فسحة في السياسة و الصداقة ، المصالح و المبادئ
بين المصالح و المبادئ مسافة ’كالمسافة التي تفصل بين الصداقة و العداوة.في أبجديات المصالح ليست هناك عداوة دائمة و ليست هناك صداقة دائمة.فالشروط عندما تتغير’ تتغير النتائج المرتبطة بها.يضرب المثل بالدولة الأمريكية كمدافعة عن مصالحها أولا و أخيرا.فهي دولة مصالح و ليست دولة مبادئ.وتبعا لهذا’فلا وجود لعدو خالد و لا صديق دائم.فعندما تنتهي المصلحة قد تبدأ العداوة.فالمصلحة تبرر الصداقة ’كما أن الغاية تبرر الوسيلة.وهذا يعتبر مبدأ ميكيافلي صاحب كتاب(الأمير).يحتوي على نصائح في تدبير شؤون الحكم و سياسة الرعية.ولنا في التاريخ العربي ما يشبه هذا الاتجاه.فلقد ساد في بداية قيام الدولة العباسية المبدأ السياسي المشهور (اليد التي لا تستطيع أن تقطعها قبلها) و تقول العامة في نفس السياق (تمسكن حتى تتمكن). العلاقة بين أمريكا و توابعها لا تنبني على المصالح المشتركة ’لأن النظام الرأسمالي نظام احتكاري قائم على الفر دانية و الأنانية وحب الذات’و هو احتكاري قائم على المنافسة المدمرة.فلأجل تحقيق المصلحة الخاصة و المنفعة الشخصية لا بد أن تدمر من يقف حاجزا أمامك’لان شرط الوجود والحفاظ على البقاء و الحياة يفرض هذا القانون (فالبقاء ليس للأصلح و الأحسن بل البقاء للأقوى(و القوة تفرض خلوا لشخص من الرحمة’لأن الرحمة دليل على الضعف).وقيمة الأشياء و الأشخاص تحدد بالمنافع و المكاسب التي تدرها أو تجلبها للشخص أو الجماعة. يقال أن العرب أمة مبادئ و ليست امة مصالح.فهي امة تحترم الوعود والمواثيق و الالتزامات المعاهدات في أوقات السلم و أوقات الحرب,و التاريخ يشهد على ذلك.فالقبائل و الإمارات العربية التي كان لها ولاء للفرس كانت تحارب قبائل و إمارات لها تبعية وولاء للروم .كما أن التراث العربي يعتبر الكلب مضرب الأمثال في الوفاء لسيده و التبعية له في السراء و الضراء(و مهما قسا عليه أو مارس عليه من اضطهاد ) حتى أن أحد الشعراء مدح شخصا( مشبها إياه بالكلب في وفائه و كالتيس في مقارعة الخطوب)وهذا يدل على مكانة الكلب في الثقافة العربية القديمة. لكن هذا الحيوان الذي له أفضال لا تعد و لاتحصى حيث ورد ذكره في القران الكريم في سورة الكهف,لم يسلم من أي شتيمة أو سب أو قدح أو استهزاء أو حط من القيمة.فالعقل الجمعي الشعبي يشبه الشخص المتملق بالكلب ’و الشخص الذي تنعدم فيه الشهامة والحياء هو كالكلب أيضا.كما يقال عن شخص تابع كالكلب ’أو جاء يلهث كالكلب ’أو أكله متسخ كالكلب’أو متشرد كالكلب’أو لئيم كالكلب…الخ..والثقافة الشعبية تؤمن أن البيت الذي يسكنه كلب تدخله الشياطين و تخرج منه الملائكة.مع العلم أن هذا المخلوق الإلهي العجيب خلق ليقوم بمهمة السخرة للإنسان معتبرا إياه سيدا له.و يقدم خدماته الجليلة لسيده بأجر معنوي و في غاية الزهد. العرب أمة مبادئ و ليست أمة مصالح.و كثير من العرب الحكام يفتخرون بولائهم و صداقتهم لأمريكا و للعالم الغربي’بينما العكس غير صحيح.فصداقة الغرب للعرب مبنية على نهب و سرقة الخيرات العربية ’و على ما يبيعونه للعرب من منتجاتهم وخدماتهم بأسعار عالية
.و في وقت شدة العرب و محنهم لا يجدون هذا الغربي إلا عدوا لهم و يتخندق إلى جانب عدوهم الأزلي(إسرائيل).بل إن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على قلب الأنظمة السياسية المناوئة لها’لتحل محلها أنظمة خادمة لها و لمشروعها.أمريكا تريد من أتباعها تبعية الكلاب لسيدها.فالكلب لا ينبح إلا بأمر سيده ’هكذا يقول المثل الروسي.و أمريكا تريد منا أن نكون كلاب حراسة لمصالحها و لمصالح ابنتها المدللة (إسرائيل)مقابل معونات لا تسهم في حل آي مشكلة من مشاكل التطور و التقدم كالمساعدة في اقتناء حواسيب’أو منح حليب فاسد أو أدوية فاقدة لفعاليتها..وهكذا.. في حرب 1956حينما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر عن تأميم قناة السويس’هبت انجلترا و فرنسا و إسرائيل للعدوان على مصر ’و سمي العدوان هذا بالعدوان الثلاثي.تعمل أمريكا و إسرائيل و انجلترا و فرنسا لنفس الهدف و هو التآمر على الأمة العربية من خلال إثارة النعرات الدينية و الفتنة الطائفية و الحرب الأهلية بين فئات الشعب الواحد أو بين الشعوب العربية و الإسلامية.لا فرق بين الصديق و العدو ’فالصديق عندهم هو من يحقق مصالحهم خاصة أمريكا و إسرائيل.و العدو هو من يحقق مصالح شعبه ومواطنيه .أمريكا عدوة لأي تطور علمي أو اجتماعي وسياسي في أي دولة عربية بالخصوص.ومصلحتها تقتضي تقسيم الوطن العربي إلى دويلات صغيرة متناحرة و متقاتلة في ما بينها.ومصلحتها في تخلف الشعوب و ليس في تعلمها و تطورها .و في عجز المواطن العربي أن يدبر شؤونه بنفسه أو يعتمد عليها ’وتبقيه في حالة احتياج إلى منتجاتها الصناعية و الغذائية … الصداقة الحقيقية تنبني على المبادئ ’و تظهر في وقت الشدة.ولعله الاختبار الوحيد و الصادق لقياس ولاء الصديق لصديقه.وقد قال الصحابي الجليل علي بن أبي طالب الفقيه و العالم و الأديب و الإمام والفارس و صهر النبي’في قصيدة كلها أمثال و حكم و عبر لمن يريد أن يعتبر-÷ ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم و لكنهم في النائبات قليل و أعتذر أن كان البيت يحمل أخطاء في الصياغة .ولعل ما يجعل العذر مقبولا هو اقتناعنا بأهمية المعنى و الفكرة ’أكثر من اهتمامنا بالشكل و الصياغة .و هذا البيت قريب من لغتنا الشعبية÷(تعرف الصديق وقت الضيق)..فسحة مريحة..
Aucun commentaire