Home»Enseignement»خلية الإنصات إلى التلاميذ بالمؤسسة التعليمية

خلية الإنصات إلى التلاميذ بالمؤسسة التعليمية

34
Shares
PinterestGoogle+

خلية الإنصات إلى التلاميذ بالمؤسسة التعليمية
إعداد: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه الربوي، مكناس.
مقدمة:
تعتبر المدرسة المؤسسة الرسمية التي تسهر، في إطار القوانين والتشريعات التربوية، على عمليات تربية وتكوين الأجيال المتعاقبة، وذلك بتوفير الفضاء التربوي المناسب لهم، والظروف المواتية للنمو الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي. كما تسهر على الحفاظ على المقومات الدينية والوطنية، والموروث الحضاري والثقافي. كما أن المدرسة مسئولة على النمو النفسي السوي والتنشئة الاجتماعية السليمة وتدعيم الصحة النفسية لدى التلاميذ، منذ نعومة أظافرهم إلى حصولهم على أعلى الشهادات التي تخول لهم الاندماج في الحياة العملية والعيش الكريم. وحتى يحقق الفرد هذه الأهداف بشكل عام، فإن المدرسة تضطلع بمهام جسيمة، تتمثل في تقديم الرعاية النفسية للتلاميذ وتمكينهم من ترسيخ الثقة في أنفسهم وتعويدهم على الاعتماد على النفس واتخاذهم قرارات شخصية حرة ومستقلة.
وفي إطار المنظومة التربوية، ومن أجل تحصين النشء من الانحراف وسوء الأخلاق، فإن المدرسة هي أهم المؤسسات المسئولة على حماية التلاميذ، وذلك بالاستماع إليهم وتقديم لهم الإرشادات والتوجيهات المناسبة لوضعياتهم النفسية والاجتماعية لمساعدتهم على التغلب على الصعوبات التي تواجههم.
ومسايرة للتطور الاجتماعي، وفي محاولة لتعميم التعليم، ارتفعت، إلى حد ما ، نسبة التمدرس في المدن والقرى على حد سواء. كما ارتفعت السيولة بين المستويات والأسلاك الدراسية، فارتفع معدل التلاميذ في مختلف الأقسام، وزادت حاجيات التلاميذ، كما زادت مسئوليات جميع أطراف العملية التربوية، من آباء ومدرسين وإداريين وقائمين على الشأن التربوي. ومواكبة للركب الحضاري، والتقدم العلمي والتكنولوجي، وفي إطار الهيمنة الإعلاميائية والغزو الإعلامي لمختلف الفئات والطبقات الاجتماعية بالبوادي والحواضر خصوصا، تأثر الأطفال والشبان، ومنهم التلاميذ والطلاب، بالتيارات الأجنبية، الغربية منها على الخصوص. فتسربت ممارسات مشينة إلى الفضاءات التربوية، داخل الفصول وخارجها، وارتفعت وتيرة الاصطدامات، بين التلاميذ والفرقاء التربويين، التي أضحت عواقبها وخيمة على جميع الأطراف. كما ارتفعت نسب الهدر المدرسي ومغادرة التلاميذ الأسلاك الدراسية دون تأهيل معرفي أو مهني يضمن لهم كريم العيش. وهكذا ازداد تخوف التلاميذ من المجهول، فتسرب اليأس إلى نفوسهم واستحوذ عليهم القلق، خصوصا أولائك الذين يعانون من صعوبات مختلفة المصادر: ارتفاع نسبة البطالة والأمية حيث طالتا أغلب أفراد الأسرة، ومعاناة الفقر والعوز، وضيق ذات اليد، وتفشي بعض الأمراض لدى أسر متعددة، وارتفاع نسبة الطلاق وكثرة التخلي عن الأطفال لتتعدد دور الأيتام والجمعيات المتكفلة.

في خضم هذه الأوضاع التربوية والاجتماعية المتأزمة، تسرب العنف إلى المدرسة وأضحى ظاهرة تغزو الفضاءات التربوية، حتى أصبحت الحاجة ملحة لتواجد الحرس المدني، إلى جانب الأطر الإدارية والتربوية، داخل المؤسسات التعليمية. فما هي الأساليب والسبل التربوية الكفيلة باحتواء الأزمة والحد من الهدر المدرسي والرفع من المردودية المدرسية والارتقاء بالجودة التعليمية؟
إن المؤسسة التربوية مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، إلى تطوير الأساليب التربوية، وذلك باضطلاع جميع الفرقاء التربويين بنظريات علمية حديثة في مجال علم النفس التربوي ومناهج وطرق بيداغوجية ناجعة لربط أواصر التواصل مع التلاميذ وفهم أوضاعهم النفسية والاجتماعية المؤثرة سلبا على عملهم ومعاملاتهم ومدهم بوسائل كفيلة تساعدهم على تجاوز الصعوبات التي تعترضهم.
يبدو، وخلال فترة انتقالية، أن عملية الاستماع إلى التلاميذ، رغم ممارستها من طرف جميع المربين منذ نشأة المدرسة، أضحت تفرض نفسها، الآن، وبإلحاح، خصوصا، في الوقت الراهن، لتشخيص وضعياتهم النفسية والاجتماعية، وفهم معاناتهم اليومية بعمق، داخل محيطهم التربوي والاجتماعي.
I. الإنصات إلى التلاميذ:
1- محاولة تعريف

يعتبر الإنصات إلى التلاميذ مهمة تربوية تتجلى في عقد مقابلة مع التلميذ قصد جمع معلومات حول شخصه كتلميذ وكفرد في المجتمع للتعرف عليه تربويا ومدرسيا واجتماعيا وإقداره على معرفة نفسه.
والإنصات إلى التلميذ علاقة تربوية مهنية تتم بين المربي( أو فريق الإنصات الذي ستتم الإشارة إلى تشكيلته لاحقا) والتلميذ بناء على طلب منه، أو بعد إقناعه من طرف أحد عناصر الفريق أو من طرف أحد مدرسيه. هذه العلاقة، تتسم بتفاعلات تربوية واجتماعية، تفضي إلى جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات حول التلميذ، من أجل استثمارها ومساعدته على تخطي العقبات التي تلاقيه ضمن مساره الدراسي.
2

– الحاجة إلى الإنصات إلى التلاميذ
كل تلميذ، في الظروف الراهنة، في حاجة إلى الإنصات إليه والاهتمام به بالمؤسسة التربوية، خصوصا منهم، ذوي الحاجات الخاصة، والصعوبات التربوية والاجتماعية. لهذا أضحت هذه العملية التربوية تحظى باهتمام خاص من طرف المهتمين بالمجال التربوي والتعليمي، خصوصا بعد تفشي ظواهر متعددة بالمؤسسات التعليمية، يمكن تحديدها على الشكل التالي:
1.2

– مشكلات العنف والانحراف
لقد اكتسح العنف المدرسي المؤسسة التعليمية، وأصبح ظاهرة تربوية متفشية، بحيث يمكن تسجيل حالة عنف واحدة على الأقل كل نصف يوم، خصوصا بالسلك الثانوي، تتجلى في مشادات كلامية ونزاعات وتبادل السب والشتم وألفاظ بذيئة، وأحيانا، تبادل الضرب المفضي إلى الجرح وما يترتب عنه.
ولحالات العنف هذه أسباب كثيرة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، التخلف عن الدراسة والتغيبات، وعدم إنجاز الواجبات المنزلية، ومحاولات الغش أثناء الفروض المحروسة، وإحداث الشغب داخل الفصل…
ويصدر هذا العنف أو ردات الفعل العنيفة هذه، غالبا، عن تلاميذ في وضعية خاصة، فإما محرومون من العاطفة أو الرعاية الأبوية، أو تلاميذ لا يتم تتبعهم ولا مراقبتهم من طرف أولياء أمورهم، فينال منهم الانحراف مناله، ويتعاطون إلى المخدرات، وينتهجون السلوكات السيئة…
2.2

– التأخر أو التخلف الدراسي
إن تراكم ضعف التحصيل عند التلاميذ وانتقالهم من قسم إلى آخر، دون المستوى العادي، يشكل تأخرا أو تخلفا دراسيا عاما في كل المواد المقررة أو في بعضها.
وتطال هذه الظاهرة، غالبا، تلاميذ ذوي صعوبات أو حاجات خاصة على الصعيد العاطفي أو النفسي أو الجسدي. كما يمكن أن ترتبط بالجوانب الاجتماعية والثقافية، مما يتسبب عنه صعوبة التعلم وعدم القدرة على التركيز. كما تظهر اضطرابات نفسية عند هؤلاء التلاميذ من خلال حالات التوتر والقلق وشرود الذهن، الشيء الذي ينجم عنه قلة الاهتمام والتغيب وردات الفعل العنيفة اتجاه جميع فرقاء العملية التربوية.
ويعتبر التخلف الدراسي أحد الأسباب البارزة للرسوب والتكرار والفشل المدرسي ومغادرة الأسلاك الدراسية والهدر الدراسي بصفة عامة.
3.2

– مشكلات الاختيار وقرار التوجيه
إن ضعف خدمات الاستشارة والتوجيه، الناتج عن عدم توفر الأدوات والتجهيزات اللازمة وارتفاع عدد التلاميذ بالقطاعات المدرسية، لا يمكن التلاميذ من معرفة قدراتهم وميولاتهم واستعداداتهم بالشكل المطلوب، الشيء الذي يؤدي بهم إلى اختيار نوع الدراسة أو التكوين لا يتناسب ومؤهلاتهم الفكرية والجسمية، كما لا يتناسب وميولاتهم وتوجهاتهم الشخصية. يضاف إلى هذا، عدم إلمام آباء وأولياء التلاميذ بنظام التوجيه التربوي، وتشبثهم بتخصصات مدرسية أو مهنية دون معرفة متطلباتها ومواصفاتها، ويلزمون أبناءهم توجها، يضمن في نظرهم، مكانة اجتماعية مرموقة، لكن، يغفلون عدم التوافق بين استعدادات ومؤهلات أبنائهم ومتطلبات التخصص المرغوب فيه. الشيء الذي يمكن أن يؤدي إلى الفشل المدرسي ومغادرة الأسلاك الدراسية دون تحقيق أي هدف.
4.2

– مشكلات تربوية أخرى
يدعو إلى الإنصات إلى التلاميذ ومعرفة وضعياتهم التربوية والاجتماعية، إضافة إلى المشاكل المحددة أعلاه، مشكلات أخرى تدخل ضمن مجالات أخرى مثل التلعثم وصعوبة النطق وأمراض الكلام.
كما يضاف إلى ذلك تشخيص النظام التربوي عامة، والمناخ التربوي داخل المؤسسة التعليمية خاصة، ومعرفة نوع العلاقات والمعاملات بين الأطر الإدارية والتربوية والتلاميذ وبين مختلف أطراف العملية التربوية بصفة عامة.
3

– أهداف الإنصات إلى التلاميذ
حتى يستفيد جميع التلاميذ ذوي الصعوبات التربوية والمدرسية، يجب على المؤسسة التعليمية أن تشيع ثقافة الإنصات إلى التلاميذ وأهميتها في المجال التربوي، بإشراك جميع الأطر الإدارية والتربوية في العملية، وإقناع التلاميذ وحفزهم على عرض حالاتهم الاجتماعية والتربوية على فريق الإنصات، ووضع جدولة زمنية لاستقبال كل من يرغب في ذلك، وتحديد أهداف واضحة المعالم ونشرها للعموم باعتماد وسائل التواصل مع التلاميذ وأولياء أمرهم، ومنها: سبورة الإعلام والتوجيه، والمجلة الحائطية، والمذكرات الداخلية، والتواصل الشفوي بين الأطر الإدارية والتربوية والتلاميذ.
ويمكن تحديد هذه الأهداف في ما يلي:
· التعرف على التلاميذ ذوي الصعوبات الاجتماعية والتربوية، والتعرف على المشاكل التي تعترضهم؛
· استدعاء أولياء أمرهم ومناقشتهم حالة أبنائهم، وإشراكهم في اقتراح الحلول المناسبة لتجاوز التعثرات المدرسية أو الحالات النفسية والاجتماعية التي يعيشها أطفالهم؛
· مساعدة هؤلاء التلاميذ على تجاوز هذه الصعوبات ومحاولة دمجهم في المحيط التربوي؛
· اقتراح بيداغوجية خاصة بكل فئة من هؤلاء التلاميذ حسب طبيعة المشاكل التي يعانونها، وتنظيم حصص الدعم والتثبيت لفائدتهم بتنسيق مع مدرسيهم، أو مدرسين متخصصين في الدعم والمراجعة؛
· عرض الحالات المستعصية للتلاميذ، باتفاق مع أولياء أمرهم، على أخصائيين نفسانيين بمستشفيات متخصصة، أو على أخصائيين اجتماعيين وهيئات جمعوية متكفلة؛
II.

تشكيلة خلية أو فريق الإنصات إلى التلاميذ:
تندرج وظيفة االإنصات إلى التلاميذ ضمن مسئولية جميع المربين بشكل متكامل، بحيث يتشكل هذا الفريق من مدرسين وإداريين ومشرف على مهام الاستشارة والتوجيه. ويمكن أن ينضم إلى هذه العناصر متخصصون من قطاعات أخرى مثل الأخصائي النفساني والأخصائي الاجتماعي وطبيب الصحة المدرسية ومسؤولون عن مراكز الإنصات. أما قيادة الفريق فيستحسن أن تكون جماعية، إذ على كل عضو أن يجعل من مشاركته دورا رئيسيا حتى تؤدي عملية الإنصات وظيفتها وتحقق أهدافها. وهكذا يعمل أعضاء الفريق بالتناوب ويتم استقبال التلميذ في جلسة تربوية ملئها الثقة والمحافظة على السر.
ولتسهيل العمل والسير نحو الأهداف المرجوة من الإنصات إلى التلاميذ ، يمكن أن يتقاسم أعضاء الفريق، خصوصا التربويين والإداريين، المهام وتناط أدوار محددة بكل عضو حتى يتمكن من الإحاطة بالجوانب التي تدخل في إطار تخصصه.
III.

أخلاقيات الإنصات إلى التلاميذ:
من حق كل تلميذ الإنصات إليه، إذا كان يرغب في ذلك، كما أن كل تلميذ تم اقتراحه للإنصات إليه، لا يتم ذلك إلا بموافقته أو موافقة أولياء أمره.
كما أن عملية الإنصات إلى التلاميذ يجب أن تتم في إطار القوانين والتشريعات التربوية، حتى لا تزيغ عن الأهداف المسطرة لها. لهذا يجب أن يضبطها قانون أخلاقي خاص بها داخل المؤسسة التعليمية يحدد مسؤوليات والتزامات جميع الأطراف: تلاميذ وعناصر فريق الإنصات، حتى يعرف كل طرف حقوقه وواجباته، في إطار أهداف وحدود العملية، مع تحديد الإطار الاجتماعي وحقوق المجتمع على الجميع.
ومن أهم أخلاقيات الإنصات إلى التلاميذ، يمكن أن نورد ما يلي:
1

– الكفاءة والخبرة
يترتب عن الاستماع إلى التلاميذ عدة خدمات تربوية، تسهم في مساعدتهم على التغلب على الصعوبات التي تعترضهم. من هذا المنطلق، فاستقبال التلاميذ ومناقشتهم والتعرف على وضعياتهم واقتراح حلول معينة لمختلف الحالات، يتطلب من عناصر فريق الإنصات أن يكونوا مؤهلين نظريا ومهنيا ومزودين بالخبرات والمهارات اللازمة لذلك، ومتتبعين للمستجدات العلمية، وعلى دراية بالبحوث والدراسات في هذا المجال، حتى يقوموا بمسئولياتهم وواجباتهم على أحسن وجه، ويلقوا تجاوبا إيجابيا مع التلاميذ وأولياء أمرهم، وتحقق هذه العملية الأهداف المرجوة منها.
2

– الموافقة
من المعلوم أن فريق الإنصات يجب أن يعمل في إطار قانوني تشريعي، لهذا يجب أن يستمد مصداقيته وشرعيته من موافقة صريحة من طرف السلطة التربوية والجهات الرسمية تشهد له بالكفاءة المتوفرة فيه وإطار العمل وحدوده والأهداف التي يجب أن يسهر على تحقيقها.
3

– السرية
إن المعلومات التي يتلقاها فريق الإنصات شخصية وخاصة بالتلاميذ، لهذا، فالمحافظة على سريتها من أهم أخلاقيات الاستماع إلى التلاميذ والتعرف على وضعياتهم. إن هذه المعلومات تعتبر خصوصيات كل تلميذ تم الاستماع إليه، وبالتالي فهي أمانة على فريق الإنصات، يجب أن يحافظ عليها، وألا يفشيها، وأن يستعملها فقط لصالح صاحبها ومن أجل مساعدته.
وكل استعمال لهذه المعلومات في غير أهدافها، أو البوح بها، يمكن أن يلحق أضرارا بصاحبها كالمس بشخصه وتشويه سمعته. والقانون يؤاخذ كل من أفشى سر أي تلميذ. غير أنه ليس كل المعلومات سرية. ويبقى لقانون أخلاقيات الاستماع إلى التلاميذ تحديد نوعية المعلومات السرية والمعلومات العامة حتى لا يكتنف العملية أي لبس. ويمكن أن يمنح القانون أعضاء فريق الإنصات حق تقدير مدى سرية كل معلومة يتوصلون بها من التلاميذ.
IV.

الإنصات إلى التلاميذ ودور الفرقاء التربويين
يسهر على العملية التربوية، بالمؤسسة التعليمية، مجموعة من الأفراد يقومون بعدة عمليات تربوية ترتكز حول التلاميذ من أجل ضمان تنشئتهم الاجتماعية وتربيتهم وتكوينهم معرفيا ومهنيا، بانتهاج طرق وأساليب منصوص عليها في التشريعات المدرسية. وتشارك الأسرة، آباء وأولياء، المدرسة في تربية الأطفال وتنشئتهم الاجتماعية، لتأهيل الأجيال الصاعدة لحمل مشعل التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
من أجل تحقيق هذه الأهداف، فإن آباء وأولياء التلاميذ والأطر الإدارية والتربوية مدعوون للتنسيق والتعاون في ما بينهم، وذلك بالقيام بمهام الاستماع إلى التلاميذ والمراقبة والتتبع وتسجيل مختلف الظواهر المخالفة لما هو مسموح به والمؤثرة سلبا على السير العادي للعملية التربوية. فما هي الأدوار والمهام الموكولة إلى كل من آباء وأولياء التلاميذ والمدرسين والإداريين وكل من له صلة بالعملية التربوية داخل المؤسسة التعليمية وخارجها؟
1

– دور آباء وأولياء التلاميذ
من المعلوم أن الأسرة هي الخلية الأولى للتربية والتنشئة الاجتماعية والحفاظ على القيم الأخلاقية والدينية والثقافية والموروث الحضاري، حيث إن على الآباء، ممارسة قواعد التربية الحقة في إطار القيم والأعراف والقوانين المنظمة للمعاملات والحياة العامة. وحتى لا يزيغ الأطفال، صغارا وكبارا، ولا تجرفهم تيارات الانحلال الخلقي وانحراف الأحداث، فإن الأدوار المنوطة بالآباء وأولياء التلاميذ، بتنسيق مع المؤسسة التعليمية، وخاصة مع أعضاء فريق الاستماع إلى التلاميذ، تتجلى في ما يلي:

· مراقبة أبنائهم وملاحظة سلوكهم داخل المنزل وخارجه؛

· تسجيل السلوكات غير العادية والتدخل لمعالجتها في حينها؛

· معرفة رفاق أبنائهم والتأكد من سوية أخلاقهم وسلوكاتهم؛

·

توجيه النصح، باستمرار لأبنائهم من أجل الاتصاف بالسلوك الحسن ومعاشرة الأخيار؛

· ربط الصلة بالمدرسة، وزيارتها من حين لآخر، قصد الاستفسار حول سلوك أبنائهم وانضباطهم ومواظبتهم ومسارهم والنتائج الدورية والسنوية التي يحققونها؛

· التنسيق مع أعضاء فريق الإنصات إلى التلاميذ، ومدهم بكل الملاحظات حول أبنائهم والممارسات غير القويمة الصادرة عنهم، والتعاون معهم، من أجل إرساء قواعد سليمة، لاتخاذ إجراءات وحلول مناسبة لمختلف الحالات الشاذة المسجلة؛
2

– دور المدرسين
يعتبر المدرس الأب الروحي للأطفال، رواد المؤسسة التعليمية، حيث إن مسئوليته تتجلى في السهر على تربية التلاميذ التربية الحسنة، وتعليمهم التعليم الجيد. وقد أجمع المهتمون بالحقل التربوي أن من أهم مبادئ التربية الحديثة، خصوصا في الظروف الاجتماعية والثقافية الراهنة، البدء بمعرفة المدرس للطفل، الذي سيتكفل به منذ التحاقه، كطفل، بالمدرسة الابتدائية، إلى تمكنه، كراشد، من ناصية المعرفة والتأهيل المهني لمواجهة متطلبات الحياة.
وباعتبار العلاقة المتميزة القائمة بين المدرس والتلاميذ، والمكانة التي يحتلها داخل الفصل، والمسئولية التي يضطلع بها،من جهة، وحتى تحقق مهمة الاستماع إلى التلاميذ الأهداف منها، من جهة أخرى، فإن انخراط جميع المدرسين في العملية يعتبر ذا أهمية مركزية، حيث تتجلى مساهماتهم ومشاركاتهم في ما يلي:
· تسجيل معلومات حول كل تلميذ وذلك من حيث جوانب المعاملات والعلاقات والتفاعلات الصفية والنتائج الدورية والسنوية التي يحصل عليها، بناء على استماعه إلى التلاميذ والتواصل معهم وملاحظاته اليومية ؛

· التدخل في الوقت المناسب لتصحيح السلوكات الشاذة، وإبلاغ الأطر الإدارية المسئولة، والتنسيق مع أعضاء فريق الاستماع إلى التلاميذ، وإطلاعهم على المعلومات المتوفرة لديه، حول كل تلميذ، مع اقتراح الإجراءات والحلول المناسبة لعلاج مختلف الحالات التي تم تسجيلها داخل الفصل الدراسي؛
· استدعاء، عن طريق الإدارة، آباء وأولياء التلاميذ ذي السلوكات غير العادية، أو ذي الصعوبات المدرسية، لطرح الحالات ومناقشتها معهم، من أجل التوصل إلى حلول مشتركة، بإسهام جميع الأطراف المعنية؛
3

– دور الأطر الإدارية
تتمثل الأطر الإدارية في مجموعة من الأفراد الموكولة إليهم مهام التسيير الإداري والتربوي والتقني بالمؤسسة التعليمية، ومنهم رئيس المؤسسة، والناظر، ورئيس الأشغال، والحراس العامون، والمعيدون، والتقنيون، والكتاب، والقيم على الخزانة.
ومن المعلوم أن الفضاء التربوي يجمع هذه الأطر، حسب تخصصاتها، بالتلاميذ يوميا، سواء داخل المكاتب الإدارية، أو الساحة، أو المخابر، أو المكتبة المدرسية، وفي عدة أنشطة رياضية وثقافية وعمليات إدارية بالحياة المدرسية.
إن الظروف متاحة لهذه الأطر لملاحظة التلاميذ من جوانب أخرى، ومن زوايا متعددة تختلف عن تلك التي يطل منها الأب والمدرس عن التلميذ، بحيث يمكن أن تكتشف هذه الأطر سلوكات أخرى ينتهجها التلاميذ خلال معاملاتهم في إطار التعامل الإداري والتربوي.
إن تسجيل أي سلوك شاذ، صادر عن التلاميذ، من طرف الأطر الإدارية، وعرضه، مصحوبا بملاحظات واقتراحات، على أعضاء فريق الاستماع إلى التلاميذ، من شأنه أن يسهم في بلورة حلول مناسبة، واتخاذ إجراءات ناجعة للتغلب على مختلف الصعوبات التي تعترض التلاميذ، بتنسيق مع آبائهم وأولياء أمرهم.

4

– دور رئيس المؤسسة التعليمية
يعتبر رئيس المؤسسة التعليمية مسؤولا على التدبير التربوي والإدراي والمالي للمؤسسة التعليمية، كما أنه مسؤول لدى الجهات التربوية الإدارية والفاعلين الاجتماعيين وآباء وأولياء التلاميذ والسلطات المحلية وذلك بتنسيق تام معها وفي كل وقت وحين.
ومن المفروض أن يكون رئيس المؤسسة التعليمية ملما بالنظريات التربوية وتقنيات الإنصات والتدبير المالي، وأن يكون مقتنعا بأهمية الإنصات إلى التلاميذ، ويتجلى دوره في ما يلي:
· تنسيق أشغال فريق الإنصات وتحديد مواعيد الاجتماعات التشاورية؛
· رصد النفقات والمبالغ المالية اللازمة لتدبير العمليات المرتبطة بالإنصات إلى التلاميذ والتنقلات والتجهيزات والأدوات والوسائل الضرورية؛
· القيام بالمراسلات والاتصالات المطلوبة مع مختلف الجهات المتدخلة في عمليات الإنصات إلى التلاميذ؛
· عقد شراكات مع مراكز الإنصات وجمعيات الأخصائين النفسانيين والاجتماعيين وكل هيئات المجتمع المدني التي تبدي رغبة في التعاون ومساعدة التلاميذ ذوي الصعوبات والحاجات الخاصة؛
· تنظيم دورات تكوينية في مجال الإنصات ألى التلاميذ تحت إشراف متخصصين في المجالات النفسية والتربوية والاجتماعية؛
· تلقي التقارير من طرف فريق الإنصات وإخبارالجهات المسؤولة بسير مختلف العمليات والنتائج المحققة؛
5

– دورالمستشار في التوجيه التربوي
يعتبرالمستشار في التوجيه التربوي أحد الأطر الإدارية والتربوية المشرف على عمليات الاستشارة والتوجيه والمتخصص في المجالات التربوية والمدرسية والإدارية والمسندة إليه جملة من المهام يمكن تلخيصها في ما يلي:

· تنظيم وإنجاز أنشطة الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، مع استحضار الأبعاد النفسية والتربوية والاجتماعية للتلاميذ، وكذا الأبعاد الاقتصادية والثقافية للمجتمع، والسياسة التعليمية التي تنتهجها السلطات التربوية؛

· إعداد وإنجاز أنشطة سيكوبيداغوجية تمكن من جمع معلومات حول التلاميذ للتعرف عليهم ومساعدتهم على معرفة قدراتهم ومؤهلاتهم وميولاتهم الفكرية والجسمية لبناء مشاريعهم الشخصية الدراسية والتكوينية والمهنية؛
· المساهمة في عمليات التقويم السيكولوجي والتربوي واستثمار نتائجها قصد التعرف على التلاميذ المتعثرين وذوي الصعوبات المدرسية، من أجل تنظيم حصص الدعم التربوي لفائدتهم، وكذا التعرف على التلاميذ ذوي الحاجات الخاصة لعرضهم على أخصائيين نفسانيين وأطباء متخصصين؛
· إنجاز دراسات وبحوث في المجال التربوي واستثمار مختلف المعطيات التربوية والمدرسية والمشاركة في المجالس التربوية والتقنية …
إن هذه المهام الموكولة إلى المستشار أو المفتش في التوجيه التربوي تحدد معالم الدور المميز الذي يمكن أن يلعبه ضمن فريق الإنصات إلى التلاميذ وذلك كما يلي:
· المشاركة كعضو ضمن فريق الإنصات إلى التلاميذ من حيث جوانب تخصصه في المجال التربوي والنفسي والاجتماعي، إذ يشكل تكاملا مع أعضاء الفريق؛
· وضع برنامج الاستماع إلى التلاميذ وإدارته بتنسيق مع أعضاء فريق الاستماع إلى التلاميذ ومع رئيس المؤسسة، وتنظيم مختلف العمليات التربوية والإدارية؛
· إعداد ملفات لتشخيص وتتبع مختلف الحالات المطروحة على فريق الاستماع إلى التلاميذ؛
· استثمار المعلومات المحصل عليها في مجال الاستشارة والتوجيه، لمساعدة التلاميذ على التعرف على قدراتهم ومؤهلاتهم وميولاتهم من أجل بناء مشاريعهم الشخصية المدرسية والتكوينية والمهنية؛

خاتمة:
إن توفر كل مؤسسة تعليمية على فريق تناط به مهمة الإنصات إلى التلاميذ، من شأنه أن يسهم في الحد من المشاكل اليومية وذلك بإدماج التلاميذ ذوي الصعوبات والحاجات الخاصة في مجموعة الفصل والانخراط في الحياة المدرسية. وتتحق هذه الأهداف بتظافر جهود جميع الأطر الإدارية والتربوية والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين ومراكز الإنصات.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. مفتش
    05/01/2008 at 12:31

    الانصات الى التلاميذ يجب ان يكون في اي نظام تربوي يحترم الضوابط التربوية التعارف عليها دوليا. وبالتالي تكون العملية (الانصات) مقتصرة على فئة محدودة جدا و التي لا تجد نفسها في سياق النسق التربوي العام الذي تم التخطيط له لتدريس جماعي في غالب الاحيان. لكن في منظومتنا التربوية تغيب عدة اسس للعمل بمنطق التربية فهل يعلم السيد نهاري انه في واضحة النهار يعبث بالمبادئ الاساسية للتوحيه وأن المذكرة 91 المنظمة لمجال الاستشارة و التوحيه تم تفسيرها ممن يفترض فيهم الدفاع على مصلحة التلميذ لمصالح ضيقة واصبح من المستحيلات معرفة متى يحب ان يتواحد المستشار بالمؤسسة التعليمية من باب المستحيلات حيث اصبح حل المستشارين لا يتواجدون بالمؤسسات الا نادرا فكيف يمكنهم ان ينصتوا الى التلاميذ؟و اذا اصفنا توريط اغلبية التلاميذ في مسارات دراسية لا يستطيعون مسايرتها؟ واعطي بعض الحقائق : لقد قمت بدراسة ميدانية في نيابة ما على نتائج السنة الثالثة اعدادي ونوصلت الى ما يلي:
    1-نسبة النجاح المقررة خارج الضوابظ التربوية هي 64%
    2- آخر معدل للنجاح يتراوح حسب المؤسسات بين 20/7.8 و20/09 بمعنى ان هناك من نجح و بالتالي توجه بمعدل 7.8 وهناك من كرر او فصل بمعدل 8.99
    3-نسبة الحاصلين على المعدل 20/10 الذي نص عليه لحصول التلميذ على شهادة التعليم الاعدادي لا يتجاوز 32% و بالتالي كل تلميذ يتواجد في الجدع المشترك باستحقاق فبجانبه يتواجد آخر لا يتوفر على الشروط التي ينص عليها الميثاق. فاساس الاختلالات التي تشهدها المنظومة التربوية اغليها نابع من وضع التلميذ في موقف لا يمكن الا ان يكون كما نراه اليوم :متمردا-عنيفا- يائسا-……….لانه لا يستطيع المسايرة و نفرض عليه منطق اذا عمت هانت. وقضية الانصات الى التلاميذ عن طريق انشاء مراكز للانصات ما هو الا مسكنات و در الرماد في العيون المشطل اعمق بكثير و يتجاوز الاآليات المعمول بها في الانظمة التربوية التي تعتمد النتائج الحقيقية و تحمل المسولية من طرف الجمبع كل في اجتصاصه. و لقد حان الوقت لكشف الاوراق و الاعتراف بان منظومتنا التربوية تعمل في فراغ بحيث لا علاقة للمعل التربوي و مضمون المناهج بالنتائج النهائية كل سنة .فالخريطة المدرسية تتخل خارج ابسط المبادئ التربوية و تفرض النتائج حسب منطق يجب نبده ورفضه و محابته بكل الوسائل وهو: عدد الاماكن المعبر عنها في تحضير الخريطة =؟

  2. وجدي غيور
    07/01/2008 at 23:44

    شكرا للسيد المفتش الذي أضاف تعليقا على المقال .
    لقد قلت الحقيقة فيما يخص زيارة الموجه الذي أرى من وجهة نظري حسب الواقع الآن أن لا جدوى من وجوده أصلا ،لأنه لا يزور المؤسسة الا في آخر السنة قصد شرح التوجيه والشعب الموجه اليها وحضور مجالس الأقسام في آخر السنة .
    هل عندنا موظف في الدولة يتقاضى أجرة و يعمل في السنة أقل من شهر؟
    وحتى لا يرد أحد على تعليقي بالنفي ،فأنا اولا رجل تعليم وألاحظ زيارة الموجه ،اضافة الى شهادة زميل لي في هذه الوظيفة المسماة ب »التوجيه » الذي قال لي بالحرف أ »ننا نذهب الى مكتبهم لنبوانتيوا ».
    المهم أن نستمع شيئ جيد لكن كما قال السيد المفتش صاحب التعليق ماذا سنغير لأن منظومتنا التربوية تحتاج الى عمليات جراحية كثيرة وليست بحاجة الى عملية تجميل .
    ما الذي يستطيع أستاذ أو موجه أو مفتش أن يغيره في واقع تعليمنا ،ففي كل سنة نجتمع مع المفتشين ونسمعهم همومنا واهتماماتنا وقضايا التعليم ،نتحاور مدة الاجتماع ،وتطوى الملفات والى موعد آخر أو سنة أخرى حيث نعيد اجترار نفس المواضيع.
    هذا اذا ما وجدت الاطار التربوي الذي يحز في نفسه ما آل اليه التعليم ام اذا كان اللقاء والاجتماع مع المفتش وليس الاطار التربوي وأظن أن هناك فرقا بين التسميتين .
    فالمؤطر التربوي هو الذي يبحث في مآل التعليم ومشاكله وهمومه ومستجداته و……………..
    أما المفتش فحضوره غالبا ما يكون سلبيا وليس له فائدة ،لأن هدفه دائما هو الزيارات والبحث عن العثرات والهفوات ليحس بأن وجوده ذا قيمة ،وأنا كنت اقترحت في تعليق سابق أن يتقاسم المفتش الذي يحس بأن له كفاءة وأنه يريد تقديم خدمة لبلده الحصص مع أساتذة نفس المادة ،بمعدل حصة في كل مؤسسة ، بحيث يمكن من نصف الحصة « 12 ساعة »للاعدادي » أو 10 ساعات للثانوي حتى يجمع بين النظري والتطبيقي ،لأن الذي مارس التدريس في الثمانينات وانقطع عنه ليس كمن يمارس الآن وشتان بين الجيلين من التلميذ وبين النظام التربوي والتعليمي…….

  3. taliba
    06/12/2012 at 13:44

    arjo itaa ala9at atilmid binafsih

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *