في إطار الدور الأساس الذي أصبحت تلعبه جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في النهوض بأوضاع المؤسسات التعليمية، وتطوير خدماتها، وتحسين ظروف العمل بها، وإعادة البريق المفقود للمدرسة العمومية في أفق تحقيق الجودة المنشودة، تمكنت بعض الجمعيات في ظرف وجيز من إخراج الكثير من المؤسسات التربوية من وضعها المتأزم؛ إلى وضع جديد، خاصة لما يتعلق الأمر بمؤسسات عريقة ، تخرج منها العديد من الأطر المغربية.

من جملة التجارب الرائدة، نذكر على سبيل المثال، ما تم تحقيقه بمدرسة علال بن عبد الله بتاوريرت بفضل حيوية ونشاط أعضاء مكتب الجمعية، وجدية وتفهم السيد مدير المدرسة. هذه المدرسة التي بنيت سنتين بعد توقيع اتفاقية الحماية 1914، وسميت بالمدرسة الأوربية لأنها كانت مخصصة لأبناء المعمرين، وفي الأربعين، سميت بالمدرسة الإسلامية، حيث سمح لبعض أبناء الأعيان بولوجها في إطار التوجه الجديد لسلطات الحماية التي استهدفت محاربة المدارس الوطنية المعروفة بالتعليم "الحر". بعد الاستقلال، حملت المدرسة اسم المقاوم الشهيد علال بن الله. عرفت هذه المؤسسة عدة إصلاحات وترميمات كبرى، شملت جميع المرافق، كإصلاح سقوف أربع قاعات، وتبليط أرضية واجهة المؤسسة، وإصلاح وترميم الإدارة التربوية، بناء المرافق الصحية، إصلاح قنوات الماء الصالح للشرب، واستبدال الشبكة الكهربائية، وتجديد أبواب الحجرات، والتخلص من 03 قاعات من النوع المفكك، وتعويضها بالنوع الصلب، وصباغة الأقسام، ثم إصلاح الأبواب الرئيسية، وتزفيت سقوف حجرات الملحقة.

كما عملت جمعية أمهات وآباء وأولياء تلاميذ وتلميذات مدرسة علال بن عبد الله بتاوريرت على إبرام اتفاقية شراكة مع الأكاديمية، أدت إلى إحداث قسمين للتعليم الأولي، وتوظيف مربيتين، بالإضافة إلى إنجاز قاعة متعددة الوسائط بمساعدة الفاعلين الاجتماعيين، وبعض المحسنين، وتم تجهيزها من قبل البرنامج الأفقي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. لقد هدف المشروع إلى تعميم الإعلاميات بالمؤسسة، وخلق فضاء أنشطة موازية، وتكوين الأساتذة والآباء في ميدان الإعلاميات.

يتكون المشروع من قاعة مساحتها 84 مترا مربعا، مجهزة بأكثر من 10 حواسب، وآلة طابعة، وآلة استنساخ، وطاولات، ومكيف، وجهاز تلفاز وخزانة، وسبورة خاصة. استغرق إنجاز المشروع ثلاثة أشهر، وبلغت الكلفة الإجمالية للمشروع 303300,48 درهم، حيث تكلفت الجمعية والشركاء بالبناء الذي وصلت تكلفته إلى 207060,48 درهم، وقام البرنامج الأفقي للتنمية البشرية بالتكلف بتجهيز القاعة الذي وصل إلى 96240,00 درهم، و يدخل هذا الإنجاز الرائد في إطار تفعيل مضامين الخطاب الملكي حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، واعتمادا على المؤهلات البشرية والمالية للجمعية وشركائها، ورغبة ساكنة مدينة تاوريرت في الرقي بهذه المعلمة التاريخية، ووفاء للشهيد الذي استرخص حياته فداءا للوطن .

إن هذا الإنجاز يؤكد من جديد النضج الذي وصلت إليه جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، وإدراكها الجيد لأهمية وجودها داخل المنظومة التربوية، وتعبير منها على قدرتها على تحقيق الكثير من المنجزات في حالة ما إذا فتح المجال أمامها، وتم تمكينها مما هو منصوص عليه في المذكرات والتوجيهات الرسمية، وعدم التدخل في شؤونها. لقد أدركت الجمعيات أهمية الشراكة، وأصبحت سباقة إلى البحث عن الشركاء إيمانا منها أن التعليم الجيد والنافع هو المدخل الوحيد للتنمية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال المدرسة العمومية …

فتحية حارة للإخوة أعضاء مكتب الجمعية بمدرسة علال بن عبد الله، وإلى السيد مدير المدرسة على تعاونه وتسهيله لمهام الجمعية، وللسيد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية على تعاونه الجاد، ومثابرته، وحرصه، ومتابعته رغم كل الإكراهات المادية والبشرية، ولكل الذين ساهموا من بعيد أو قريب في إنجاز هذه المشاريع التي ساهمت في ربح مؤسسة تربوية عريقة، وتحسين شروط الأداء التربوي وحققت خطوة نوعية على طريق تحقيق الجودة .