رسائل صندوق النقد الدولي المستعجلة لحكومات بلدان التحول العربي
رسائل صندوق النقد الدولي المستعجلة لحكومات بلدانالتحولالعربي .
عبد الغفور العلام
وجه صندوق النقد الدولي من خلال تقريره الأخير (2012)، رسائل واضحة و قوية لبلدان منطقة (MENAP) و خصوصا البلدان المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و التي ينتمي إليها المغرب. هذا التقرير يعرض توقعات وأفاق الاقتصاد العالمي لسنة 2013، ويرسم المعالم الأساسية لخارطة الطريق المستقبلية لهذه الدول، من أجل تحسين الأداء الاقتصادي وتسريع
وتيرة النمو.
لكن، و في سياق الظرفية الاقتصادية العالمية المضطربة، وضغط المطالب الاجتماعية الملحة، وهشاشة الاستقرار السياسي الذي يهدد مجموعة من هذه الدول، هل ستكون حكوماتها قادرة على تحقيق هذه التوقعاتو رفع التحديات في أفق تعزيزصلابةاقتصادها الوطني؟
ثم، إلى أي مدى ستمكن الإستراتيجية المستقبلية لصندوق النقد الدولي من التخفيف من أثار الأزمة الاقتصادية؟ وبأي تكلفة سيتم انجاز هذه الإستراتيجية التنموية؟ على اعتبار أن تنفيذ توصيات الصندوق، سوف تفرض على الحكومات العودة إلى الاستعانة بسياسة الدين والبحث عن تمويلات خارجية بنسب فائدة مرتفعة، مما سيؤثر و لاشك سلبا على اقتصادها و يضر بتوازناتها السياسية و الاجتماعية.
إصلاح الأوضاعالاقتصادية والرفعمن وتيرةالنمو:
رغم أهمية ما حققته مؤخرامعظمبلدانالتحولالعربيمن تقدمفيتنفيذالإصلاحاتالهيكلية،( المغرب من بين هذه الدول التي باشرت إصلاحات سياسية و اقتصادية عميقة : دستور جديد، حكومة منبثقة من صناديق الاقتراع، إصلاحات هيكلية…)مكنتالحكومات المنتخبةأنتحافظعلى نوع منالاستقرارالاقتصاديفي وضعية تتسم بالهشاشة و الاضطراب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي،فقد أكد تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، على أن مجموعة من المؤثرات الخارجية المعاكسة أثرت بشكل سلبي على اقتصاديات هذه الدول من بين هذه العوامل: بطء النمو العالمي و الركود في منطقة اليورو، فضلا عن ارتفاع أسعار الغداء و الطاقة.
كما أن أجواء عدم اليقين على المستوى المحلي، أرخت بضلالها على الإصلاحات السياسية الجارية بهذه الدول، و أدت إلى استمرار الاحتياجات الكبيرة إلى تمويل اقتصادها الوطني ومشاريعها التنموية. و نتيجة لذلك لاحظ التقرير اتساع الإختلالات في أرصدة المالية العامة و الحسابات الخارجية و نضوب الهوامش الوقائية المتاحة من خلال السياسات المالية الوقائية.
خارطة الطريق المستقبلية:
و في هذا الصدد، سطر صندوق النقد الدولي خطة عمل متوسطة المدى تحدد اٌلإستراتيجية المستقبلية لدول منطقة (MENAP) التي ينتمي إليها المغرب ، من أجل تحقيق النمو الشامل، و التي ترتكز بالأساس على مجموعة من المحاور تهم : السياسة المالية العامة، السياسة النقدية، سوق العمل و إصلاحات نظام التعليم، تنظيم الأعمال و ممارسة الحكامة الجيدة، البحث على التمويل.
و بهذا الخصوص، شددت خارطة الطريق المستقبلية، على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة الداعمة للنمو، وتحسين جودة الاستثمارات العامة، و كذا تحسين شبكة الأمان الاجتماعي الموجهة للفقراء، زيادة على توخي اليقظة حيال الآثار التضخمية اللاحقة، وتعزيز مرونة أسعار الصرف من خلال إيجاد بدائل التمويل المصرفي وتعزيز المنافسة و البنية التحتية المرتبطة للجهاز المصرفي.
كما تم التأكيد على ضرورة مراجعة القوانين المنظمة لسوق العمل و إصلاحات نظام التعليم لتحسين اكتساب المهارات. فضلا على الحرص على تنظيم الأعمال و نهج الحكامة الجيدة، من خلال إعمال الشفافية و المساواة في معاملة مؤسسات الأعمال، و كذلك الحد من المعوقات الداخلية و الخارجية أمام حركية الأعمال.
الرسائل الأساسية لبلدان منطقة (MENAP):
أمام تزايد مخاطر التطورات السلبية الناتجة عن هشاشة الاستقرار السياسي ، وتراجع أوضاع الاقتصاد العالمي و استمرار ارتفاع أسعار السلع الأولية، و في ظل تواضع الاحتمالات المتوقعة للنمو وبطء النشاط الاقتصادي في الفترة 2012/2013، وجه صندوق النقد الدولي لبلدان منطقة (MENAP) وخصوصا البلدان المستوردة للنفط في الشرق الوسط وشمال إفريقيا و التي من ضمنها المغرب، مجموعة من الرسائل المستعجلة من خلال التوصيات التالية:
· الإسراع بإصلاح السياسات الاقتصادية اللازمة لزيادة القدرة التنافسية و النمو و توفير فرص الشغل؛
· ضرورة التحرك الفاعل من أجل ضبط الأوضاع الاقتصادية على نحو معزز للنمو، مع توفير الحماية للفقراء و الفئات الضعيفة من خلال شبكات أمان فعالة؛
· الحرص على الموازنة بين الضغوط الاجتماعية على الإنفاق وتشديد القيود المالية الخارجية، إضافة إلى وضع الأسس لتحقيق النمو الذي ينشئ مزيدا من فرص العمل عن طريق مباشرة الإصلاحات الهيكلية؛
· ضمان التزام الشركاء الدوليين بتقديم المساعدة المالية وزيادة الفرص التجارية، وبناء القدرات لتصحيح الأوضاع الاقتصادية الحالية.
و ختاما، وبالرجوع إلى بلادنا، وإزاء ضعف مؤشرات النمو واستمرار معدلات البطالة المرتفعة و تباطؤ الاقتصاد الوطني، فهل تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي سيجبر الحكومة المغربية على التخلي عن الدعم المالي للسلع الضرورية ( إصلاح صندوق المقاصة)، ويضطرها للقيام بإصلاحات مالية و نقدية ( تخفيض العملة الوطنية، زيادة الضرائب… )، وخفض الإنفاق على الخدمات الاجتماعية (الصحة والتعليم والسكن، الشغل…)؟ أم أن الحكومة تتوفر على هامش أوفر للمناورة تفرضه الخصوصيات المحلية والظرفية الاقتصادية الوطنية الراهنة، من شأنه تمكينها من الاشتغال في ظروف مريحة؟
عبد الغفور العلام
Aucun commentaire