دراسة ميدانية أم حملة مغرضة ضد المرأة المغربية ؟؟
نشرت دنيا الوطن في صفحتها الرئيسية عنوانا يحيل على ركن عالم المرأة مفاده :( ناشطات يطالبن بقرار سياسي لحماية سمعة المرأة المغربية من الدعارة) مع صورة لامرأة تخفي وجهها على طريقة الموقوفات في مخافر الشرطة بسبب الفساد الخلقي ؛ ويذكر كاتب المقال المجهول أنه نقل الخبر عن جريدة الصحراء المغربية وأن صاحبة الدراسة هي الناشطة المغربية فاطمة أزرويل التي قامت ببحث ميداني مع الضحايا كما سماهم المقال ومع ذلك لم يقل ناشطة وإنما قال ناشطات تحقيقا لغرض المبالغة المقصودة. والمثير للانتباه هو التعليقات خصوصا وقد صادف المقال هوى في نفوس مريضة تتربص بالمغرب لغرض الإساءة وهذا ما دعاني للكتابة في الموضوع خصوصا وأن بعض المعلقين كانوا من قبل يلحون على ذلك لغرض الإساءة أيضا وكنت أتحاشى مجاراتهم في سخفهم ولكن آن الأوان للحديث.
إن الدعارة وهي سوء الخلق والفسق والفجور والفساد والمقصود بها في المقال جريمة الزنا لا وطن لها كما أن الصلاح وحسن الخلق والعفاف يوجد في كل مكان. ولو تتبعنا الأسباب التي يذكرها المقال وينسبها للناشطة صاحبة الدراسة لوجدنا الفقر على رأس الأسباب ؛ وكصفعة لمن طالت ألسنتهم في أعراض المغربيات وحملهم الجهل المركب والتحامل على تعميم ما لا يمكن تعميمه أقول إذا ما كان الفقر سببا لشيوع جريمة الزنا فما هي البلدان التي يجب أن تتبوأ المرتبة الأولى في الدعارة ؟؟؟ هل المغرب الذي حباه الله بخيرات يحسد عليها أم الأردن الذي زعم المقال أنه منع الشابات المغربيات من تأشيرة الدخول بسبب تهمة البغاء المزعومة علما بأن الأردن أفقر دولة عربية إلى درجة افتقاره لمياه الشرب ؟؟؟ هل المغرب أم دول عربية تصنف في مراتب الفقر المدقع ؛ وأحوال بعضها يرثى له ؛ ولا أريد أن أذكر ظاهرة اللجوء في بعضها ؛ والمجاعة والحروب في البعض الآخر؛ المهم أن عامل الفقر لا يمكن أن يكون سببا وحيدا في هذه الجريمة التي تشتهر في الدول الغنية أكثر مما تشتهر في الدول الفقيرة فالولايات المتحدة وأوربا الغربية واستراليا هي محج الزناة في الدنيا. لطالما نقلت الأخبار قضية تجارة ما يسمى بالرقيق الأبيض في الدول الغربية وأمريكا واستراليا أولا وفي دول جنوب شرق آسيا وفي الخليج العربي حيث توجد الثروات . ولقد راجت الشائعات عن السياحة الجنسية في دول عربية كلبنان ودول الخليج الذي بلغ فيها الأمر درجة شيوع الشذوذ الجنسي بين الذكور الذين يستقدمون للخدمة من دول أسيوية كالفلبين مثلا وغيرها.
إن الحديث عن سمعة المغربيات من باب التعميم كلام مردود على قائله ويفتقر إلى الموضوعية والدقة وفيه من التجني غير المبرر ؛ فالمغرب ككل بلاد الله فيه ما في بلاد الله من الخير والشر. والمغرب لم ولن توجد فيه الماخورات المرخص لها رسميا في كثير من الدول العربية التي تحذو حذو الغرب؛ وجريمة الزنا فيه يعاقب عليها بصرامة ؛ ولعلم رواد دنيا الوطن أن تونس مثلا التي توجد فيها الماخورات المرخص لها رسميا على الطريقة الفرنسية تعاقب على تعدد الزوجات بسنتين سجنا بينما تعاقب على الزنا بشهرين فقط والخبر يوجد في كتاب مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة لصاحبه الدكتور محمد بلتاجي.
إن ما قصدته صاحبة الدراسة هو التنبيه إلى ظاهرة الهجرة بسبب صعوبة ظروف العيش في الأوساط الفقيرة التي تضطر للفساد خارج الوطن نظرا لشيوع ظاهرة البطالة في الدول المهاجر إليها والتي قد يستغل أصحابها المهاجرات لغرض الفساد كما هو شائع في دول الخليج ؛ والأمر لا يتعلق بالمغربيات لأن الهجرة إلى دول الخليج متنوعة ومن كل الأقطار العربية والأسيوية وحتى الغربية؛ والعلة في دول الخليج التي يقدم إليها المهاجرون والمهاجرات للعمل فيتم استغلالهم للفساد. وأولى بالدراسات أن تركز على الأسباب وراء وجود ظاهرة الفساد في الخليج العربي الذي لا مبرر لها فيه مع وجود مستوى العيش الذي يصون الكرامة ؛ فان زنت المرأة المهاجرة إلى هذه الدول سواء كانت مغربية أوغير مغربية علما بأن نسبة غير المغربيات أعلى بكثير كما تشير إلى ذلك الإحصائيات ؛ فعدد المصريات مثلا يفوق عدد المغربيات بمئات المرات فعذرها أنها فقيرة معدمة ؛ فما هو عذر الزاني الخليجي ؟؟؟
إن الجهل بالمغرب وطبيعة المغرب يجعل البعض يلقي الكلام على عواهنه ؛ وهو أمر يثير السخرية ويذكر بقولة الفيلسوف ابن رشد الذي لاحظ منع حكام عصره لتداول الفلسفة لأنها أوصلت البعض إلى الكفر حسب زعمهم فقال : ( مثل من منع الفلسفة عن الناس كمثل من منع الماء عن قوم لأن قوما شربوا الماء فشرقوا فماتوا) وما أصدق هذا القول على من يرى بغيا من بلد ما فيعتقد لسذاجته أو لفساد طويته أن كل نساء ذلك البلد بغايا. ولو فكر المعلقون السذج منهم والمتحاملون قليلا لوجدوا أن البلاد العربية تتشابه مظاهرها الاجتماعية فما يوجد في هذا البلد يوجد في غيره بحكم وحدة التاريخ ووحدة المصير ووحدة الدم ووحدة الأرض ؛ والبليد كل البلادة من يتسلى بأعراض المرأة المغربية أوغيرها وهو في الحقيقة يتسلى بعرضه لأنها محسوبة عليه فهي عربية مثله ومسلمة مثله إن كان مسلما صحيح الإسلام ؛ والإسلام يوصي بقتل من لا غيرة له بله المتسلي بالأعراض.
إن طبيعة المجتمع المغربي هو المحافظة عبر التاريخ ؛ وهو أكثر البلاد العربية محافظة ساكنته من أهل البوادي تفوق الثمانين في المائة وهم إلى جانب تدينهم وفق المذهب المالكي المتشدد في نظر البعض لهم من العادات والتقاليد المتوارثة ما يصل حد التطرف في التعامل مع قضية الأعراض فلا زالت ظاهرة منع البنات من الخروج مفخرة عندهم ؛ ولا زال القتل بسبب الشرف شائعا بكثرة على طريقة أهل الصعيد في مصر.
ومع كل ذلك بلغت الصحوة الاسلامية درجة غير مسبوقة إذ توجد في المغرب أكبر معارضة إسلامية إذا ما قيست بمثيلاتها في باقي البلاد الإسلامية ؛ والمرأة المغربية معروفة بعفتها منذ القديم فمن حجابها التقليدي إلى الحجاب الحديث وفق المعايير الدينية ؛ وهي ترتاد بيوت الله لحفظ كتابه الكريم ؛ وقد شاعت الحافظات بشكل مدهش ولله الحمد . ولقد أصبح المغرب بلد المساجد التي عمت كل المدن والقرى ؛ إلى جانب المدارس القرآنية التي تلقن علوم الدين للناشئة ذكورا وإناثا.
هذه أمور يجهلها الجاهلون ؛ ويجهلون تخوف الغرب الصليبي و الجهات العلمانية المغربية من المد الإسلامي الكاسح ؛ وربما اعتمد السذج على اللقطات الإعلامية المحسوبة على بعض القنوات والمغرضة فحكموا بخلاف الواقع والحقيقة.
لقد حاول بعض المفسدين نشر الفساد في صفوف الشباب من خلال برامج إعلامية وملتقيات فحصدوا الأشواك بسبب الصحوة الإسلامية وهم يعيشون غربة داخل المغرب. وتحاول بعض الجرائد الارتزاق بالموضوعات الخلقية ومن خلال نشر بعض الصور الخليعة ؛ وتحاول بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية نفس المحاولة ولكن هيهات أن يتزحزح المغاربة عن عقيدتهم بسبب ذلك. ولا تتم الإشارة إلى مظاهر التدين خوفا من الدعاية لها.
إن المروج لفكرة الإساءة إلى سمعة المغربيات جاهل جهلا مطبقا بالمغرب ولا يعرف عنه شيئا ومثله كمثل من يخلط الغيض بالفيض ؛ ويسحب حكم حالة شاذة على أمة برمتها فهو كما قلت إما ساذج جاهل جهلا مركبا وإما متحامل ؛ والمثل المغربي العامي يقول :( اللي فيه الفز يقفز) بمعنى الذي فيه الفزع يقفز؛ فمن داهمته ظاهرة الزنا والدعارة في بيته وحيه ومدينته وبلده بحث عن شماعات لتبرير فزعه.
ومن أراد أن يطعن في أعراض الناس فليضع نصب عينيه أمه وأخته وبنته وكل قريباته أولا ثم يرى هل يرضى لهن ما يرضاه لغيرهن ؛ كما قال الرسول الكريم للشاب الذي طلب رخصة الزنا فقال له : ( أوترضه لأمك ….إلى آخر الحديث) . ومن أطلق لسانه في أعراض المغربيات فليعلم أن المغاربة لهم ألسنة ؛ وقد تعود عليه الاذاية أضعافا ولا عدوان إلا على الظالمين .
3 Comments
الاخ الكريم المحترم. فعلا ان بلدنا بلد الخيرات و لكن هده الخيرات كما يعلم الجميع ليست موزعة توزيعا عادلا بين المغاربة جميعهم مما يدفع فعلا الكثير من الفتيات والنساء الفقيرات زيادة على أسباب أخرى طبعا الى الارتزاق في لحومهن سواء داخل المغرب أو خارجه فالمواخير لاتعد و لاتحصى ومواطن الفساد الاخلاقي كثيرة وعلى مرأى ومسمع الجميع وحفلات الرقص في دار للشباب بوجدة قد أزكمت الانوف ومما يثلج الصدر حقيقة محاربة الدولة لهده الاوكار و لكن عم الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس. الاخ الكريم هدا واقع يعلو ولا يعلى عليه. ولابد من الاعتراف بهدا الوضع ان كنا نروم الاصلاح . كما أرى أنه باب التكهن والجهل بل والتحامل الحكم على المغرب بانه أكثر الدول فسادا لان دلك يحتاج الى أبحاث علمية ميدانية دقيقة ولا يعتد بهدا الرأي عند العقلاء. جازاك الله خيرا على هدا الطرح و استسمحك ان ابديت رأيي الخاص وشكرا جزيلا.
« تموت الحرّة ولا تأكل بثدييها »