عبثية الإعلام الرسمي المغربي إلى متى وقد صار الأمر إلى حزب ذي مرجعية إسلامية ؟
عبثية الإعلام الرسمي المغربي إلى متى وقد صار الأمر إلى حزب ذي مرجعية إسلامية ؟
محمد شركي
كان من المفروض مع مجيء حزب ذي مرجعية إسلامية إلى مركز القرار أن تنعكس مشاريعه ذات نفس المرجعية على كل القطاعات ، وعلى رأس هذه القطاعات قطاع الإعلام المرئي والمسموع . والمؤسف أن الإعلام الرسمي المغربي ظل على حاله كما كان في الفترة التي حكم عليها الشعب بالفساد والإفساد وثار ضدها في ربيعه المشهود . ومشكلة الحزب الحاكم ذي المرجعية الإسلامية أن رصيده من المقاعد البرلمانية اضطره إلى التحالف مع أحزاب كانت وراء عبثية الإعلام المغربي في فترة الفساد ، حتى أنها جعلت منه أداة لخدمة إيديولوجيتها . وقد بلغ الإعلام المرئي في فترة حكم هذه الأحزاب درجة من التهتك الأخلاقي غير المسبوق من خلال برامج يندى لها الجبين ، وأمعنت في الاستهتار بالقيم والأخلاق حتى صارت القناة الثانية على سبيل المثال لا الحصر تحسب ضمن القنوات ذات التوجهات الخليعة في بعض برامجها الساقطة بما للكلمة من دلالة ، وصار المغاربة بحكم تدينهم وأخلاقهم وقيمهم لا يطيقون مشاهدة هذه القناة وهم مجتمعون في أسرهم وعائلاتهم . ومعلوم أن القصد من وراء تلك البرامج الساقطة كان هو التطبيع مع الانحلال الخلقي وتردي القيم من أجل الدفع بالمجتمع إلى الوجهة العلمانية التي تبنتها الأحزاب المسيطرة على الإعلام الرسمي من أجل ترجيح كفتها في مجتمع يلفظ التوجه العلماني بحكم عقيدته وقيمه الأخلاقية . وكل ما ظهر في المجتمع المغربي من انحرافات مختلفة إنما مرده التوجه اللاأخلاقي المتهتك الذي خططت له تلك الأحزاب بخبث مكشوف وغير خاف على الرأي العام المغربي وما كان لظاهرة الشواذ جنسيا ولا المطالبين بالإفطار في رمضان ، ولا المطالبين بحرية الجنس أن تظهر لولا تطبيع هذا الإعلام مع الانحلال والتهتك . ولما اضطر حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي إلى التحالف مع هذه الأحزاب بدافع المصلحة السياسية والحزبية سقط في فخ التناقض مع توجهه الإسلامي عندما اضطر مع تحالفه إلى قبول الأمر الواقع الذي وضعته أمامه الأحزاب التي تحالف معها ، وهو الإبقاء على مظاهر الفساد في العديد من القطاعات ، ومنها قطاع الإعلام الرسمي الذي بقي على ما كان عليه في فترة الفساد التي أثارت حفيظة الشعب في العشرين من فبراير فخرج منددا بها ومناديا بإسقاطها . ولقد جاء نقل صلاحية وزير الإعلام من حزب العدالة والتنمية إلى غيره كدليل على خضوع هذا الحزب لابتزاز الأحزاب التي دخل معها في ائتلاف بربح لا بخسارة . ولقد وجد ت العناصر المفسدة لإعلامنا الفرصة سانحة في تجريد وزير الإعلام من حزب العدالة والتنمية من صلاحياته ليستمر مشروعها الإعلامي العبثي المطبع مع الانحلال الخلقي ، والممهد لإيديولوجيتهم الغريبة عن الهوية المغربية الأصيلة .
ولقد ارتفعت مؤخرا أصوات الشعب المنادية بتدخل الحكومة المحسوبة على الإسلام من أجل وضع حد لعبثية الإعلام الرسمي المغربي . فما أكثر ما كتب عن عفن يقدم للشعب باسم الفن ، وليس بينه وبين الفن صلة إن هو إلا مجرد تهريج منحط ، ومع ذلك يصرف عليه المال العام الذي يحتاجه الشعب فيما هو أفيد وأجدى وأنفع. وبتسويق العفن المحسوب على الفن تكون غاية الذين يسوقون له الاستخفاف بذوق الشعب المغربي في زمن تحول العالم إلى قرية صغيرة بسبب التطور الإعلامي المذهل ، حيث يقدم هذا العفن في شكل أفلام مثيرة للسخرية ومسرحيات مبتذلة ومسلسلات فاضحة سواء المدبلج منها أم المصنع محليا وبرامج تافهة منحطة تستضيف نماذج وفئات تافهة أمام موائد مستديرة من أجل عبث وهذر لا طائل من ورائه . ويظن المسوقون لهذا العفن أو العبث الإعلامي أن الشعب المغربي لا يملك الذوق ليميز الأعمال الفنية من العفن المنحط ، وكأنه شعب لا يطلع على عيون الروايات والمسرحيات العالمية في لغاتها ومترجمة ، وكأنه لا يتابع البرامج الجادة على الفضائيات العالمية في البلاد الراقية . وهكذا يبدو العفن المقدم في وسائل إعلامنا وكأنه يستهدف العوام من ضحايا الأمية والجهل ، ويبتذل بذلك الفن ساخرا من فئة الأميين والجهلة . ولو قدر لهذا العفن أن يدخل مضمار السباق الذي تدخله الأعمال الفنية العالمية الراقية لا رجم به أصحابه الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا بابتذالهم للفن بهذا الشكل المنحط . ويزداد عفن الإعلام الرسمي في شهر رمضان ، ويبالغ في الانحطاط والابتذال في شهر له قدسيته التي لا يليق بها العبث والعفن وسقط الانتاج الإعلامي . وحتى البرامج المحسوبة على الدين أفرغت من مضمونها بسبب طرق وأشكال عرضها في وسائل إعلامنا حيث يلاحظ التضييق عليها في حجم حصصها وعلى من يقدمها بأساليب لا تخلو من وقاحة بادية .
وربما انتدب لتقديم بعض هذه البرامج بعض المنشطين العابثين الذين يظنون بأنفسهم الذكاء والدهاء والشطارة ، ويحاولون التمويه على غث ما يقدمون بديكور الملابس والماكياج حتى يبدو الذكر منهم منافسا للأنثى بلبس القفطان ووضع الأصباغ على وجهه وما شابه ذلك . وتتحول البرامج المحسوبة على الدين في الغالب إلى دعاية رخيصة للطرقية ،فلا تسمع إلا سيدي ومولاي فلان الفلاني صاحب الكرامات ، وقد صحبت الحديث عنه الموسيقى التصويرية الرومانسية . كل هذا والحزب ذو المرجعية الدينية في غياب تام عن مراقبة وسائل الإعلام الرسمية ، ودون امتلاك برنامجه الإعلامي الخاص به ، والذي من المفروض أن يحل محل برامج تفاهة من مخلفات مرحلة الفساد والإفساد التي انتفض ضدها الشعب المغربي الذي لا يقبل أن يعبث به الأعلام العابث التافه خصوصا في شهر عبادة الصيام . فمتى سيتحرك ضمير الحزب المحسوب على الإسلام لينقل الإعلام من العبث إلى الجد الذي يناسب هوية المغاربة الدينية وقيمهم الخلقية ؟
Aucun commentaire