اليوتوب بين الدعوة إلى الإسلام والإساءة إليه
قد يكون من الإبداع أن يلجأ شباب مسلم في أمريكا وأوربا إلى استبدال غلاف الإنجيل بغلاف القرآن الكريم وعرضه على مسيحيين، ليطلبوا منهم قراءة آيات محددة سلفا تحث على القتل والفتك وسفك الدماء من مثل: « اقتلوا للهلاك »، و » أما أعدائي أولائك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي » و « واضربوا لا تشفق أعينكم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء ».
إن نتيجة هذا المقلب أدت إلى استغراب هؤلاء النصارى وتبرمهم مما يدعو إليه القرآن من سفك للدماء وذبح للأطفال والشيوخ والنساء. واستنكروا قائلين: كيف يجرؤ القرآن على أن يدعو إلى مثل هذا الشيء الفضيع؟! إنه بحق كتاب إرهاب وقتل وترويع للآمنين !!!
ولكن الصدمة كانت أكبر عندما تم كشف الغلاف وعزله عن الكتاب ليدركوا أنه ليس قرآنا وإنما هو الإنجيل الذي يؤمنون به ويدينون بتعاليمه، وربما لا يعرفون شيئا عن تعاليمه لأنه مجرد كتاب يحث على القتل وسفك الدماء ويحمل بين دفتين ما يناقض العلم ويبشر ببشارات خرافية لا حظ لها من الصحة.
وإذا كان هذا السلوك يمكن اعتباره مقبولا كآلية عملية لكشف حقيقة وتبيانها لأناس مسيحيين يظنون أن القرآن يحدث على الإرهاب، فإن سلوكات أخرى على نفس المنوال لم تكن مقبولة على الإطلاق، من ذلك الإتيان بأمريكية مسلمة محجبة وأمرها بأن تصلي في قارعة الطريق وأحيانا في ساحة عمومية ملأى بالزوار والراجلين حتى يتسنى لهؤلاء الشباب المسلم أن يلحظوا ردود فعل الأمريكيين، وتصوير ذلك ونشره على قنوات اليوتوب.
إن شبابا مثل هؤلاء، رغم حسن نيتهم ومقصدهم، إلا أنهم قد أساؤوا للإسلام بشكل كبير، فمن النتائج السلبية أن المارة تبرموا من هذا الفعل لعلمهم، لكونهم مسيحيين، أن الصلاة لها مكان خاص وأن المسلمين يؤدون صلاتهم في المساجد، فكيف يقبل المسلمون أن تتم الصلاة في مكان كله فوضى وضجيج وبين المارة؟ كما أن هذه المسلمة عرضت نفسها للكثير من السخرية والتحرش فعندما كانت ساجدة جاء أحد الأمريكيين من خلفها راقصا ومتحرشا سخرية منه على هذا الفعل الغريب، إن هؤلاء الشباب أرادوا أن يثبتوا غربة الإسلام فأثبتوا غربتهم هم عن الإسلام لأنه جوهرة فريدة وثمينة فقدموه في إناء صدئ وغريب فعرضوه للاستهزاء والسخرية وقد جهلوا أن الصلاة لا تجوز في قارعة الطريق، وأن المرأة المسلمة إذا أرادت أن تصلي فمكانها هو خلف الصفوف حتى لا تثير فتنة، إذا كانت في جماعة، أما في حالة صلاة الفذ فالمرأة المسلمة ستبحث عن مكان معزول مستور وتؤدي صلاتها فيه بكل اطمئنان.
وفي شريط آخر ارتدى مسلم أمريكي عباءة بيضاء وانزوى إلى الرصيف ساعيا ومادا يده للمارة ليحصل على رغيف خبز أو قطعة نقدية من الأمريكيين، ليمتحن الأمريكيين إن كانوا سيلتفتون إليه بكرمهم لكونه مسلما أم سيكونون عنصريين بامتياز، وقد نسي هذا المسلم أنه يقدم صورة للرجل المسلم على شكل متسول يقتات مما لدى الآخرين وهي صورة قبيحة كل القبح خصوصا وأن الشاب قوي لا علة فيه ولا إعاقة.
إن استعمال الإسلام كمادة لنشر مقاطع فيديو على قنوات اليوتوب يجب أن يكون وفق ضوابط منها أن يكون الناشرون على علم بالإسلام و على دراية من موقع الفعل من الإسلام أصلا وفقها وموقفا حتى لا يخطئوا الهدف بخطإ في الوسيلة، وأن تكون نيتهم هي خدمة الإسلام لا الكسب مما ينشر عن طريق جلب أعداد غفيرة من المشاهدين.
Aucun commentaire