من اجل مسح شامل لذاكرة المقاومة المغربية
من اجل مسح شامل لذاكرة المقاومة الوطنية
عزيز باكوش
صحيح جدا , أن العامل الروحي , لبنة صلبة تشيد على أساسها حياة الأمم والشعوب , لكن هذا العامل وحده ,.غير كاف, بل غير قادر على الدفع بتاريخ الأمة خطوة واحدة الى الأمام , إذا لم ترافقه قراءة علمية موضوعية , تبسط كافة الاحتمالات, وترجح اقدرها وأعقلها على الاندماج والتفاعل الايجابي مع المعطى الإقليمي والجهوي وطنيا ودوليا.
من هذا المنطلق , يظل سؤال الذاكرة الوطنية المغربية بمفهومها الواسع والعميق, إحدى أهم الأولويات عند مقاربتنا للحقيقة التاريخية من منظور حاضرنا السياسي ,والاجتماعي , والثقافي من وقائع وأحداث..
يورد المؤرخ المغربي المرحوم "احمد عسة" في كتابه "المعجزة المغربية" في معرض حديثه عن تاريخ المغرب "انه بحر زاخر متلاطمة أمواجه ,وان جميع البحارة"يقصد المؤرخين " الذين حاولوا ركوب لججه, يصنفهم " فريق من اثنين , إما مؤرخون أجانب, اغلبهم من الفرنسيين, ثاثروا في الأغلب, فيما كتبوا بدوافع استعمارية ,ليبرروا فرض الحماية على المغرب إبان احتلاله, والاستحواذ على خيراته و ترابه. أو مؤرخون عرب, اعتمدوا السرد التاريخي,وابتعدوا عن تحليل الأحداث مرتبطة بأسبابها الحقيقية ,ونتائجها , ليجنبوا أنفسهم حساسية الخوض فيه , ويرتاحون من تبعات إبداء الراء الصريح والموضوعي.والملاحظ انه في كلا الحالتين , يتغلغل التجني كاختيار يجانب الحقيقة والتاريخ , ويشكك في موضوعية السياق التاريخي للأحداث.
على ضوء هذا الفهم, لا بد من الإشارة الى أمرين : أولهما أن الأمر يتعلق بتاريخ المغرب , شعب عظيم ,وعريق ,تلاحقت انتفاضاته , وتناسلت ثوراته في السهل والجبل , وتأججت أساليب مقاومته للمحتل في المدينة والقرية ,في الجبال والوهاد طوال عقود من الزمن , دون أن يلقى عونا بالمال والسلاح من احد " باستثناء ايمانه وثوابت رجاله الافذاذ , من الفدائي البطل علال بن عبد الله ,مرورا بالمقاوم احمد الحنصالي … الى الملك الراحل محمد الخامس.. . لان احتلاله , واقتسام أراضيه والاستيلاء على خيراته , كان جزءا من صفقة استعمارية كبرى.
الأمر الثاني يتضح من خلاله أن الحديث عن رجالات المغرب الأحياء منهم والأموات, الفاعلين في انتكاساته, والصانعين لانتصاراته وأمجاده ,من أكثر المواضع إثارة للجدل والنقاش . حيث يبدو من الصعب استساغة قبول ذاكرتنا حاضر البعض منهم , مع صرف النظر عن فجوات معتمة , تقود الى التباس في مفهوم الوطنية , أثناء تحويمة قصيرة في ما ضي هؤلاء القريب جدا. حتى وهم يقودون أحزابا سياسية يجمع الكل على فشل اختياراتها ابن هيمنة أم الوزارت..الفترة الموسومة بالتخلف على جميع المستويات.
إن ما يعنينا هنا أمرين : أساسيين الأول :
التأكيد على إن الصفحات الاكثر إشراقا ودموية في تاريخ المغرب الطويل العريض, إنما دونت في الفترة مابين 1921 الى 1956 . فترة شكلت مدة قصيرة من عمر الحماية, لكنها في نظر الوقائع والأحداث, كانت حاسمة في توجيه سياق التاريخ الوجهة التي نال بها المغرب استقلاله, وعاد الملك محمد الخامس من منفاه.
الأمر الثاني :أن الأضواء لم تسلط بما يكفي لإبراز الحقبة بواسطة أشكال ووسائط التعبير والتواصل الممكنة سمعيا وبصريا.
لذلك , ومن منظورنا كمهتمين , وكذاكرة جماعية تبدو لنا الدعوة الى القيام بمسح شامل للذاكرة المقاومة الوطنية أمر لا يقبل التأجيل. الآن وأكثر من أي وقت مضى حتى يتم إنصاف من يستحق ويدان من يتطاول. من اجل أداء إعلامي جاد, يستجيب الى تطلعات المشاهدين مغاربة وغيرهم, يتجاوز اعطاب المراحل السابقة كما يؤسس لمرحلة تنسجم وسياق التغيير السائدة للعهد الجديد.
عزيز باكوش
Aucun commentaire