Home»Débats»الأممية الاشتراكية ، فلسطين وعويل المزايدات

الأممية الاشتراكية ، فلسطين وعويل المزايدات

0
Shares
PinterestGoogle+

عبد السلام المساوي


في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي للصخيرات تمارة المنعقد يوم السبت 28 دجنبر 2024 ، يقول الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر  » …إن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قام بتنزيل توجهات الخطاب الملكي الذي دعا فيه جلالته إلى تطوير الديبلوماسية الموازية الحزبية والبرلمانية ، من خلال استضافة اجتماعات الأممية الاشتراكية …وأسجل اعتزاز المغاربة بالتدبير الحكيم لملف القضية الوطنية من طرف جلالة الملك الذي جعلنا في وضع متقدم بخصوص القضية الوطنية في المنتديات الدولية …
إن الاتحاد الاشتراكي خلال هذه الاجتماعات استضاف أكثر من 220 ضيفا أجنبيا ، من مختلف قارات العالم ، أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا والعالم العربي ..
وأستغرب من حديث البعض عن استضافة إسرائيل، متجاهلين أن مثل هذه اللقاءات نحن لا نمتلك فيها حق الدعوة ، المنظمات الدولية كالأممية الاشتراكية هي من لها حق الدعوة للحضور ، ويعرف هؤلاء جيدا أن هذا الأمر أصبح متجاوزا في عدد من اللقاءات العالمية المتشابهة التي احتضنها المغرب سابقا ، للأسف الذين يوجهون النقد اليوم هم أنفسهم من سبق أن وقعوا على الاتفاق الثلاثي أثناء توليهم رئاسة الحكومة !
إن اجتماعات الأممية الاشتراكية بالمغرب وصلت فيها القوى المحبة للسلام الحاضرة في إعلان الرباط إلى أن تدين ما قامت به حكومة نتنياهو من تقتيل وإبادة جماعية في غزة وتطالب بتطبيق قرارات الأمم المتحدة بما فيها قرار المحكمة الدولية الجنائية .
إن إرجاع الحق الفلسطيني يلزم التفكير فيه بعقلانية ، وأسجل أن المغرب بدعمه المباشر للشعب الفلسطيني هو الدولة الوحيدة القادرة إيصال المساعدات للفلسطينيين برا وجوا وبحرا ، وهذا فيه اعتزاز وفخر … »
فلسطين لن تتحرر بهذه الطريقة الغبية أبدا . والموت الفلسطيني لن يتوقف طالما ظل هذا الغباء الشعاراتي مسيرا اهاته القضية .
نعم مثل هاته العبارات الحقيقية تغضب حملة الشعارات ممن يدعون في صلواتهم على اسرائيل منذ أنشئت لكنهم ينسون الصدق في العمل قبل الدعاء لذلك تتقدم اسرائيل ويتقهقرون هم .
هاته الكلمات لا تعجب لكنها الحقيقة العارية ، وهي الصواب كله ، وعدم تصديقها وعدم القبول بها لا يعني أنها خاطئة بل يعني أنها أقسى في صدقها من أن يتحملها العقل الهارب الى الشعارات والأناشيد ، المغيب عن سبق اصرار وترصد ، الهائم في التخيل يعتقده الواقع لان هذا الأخير غير محتمل بالنسبة له .
ستتحرر فلسطين يوم يكف الإسلاميون ، هنا وهناك ، عن المزايدة بدماء الفلسطينيين ، ويوم يخفت صوت التطرف ، ويوم يعلو صوت العقل والاعتدال والسلام .
فيما عدا ذلك ستجد النشرات الإخبارية الجائعة لمزيد من الموتى اخبارا كثيرة تبثها تحت يافطة  » عاجل  » وهي تنتشي بكل هذا الدمار الذي خلفته لنا كل هذه الشعارات ….
لم يتوقف نشطاء الحزب إياه عند شعارات دعم الصمود الفلسطيني ، بل وظفوا ذلك في التعبير عن مواقف سياسية من  » التطبيع  » ومن استئناف العلاقات مع اسرائيل ، بشكل جعل خطابات التضامن مع الفلسطينيين تبدو مجرد مطية في لعبة سياسية داخلية يحكمها تنازع المشروعيات في القضايا القومية .
وبدا التضامن مع الفلسطينيين فرصة للبيجيدي لمزيد من إيهام الناس بأن أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني لم يوقع على اتفاق استئناف العلاقات مع اسرائيل سوى على مضض ، بل إن بعض نشطاء البيجيدي وجدوها فرصة  » لرد الصرف  » للنظام  » الذي أجبر الحزب على توقيع التطبيع  » .
إن الأقنعة التي لبسها الاسلاميون طويلا ، وخدعوا بها الكثير من المغاربة ، سقطت أخيرا وظهرت حقيقة عقيدتهم الخبيثة ،.قضية فلسطين او الأصل التجاري الذي بنوا عليه مجدهم لم يعد ممكنا تخدير عقول البسطاء بها . وبالدارجة المغربية : ساعتهم سالات …ولم يعد لدجلهم أي تأثير لأن المغاربة بدؤوا يكتشفون ، ولو متأخرين من هم أصدقاؤهم الحقيقيون ومن هم أعداؤهم الحقيقيون . المغاربة بدؤوا يكتشفون التقية الإسلاموية ، و  » غموض  » و  » التباس  » وحربائية الإسلامويين ، الفرع المغربي للاخوان المسلمين المنحاز لاخوانه (حركة حماس والاتحاد العالمي ل  » علماء  » داعش …) ضد الوطن ومصالحه….
نفهم موقف التيار الأصولي الديني الذي يلعب على وتر التجييش العاطفي ، وتيار معاداة السامية ، وتهديد اليهود بأنه سيلقي بهم في البحر ذات يوم ، وأنه سيبددهم من على سطح الأرض . ونفهم أيضا أن ينجر بعض صغار العقول أمام لعبة التصعيد المستمرة، التي تسبق أي انتخابات سواء في إسرائيل أو في الضفة والقطاع .
لكن لا نفهم كيف يمكن لمن هم في حكم النخبة ان يسقطوا في الفخ ، المرة بعد الأخرى ، وأن يعتبروا قضايا وطنهم قضايا ثانوية تستحق التهكم والتندر أو تستحق في أحسن الحالات التجاهل وعدم الاهتمام . بالمقابل تتباكى هاته النخبة المزيفة على فلسطين ، وتنادي وتدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وتمتشق حسام المزايدات الفارغة ، هي التي لا تقدم لفلسطين في أفضل الحالات الا التدوينات او التغريدات أو الأناشيد المضحكة التي أضاعت بالمناسبة هاته الفلسطين منذ الثلاثينيات من القرن الماضي .
نحن بلد من البلدان التي قالت لا لبيع القضية الفلسطينية في لحظة حاسمة وحازمة . لم ننجر حول شيء ، ولم نمل لشيء . قلنا ان هاته القضية قضية عادلة يلزمنها استمرار التضامن .
المغرب لا عقدة له في هذا المجال ، وما قدمه لفلسطين على امتداد عقود وعقود يكفيه شر التبرير أو شر الدخول بنية حسنة في الحديث مع أصحاب النيات السيئة .
نساند حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ، الى جانب جاره الإسرائيلي وفق حل الدولتين الذي يومن به العالم المتحضر ، ندين العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين من هاته الناحية ، وندبن عمليات الاقتحام والتنكيل التي تستهدف المدنيين من الناحية الثانية .
نتمنى ان يعود العقل للحمقى لكي يسود السلام أرض السلام ، والبلاد التي اختارتها العناية الإلاهية لكي تحتضن كل الديانات السماوية ، وذلك هو قدرها يوم تصبح الكلمة الأخيرة للعقلاء وليس للحمقى الموتورين.
هذه هي الخلاصة بكل بساطة وبكل اختصار .
ما عداها نشيد مزايدات جد مزعج في اللحن ، ساعدنا على النوم كل هاته السنوات ، وأضاع بالمناسبة هاته الفلسطين التي ندعي جميعا أنها عزيزة على القلوب .
المغرب لم يكن أبدا بلد شعارات ، ولم يكن مثل بلدان مجاورة لنا بلدا يزايد بالقول على مأساة الفلسطينيين ويريد لها الاستمرار فقط لكي يجد ما يغنيه من الشعارات .
المغرب يعرف جيدا قيمة تلك الأرض ، ويعرف ماهيتها الأولى باعتبارها أرض سلام اختارتها العناية الربانية للديانات السماوية الثلاث لكي تكون التقاء المؤمنين على الأرض .
وفي بلاد أمير المؤمنين الكل يعرف أن الأولوية هي لوقف هدر الدم الفلسطيني ، والاولوية هي لوقف هدر دم المؤمنين من أي ديانة كانت ، والأولوية هي لعودة السلام إلى أرض السلام ، والأولوية هي مساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى في غزة على مواجهة هاته اللعبة الدموية بهم ، التي تقودها ايران من خلف ستار وتطبقها حماس لانها ما تبقى لها ، ويذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين هنا وهناك الذين يدفعون دماءهم ثمن هاته اللعبة القاتلة والمرعبة .
المغرب وسط كل هذا الدمار ، وكل هذا اللعب بالشعارات والأناشيد موقفه واضح : شعبه متضامن مع الأهل في غزة ، دولته تقدم المساعدات الضرورية للأهل هناك ، قلبه وعقله وتصوره مع حل الدولتين ومع السلام العادل والشامل ومع كل المبادرات الرامية لوقف القتل والعنف وسيلان الدماء في تلك الأرض الطاهرة ، وهو يترك للبلدان التي لا تعرف إلا المزايدات أن تواصل المزايدة لأنها لا تملك عداها ، ويترك للتيارات المتطرفة ان تفرح بكل ميت جديد في تلك الأرض الحزينة لأنه بلد محب للحياة ، ويترك للكاذبين على فلسطين التي أضاعوها منذ النكبة بل وقبل النكبة بوقت طويل ، أن يضيعوا مزيدا من الوقت في المظاهرات الصاخبة التي لم تعد تقنع أحدا بجديتها ، والتي كانت سببا من أسباب هذا الهوان الذي تحياه هاته القضية منذ سنوات .
باختصار المغرب في كل مرة ، بفضل ملكه يكون في مستوى اللحظة ويخرس الذين يزايدون على حب فلسطين وفي حب القدس داخل البلد الذي يرأس لجنة القدس والذي يعرف جيدا معنى عودة السلام ذات يوم إلى أرض القدس .
لا أحد يمكن أن يزايد على الدولة المغربية بخصوص القضية الفلسطينية ، كما أنه لا أحد لديه الحق لاعطاء المغرب والمغاربة دروسا في الدفاع عن القدس ، فمنذ عهد الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني إلى اليوم مع خلفهما محمد السادس ، تقدم بلادنا دعما لامشروطا لفلسطين وتجسد في كل أزمة معنى الوقوف الى جانب القدس والمقدسيين ، منذ اتفاقية كامب ديفيد ، مرورا باتفاقية أوسلو ولجنة القدس ووكالةبيت المال …. وفي ظل هذا الموقف التاريخي الثابت للدولة المغربية تجاه القضية الفلسطينية ما فتئ رموز الدولة المغربية ، سيما الملك محمد السادس يقوم بكل الجهود الممكنة لإيجاد حل عادل ودائم يحفظ لأشقائنا الفلسطينيين حقهم المشروع في إقامة دولة مستقلة .في التقرير السياسي أمام المجلس الوطني 19_ 12_ 2020 ، يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر (…. الاتحاد الاشتراكي لا يمكن أن يزايد عليه أحد في الدفاع عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس ….
…قرن الشهيد عمر بنجلون برؤية استشرافية بين توازي خط النضال الديمقراطي وطنيا، مع خط تحرير الأوطان والشعوب، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، وهذا هو جوهر مقولته الملهمة: القضية الفلسطينية قضية وطنية، بمعنى أن كل تقدم في إنجاز المهام الوطنية المتمثلة في استكمال الوحدة الترابية، ودمقرطة الدولة والمجتمع، والتصنيع والتنمية، يصب حتما في مجرى تحرير فلسطين، وبهذه الروح تحدث جلالة الملك حين خاطب رئيس السلطة الفلسطينية أن المغرب يضع قضاياه الوطنية في نفس مرتبة القضية الفلسطينية، وللذكرى فالاتحاد الاشتراكي باعتباره المساهم الأكبر في تأسيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني إلى جانب القوى الوطنية التي كانت في زمن الجمر والرصاص، التعبير الوحيد الذي تصرف من خلاله الأحزاب والنقابات والجمعيات مواقفها وأشكالها النضالية دعما لكفاح الفلسطينيين، في وقت كان من يتزايدون علينا اليوم يرسلون الشباب للموت في لأفغانستان بتنسيق مع المخابرات الأمريكية لمواجهة الاتحاد السوفياتي.
ولذلك حين نساند الخطوات التي اتخذها جلالة الملك، فانطلاقا من هذه الروح، في عالم تغيرت معطياته وفاعلوه وخرائطه، وبالتالي فنحن نفرق بين المبدأ والأداة، فالمبدأ ثابت وهو دعم الفلسطينيين دون قيود من حقهم في الدولة المستقلة، وحين نقول دون شروط، فيعني أننا لن نلتفت لبعض الأصوات الفلسطينية القليلة التي أنتجت تصريحات مسيئة لبلدنا وقضية وحدتنا الترابية، فنحن لا نقايض دعمنا للقضية الفلسطينية العادلة بأي مقابل، هذه اختياراتنا التي لا نمن بها على أحد، وإذا كانت هذه الثوابت ستضل هادية لطريقنا حتى يحصل للشعب الفلسطيني على حقوقه العادلة والمشروعة، فإن الأداة تتغير بتغير الظروف…
…تقتضي المصلحة الإستراتيجية لبلدنا وللفلسطينيين أن يظل المغرب هو الوسيط الأول، لأنه الأكثر مصداقية، ويكفي إخواننا الفلسطينيين أن يقارنوا بين ادوار المغرب في الأزمة الليبية وأدوار باقي الأطراف، لكي يستنتجوا مصلحة فلسطين في استئناف المغرب لأدواره في البحث عن حلول سلمية، تجنب الشعب الفلسطيني ويلات الحروب والحصار، وتيسر له سبل فرض الدولة الفلسطينية المستقلة .)
إن مناصرتنا للقضية الفلسطينية تقتضي البحث عن حل آني يتطور ويتقدم في الزمن ويراكم مكاسب شيئا فشيئا .
أما الاكتفاء بالعويل ورفع الشعارات والتحاف الكوفية ، فهذا ما يندرج فعلا في إطار : الظاهرة الصوتية التي نحمل ، بدون فخر ، شهرتها .
نعم ، فلسطين فينا شيء ثابت .
نعم ، فلسطين وعدالة قضيتها أمر لا يقبل المزايدة
ملك المغرب أكد ويؤكد أن المغرب لا يتعامل مع القضية العربية بمنطق مزاجي ومناسباتي وعاطفي لدغدغة شعور المقدسيين ، وبالتالي فلن يتاجر بقضية الفلسطينيين ولن يبيعهم الوهم ولن يردد على مسامعهم الشعارات الرنانة لتأبيد أوضاعهم المأساوية . لكن مهما كانت الانعطافات الاستراتيجية التي يقوم بها المغرب للدفاع عن أمنه القومي وسيادته الوطنية فلن يتخلى رئيس دولة المغرب والمسؤول الأول عن بيت مال القدس عن ثوابت القضية الفلسطينية الضاربة في وجدان الدولة والمجتمع المغربيين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *