لقد سكتت طويلا عن ممارسات مؤسفة تصدر عن بعض موظفي نيابة جرادة ، وتستهدف بالدرجة الأولى هيئة التفتيش ، ولكنني لن أسكت بعد اليوم حتى تعود الأمور إلى نصابها. ولقد بلغ الأمر ببعض موظفي هذه النيابة حد اعتقاد الذكاء الخارق بأنفسهم مقابل ظن الغباء البائق برجال الهيئة حينما يربؤون بأنفسهم عن إحراجهم وهم يلفون ويدورون لشرح ما لا يحتاج إلى شرح ، محاولين التمويه على الفاضح من سوء تدبيرهم . ولأمر ما جاء في الأثر :  » إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة  » فساعة كل شيء نهايته ، ونهاية التدبير في نيابة جرادة هو أن تسند بعض المهام إلى غير أهلها. لقد غر بعض هؤلاء الموظفين التزام رجال التفتيش بقاعدة المثل القائل :  » لين الكلام قيد القلوب  » فركبوا لين القلوب للعبث بمصالح المفتشين ، وهم يظنون بأنفسهم الشطارة والدهاء ، ولم يخطر ببالهم لحظة أن حياء الأكياس يغري بهم الأنجاس . ولو كان عند هؤلاء الموظفين ذرة من ذكاء وسط ركام ما ران عليهم من غباء لكان اللحظ أصدق من اللفظ ، ولكن مع الأسف الشديد اللحظ أسلوب الأحرار ، واللفظ واللكم أليق بالعبيد الذين لا يردهم إلى صوابهم سوى إلحاق الحواقن بالذواقن ، وحسبهم لو أتاهم الله حسن الفطن أن من لاحاهم فقد عاداهم ، وهم أصحاب ألسنة الرطب وأيدي الخشب .

لقد تكرر سوء صرف مستحقات المفتشين في نيابة جرادة لسنوات . وفي كل موسم نسمع بذرائع واهية لتبرير التلكؤ في تصفية ملفات صرف المستحقات في أوانها ليشبع المرضى مكبوت ما بهم من نقم على هيئة التفتيش من خلال المطل الممجوج . والغريب أن تكون مستحقات المفتشين وحدها المشمولة بالعطل . لقد صرفت الوزارة مستحقات التكوين المستمر في شهر مايو من سنة 2009 ، وتراخت الجهة المسؤولة عن صرفها حتى أوشك موعد السنة المالية على الانقضاء فتظاهرت بالسعي لتصفيتها والتمست كل ذريعة واهية لتبرير التأخر ، ومن سوء حظها أن بعض رجال الهيئة ممن توصلوا بمصوغات التكوين المستمر في وقت مبكر، لم يتأخروا عن إنجاز حلقات التكوين قبل متم أجل الحجر على المستحقات ، ومع ذلك كان مصيرهم كمصير من لم يتمكنوا من إنجاز حلقات التكوين بسبب تأخر وصول المصوغات. فلو أن صرف المستحقات بالنسبة للفئة الأولى كان في موعده لكان للجهة المسؤولة عن الصرف عذر مقبول ، ولكنها جهة لا تجيد التدبير بقدر ما تجيد اللف والدوران ، والتفنن في الكذب الفاضح و الذرائع الواهية ، وما أقصر حبالها.

ومما أغرى هذه الجهة بالتمادي في سوء تدبيرها أن من يوكل لهم أمر النيابة من نواب يلقون الحبل على الغارب ، ولعل بعضهم ينتشي بالعبث بمصالح المفتشين لتكون حديث التندر إذا اختلى بأقرانه مفاخرا بغباء يحسبه فطنة وذكاء دون أن يفطن إلى غبائه وما هو إلا اللتيا بعد التي بالنسبة لهيئة التفتيش . إن الهيئة ستقوم بواجبها في التكوين احتراما لهيئة التدريس ، وكان بإمكانها أن تضرب صفحا عنه لتمنع ملتقطي فتات موائد التكوين من الارتزاق والكدية الممجوجة . والهيئة فوق كل استفزاز خصوصا عندما يصدر ممن تغوص قدمه في وحل الصغار ، وقد دأب على إخفاء ويله في ليله . ولن يلتقي سهيل هيئة التفتيش بسهى من يريد التعلق به . وليس بلهو بعض موظفي نيابة جرادة ترتتق الفتوق . وأخيرا أقول لاغرابة أن تلقم هيئة التفتيش عسلا من يعض إصبعها.