الإعلام المصري يحاول يائسا النيل من التجربة الديمقراطية المغربية من أجل التمويه على فضيحة الانقلاب العسكري في مصر
الإعلام المصري يحاول يائسا النيل من التجربة الديمقراطية المغربية من أجل التمويه على فضيحة الانقلاب العسكري في مصر
محمد شركي
كان على الإعلام المصري الذي يستأجره متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية أن يخرس ،ولا يخوض في موضوع التجربة الديمقراطية المغربية التي عرت فضيحة الانقلاب في مصر باعتبارها تجربة رائدة في طول وعرض الوطن العربي من خليجه إلى محيطه . وعلى الإعلاميين المصريين الذين يسبحون بحمد السيسي أن يقدموا طلبا للمغرب لتعلم الديمقراطية ،لأن المصدر الذي تعلموا منه الديمقراطية من قبل هو الذي علمهم السكوت الشيطاني على جريمة بل فضيحة الانقلاب على الشرعية والديمقراطية عندهم . ولقد كان هذا المصدر هو مدبر الانقلاب مع أنه يتبجح بالديمقراطية ، وينصب نفسه وصيا عليها في العالم أجمع . ولقد أثبت الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر أن الديمقراطية المعولمة تحيد عن مبادئها ،وتنقض عهدها حين تفرز الانتخابات من لهم مرجعية إسلامية ،لأن الإسلام بالنسبة لها هو الوحش الأسود كما يقال . ولقد خاض الإعلاميون في الانتخابات البرلمانية المغربية خوضا ينم عن حسد وغيرة صارخين. ونكاية وشماتة في حزب الحرية والعدالة المصري حاول الإعلام السيساوي النيل من حزب العدالة والتنمية المغربي ، ووصفه بأنه ذراع حركة الإخوان المسلمين، وكأن هذه الحركة وصية على هذا الحزب وصاية دولة إيران على ما يسمى حزب الله اللبناني الذي يعتبر ذراعها في منطقة الشرق الأوسط ، وهو يقاتل معها جنبا إلى جنب في العراق وسوريا .
ولا يمكن الزعم بأن حركة الإصلاح والتوحيد المغربية وحزب العدالة والتنمية من توابع حركة الإخوان المسلمين ،لأن المغاربة لهم تاريخ إسلامي عريق لا يمكن التشكيك فيه من خلال نعتهم بالتبعية لغيرهم . ففي المغرب إمارة المؤمنين منذ دخل إليه الإسلام ، وهو البلد الوحيد المحافظ على سنة إمارة المؤمنين التي سنها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإمارة المؤمنين في المغرب تتميز بأمرائها المنحدرين من الدوحة النبوية الشريفة وهم أهل لكل توقير وحب لدى المغاربة . ولا يحتاج المغاربة إلى من يعلمهم الإسلام ، فهم يقرؤون القرآن الكريم برواية ورش عن نافع ، خلافا للقراءات المعتمدة في مصر ، ويقرؤون القرآن جماعة صبحا ومغربا ، وهو ما لا يعرفه المصريون ، ولهم مذهبهم الفقهي المالكي المختلف عن مذهب المصريين الفقهي ، ولهم جامعتهم القرويين التي هي أقدم جامعة في العالم وأقدم من جامعة الأزهرالمصرية ، ولهم مجالسهم العلمية التي لا يقل علم علمائها عن شيوخ الأزهر ، لهذا لا يمكن وصف المغاربة بالتبعية للمشارقة في التدين ، ولا يزعم ذلك إلا جاهل أو مكابر . ويحاول الإعلام المصري الصيد في الماء العكر كما يقال من أجل التمويه على فضيحة الانقلاب العسكري في مصر ، وهو يعتقد في نفسه الشطارة والذكاء والدهاء ، ويظن أن ما قام به السيسي يعتبر مفخرة لمصر وهو فضيحة قد ألحقت العار به وبمن سكت عن انقلابه المخزي . ويريد هذا الإعلام المأجور أن يجعل عار الانقلاب نموذجا يقتدى به . وكان على هذا الإعلام أن يعلم المصريين كيف يفشلون الانقلاب ، ويمكن أن يحيله على التجربة المغربية في إفشال الانقلابات العسكرية بفضل التحام الشعب بالعرش ، كما نحيله على تجربة الشعب التركي عوض محاولته اليائسة للتمويه على فضيحة الانقلاب التي ستظل وصمة عار على جبين من صفق لها وزكاها .
ومن بلادة وغباء الإعلام المصري الاعتقاد بوجود علاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة الإخوان المسلمين ، وشأنه شأن من يتهم من يردون مورد ماء واحد بأنهم نفس القوم وإن اختلفوا نسبا ووطنا . فمن المعلوم أن المورد الوحيد بالنسبة للجماعات أو الحركات أو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ولا يمكن أن يزعم زاعم إلا أن يكون جاهلا أو معاندا بأن التقاء هؤلاء في النهل من مصدر واحد هو الكتاب والسنة يعني بالضرورة أنهم كيان واحد دون وجود خصائص تميزهم عن بعضهم . أجل هم جميعا مسلمون ،ولكن تختلف مناهجهم في العمل ، فليس منهج الإخوان المسلمين هو منهج حركة الإصلاح والتوحيد التي يحسب عليها حزب العدالة والتنمية . وليس الحركات والأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي كلها على منهج الإخوان المسلمين ،فقد تتقاطع مناهج هذه الحركات والأحزاب الإسلامية عند نقط معينة، ولكنها تظل مستقلة عن بعضها يطبعها الطابع القطري ، فمنها من يراهن على السياسة ،ومنها من يراهن على العلم المعرفة ، ومنها من يراهن على التربية والثقافة … وشأنها في ذلك شأن مجموعات مسافرة نحو وجهة واحدة بوسائل نقل مختلفة جوية وبحرية وبرية ، واختلاف الوسائل وإن أدت إلى نفس الوجهة لا يعني إطلاقا تبعية واحدة للأخرى . ويبدو أن الإعلام المصري يعاني من عقدة الشعور بالريادة في العالم العربي وفي كل الميادين والمجالات . ولا توجدعقدة تضخم الأنا إلا في مصر، فهي وحدها أم الدنيا التي ولدت الدنيا ، وهو اعتقاد فرعوني موروث يعكسه قول الفرعون كما حكاه كتاب الله عز وجل في القرآن الكريم : (( ونادى فرعون في قومه قال يا قومي أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) وقوله تعالى أيضا : (( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى )). ومع أن الله عز وجل أخذه نكال الآخرة والأولى ، وجعله عبرة للطغاة ،فما زال في أرض مصر من يفخر به ، ويعتز بطغيانه . وإذا جاز الافتخار بالطغيان جاز للنازية والفاشية أيضا حظ منه، وهو ما لا يقبله من يستسيغون الطغيان الفرعوني، ولا يعتبرونه لعنة تاريخية . ولا زال حب الطغيان الفرعوني معششا في أذهان وقلوب البعض في مصر، لهذا يوجد اليوم طغاة بمصر ، ويوجد من يسلس لهم القياد كما كان يسلس للفراعنة القدماء . وأما نسبة الإرهاب لجماعة الإخوان المسلمين المعروفة عبر تاريخا الطويل باعتدالها ، و بنبذ للعنف فمحض ذريعة واهية للتغطية على مجازر السيسي في الميادين الرافضة للانقلاب .
وعلى الإعلام المصري ألا يغض الطرف عن إرهاب السيسي ، وفي المقابل يحاول أن يلفق تهمة الإرهاب الواهية لحزب العدالة والتنمية المغربي من خلال ربطه بجماعة الإخوان التي يصفها الكيان الصهيوني بالإرهابية لأنها في مبادئها تعبر بصراحة عن رفضها رفضا قاطعا احتلاله للأرض العربية. والكيان الصهيوني يعتبر كل من ينكر احتلاله إرهابيا مع أنه يمارس الإرهاب الصارخ أمام مرأى ومسمع العالم الساكت على إجرامه سكوت الشيطان الأخرس . ولا شك أنه يصف كل مغربي بالإرهاب لأن المغاربة قاطبة يرفضون احتلاله للأرض العربية ، وملكهم يرأس لجنة القدس التي تدافع عن القدس الشريف وعن فلسطين. ومن المؤسف أن بعض خصوم حزب العدالة والتنمية المغربي ، وبسبب التنافس الانتخابي يسوقون مقولة الإعلام المصري الكاذبة التي تزعم أن هذا الحزب هو ذراع حركة الإخوان المسلمين ، وهؤلاء هم مجرد أبواق دعاية للإعلام المصري المأجور الذي نتحداه أن يقول كلمة واحدة في متزعم الانقلاب . وسيسجل التاريخ تخاذل الإعلام المصري المأجور عن أداء المهمة النبيلة المنوطة بالعمل الإعلامي وفق أعراف الإعلام المحترم، والنزيه ، والموضوعي، والنظيف ، والذي لا يخشى أحدا ولا يساوم في مصداقيته مهما كانت الظروف . وأخيرا نقول إن الإعلام المصري ليس هو الشعب المصري الشقيق الذي يعاني من استبداد العسكر في عصر الديمقراطيات يا حسرتاه .
1 Comment
الحمد لله ثم الحمد لله على فشل الانقلابات العسكرية بالمغرب، في سبعينيات القرن الماضي؛ وإلا لكنا الآن نعاني الأمرين و أكثر من الارتداد والانقلاب علئ الديمقراطية كلما حاولنا السير في طريقها، تماما كما يحدث الأن في مصر، وقبل ذلك في الجزائر