فتح صفحة جديدة مع فعاليات و كفاءات الجالية
صلاح الدين المنوزي
اثارت مبادرة تنسيقية الاحزاب المغربية بالخارج عدة تساؤلات و ردود فعل تستلزم تنوير الرأي العام
1 – مبادرة مسؤولي الاحزاب المغربية بالخارج تأتي في اطار سيرورة تاريخية للترافع حول تفعيل الحقوق الدستورية لمغاربة العالم. ليست هي الاولى و لن تكون هي الاخيرة. في يونيو 2016 ، و بعد أن صادق مجلس الحكومة على مشروع قانون انتخابي يقصي مغاربة العالم، قام وفد لممثلي بعض الاحزاب المغربية بالخارج بعقد لقاءات تواصلية مع أمناء الاحزاب و رؤساء مجالس الحكامة و مسؤولين حكوميين لتقديم مقترح تعديل بفتح المجال لمشاركة المغاربة المقيمين في الخارج. بالنسبة للمبادرة الاخيرة يناير 2021، فقد تقررت في اجتماع عقد بباريس بوم 29 فبراير 2020، اجتماع تعذر على ممثلي حزب التقدم و الاشتراكية حضوره، و كان مناسبة لتسطير برنامج متكامل حالت اكراهات الجائحة دون انجازه. يتضمن هذا البرنامج ندوتين حول المشاركة المؤسساتية و الديمقراطية التشاركية، الاولى كان من المفروض عقدها بمقر الامم المتحدة بجنيف في شهر 2020 و الثانية بمجلس النواب في شهر غشت 2020. و الاهداف المتوخاة من هذه الندوتين هو صياغة مذكرة للترافع يساهم في بلورتها فعاليات سياسية و جمعوية و اختصاصيون في مجال الهجرة و الديمقراطية التشاركية و الحكامة الجيدة.
2- مبادرة يناير 2021 لتنسيقية الاحزاب المغربية بالخارج تتوخى الترافع اساسا عن المشاركة السياسية اعتمادا على الفصل 17 من الدستور. بالطبع لا يمكن فصل هذا الموضوع عن طرح السؤال العريض المتعلق بمكانة مغاربة العالم في الاستراتيجية المعتمدة من طرف الدولة في التعاطي مع قضايا الجالية بشكل عام. و هذا الموضوع بالذات يشكل احدى اهتمامات الاحزاب المشكلة للتنسيقية. فمن الطبيعي ان تتجند تمثيليات هذه الاحزاب بالخارج للمطالبة بالاسراع الى ترجمته في ارض الواقع و العمل به.
3- اعتمدت التنسيقية منهجية عمل تستند الى اعتبار المشاركة السياسية و المؤسساتية لمغاربة العالم شأن وطني في المقام الأول، يعني كل القوى الوطنية، و يتطلب بلوغها تكتل و التفاف هذه القوى حول الهدف المنشود. اخذين بعين الاعتبار ان هناك تجارب متعددة تمكننا من ملامسة اشكاليات تمثيلية الجاليات في المؤسسات التشريعية الوطنية. هناك بلدان يحظى فيها المواطنون المقيمون في الخارج بتمثيلية في البرلمان و مجلس الشيوخ، و بلدان اخرى تحصر المشاركة في التصويت فقط.
فبالاضافة الى البعد الوطني في الترافع، تتموقع التنسيقية كقوة اقتراحية لتجاوز معضلة الاستمرار في إقصاء مغاربة العالم من المساهمة المباشرة في تدبير الشأن العام، و رغبتها في اطار تبني منهجية التدرج إلى دعم المجهودات الهادفة إلى ايجاد صيغة توافقية تضمن تمثيلية قارة ، و تساهم في خلق شروط التراكم المنفتح على المستقبل
4- مستقبل الزمن المغربي الحريص على دعم روابط الأجيال القادمة مع بلدهم الاصلي و القطيعة مع زمن الهدر الذي شكل إحدى توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة في تقريرها الختامي و أساسا في الجزء المتعلق بتوطيد و احترام حقوق و مصالح الجاليات المغربية بالخارج. لقد تم التذكير في هذه التوصيات بالأمر الملكي القاضي بضمان مشاركة تامة و شاملة للمهاجرين المغاربة في الاستحقاقات الوطنية القادمة. كما أكدت على أن وضع الخطة السياسية يستلزم التشاور و التنسيق .
5- يبقى التشاور و التنسيق و التواصل بمثابة الحلقات المفقودة التي تميز العلاقات بين المؤسسات و كفاءات و فعاليات الجالية. المغرب في حاجة ماسة إلى تعبئة كل الطاقات من أجل المساهمة في مواجهة تحديات ما بعد كورونا و الاختلالات التي سلطت عليها الأضواء جلسات لجنة النموذج التنموي. استمرار غياب التناسق و انعدام الحوار الجدي و الهادف يؤدي لا محالة إلى العدمية و التطرف. فالمطلوب هو فتح صفحة جديدة لاستكمال مسلسل المصالحة و نسج علاقات جديدة مبنية على الحقوق و الواجبات و تحيين تعاقد جوهره التزامات متبادلة.
Aucun commentaire