التسيب الذي تعرفه بعض المؤسسات التربوية بنيابة جرادة مرده تعطيل دور هيئات التفتيش
لم تعد حالات التسيب التي تعرفها بعض المؤسسات التربوية بنيابة جرادة خافية على أحد حتى أن الأمر بلغ حد حرمان المتعلمين من الدراسة لعدة أيام بسبب غياب المدرسين إما لأسباب صحية ، أو بسبب اعتصامات أمام مقر الوزارة الوصية . وبسبب حالات التسيب هذه لم تكلف بعض الإدارات التربوية نفسها مشقة الإخبار بتعثر الدراسة وحرمان المتعلمين من الدروس ،و بعضهم مقبلون على امتحانات إشهادية . يحدث هذا في موسم مذكرة تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم والسبورات الشفافة وما إلى ذلك من وجع الرأس الذي لا أثر له في الواقع المعيش. ومعلوم أن الذي خلق هذا التسيب هو تعطيل دور هيئات التفتيش وتحويله إلى دور صوري من طرف الجهات المسؤولة . ومن المعلوم أن الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش ومذكراتها من 113 إلى 118 نصت على ما يسمى مجموعات عمل المنطقة التربوية ، وهي مجموعات تتكون من مختلف تخصصات التفتيش المكلفة بتشخيص دقيق لوضعيات المناطق التربوية وحاجات المؤسسات التعليمية المرصودة خلال العمل التخصصي لأعضاء مجموعات العمل في المناطق التربوية .
وتسبب تهاون الإدارة جهويا في اتخاذ الإجراءات المناسبة على ضوء تقرير مجموعة العمل في إشاعة التسيب في مؤسسات أخرى بالرغم من حرص الوزارة الوصية على تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم
فعلى هذا الأساس لاحظ العديد من المفتشين خلال الموسم الفارط أن مؤسسة تربوية بنيابة جرادة تعرف اختلالات شتى على مستوى التسيير والتدبير ، وهو ما حمل المجلس الإقليمي للتنسيق وهو آلية أفقية من آليات المراقبة ينسق بين مختلف هيئات التفتيش على طلب التدخل من مجموعة عمل المنطقة التي تقع بها هذه المؤسسة . وتمت زيارة ميدانية للمؤسسة وتمت معاينة الاختلالات الصارخة ، ورفعت مجموعة العمل تقريرا مفصلا للمسؤول المحلي والجهوي . وزار المسؤول الجهوي السابق المؤسسة التي كانت تعرف إضرابات بسبب التلاميذ المفصولين ، وعاين الاختلالات بنفسه ووعد بإصلاح الوضع. واتصلت به مجموعة العمل في عدة مناسبات وأعطاها وعدا باتخاذ إجراء صارم ونافذ خلال شهر أكتوبر المنصرم إلا أنه أعفي من منصبه وحل محله غيره ، وظلت الأمور على ما كانت عليه ، وانتظرت مجموعة العمل تفعيل الإجراءات التي وعدت بها الإدارة السابقة على اعتبار أن الإجراءات القانونية لا تتوقف بسبب التغيير الذي تعرفه الإدارة إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث بل ما حدث أن الإدارة في الجهة غضت الطرف عن إدارة المؤسسة التي تعرف الاختلالات ، ووافقت على انتقالها لنقل عدوى الاختلالات إلى نيابة أخرى ليست أقل اختلالات من نيابة جرادة . وتسبب تهاون الإدارة جهويا في اتخاذ الإجراءات المناسبة على ضوء تقرير مجموعة العمل في إشاعة التسيب في مؤسسات أخرى بالرغم من حرص الوزارة الوصية على تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم . فما معنى أن يحرم تلاميذ الشعبة الرياضية من دروس مادة العلوم الفيزيائية ذات أكبر معامل قرابة شهر دون أن تخبر الإدارة النيابة أو المفتشية أو الأكاديمية ، ويأتي الإخبار من جمعية الآباء ؟ علما بأن أساتذة المادة يدرسون بجداول دون الحصص الواجبة ويمكن إسناد جدول حصص الأستاذ المعتصم بالوزارة لهؤلاء حرصا على مصلحة المتعلمين كما تنص على ذلك التوجيهات التربوية الرسمية. وما معنى أن تتم الموافقة على انتقال بعض الأساتذة إلى نيابات أخرى مع أن نيابة جرادة في أمس الحاجة إليهم ؟ فهل حل مشكل في نيابة أخرى يكون على حساب خلق مشكل في نيابة جرادة ؟ ومجموعات عمل المناطق التربوية في حيرة من أمرها ، فهل عملها يقتصر على مجرد معاينة الاختلالات وتحرير التقارير في شأنها ، وهي تقارير تمضي إلى سلة المهملات أم أنه من اختصاصها متابعة مسار الإجراءات المتخذة في شأن ما تعاينه من اختلالات ؟ لقد شجع عدم اتخاذ النيابة والأكاديمية الإجراء المناسب في اختلالات الموسم المنصرم بالمؤسسة المعنية على انتشار الاختلالات في غيرها من المؤسسات التي صارت الوقفات الاحتجاجية فيها هي السلوك اليومي الذي يشيع خبره في كل مكان. ومما زاد الطين بلة في نيابة جرادة التي كانت انطلاقتها متعثرة بسبب عملية الإنشاء أول مرة حيث انطلقت باعتماد مدرسين للقيام بمهام الإدارة ، وكان أسلوب التحكم فيهم يقوم على أساس النفخ في الإثنيات والنعرات القبلية لتحويلهم إلى مخبرين يركبهم المسؤول الإقليمي .
هكذا صار من العسير تسيير هذه النيابة بسبب وجود هذا الأخطبوط الذي يعمل ليل نهار على خلق العراقيل أمام كل مسؤول يريد القيام بواجبه حتى صار أبسط عون يتطاول على رئيس مصلحة أو على النائب نفسه
ومع مرور الزمن تكرس هذا الوضع السيء ، وانتشرت الأطماع في المناصب التي صارت عبارة عن كعكات توزع على أساس قبلي وعرقي ، وساد الارتجال التسيير والتدبير، وظهرت ظاهرة الطمع في مال الوزارة ، وحدث ما لم يكن في الحسبان من الفضائح التي لا زال النقاب لم يكشف عنها ، ولا زال الأمر يتطلب إيفاد لجان افتحاص مركزية للكشف عن المخبوء الذي تفضحه مؤشرات لا يمكن طمسها ، وشهادات لا يمكن تجاهلها . وتكون أخطبوط داخل هذه النيابة لإشاعة الفساد الممنهج فيها . وهكذا صار من العسير تسيير هذه النيابة بسبب وجود هذا الأخطبوط الذي يعمل ليل نهار على خلق العراقيل أمام كل مسؤول يريد القيام بواجبه حتى صار أبسط عون يتطاول على رئيس مصلحة أو على النائب نفسه مما أطمع جهات أخرى في النيابة التي صارت تبتز ابتزازا على حساب النصوص التشريعية والتنظيمية بذرائع لا علاقة لها بالحقل التربوي والحياة المدرسية. إن نيابة جرادة ليست في حاجة إلى تغيير المسؤولين عن تدبير شأنها بل هي في حاجة إلى القضاء على أخطبوط الفساد الذي لا يتورع عن الافتخار بفساده جهارا نهارا ، والذي لم يخف طمعه في ترسيخ أقدامه بهذه النيابة بعدما عاث فيها فسادا وصار حديث كل لسان . ولقد أصبح من واجب إدارة الأكاديمية الإنصات إلى هيئات التفتيش إذا ما كان الشأن التربوي في نيابة جرادة يعنيها فعلا وإلا فسلام على قطاع التربية في نيابة مدينة الفحم التي تحولت فيها التربية إلى فحم بسبب رموز الفساد الذين أذرفوا الدموع لدخول النيابة أول مرة ثم استنسروا واستنمروا واستأسدوا وصاروا طغاة لسكوت المسؤولين عن فسادهم وإفسادهم . ولا بد من افتحاص دقيق يشمل كل مرافق النيابة للكشف عن خيوط الفساد قبل فوات الأوان وقد أعذر من أنذر.
Aucun commentaire