المغرب والانتقال الديمقراطي الاقتصادي
لم يعد أمام المغرب من خيار ليطالب المواطن العادي بحقوقه السياسية ويمارسها في المعيش اليومي غير تأمين الانتقال الديمقراطي الاقتصادي من خلال الحسم في نهجين اقتصاديين يناسبان ظروف المغرب وخصوصيته ومرجعية هيئاته السياسية وتوجهها الاديولوجي. الأمر يتعلق:
1
– بالليبرالية الاجتماعية الديمقراطية التي تمزج في تناغم يلائم شروط التطبيق على النموذج المغربي بين مزاياالرأسمالية و إيجابيات الاشتراكية. ولنا في النموذج الصيني ثاني قوة اقتصادية في العالم بسقف نمو مستقر بمؤشر يتراوح ما بين 10 و11 في المائة سنويا خيردليل على نجاح هذا النهج الاقتصادي الذي يراهن على تحقيق التحول من الفقر الزراعي إلى العصر الصناعي عن طريق امتلاك التقنية وتطويرها ونقل الصناعة من العالم الحضري إلى العالم القروي في أفق تكوين مواطن له مهارة على الانتاج وقدرة على الانفاق والاستهلاك والاستثمار.لأنه كلما تخلص المواطن من الفقر وأهل بنياته التحتية وقلص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية طالب بحقوقه السياسية وبالديمقراطية التمثيلية وبالديمقراطية التشاركية… نظرا لوجود علاقة بين النمو الاقتصادي والرقي السياسي. ولعل السر في نجاح التجربة الثالثية الصينية هو خلق التوزان بين تنظيم السوق وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي دون تعظيم النفوذ وبين تدخل الدولة في قطاعات الانتاج الاستراتيجية للمحافظة على استقرار القرار السياسي. فتخليق الرأسمالية ينتج نموا يقضي على الفقر والهشاشة والاقصاء ويبني اقتصادا مؤهلا للانخراط بدينامية في العولمة لأن سوقا أكبرتؤدي إلى ديمقراطية أقل فمعدل الفائدة لايتحدد بالتوازن بين المدخرات والاستثمارات عند مستوى العمالة وإنما يتحقق بتفضيل السيولة التي تعبر عن رغبة المواطنين في امتلاك النقود وبالحد من المضاربات المالية على الأسواق والعملات على طريق تثبيت الاقتصاد الخطي المرتهن بالحد من تعويم العملات وتحرير أسعار الصرف مع تدعيمها وتخفيض التكلفة الاجتماعية والبيئية وتعميم الخدمات وتحسينها وتقديم المنفعة للمواطن من خلال دعم الطبقات المعوزة بنسب كافية من الضرائب وضبط كافة التحولات العمرانية داخل الجغرافية الاقتصادية لنبذ التعارض بين السوق الحرة والديمقراطية وتطلعات المواطن للعيش الكريم. ولعل التجربة الكورية المرتبة في الرتبة 11 عالميا تفطنت للتأثيرات الجانبية للنموذج الليبرالي الوحشي من قبيل الافراط في حركة الصادرات وارتفاع حجم الائتمان والفائض التجاري والتضخم…فحاولت تحقيق التوازن بين الانفاق الاستهلاكي والانفاق الاستثماري بعد دراسة المزايا النسبية والتنافسية خلال أربع مراحل:
1-مرحلة تشجيع الانتاج الوطني.
2-مرحلة تقوية الصادرات.
3-مرحلة بناء الصناعات الثقيلة.
4-مرحلة تطوير الصناعات العالية التكنولوجيا.
في مسعى يروم توطيد شراكة بين الرأسمال الوطني والرأسمال الأجنبي كمدخل للاستقرارالسياسي الذي يوفر الحريات العامة ويرسخ دولة الحق والقانون ويفصل السلطات و يؤمن استقلال القضاء وكمخرج لبناء اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على التعليم الجيد المرتكز على البحث العلمي والاستخدام الواسع للحاسوب والبرامج المعلوماتية وعلى التدريب المستمر للمستخدمين على إدارة الأزمات وتدبير التداعيات الناجمة عن الدورات الاقتصادية في اتجاه تأسيس شركات عملاقة كسامسونج وإلجي وهيونداي…
أما النهج الاقتصادي الثاني فيتمثل في التجربة الماليزية الرائدة في مجال الصناعة المصرفية وإنشاء البنوك الاسلامية والمتقدمة في مجال التخطيط القصير المدى أو الرؤية الاستراتيجية المعتمدة على سن السياسة الاقتصادية الجديدة مابين 1971 و1990 لمحاربة الفقر والزيادة في التوظيف بصرف النظر عن الاختلافات العرقية ولتقليص التفاوتات الاقتصادية بين الطبقات والمناطق والجهات أو على سن سياسة التنمية الجديدة مابين 1991 و2001 لتعزيز التقدم ومحاربة الفقر وتطوير الصناعة والتجارة والانفتاح على القطاع الخاص أو على سن سياسة اقتصاد المعرفة مابين 2002 و2020 لخلق مجتمع المعرفة على قاعدة النمو الذاتي المرتكز على القدرات الوطنية في الاستثمار والانتاج ومواصلة سياسة جذب الاستثمار الأجنبي وعلى قاعدة العمل مصدر للنمو والمورد البشري هو الرأسمال الحقيقي وعلى شعار « الجودة في الانتاج وتكثيف التصدير هما سبيل التنمية ».
ويرتكز مجتمع المعرفة الماليزي على أربعة مقومات:
1-تنمية القدرات المعرفية.
2- الزيادة في إمكانيات البلاد العلمية والبحثية والتشجيع على الابتكار.
3-تكوين مجتمع مثقف يمتلك قيما أخلاقية.
إن العقل الماليزي المسلم يسعى إلى خلق التوازن بين القطاعات الحيوية : الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات وبين القطاع الخاص الوطني والأجنبي وتدخل الدولة وبين ترسيخ مفهوم المواطنة من منظور العدالة والحرية والكرامة.
لايمكن للمغرب أن ينجح في انتقاله السياسي إن هو نجح في تعديل دستوره أو تجديده وتغيير نظامه من ملكية دستورية إلى ملكية برلمانية ومن نظام مركزي يعتمد على سياسة تنمية الأقاليم إلى نظام فيدرالي يعزز مفهوم الجهة المتقدم دون توطيد الديمقراطية الاقتصادية من خلال اعتماد أحد النهجين الاقتصاديين:
1-النهج الاقتصادي الليبرالي الاجتماعي الديمقراطي.
أو:
2-النهج الاقتصادي الاسلامي المتفتح.
Aucun commentaire