التدابير ذات الأسبقية
(الحكامة وتخليق المدرسة نموذجا)

محمد بن العياشي

تعرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ، ومختلف مصالحها الخارجية من أكاديميات جهوية ، ونيابات إقليمية ، حركة دؤوبة تتمثل في عدد من  اللقاءات التنسيقية، حول التدابير ذات الأولوية، أو بالأحرى ذات الأسبقية، لأن قضايا المنظومة التعليمية تراكمت إلى حد أصبح جلها أولويات .

وأمام تعقد هذه القضايا، وتعدد مداخل علاجها  أحال المدبر المركزي – بطريقة تشاركية ،منهجية ومنطقية تحسب له – الأمر إلى المدبرين الجهويين والإقليميين مستهدفا ا لعمل على » تقاسم الآراء وتوحيد الرؤى والمفاهيم ذات الصلة بمضامين هذه التدابير، في أفق تملكها واستبطانها وتحقيق التعبئة الجماعية حولها، استعدادا لمرحلة تنزيلها الفعلي على أرض الواقع ».1

وباختصار شديد، ترتبط خلفية هذه التدابير ذات الأسبقية بنتائج اللقاءات

التشاورية التي نظمتها الوزارة في أبريل 2014، حول واقع وآفاق المدرسة المغربية، والتي « شكلت المحطة الأولى للانطلاق في سيرورة بلورة « المشروع التربوي الجديد »، وكان من نتائجها الوصول إلى خلاصات تشخيصية واستشرافية وازنة، ساهمت فيها مختلف الفعاليات والكفاءات التي تزخر بها المنظومة التربوية والمجتمع المغربي، مما ساعد بشكل فعلي، على انبثاق وتعميق التفكير فيما يتعين القيام به من أجل تأهيل المدرسة المغربية … ». 2 وهو ما اصطلح عليه ب « تدابير ذات أولوية »  وهي تدابير إصلاحية يتوقع منها أن تمكن من تحسين المنظومة التربوية  وتهييئ شروط الإصلاح العميق لها.

أما المحطة الثانية من سيرورة تحضير  » التدابير ذات الأولوية » فتتمثل في   .

 » انكباب الوزارة على إعداد وبلورة منهجية الإنجاز من خلال تدقيق الأهداف وتحديد الإجراءات العملية للتنفيذ والتتبع وضبط المسؤوليات، ووضع الجدولة الزمنية لتنفيذ العمليات، إلى غير ذلك من المقومات الكفيلة بإعطاء هذه التدابير بعدا إجرائيا قابلا للتصريف العملي على أرض الميدان »3.

وقد حددت لهذه  التدابير ذات الأولوية  خطوط عريضة تتمثل في تسعة محاور هي:4

المحور الأول : التمكن من التعلمات الأساسية

1.    مسارات تعلم جديدة للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي؛

2.    عتبات الانتقال بين الأسلاك.

المحور 2 : التمكن من اللغات الأجنبية

1.    تقوية اللغات الأجنبية بالثانوي الإعدادي وتغيير نموذج التعلم ؛

2.    المسالك الدولية للباكالوريا المغربية.

المحور 3 : دمج  التعليم العام والتكوين المهني وتثمين التكوين المهني

5. مسار اكتشاف المهن؛

6. المسار المهني بالثانوي الإعدادي ؛

7. الباكالوريا المهنية ؛

8. التوجيه نحو التكوين المهني.

المحور 4 : الكفاءات العرضانية والتفتح الذاتي

1.    مؤسسات التفتح )الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية واللغات( ؛

2.    روح المبادرة والحس المقاولتي.

المحور 5 : تحسين العرض المدرسي

1.    تأهيل المؤسسات التعليمية؛

2.    توسيع العرض المدرسي؛

3.    المدارس الشريكة؛

4.    التعليم الأولي.

المحور 6 : التأطير التربوي

1.    المصاحبة والتكوين عبر الممارسة؛

2.     إعادة النظر في التكوين الأساس للمدرسين .

المحور 7 : الحكامة

1.    تدبير المؤسسات التعليمية ؛

2.    اللامركزية الفعلية ؛

3.    النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية .

المحور 8 : تخليق المدرسة

1.    النزاهة بالمدرسة والقيم.

المحور 9 : التكوين المهني: تثمين الرأسمال البشري وتنافسية المقاولة

1.    استراتيجية التكوين المهني ؛

2.    تثمين المسار المهني ؛

3.    التكوين المستمر في قطاع التكوين المهني.

والواقع يصعب على الناظر في هذه المحاور التسعة التمييز بينها على مستوى التتابع والتراتب والأهمية. ولكننا مع ذلك ، نرى أن المحورين السابع الحكامة والثامن تخليق المدرسة يستحقان أن يكونا من التدابير ذات الأسبقية ، فتدبير المؤسسات التعليمية  يحتاج إلى ضوابط فورية آنية ،وكذلك الشأن بالنسبة إلى النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية الذي يقتضي تدقيق المهام وحصرها ،  ومنع أي تدخل  في عمل الموظف إلا بما يسمح به القانون ، حيث  وعلى سبيل المثال تتداخل مهام الحارس العام والناظر والموجه.  كما تكون عرضة أحيانا  لتدخلات مغرضة  داخلية وخارجية في العمل التربوي أو الإداري.

كما أن تخليق المدرسة مطلب لا يقبل الانتظار. فغياب شروط التحصيل، وقيم المدرسة ، والعنف الممارس على التلميذ  وعلى أستاذه بحاجة آنية لثورة أخلاقية تقطع دابر هذه المظاهر المعيقة للعملية التعليمية ،

والمنافية لأصالة الشعب المغربي ونموذجه التربوي.