سلام عليك يا تويسيت 7
كانت الالعاب هي شغلنا الشاغل,واللعب امر مرتبط بالطفولة كما يقول علماء النفس,حيث كانت ربوع دوارنا تغرينا باللعب على اختلاف انواعه,العاب جماعية كتقليد الفرسان في ركوب الخيل,او العاب الخضروف والكلل,فضاء رحب للركض,هواء نقي لا تشوبه ادخنة مصانع ولا روائر النفايات الكريهة كما هو الشان اليوم في المدن.نفوس اطفال خالية من العدوانية والتطاول على احترام الكبار.كلها امور تربينا عليها تحت سفح غيران الفيجل,وعلى مشارف غابة الصنوبر,بين دور بنيت من الطين والحجر.
ورغم حبنا للعب,الا اننا كنا نتجرد من هذا الميول لنتقمص شخصية الكبار,فنقوم ببعض الاعمال التي تناسب سننا,وكاننا نقول للكبار ها نحن قادمون.ومن بين هذه الاعمال اتذكر ذهابنا الى جبل غيران الفيجل,وقد وضعت الامهات لفلذات اكبادهن فؤوسا قد نال منها الصدأ,فوق ظهر الحمار الذي وضعت عليه خرجا مصنوعا من الحلفاء.
نذهب ونحن في حبور فياض,وحين وصولنا نتفرق للبحث عن بقايا الاشجار اليابسة,اغصان اشجار الطاكة والعرعار والكريش المترامية هنا وهناك بالقرب من جب ذي ماء عذب يسمى/حاسي الكرمة/ثم نتناول الفؤوس للبحث عن بقايا الاشجار المدفونة في التراب,كانت تسمى بلغة الدوار/الجذرة
نملأ الخرج بالحطب اليابس,ونساعد من لم يستطع ملا خرجه ثم نعود زرافات الى ديارنا,ونحن نمشي الخيلاء,تعبيرا منا على قدرتنا على جلب الحطب كما يفعل الكبار.
كانت الامهات تستقبلنا بالعناق الحار,وعيونهن على محتويات الخرج,ولسانهن لا يفتر عن الشكر,والحديث عن رجولة ابنائهن,كما يقول المثل:كل فتاة بابيها معجبة.
اما الاعمال الاخرى فكانت اقل مشقة,وتتمثل في توريد الخيول من عين بالقرب منا,لكن ما لازلت اذكره ان هذه العين كانت تمتلئ بديدان صغيرة تسمى بلغة القبيلة العلق,حيث تدخل هذه العلقات الصغيرة الى فم الفرس او الحصان على مستوى اللثة فيخرج منها دم غزير,فينتبه الاب لهذا الامر ويعلم ان هناك علقة في فم الحصان,فيعمل على تخليصه منها,وفي الحالات التي يتعذر عليه فيها ذلك يضع ما يسمى اليوم الشتوكة او الشمة في فم الحصان فتخرج العلقة مرغمة,بتاثير هذا المخدر المحلي الذي تعود عليه سكان الدوار.
كانت الطاف الرحمان تحفنا والا لدخلت العلقات الى افواهنا نحن ايضا لاننا كنا نشرب من تلك العين رغم تحذير الاباء والامهات لنا.وقد حدث ان دخلت علقة الى بطن احد الاطفال,فعانى الامرين منها,وكان على وشك الموت المحقق,لكن علاجه كان بذاك المخدر,حيث اعطي اليه على شكل سائل,فخرجت العلقة من بطنه,وعولج بقدرة قادر.
انها ذكريات لا تبلى,رسمت في دوارنا,في خاصرة جبل غيران الفيجل,وغابة الصنوبر الباسق,على مشارف المدينة الرائعة الجميلة,مدينة تويسيت.
2 Comments
شكرا على مجهودك الذي يروم إطلاع القراء على جزء من ذاكرة مدينة تويسيت العزيزة علينا رغم عدم انتسابنا إليها … حبذا لو أتحفتنا في إحدى مقالاتك بملخص من ذاكرة المدرسة التطبيـــــقية للمعادن … أما عن اللعــــبة الطفولية التي ذكرتهـــــا فهي الخذروف بالذال وليس » الخضروف » …و إلى اللقاء
انت محق اخي في كلمة الخذروف وليس الخضروف,سقطت في هذا الخطأ لان هذه الكلمة ليست متداولة كثيرا,وبالتالي فالخطأ وارد اشكرك على هذه الملاحظة.
فيما يخص مدرسة المعادن اخي فانا اعرفها كمؤسسة كانت تكون الاطر في المجال المعدني,وكنت منذ صباي ارى بعض روادها يخرجون بمحاذاة دوار العبيد للقيام بتجارب تطبيقية,ولم اكن اعلم ما بداخلها.
وقد دخلتها وانا استاذ بسيدي بوبكر,وفعلا كانت مدرسة ذات رونق جذاب ,اشجار بداخلها وورود على مختلف الاشكال والانواع.حجراتها وادارتها وساحتها تغري بالدراسة.
كان روادها من الطلبة يحصلون على ديبلومات تؤهلهم للعمل بالشركات المعدنية في انحاء الوطن لكن اليوم اظن ان هذاالدبلوم لا يساوي شيئا ما دامت جل الشركات قد اغلقت ابوابها ومنها جرادةوتويسيت وسيدي بوبكر وبوعرفة وسيدي لحسن وغيرها
اشكرك اخي واتمنى ان اتشرف بمعرفتك مستقبلا فانا الان مدير مدرسة بتاوريرت وسكناي بحي سي لخضر بوجدة رقمي هو 0678990866