جرادة : في أفق تأسيس فرع جمعية حماية اللغة العربية
اللغة العربية لغة معترف بها في الأمم المتحدة ، يتحدث بها أزيد من مليار و ثلاثمائة مليون من السكان ، ضاربة في أعماق التاريخ، متطورة ومتجددة ، نابضة بالحياة ،وعاء للمقدس والعلوم والفكر والفنون والإبداع .
موحدة الأمة ، وضامنة رقيها واستقرارها وبقاءها، شامخة البنيان، تمخرُ عباب الأزمان والدهورفي رفق ولين، لا تتآكل قواعدها ، ولودٌ ودودٌ أعدؤها في تزايد مطرد. تتعرضُ بين الفينة والأخرى إلى هزات تعصف بأهلها لابها ، فيهجرونها ،ظانين أنها غير قادرة على التعبير، بسبب بُعدهم عنها وعدم امتلاك ناصيتها ،والزهد في مجمعها اللغوي ،أكرم بها لغة ، يمّ زاخرٌتتلاطم الحضارات على صخرها، فتزيده صلابة وجمالا ، تأخذ اللهجات عبر الزمن من منابعها. يتعرض المدافع عنها إلى التجريح والنقد الانفعالي ويدخل مع غير محبيها في دوامة لا تنتهي من الجدل ، أقرها الدستور لغة أولى ليتحدث بها الأفرادُ والجماعاتُ والمؤسسات ، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة …
تقول عن نفسها: أعيشُ ظروفا مزرية وسط أهلي الذين خيموا في السواحل ولا يبحرون، يسبحون في الشط ولا يغوصون ،فأنى لهم الجواهر واللآلئ!،لا يستخدمون من قاموسي إلا النزر القليل ،يخلطون الذهب بالحديد والفصاحة بالرطانة ،فانهارت الأذواق ولجأت إلى قاموس الأسواق…
أمام الجميع فرصة تاريخية لإرجاع الأمور إلى نصابها، وإعادة الإشعاع إلى اللغة العربية بتحبيبها إلى أبنائها ، و صياغة مناهج وطرق جديدة تعين على تعليمها في المؤسسات التربوية حرة وعمومية، وتحبيب القراءة والمطالعة إلى نفوس الناشئة عبر فتح أوراش ضخمة يشارك فيها المجتمع المدني ، وتوسيع مجالها في الإعلام الوطني ، بتنويع البرامج الثقافية ودمج التنمية فيها بإشراك الجامعات المختصة في تطوير معاجمها لتتماشى مع العصر وتشجيع الأفراد على التعبير بها كتابة ونطقا واستخدام التقنيات الحديثة ،وتأهيل العنصر البشري ليكون قادرا على مواجهة التحديات وما أكثرها !.
مدينة جرادة على استعداد كامل للتضحية في سبيل رفع مكانة اللغة العربية لدى الناشئة ، بتضافر الجهود في المؤسسات التربوية والمراكز الاجتماعية والثقافية ومن خلال خلق شراكات وتنسيق بين الجمعيات والمهتمين من أجل التصدي للتراجع الذي تشهده اللغة العربية في العصر الحاضر.
إن الأساتذة والأستاذات والباحثين والأكاديميين واللغوين بالمدينة والجهة والوطن قادرون ومن منطلقات مختلفة على غرس قيم الحب في فلذات أكبادنا، بالتعاون مع الجمعيات والتنسيق في ما بينهم من خلال قنوات مشروعة كتأسيس فروع لجمعية حماية اللغة العربية تأخذ على عاتقها تطوير مقارباتها وأساليبها والدفاع عنها تطبيقا لما ورد في الدستور الجديد .
وفي انتظار تأسيس فرع لجمعية حماية اللغة العربية بجرادة،وتحقيق الأهداف المعبر عنها، نشكر جميع الإخوة الذين أخذوا على عاتقهم همّ الدفاع عن اللغة العربية بخلق برامج متنوعة بعيدة عن الغوغائية والاصطدامات ،مشوقة قادرة على التبليغ والتحفيز والتغيير بالإرتقاء بمنظومة القيم عبرالتنسيق بين الفروع وتبادل الآراء والتجارب وتعزيز قدرة اللغة العربية على التواجد بقوة على الشبكة العنكبوتية تمسكا بهويتنا وبمنابعنا الأصيلة .
Aucun commentaire