادثة ، واضطر صاحب السيارة إلى استخدام الإنارة لتنبيه السائقين بوجود حادثة تجنبا لوقوع حوادث أخرى . وبعد حضور طاقم شرطة حوادث السير استغربت من أحدهما أمره صاحب السيارة بتحويل مكانها، فلما اختار صاحب السيارة أحد الأرصفة أمره بتغيير الرصيف لأنه سيعرقل السير ، فقلت سبحان الله : مر ما يزيد عن ساعة والسيارة والدراجة الصادمة تعرقل السير لوجودهما في قارعة الطريق ، ولما تحركت السيارة إلى الرصيف سارت معرقلة للسير . وبحث رجل الأمن عن اسم الشارع فلم يجد شيئا ،واضطر لتسجيل رقمه وهو 26 والله أعلم بصحة هذا الرقم . وسحبت أوراق السيارة والدراجة من صاحبيهما بعد قياس المسافة من الرصيف الأيمن إلى جانب السيارة الأيمن ، وكذا المسافة من الدراجة الصادمة إلى مقدمة السيارة . والتحقت بطلب من صديقي بقسم المستعجلات بمستشفى الفارابي من أجل أن يطمئن على حالة المصابين ، فكانت الإصابة بحمد الله عبارة عن جروح بلا كسور ، ثم التحقنا بمصلحة شرطة حوادث السير بالحي الصناعي ، وبدأ الانتظار من جديد إلى حين وصول الشابين وأوليائهما حيث سئلا عن حالتهما الصحية وعن هويتهما ثم أعيدت أوراق السيارة لصاحبها باستثناء رخصة السياقة ، بينما طلب من صاحب الدراجة النارية تجديد رخصة التأمين ، وضرب للجميع موعدا صبيحة يوم السبت من أجل تحرير محضر الحادثة . واعجب أيها القارىء الكريم لحادثة تحدث مساء الأربعاء ويحرر محضرها يوم السبت .
فكرت في قضية تأخر وصول الإسعاف ، وتأخر وصول شرطة الحوادث ، فوجدت أن المشكل يكمن في عدم تأهيل مدينة زيري بن عطية من خلال توفير البنيات التحتية لمصالح الإسعاف ومصالح الأمن ، وكذا من خلال توفير الموارد البشرية الكافية . فلا زالت مدينة وجدة بثكنة واحدة ووحيدة للوقاية المدنية مع أن المدينة صارت مترامية الأطراف . وعلينا أن نتصور كم سيمضي من الوقت لتصل سيارة إسعاف تنطلق من هذه الثكنة بحي الطوبة الداخلي إلى أحياء المدينة المتطرفة والهامشية ؟ وعلينا أن نتصور كم سيمضي من الوقت لتصل سيارة شرطة حوادث السير من الحي الصناعي إلى مكان الحادث في أطراف المدينة ؟ وعلينا أن نتصور الوضع إذا ما تعددت الحوادث وكثر الضحايا ؟ وعلينا أن نتصور كم ستتلقى مصالح الوقاية المدنية ومصالح الشرطة من مكالمة هاتفية خصوصا وأن الهواتف الخلوية كما مر بنا في حالة بطالة ؟ وعجبا لمدينة كثرت واتسعت أحياؤها وكثرت فيها السيارات بسبب انخفاض ثمن الوقود المهرب ، ولا زالت إمكانياتها الوقائية والأمنية كما كانت منذ عقود . لما كان بعض العقلاء الأكياس يجتهدون في توفير حاجيات المدينة من بعض المرافق العمومية كالمرافق الدينية على سبيل المثال ، وهي مرافق إنما يوفرها المحسنون ويساهم فيها عموم المواطنين كان بعض السفهاء ينتقدونهم لأنهم لا يحسبون حسابا للكثافة السكانية وما تتطلبه من مرافق عمومية متعددة . ولئن اجتهد البعض في توفير مرافق العبادة فعلى من انتقدهم أن يجتهد في توفير غيرها من المرافق العمومية المختلفة عوض انتقادهم وهم أولى بالاقتداء . وفي اعتقادي أن مدينة تحتاج إلى مصليين اثنين صلاة العيدين مع أنهما لا يستعملان إلا مرتين في السنة مع توفر ظروف طبيعية مواتية هي في أمس الحاجة إلى ثكنتين على الأقل لمصالح الوقاية المدينة ، وإلى مركزين على الأقل لشرطة حوادث السير . ولا بد أن تحترم معايير تطابق عدد الساكنة مع عدد المرافق العمومية الضرورية . ولا يعقل أن يزيد عدد ساكنة المدينة ، وتظل المرافق على حالها لعقود من السنين . وأخيرا آمل أن يتحرك ضمير المسؤولين من أجل فتح ملف للبحث في حاجيات مدينة زيري بن عطية من المرافق العمومية إذا كانت للمواطنين بالفعل كرامة ومواطنة حقيقية .
1 Comment
الشكر موصول للاستاذ الشركي على هذا المقال وسوف لن اتطرق للجوانب السلبية لسلوكات الكثير من مواطني مجتمعنا وفي مختلف مناحي الحياة حتى اصبحنا ننعتها بالامراض المزمنة التي يجب التكيف معها كالسكري والضغط الدموي وتصفية الكلي ، لكن ساتطرق لجوانب تاهيل مدينة الالفية التي عرفت في العقد الاخير توسعا عمرانيا مهولا ونزوحا بشريا من داخل المغرب وخارجه ، فرغم الجهود المبذولة في اعادة تاهيل البنيات التحتية كالطرق والانارة وقنوات صرف المياه ، الا ان اهم المشاريع التي يجب ان تواكبها اهملت بالكامل والمتعلقة بالخدمات الضرورية للمواطن وتوزيعها توزيعا متوازيا ،ومن بين الاقتراحات التي سبق ان طرحناها هي توزيع المدينة الى اربعة مناطق :
المنطقة الشمالية حي الطوبة وما جاوره
المنطقة الغربية واد الناشف وما جاوره
المنطقة الشرقية حي لزاري وما جاوره
المنطقة الجنوبية حي القدس وما جاوره
ففي كل منطقة يجب ان تتوفر ديمومة بجانب مركز الامن سيارة اسعاف وسيارة للاطفاء للتدخل العاجل لانقاذ الارواح البشرية
مركز صحي متعدد الخدمات بما فيه قسم المستعجلات
مركب ثقافي متعدد الخدمات ( مكتبة ، خشبة المسرح ، مسابقات ثقافية…) تاطر من طرف محترفين في الميدان وفي هذا الصدد لابد من الاشارة ان وزارة الثقافة شبه غائبة في الاحياء
قاعة متعددة الرياضات تاطر من طرف محترفين في الميدان
حديقة عمومية بكل مرافقها بما في ذلك جناح للعب الاطفال وفي هذا الصدد نلاحظ غياب تام بشان تاطير الاطفال دون 14 سنة علما انهم يمثلون شريحة كبيرة من مجتمعنا ولست ادري كيف تم تغييب العاب الاطفال من طرف الجمعيات المهتمة بالطفولة وكذا المسؤولين
قد يقول قائل ان هذه المشاريع هي حلم لانها تتطلب ميزانية ضخمة لاجيب انها مشاريع ان تكاثفت الجهود يمكن تحقيقها والاكثر من ذلك هي مشاريع مذرة للدخل وتوفر الكثير من مناصب الشغل لان المواطن مستعد ان يدفع مقابل خدمة دات جودة عالية ، وساعطي مثالا على ذلك كم يدفع الاباء لترفيه على ابنائهم في نهاية الاسبوع والعطل المدرسية؟ ، كم يدفع المواطن اذا انقدت روحه وممتلكاته في الظروف الطارئة؟ كم يدفع المواطن حتى يربح الوقت والجهد للوصول الى خدمة مستعجلة؟وووو
بعملية حسابية عشوائية نجد انفسنا اننا نخسرخلال السنة الكثير من المال والجهد مقابل خدمات رديئة