ملخص النتائج استطلاع رأي حول التعليم العمومي بالمغرب
ملخص النتائج
استطلاع رأي حول التعليم العمومي بالمغرب
دجنبر 2023
تقديم
يعد التعليم حقًا مكفول بالدستور المغربي، بحيث أن وثيقة 2011 نَصت على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة.
ويعتبر العنصر البشري المؤهل الركيزة الأساسية لبناء ونجاح أي منظومة تعليمية فعالة. وفي هذا السياق، عبأ القطاع العمومي 269.015 مدرسًا خلال موسم 2023-2022، يتوزعون على النحو التالي: 144.088 في المرحلة الابتدائية، و65.198 في المرحلة الثانوية، و59.729 في المرحلة الثانوية التأهيلية (المصدر: قطاع التربية الوطنية) مع الإشارة الى أن 48.3 في المائة يعملون في المناطق القروية..
كما وصل مجموع التلاميذ المسجلين خلال الموسم الدراسي 2023-2024 حوالي 8 ملايين، منهم 13 في المائة في القطاع الخصوصي (المصدر: قطاع التربية الوطنية).
على الرغم من الجهود والاستثمارات الضخمة المخصصة له، ورغم تحقيق نسبة تمدرس وصلت إلى 100 في المائة في المرحلة الابتدائية، إلا أن قطاع التعليم لا يزال يواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالجودة. بحيث يظل من بين أكثر المجالات تعقيدًا التي لم تنجح في تطويعها جميع الحكومات السابقة منذ الاستقلال. وأصبحت هذه الإشكالية الهيكلية عائقاً أمام تحقيق الطموحات التنموية للمغرب، الذي يعتمد بشكل كبير على تطوير موارده البشرية لخلق الثروة.
من جهة أخرى، ونتيجة تراكم عدة مشاكل، يشهد قطاع التعليم العمومي منذ بداية شهر أكتوبر 2023 احتقانا غير مسبوق. نتج عنه تنفيذ إضرابات أسبوعية عطلت بشكل شبه كامل التعليم العمومي.
وفي هذا السياق، وتأكيدًا على أهمية مشاركة المواطنات والمواطنين في تقييم السياسات العمومية التي تؤثر في حياتهم اليومية، وضمن سياق الأدوار الدستورية المخولة للجمعيات في صياغة وتتبع وتقييم السياسات العمومية، وفي إطار برنامج «بارومتر المواطنة»، أجرى المركز المغربي للمواطنة استطلاعًا لرأي المغاربة للوقوف على تصوراتهم بخصوص التعليم العمومي.
السياق
تم إجراء هذا الاستطلاع في سياق وطني يتميز بحالة من الاحتقان الغير المسبوق داخل قطاع التربية الوطنية نتيجة :
– تراكم المطالب الغير معالجة بشكل نهائي، انطلقت خصوصا مع تبني الحكومة خلال سنة 2016 للتعاقد كحل لسد الخصاص في الموارد البشرية.
– الحيف الذي يشعر به نساء ورجال التعليم بسبب غياب عدالة أجرية مقارنة مع باقي الفئات المهنية المماثلة في الوظيفة العمومية.
– تجميد أجور نساء ورجال التعليم رغم ارتفاع معدل التضخم، واستفادة العديد من الفئات من الزيادة. على سبيل المثال، زيادة 3000 درهم لفائدة أساتذة التعليم العالي.
– تعهد الحكومة من خلال برنامجها بزيادة 2500 درهم لنساء ورجال التعليم الجدد، دون أن يشمل ذلك القدامى.
– مصادقة الحكومة يوم 27 شتنبر 2023 على مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، لا يستجيب لجميع مطالب نساء ورجال التعليم.
– انطلاق سلسلة إضرابات منذ الخامس من أكتوبر 2023، أدى إلى حرمان غالبية تلامذة التعليم العمومي من الدراسة.
– ضعف القدرة التأطيرية للنقابات التعليمية، وظهور تنسيقيات غير قانونية أكثر تأثيرا في الشغيلة التعليمية، ترفض الحكومة إشراكها في الحوار اجتماعي.
المنهجية:
أجرى المركز المغربي للمواطنة خلال الفترة بين 25 و28 نونبر 2023 استطلاعًا للوقوف على آراء المغاربة بخصوص التعليم العمومي في ظل الاحتقان الغير المسبوق التي يعرفه القطاع حاليا.
يستند هذا الاستطلاع على مبدأ أساسي يتجلى في أنه لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه وانطباعاته في السياسات العمومية والتشريعات التي تهمه، دون أن يُفترض أن يكون ملمًا بجميع الجوانب التقنية التي تحيط بالموضوع.
استخدم المركز المغربي للمواطنة استبيانا إلكترونيا نُشر على منصتي التواصل الاجتماعي الفيسبوك وإنستغرام.
عرف الاستطلاع مساهمة 12.138 مشاركة ومشارك يمثلون جميع جهات المملكة ومغاربة العالم.
عرف الاستطلاع مشاركة جد مهمة لنساء ورجال التعليم وصلت إلى 9.553 استاذة واستاذ، مما مثل نسبة 87,7 في المائة من إجمالي المشاركين. العدد المتبقي والمحدد في 2.585 مشاركة ومشارك مثل باقي الوضعيات المهنية (موظفون، اجراء، طلبة، في وضعية البحث عن العمل، متقاعدون، الخ). في هذا الإطار، تم تحليل النتائج بناءً على الوضعية المهنية للمشاركين مع توزيعهم على فئتين: نساء ورجال التعليم (الابتدائي والثانوي والثانوي التأهيلي) ووضعية مهنية أخري.
المشاركة تمت على أساس اختياري، وبالتالي ومن الناحية العلمية، النتائج لا تمثل سوى آراء الأشخاص الذين شاركوا في هذا الاستطلاع، إلا أنه يمكن اعتبارها تعبيرا عن توجه الرأي العام.
اهم النتائج:
– باستثناء بعض الأسئلة المتعلقة مباشرة بمهنة التعليم، تظهر النتائج عدم وجود فارق معبر بين آراء نساء ورجال التعليم وبقية المشاركين في الاستطلاع. وبالتالي، يتضح وجود توجه عام مشترك بين المغاربة في ما يتعلق بمجال التعليم.
– فقط 12.6 % من المشاركات والمشاركين يرون أنَّ الجودة هي المحدد الذي يدفع المغاربة لاختيار القطاع الخاص. بحيث أن هناك عوامل أخرى من قبيل: التوقيت المعتمد يناسب انتظارات الأمهات والآباء (41,7 % من المشاركين يرون ذلك) – التوجه العام للمجتمع ( 36 %) – فقدان الثقة في التعليم العمومي (33,8 %) – خدمة النقل ( 31,4 %) – وجودة التعليم الخصوصي تأتي في المرتبة الخامسة (12,6 %) – الخ.
– 58,2 % من المشاركات والمشاركين يدرس أبنائهم في القطاع العمومي، و 19,8 % في القطاع الخاص. في حين أن 20,4 % انتقل أبنائهم الى التعليم العمومي بعد بداية في القطاع الخاص.
– يرى المشاركون أن التحديات التي تواجه الأسر في التعليم الخصوصي تتمثل في: ارتفاع الواجبات الشهرية (83.8 % من المشاركين يرون ذلك) – ارتفاع تكاليف اللوازم والمقررات (77.4 %) – إرهاق التلاميذ بالأعمال المنزلية (56.3 %) – زيادة الواجبات بشكل مستمر بشكل أحادي (55.2 %) – قوانين تنظيمية تحمي أصحاب المؤسسات على حساب الأسر (40.7 % ) – ضعف المراقبة الإدارية للمؤسسات الخاصة من قبل القطاع الوصي (35.1 %) – ضعف تأثير جمعيات الأمهات والآباء ( 30,8 % ).
– 73,1 % من المشاركات والمشاركين لا يستفيد أبنائهم من دروس الدعم، و16,5 % يستفيد منها عن طريق اللجوء للخواص، في حين أن 3,7 % تقدم لأبنائهم بالمجان.
– هناك العديد من الظواهر والممارسات السلبية التي تحد من فعالية ونجاعة التعليم العمومي منها: الاكتظاظ (94,9 % من المشاركين يرون ذلك) – نقص الوسائل الديالكتيكية (90,1 %) – مناهج معتمدة غير فعالة (84,7 %) – فضاءات التدريس غير ملائمة (82,4 %) – الغش وضعف المراقبة (25,7 %) – عدم إيلاء الاهتمام الكافي للتلميذ ( 21 %) – ضعف المستوى التدريسي للأستاذ (12,8 %)، الخ.
– يعتبر 80,3 % من المشاركين من خارج نساء ورجال التعليم أن مهنة التعليم هي الأكثر أهمية للمجتمع مقارنة مع المهن الأخرى المقترحة في الاستطلاع (مهن الممرض، والموظف الإداري، وموظف بالضرائب، وإطار بالمكتب الوطني للماء والكهرباء). للإشارة فجميع أصحاب هذه المهن يتقاضون أجورا وتعويضات تزيد عن تلك التي يحصل عليها نساء ورجال التعليم.
– 97,7 % من المشاركين يرون أن نساء ورجال التعليم يعانون من حيف وتمييز بسبب هزالة الأجور مقارنة مع نظرائهم في الوظيفة العمومية.
– 94,2 % من المشاركات والمشاركين الغير المنتمون للأسرة التعليمية، يطالبون بضرورة تحسين أجور نساء ورجال التعليم.
– وبنسبة تصل إلى 88.3 %، يرى المشاركون أن مهنة التدريس صعبة ولا يمكن أن يقوم بها أي فرد، ويشددون على أهمية اختيار الشخص المناسب كخطوة أساسية لنجاح الإصلاح.
– 97,2 % من المشاركين يرون ضرورة احترام الحد الاقصى الممكن لكل فصل دراسي.
– فيما يخص اعتماد اللغة الأجنبية الثانية، يفضل 89,6 % من المشاركات والمشاركين اللغة الإنجليزية تم الفرنسية ب 6,2 %.
– 81,5 % من المشاركات والمشاركين لا يثقون في الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة ومدى قدرتها على تحقيق النتائج المنتظرة فيما يخص إصلاح التعليم.
– يرى المشاركون أن الأسباب التي أدت الى الاحتقان الحالي الذي تعرفه الشغيلة التعليمية يرجع الى ما يلي : الحيف الذي يعاني منه نساء/رجال التعليم (الأجر) (96,1 % من المشاركين يرون ذلك) – إخلال الحكومة بالتزامات برنامجها الحكومي (81,3 %) – إدارة غير فعّالة للملف من طرف وزارة التربية الوطنية (80,0 %) – تدبير غير فعّال للحوار الاجتماعي من طرف الحكومة (74,5 %) – ضعف التواصل الحكومي (59,2 % ) – إقرار الحكومة زيادة في أجور أساتذة التعليم العالي دون نساء/رجال التعليم (42,5 %) – استغلال بعض الهيئات للتنسيقيات لتعزيز حضورها الميداني (10,9 % ).
– 96,6 % يرون انه على الحكومة سحب المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي فطاع التربية الوطنية.
– كما يرى 93,9 % من المشاركين انه يجب اشراك التنسيقيات في الحوار الاجتماعي القطاعي رغم عدم الاعتراف القانوني بهم كمؤسسات.
– 76,6 % من المشاركات والمشاركين لا يعتقدون بوجود إرادة من طرف الحكومة لإيجاد حل يرضي نساء ورجال التعليم. وتصل نسبة عدم الثقة الى 71,5 لدى المغاربة الذين لا ينتمون لنساء ورجال التعليم.
– 79,3 % من نساء ورجال التعليم يرون يرفضون العودة الى المدرسة من أجل إعطاء فرصة جديدة للحوار الاجتماعي، في حين أن 57,8 % من باقي المشاركين مع هذا الرأي.
– 76,9 % من المشاركات والمشاركين لا يثقون في النقابات التعليمية.
الخلاصة
– من خلال تحليل النتائج المحصل عليها وكذلك مختلف تعاليق المشاركات والمشاركين، يمكن الخروج بالخلاصات التالية:
– الغالبية العظمى من المشاركين، بما في ذلك الفئات التي لا تنيمي للشغيلة التعلمية، يُقرون بأهمية مهنة التدريس بالنسبة للمجتمع ويُؤكدون الحيف الذي تعانيه هذه الفئة، خاصة فيما يتعلق بالعدالة الأجرية. ويطالبون بضرورة استجابة الحكومة لمطالبهم المشروعة.
– ليس جودة المحتوى التعليمي الذي يُقدمه القطاع الخاص هو العامل الرئيسي الذي يُحدد اختيار المغاربة له، بل الخدمات التي يُقدمها هذا القطاع والتي تلبي بشكل أساسي انتظارات الآباء والأمهات هي العامل الرئيسي في هذا الاختيار. من بين هذه الخدمات، يشمل ذلك التوقيت الملائم للآباء والأمهات، وتوفير وسائل النقل، وتوفير الحماية للتلاميذ من البيئة الخارجية، وحراستهم حتى وصول الآباء، وإدارة فعالة لمشكلة الاكتظاظ، وغيرها من الجوانب.
– بشكل عام، يتبين أن نساء ورجال التعليم، وعلى غرار باقي المغاربة، يميلون إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة بدلاً من المدارس العمومية. مما يكرس واقع تزايد فقدان الثقة في التعليمي العمومي على حساب الخصوصي، رغم النواقص الكثيرة التي يعاني حتى هذا الاخير.
– ملف نساء رجال التعليم يطرح اشكالية العدالة الاجرية داخل الوظيفة العمومية، والتي لا تعتمد على مدى أهمية تحقيق الموظف لأهدافه، بل تتعلق بشكل أساسي بالنظام الأساسي الذي يندرج فيه الموظف العمومي والامتيازات التي يمنحها هذا النظام
– قرار الحكومة بوقف الاقتطاع من أجور المضربين مبادرة جد ايجابية. لكنها تبقى غير كاملة بالنظر لعدم اتخاذ قرار بإرجاع المبالغ المقتطعة سابقا، وهي عملية تقنية جد سهلة.
– الحكومة مطالبة بتحسين تواصلها من أجل تعزيز ثقة المواطن. فمثلا، تتحدث عن الإكراهات المالية المرتبطة بالظرفية، لكنها في المقابل تظهر سخاء مالي جد مهم لفائات اخرى سواء من الموظفين او رجال الأعمال.
– في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة دعوة التنسيقيات للمشاركة في الحوار الاجتماعي، وهو أمر مفهوم ومعقول، إلا أن إستقيال بعض التنسيقيات من طرف الحكومة الحالية والحكومة السابقة في سياقات أخرى أضعف موقفعا.
– من جانب التنسيقيات، قبولها المشاركة في الحوار تحت مظلة النقابات أو سعيها نحو تأسيس إطار قانوني مستقل، حتى ولو كان ذلك إطارًا جمعويًا، كان سيساهم بدون شك في تعزيز التواصل بين الأطراف من أجل التوافق على الملفات المطلبية.
– التصعيد يخلق انطباعًا بأن الأمر يتعلق بمعركة كسر الضلوع بين الحكومة والتنسيقيات، حيث يسعى كل طرف لإظهار تفوقه.
– التأخر الحاصل في إقرار قانون الإضراب والنقابات لا يخدم تنمية البلاد. الجهة الوحيدة المستفيدة من هذا الفراغ التشريعي هي النقابات.
Aucun commentaire