Home»Débats»ذوو الاحتياجات بين الادماج والاهمال

ذوو الاحتياجات بين الادماج والاهمال

0
Shares
PinterestGoogle+

ذ. محمود بودور

حسب منظمة اليونسيف، 15% من سكان العالم – أي حوالي مليار من الناس على الأقل- يعانون من شكل من أشكال الإعاقة سواء كانت منذ الولادة أو مكتسبة في ما بعد. 240 مليون منهم تقريبا هم من أطفال ابتلوا بشكل من أشكال الاعاقة لكنهم يحملون أحلاما وطموحات يرجون تحقيقها في المستقبل كباقي أطفال العالم.
تعرف اتفاقية حقوق ذوي الإعاقات العيش بإعاقة بالعيش الدائم بعجز حركي، أو عقلي، أو حسي أو نفسي يعيق المشاركة في المجتمع على قدم المساواة والتمتع بنفس حقوق الأسوياء وعلى رأسهم حق التربية والتعليم.
تأتي التربية الدامجة هنا كمقاربة تربوية ترمي إلى توفير تعليم ذا جودة لجميع التلاميذ – بغض النظر عن الاختلافات والاختلالات والتي يمكن أن تكون دافعا أساسيا في هدر فئة عريضة من أبناء هذا الوطن- داخل المجتمع المدرسي بعد أن كان في مراكز خاصة خارج النظام التعليمي في أحسن الأحوال. فقبل هذا، كان مصير ذوي الاعاقات التهميش والاقصاء أو التسول وتكفف الناس.
لقد وقع بلدنا على اتفاقيات دولية تهم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. وأول هذه الحقوق الحق في تعليم عادل ذا جودة يحفظ لهذه الفئات حقها في الاندماج الكامل في مجتمعها كباقي أبناء هذا الوطن.
بداية، لابد أن نعترف أن وزارة التعليم بذلت ومازالت تبذل مجهودات محمودة لإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في الوسط المدرسي، غير أنها لا زالت لم تصل إلى المستوى المطلوب حتى نظمن حق هذه الفئة من أبناء هذا الوطن في تعليم دامج وعادل. لا زال الكثير من ذوي الاعاقة خارج الاسوار أو ينقطعون عن الدراسة عندما لا يجدون التعامل اللائق. لا توجد مقررات خاصة بهم. لا توجد مدرسة عليا لتكوين أساتذة خاصين، مثلا أساتذة الصم البكم الميسرين أغلبيتهم أساتذة الابتدائي تعلموا لغة الاشارة بالتطوع فقط. لا تخصص تكوينات ذات جودة للسيدات والسادة الأساتذة الدامجين. كما أن استغلال التكنولوجيا المناسبة لا يزال دون المستوى المطلوب: الكتب السمعية، اللوحات الالكترونية، الحواسيب الخاصة، الوسائل التكنولوجيا الخاصة بكل إعاقة على حدة…إلخ.
غالبا ما ينظر الجهلة من الناس إلى هذه الفئة بعين الازدراء والتبخيس أو في أفضل الأحوال بعين الشفقة والرحمة. يجب تجريم استخدام هذه الفئة في التسول في الطرقات أو تركهم عالة يتكففون الناس في الأسواق وأبواب المحلات التجارية. يجب على الدولة أيضا أن تتكفل بهم وأن تعفهم وتغنيهم عن السؤال، بل يجب منحهم الأسبقية في وسائل النقل وفي الخدمات العامة وتوفير الولوجيات لذوي المشاكل الحركية. كما يجب على وزارة التعليم ضمان حقهم في مدرسة عمومية مؤهلة ولم لا تفرض نسبة منهم للتكفل بها في المدارس الخاصة ليتمتعوا مثلهم مثل باقي أبناء هذا الوطن بتعليم عادل ومنصف.
إذا كانت التربية الدامجة تهدف إلى الاعتراف المجتمعي بهذه الفئة فإن التحدي هو إقرار هذا الاعتراف في العائلة أولا ثم في الشارع وأخيرا في الوسط المدرسي ليتوج بالاعتراف المجتمعي الشامل.
كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقدون للحضن الأسري الدافئ والعناية الخاصة بسبب الفقر وغلاء المعيشة والأدوية وتفشي الجهل والأمية في ظل غياب الدعم المادي الكافي من طرف الدولة. وما أكثر القصص والمشاهد التي تدمي القلوب والتي رأيناها من بعض الجاهلين الذين كانوا يربطون ذوي الاعاقات من أبناءهم أو يحبسونهم في بيوت خاصة أو في حظائر الحيوانات أو يوثقونهم بسلاسل عند مقابر الأولياء قصد استشفائهم.
أما الشارع، فيعترض فيه ذوو الاحتياجات للمضايقات والمعاملات السيئة في كثير من الاحيان. بل وكثيرا ما سمعنا عن اعتداءات وتحرشات بنساء مجنونات أو معوقات يعشن في الأزقة والشوارع.
وأما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى فهي عندما لا تجد الترحيب اللازم لتعليمهم في المؤسسات التعليمية نفسها. صحيح أن تربية ورعاية هذه الفئة تتطلب تكوينا خاصا لهيئة التدريس في ظل غياب برامج خاصة بكل فئة على حدة ( ذوي الإعاقة السمعية والبصرية والحركية والذهنية). كما أنها تتطلب ظروفا مواتية وتجهيزات مكلفة مثل قاعة الموارد التي توفرها وزارة التعليم في بعض المؤسسات التعليمية. وقبل هذا وذاك، تتطلب استعدادا وجدانيا والتزاما أخلاقيا للدفاع عن حقوقها من طرف نساء ورجال التربية والتعليم. وهذا هو بيت القصيد.
وأخيرا فإننا لابد أن نعترف، رغم كل ما ذكرنا، أننا في الطريق الصحيح. لكن إذا انخرط جنود التربية في الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة بدءا في الاعتراف بهم ثم بنشر الثقافة الحقوقية لهم في الوسط المدرسي وخارجه، وإذا التزمت المصالح المختصة مركزيا وجهويا وإقليميا في توفير الشروط الضرورية لتعليم هذه الفئة، فإن ورش التربية الدامجة في بلدنا سيحقق أهدافه ويبلغ أقصى مراميه.
ذ. محمود بودور
وجدة في 26 يناير 2025

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *