من هو الحزب (العقل) الذي يهتم بمشاكل المغاربة
ربما قد نتساءل من هو هذا الحزب أو الإنسان السياسي المحنك الذي يضع في انشغالاته اليومية ما يعاني منه المغاربة الذين ذاقوا المرارة من القرارات المجحفة للحكومة السابقة؟ و إذا نجحت الحكومة الحالية ستجعل المغاربة في ليل مظلم وستهجم على ما تبقى من قدراتهم الشرائية،و ستجعل مرضاهم في الشوارع و كذلك أبناءهم المتعلمون و أصحاب الشواهد في الطرقات يحتجون على وقع الهراوات الساخنة، فقد فعلت ما لم تقدر أية حكومة سابقة على فعله،و وستفعل أكثر و ستجهز على ما تبقى من المدارس العمومية وتفويتها للخواص و كذلك تفعل مع المستشفيات العمومية و مع الوظيفة العمومية ،و ستجعل قدرات المغاربة على كف عفريت بالزيادة في الأسعار و الضرائب و الاقتطاعات و رفع اليد نهائيا عن صندوق الدعم الاجتماعي دون القدرة على المساس بأصحاب المال و الأعمال و الزيادات في الهراوات على الأصوات المحتجة كما فعلت دائما تحت مبرر (ما فارسيش)، ودون القدرة على المساس بالناهبين للمال العام تحت حجة أخرى (عفى الله عما سلف) و ستكثر من الضجيج و الكلام الفارغ و الشعارات الجوفاء و التبوريدات و القهقهات و الشتائم و التهم و التحذيرات في البرلمان ،كما أتحفتنا في الفترة السابقة من ولايتها ،أي كما فعلت خلال 5 سنوات الماضية…ستفعل نفس العمل بزيادة في جرعة الطحن و السحق للمغاربة وتكسير الإرادات و العظام، خلال 5 سنوات أخرى إذا مكنت من الفوز مرة أخرى…5 سنوات الماضية عرفتنا في ما تنوي فعله مستقبلا خلال 5 سنوات أخرى ،تحت غطاء ديني و ستطلب من المغاربة : (الصبر)…
قد يراهن البعض على حزب بمرجعية دينية أو بمرجعية علمانية،أو بمرجعية لا أدري كيف يمكن تصنيفها.و لا شيء سيتغير…و يبقى الوضع على ما هو عليه ولو أتى الجن الأزرق…
ما يعلن أن كثيرا من الأحزاب قد شمرت عن سواعدها لتكون ندة وعدوة لحزب الأصالة و المعاصرة(العدالة و التنمية وحزب الاستقلال ولحزب التقدم و الاشتراكية وتصريح أمينه العام مؤخرا و الذي أشار فيه بالأصبع إلى ما يحيط بالملك من مستشارين).
ما يعرفه المواطن أن الحلبة السياسية تحولت إلى صراع مكشوف و شخصي بين هذا الأمين العام للحزب و الأمين العام لحزب آخر و هذا الترحال من حزب إلى آخر و استقطاب لوجوه جديدة من تيارات جديدة .و ما يعرفه المواطن أيضا أن كل الأحزاب المشاركة في اللعبة السياسية المسماة بالانتخابات التشريعية ،أخرجت من غمدها و ما في جعبتها ومن خنادقها وسراديبها المظلمة كل الأسلحة الفتاكة خلال هذه المرحلة من الانتخابات لتشريعية بما فيها الكذب و الاتهام المجاني و إخراج ملفات الفضائح المالية و الأخلاقية و الشخصية العائلية…و كل سلاح يمكن أن يؤدي إلى هدف(الوصول إلى البرلمان ثم الوزارة و المشاركة في الحكومة) :أي إلحاق الأضرار بالخصم وكسب نقاط زيادة في الانتخابات، يعتبر أسلوبا مشروعا رغم انه من جوهر الفلسفة الميكيافلية:كل الوسائل تعتبر مبررة و مشروعة وشرعية ،ما دامت توصل إلى الغاية، مهما بلغت درجة قذارتها و وساختها و لا إنسانيتها.
كل الأحزاب تغني على وتر المشاعر و الأماني و الأحلام لجلب المواطن إليها وجلبه أن يكون ورقة انتخابية إضافية فقط، وهنا ينتهي دوره.
لكن من كل هذا الصخب تنطلق أول امرأة مغربية 100% ومن اليسار التي تتكلم لغة أخرى ،لغة الجماهير المسحوقة:تتكلم عن إعادة الاعتبار للمدرس و المدرسة العمومية ، وعن إعادة الاعتبار للمستشفى العمومي للفئات الفقيرة و المعدمة، وتتكلم عن بطالة الخريجين المتعلمين وغير المتعلمين، وعن المحاسبة وتوزيع الثروة بالعدالة الاجتماعية،و تتحدث عن الحرية و الديمقراطية الحقيقية وفصل السلط، و إشراك الشعب في صنع قراراه، و الابتعاد عن أسلوب الحكم حاليا و جعله تشاركيا…و إيجاد السكن اللائق للفئات المعوزة التي وقعت ضحية المقاولين الشرهين الذين يبيعون صناديق غير صالحة للسكن بأثمان خيالية مستغلين العوز و الحاجة إلى مأوى يستر الأسر من الحر و القر…
صحيح أن وجه الغرابة و الإعجاب في نفس الوقت أن تكون المرأة المغربية الحديدية،و التي تتميز بالجرأة و الصراحة و الشجاعة في إثارة المواضيع التي يعجز صناديد الرجال عن إثارتها خوفا على أنفسهم أو على مستقبلهم السياسي : من أفكارها مثلا: الملكية البرلمانية و فصل السلط و ربط المسئولية بالمحاسبة و التوزيع العادل للثروة و مشاركة الأغنياء في التخلي عن جزء من ثروتهم(الضرائب) لفائدة الفئات الدنيا…
هي أشياء كثيرة تبنتها امرأة مغربية من طراز رفيع لأول مرة في التاريخ المغربي وتحمل نظريا على الاقل هموم المواطنين من الدرجة الدنيا.و لا أظن أن في الأحزاب الموجودة في الساحة امرأة نزلت إلى الميدان الاجتماعي لتدافع عن الوطن و المؤسسات الوطنية،وضد الخوصصة،و الدفاع عن الفئات الاجتماعية المقهورة مثل السيدة نبيلة منيب.
قد يرى فيها بعض الملاحظين انها تشبه في إنسانيتها ( أنجيلا ميركل) الألمانية التي فعلت الشيء الكثير للألمان و للجاليات المقيمة هناك بما فيهم المهجرون و النازحون من أوطانهم بفعل الحروب المدمرة.إنها المرأة المغربية بلون يساري و اشتراكي حقيقي و ليس مزيفا.اليساري الحقيقي دائما يتخندق و يوجد إلى جانب الطبقات الاجتماعية المسحوقة.و دأب اليساريين أن يكونوا دائما إلى جانب الفقراء و ليس إلى خندق الأغنياء الذين يزدادون غنى و ثراء في نظام لا يؤمن إلا بالأقوياء الأثرياء: أي النظام اللبرالي الاحتكاري المتوحش الذي لا يؤمن بالمنافسة الحرة الشريفة…
و يبقى للمواطن واسع النظر في أن يمنح صوته لمن يراه الأصلح حسب فكره و عقيدته السياسية، و إن كانت جهات عدة تدعو جهرا إلى مقاطعة الانتخابات(ما مصوتينش) نظرا أن الحكومة المقبلة لن تغير من الأمور شيئا و ستزيد من معاناة الشعب خلال 5 سنوات أخرى إضافية، بينما نادت أصوات أخرى بالتصويت العقابي (أي المشاركة في التصويت بالتصويت الأبيض أي لا تمنح صوتك لأحد و قدم ورقة بيضاء) ويعتبر هذا شكلا من الاحتجاج الايجابي في نظر هؤلاء الذين نادوا بهذا الأسلوب من المشاركة في الانتخابات.
Aucun commentaire