ما حقيقة حقل الغاز الضخم بين المغرب والجزائر؟
لحسن العسبي
تناقلت عدد من وسائل الإعلام الورقية والرقمية بالمغرب والجزائر، خبر إعلان شركة تنقيب أسترالية وكذا شركة ريبسول الأروبية، عن اكتشاف حقول غاز هامة جدا بالجنوبين المغربي والجزائري، وهي الاكتشافات التي تشمل مناطق ممتدة بين طرفاية والزاك وتندوف، لكنه الخبر الذي بقي بدون تأكيد أو نفي رسمي من الجهات الحكومية المعنية بالمغرب. ورغم الاتصال بمصادر وزارة الطاقة المغربية، فإن مصالحها اعتبرت أن مثل هذه الملفات تتطلب، بالنسبة للوزير والحكومة الجديدين، غير قليل من التريث قبل إعلان موقف رسمي، خاصة بعد الضجة التي سبق ورافقت الإعلان عن «بترول تالسينت» سنة 2000، والذي نشرت في ما بعد تقارير صحفية تؤكد أنه كان معلومة فيها تضخيم وأن ثمة تلاعبا ما قد نسج بين شركات أمريكية ومغربية، حتى والحال أن المنطقة تلك لا تزال محروسة بشدة، ربما بسبب تواجد آليات حفر ضخمة لا تزال تحت الحراسة.
ثمة تأويل تم تداوله بين المهنيين المهتمين بأمور التنقيب عن البترول أو الغاز، بخصوص الخبر الجديد عن الجنوب المغربي، وهو أن الأمر قد لا يعدو أن يكون مجرد خرجة إعلامية تتقنها شركات التنقيب العالمية، من أجل تبرير صرف الميزانيات الضخمة التي ترصد لها من قبل ممولين متعددين، واستدرارا لميزانيات جديدة. لكن، المثير في خبر الشركة الأسترالية «لوغريش وايل أند غاز»، التابعة لشركة أمريكية أكبر، وكذا شركة ريبسول، أنه تم تعميمه مباشرة بعد نهاية الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني إلى الجزائر، والاستقبال الخاص الذي خصه به الرئيس الجزائري، الذي لا يخصص بذلك الشكل قط، سوى لرؤساء الدول، بروتوكوليا، في قصر المرادية. ثم تبعه تعميم خبر آخر، في الصحافة الجزائرية هذه المرة، يتحدث عن إعادة طرح نقاش ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر، الذي تم الاتفاق حوله بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، سنة 1972، لكنه اتفاق لم يصدق عليه قط البرلمان المغربي، بسبب حالة الاستثناء التي غرق فيها المغرب منذ 1965، لكنه صدر حينها بالجريدة الرسمية. وإذا أضفنا إليه، تأكيد تلك الشركات، في ذات الخبر، أن حوضا ضخما للغاز تم اكتشافه بين منطقتي الزاك الواقعة بالتراب المغربي وتندوف التي ألحقت من قبل الاستعمار الفرنسي بالجزائر في نهاية القرن 19، حينها ندرك أن ثمة تقاطعات كثيرة، تسمح بالتأويل بأن العلاقة بين هذه الأخبار مثيرة.
ومبعث الإثارة هنا، يسمح بالتأويل بأن شكلا جديدا للتحاور بين الرباط والجزائر العاصمة، قد يكون انطلق بفضل نتائج الحراك العربي وأيضا إكراه التحدي الأمني المشترك، وتقاطع المصالح مع القوى الدولية الوازنة مغاربيا (خاصة واشنطن وباريس). ولعل حرص وزيرةالخارجية الأمريكية على الاتصال بالجهتين معا، قبل لقاء وزيري الخارجية في البلدين وبعده، ما يقدم الدليل على ذلك. فهل دخل المغرب والجزائر مرحلة متقدمة في حل المشاكل العالقة بينهما، إذن، التي ليس إغلاق الحدود ودعم جنرالات الجزائر للبوليزاريو سوى الجزء الخارجي الظاهر منها؟، وأن الملفات الحارقة والجدية أكثر بين الدولتين، هي تقاسم واستغلال الثروات الغنية، وتصريفها، تلك الكامنة تحت الأرض بينهما؟ علما بأن كل الثروات البترولية والغازية في الغرب الجزائري، التي بدأ الإعلان عنها رسميا (حوض تندوف للغاز والنفط الصخري وقبلها الحديد)، لها أشباه في الجهة المغربية (حوض الزاك طرفاية)، وأنها عمليا تشكل حوضا واحدا مشتركا. وإذا تأكدت معلومات الشركات الأسترالية والأمريكية والأروبية، حول حجم حوض الغاز هذا الذي يتجاوز 800 مليون متر مكعب بكثير، والتي تعود إلى سنة 2010، فإن جدية الحوار بين العاصمتين المغاربيتين، من خلال لجن الخبراء وعبر آلية اللقاء كل 6 أشهر بين حكومتي البلدين، ربما يبعث الأمل في أن منطق العقل قد بدأ ينتصر، أخيرا، في سماء العلاقات بين الدولتين.
ـ الاتحاد الاشتراكي ـ
Aucun commentaire