مسرحية البرشمان لفرقة فتح بالمركز الثقافي لمدينة جرادة
قدمت فرقة فتح المسرحية، بتاريخ19/08/2008
بالمركز الثقافي بجرادة ،عرضا مسرحيا بعنوان: البرشمان، تحت إشراف عمالة إقليم
جرادة، وبتنسيق مع المندوبية الجهوية
لوزارة الثقافة في إطار الاحتفال بعيد الشباب. حيث رحبت الفرقة المسرحية بالسيد
العامل والوفد المرافق له ،شاكرة الجمهور، والسكان معا ، مذ كرة بحفاوة الاستقبال
الذي تلقته بالمدينة المنجمية.
مسرحية البرشمان
حرفة الحياكة تحتاج إلى مهارة ودقة و سرعة في حركة الأنامل طلبا في إتقان
المنسوج ، بالألوان القزحية أو بدمج بعضها مع بعض ، تقوم بها آلة عصرية ، أو تتم
بين اثنين ( لمعلّم) و (لمتعلم) الذي يقوم باستبدال الخيوط المتشابكة ،مع بعضها
البعض في أوقات متزامنة ،حيث النسج والشكل، يسيران جنبا إلى جنب ،في دقة ورقة
متناهية ، المعلم كالنحلة الشغالة، والمتعلم ماهر في تزويد المعلم، بما يحتاج من
خيوط بألوانها الزاهية ، في اللحظة التي يشاء ، تتكرر هذه العملية لتعلن ميلاد
زركشة، ورسومات، وخطوط وإبداع شاعري ،
وحسابات دقيقة ،متوازنة ولكل برشمانه ،
كما للكاتب المغربي أنيس الرافعي صاحب
الوصايا العشر في فن الحكي والسرد مجموعته القصصية بعنوان البرشمان.
ولفرقة فتح القادمة من العاصمة
الاقتصادية، برشمانها المعروض على جمهور المدينة ،حيث تم تأثيث فضاء الركح ،
وتسليط الإنارة عليه، وجعله عيادة لطبيب
نفسي، يتحول مع مرور الأيام،
لمريض نفسي،يزيد حال مرضاه سوءا مع ما يصاحب ذلك من آلام وأحزان، وطقوس، ومشاعر
العنف والإحباط والانتقام نتيجة لعامل من العوامل أثناء استحضارا لماضي
الأليم، وتفكيك بنيته، والغوص في دهاليزه ، للعثور على خيط أمل يقود المريض إلى
الشفاء،من بين خيوط حمراء، وزرقاء ،وبيضاء، كما هي ألوان فضاء الركح ،أو الطيف.تنسجها
الأيام ،وتحيلها جنة أو جحيما.
فالبرشمان من تأليف، وإخراج سعدالله عبد المجيد،
من مواليد مدينة الدار البيضاء، في الرابع من شهر أبريل سنة 1954 ، حاصل على دبلوم
الدراسات العليا في القانون الخاص.له تكوين مسرحي بمعهد الكهف بباريس، وتكوين مسرحي بمعهد جاك بريفيرمارسيليا (رسالة المسرح
عند الأهالي)
ومن أعماله:
1/ مسرحية عبد الكريم الخطابي المقدمة
من طرف فرقة العروبية
2/ مسرحية زهرة بنت البرنوصي المعروضة من قبل فرقة فتح الدار البيضاء
3/ مسرحية شامة مسرح الهدهد مدينة برشيد…
وفي مجال التأليف ، مسرحية مجدوب بلادي (فرقة
الصويرة)
مسرحية سلطانة فرقة الجدار الرابع فاس…. ومن
تشخيص الممثلين المسرحيين والسينمائيين جمال لعبابسي، وجواد العلمي ،وجميلة مصلوح ،ورشيدة
السعودي وجواد العلمي. وسامي سعدالله في التوضيب الموسيقي.
وفي الإنارة، والمحافظة ،والعلاقات العامة،
كل من المهدي سعد الله. أمين باغا .نصرالدين التهامي. وسامي سعدالله، في التوضيب
الموسيقي
ونظرا لعلو كعب هؤلاء في فن التمثيل، وبلوغهم
العرض العاشر، فإن خيوط المسرحية حتما كانت متشابكة في الزمان والمكان، تمتح من أساليب مختلفة، في رسم الشخصيات ،
وتداخل الأحداث، واختلاف الرؤى والتوجهات، خاصة وأن المخرج، نهل من المعاهد
الفرنسية . وكما قيل بأن النص المسرحي لا يختزل العالم أو المجتمع، فإن المخرج سعى
إلى طرح عدة قضايا في مجالات تتقاطع خيوطها وتتشابك ..التربية، الصحة، العدالة،
المجتمع ذلك الكائن الحي الذي يتطور، ويسارع في خطواته تاركا وراءه شريحة اجتماعية
مريضة من الداخل، تعيش على وقع الهلوسة ، والجراح،والذكريات الحزينة، والمواضيع
المتجاوزة، والتفكير الشبقي لدى شريحة واسعة من الناس تعتقد أنها تعيش في مجتمع
متحضر، مدن تلفظ الفقراء ،والمزابل
الفاضلة ،والمرضى، والمهاجرين والأميين ،وأطفال الشوارع ،واللائحة طويلة. وذلك
باللغة المغربية الدارجة الساخرة الناقدة الجارحة، التي تؤثر في الأعمال الإبداعية
،وتجعلها موسمية غير خالدة.
حاول الممثلون جميعا، أثناء الدخول في
الخروج، إتقان أدوارهم، والعيش لحظات في مسرح الحياة اليومية، الذي يعج بالتناقضات،
الحب والكراهية، الجنون والعقل الذل
والكرامة الحياة والموت الفرح والحزن… فالطبيب
النفسي ،ومريضته ،عاشا حال المريض وتقمصاها إلى أبعد الحدود ، وجمعا بين الاتزان وفقدان العقل رغم حوار الطر
شان، ذلك الحوار العنيف، الذي تشعبت خيوطه، في شاشة الوجدان المنكسر، لتنسج لحظات
من الغياب، تطول في ظل اللامبالاة، التي تعيشها المراكز الصحية، ونوع الخدمة التي
يتلقاها الزوار،ورغم ذلك ينسج الفرح من الألم فرحا،عبر الفلاش باك، والذكريات
المتسللة إلى الحاضر، عبر الموسيقى الراقصة التي شحت بها الأحداث، ومنحت الجسد
شحنة تعبيرية، ورقصة الطائر المذبوح.وسط ديكور ثابت يوحي بالآلام والأحزان ،فإذا كانت مسرحية السويرتي تعتبرا لجمهور
ميتا ،بحكم تواجده في مقبرة ، فإن جمهورالبرشمان لم يسلم بدوره من العلة لكونه
ينتظر دوره للمعالجة ،لدى الطبيب النفسي، باعتباره داخل القاعة. فالمنهجية
المعتمدة، في تأليف وإخراج العمل الإبداعي البرشمان، تكاد تتطابق مع مسرحية سلطانة
المؤلفة من قبل سعدالله عبد المجيد، حيث
تشابكت العلاقات ، وتداخلت خيوط النسج، وأصبح المحقق في سلطانة، طبيبا نفسيا ، وتحولت
سلطانة المقهورة المغلوبة على أمرها ،مريضة نفسية في البرشمان، وهذا هو السر في
تبديل خيوط المسرحية لنسج عمل إبداعي آخر، بألوان مغايرة عن طريق المغامرة الفنية
المحفوفة بالمخاطر، ورغم ذلك تابع الجمهور باهتمام ماراج في فضاء الركح الشيء الذي
أدى بالفرقة ،إلى أن تتدخل في كلمتها، لتشكر الجميع السلطة المحلية والمنظمين ،والجمهور،
وسكان المدينة ،وتلتمس تنظيم مهرجان للمسرح. وختاما اعتلى السيد عامل إقليم جرادة
عبد الغني الصبار الركح وشكر جميع الممثلين القادمين من العاصمة الاقتصادية ،على الدعم
الفني للمدينة، مبرزا لهم الظروف التي حالت دون نهضة ثقافية شاملة بالمدينة المنجمية.
Aucun commentaire