كلمة تأبينية في حق المرحوم الحاج السيد محمد الرحماني تغمده الله تعالى بواسع رحمته
كلمة تأبينية في حق المرحوم الحاج السيد محمد الرحماني تغمده الله تعالى بواسع رحمته
محمد شركي
شكر الله تعالى لأخينا الفاضل الأستاذ الدكتور بدر المقري الابن البار بمدينته الذي يصرف جهدا ووقت امعتبرين للتعريف بتاريخها وبرجالها من أهل العلم والصلاح ،الشيء الذي يعد مفخرة لهذه الحاضرة المحروسة وقد خص المرحوم الحاج السيد محمد الرحماني تغمده الله تعالى بواسع رحمته وشمله بجميل عفوه بحلقة من حلقاته الشيقة التي يعدها لمشاهير هذه المدينة سواء منهم من كانت نشأتهم وحياتهم بها أو ممن كانوا يحلّون بها .
ولن أزيد شيئا على ما قاله مؤرخنا الجليل وهو أعلم بعلم التأريخ وفنونه عن المرحوم وإنما سأقضي دينا له عليّ لأنني كنت أتردد عليه في بيته العامر، وهو من البيوت الفساح في هذه المدينة التي تقصد لشرف وعلم أصحابها .
ولقد كان الشيخ الرحماني رحمه الله تعالى رجلا أريحيا يحب من يطرق بابه ، ويلومه ويعاتبه إن طال غيابه . وقد كنت أزوره رفقة الأستاذ الخطيب بنعيسى قماد بين الحين والآخر ، نجلس إليه يعض الوقت ليتحفنا بجزء من سيرته العلمية الشيقة ، وسير من لقيهم أو عاشرهم من أهل العلم والفضل والصلاح .
ولقد كان رحمه الله تعالى جوادا كريما ، وأجود ما عنده بعد الجود المعهود عند عموم أهل الكرم والجود جوده بالعلم ، وهو جود قلّ وجوده بين أهل العلم . وكان يكلفنا أنا وأخي الأستاذ قماد بنقل نسخ من المصاحف إلى بعض بيوت الله بعد ضبطها وتصحيح وقفها وفق رواية الإمام ورش رحمه الله تعالى . وكان رحمه الله حريصا على اقتناء العديد من نسخ كتاب الله عز وجل على نفقته والاشتعال هو ومجموعة من الفضلاء بضبطها خدمة لكتاب الله عز وجل . ومما جاد به عليّ جزاه الله عني كل خير كتاب شرح الإمام محمد الزرقاني على موطأ الإمام مالك رحمهما الله تعالى . وقلما يزور الإنسان بيت علم فيخرج منه بهدية من نفائس العلم والمعرفة .
ولقد كانت رحلة المرحوم لطلب العلم مما يطربنا به، ونحن نستزيد من سماعها كلما جمعتنا به الظروف ، وكنا أحينا نلح عليه لإعادة بعض لحظات عمره الحافل بالأحداث الهامة وهو يشتغل بطلب العلم أوبتعليمه أوبمصاحبة أهله ، وله سجل مشرف في المقاومة والجهاد في سبيل الله . وقد كان رحمه الله تعالى طلق الوجه طيّب المعشر ، يميل إلى الدعابة يقطع بها الجادّ من حديثه . وكان صارم الطبع حين يتعلق الأمر بانتهاك حرمات الله عز وجل أو المساس بدينه أو بأهل العلم والفضل . وكانت له أياد بيضاء على طلبة العلم تعدد ولا تعدّ . وكان رحمه الله تعالى معلق القلب ببيوت الله عز وجل يحضر الصلوات الحمس ، وتلاوة كتابه جل وعلا فجرا ومغربا ، ويحضر دروس الوعظ لا يستنكف عن حضورها مهما كان نصيب الوعاظ من العلم . وكان رحمه الله تعالى يحب النصح لله ولكتابه ولرسوله ولطلاب العلم ولعامة من يعاشرهم من الناس.
وما أظن كلمتي التأبينية المختصرة هذه ستوّفيه حقه أو تقضي عني دينا له عليّ . ولقد أسفت شديد الأسف الذي يخالطه الحزن والأسى على موته لأنني لم أخبر به ، وفاتني شرف السير في جنازته بسبب ظرف الجائحة الذي يعتم على رحيل الأحبة . فالله عز وجل أسأل ضارعا متوسلا بما يرضاه من دعاة وضراعة أن يجدد الرحمات على الشيخ الفاضل السيد محمد الرحماني ، وأن يجعل أجر ما قدمه من سعي مشكور لخدمة كتاب الله عز وجل في صحيفته وصحيفة والديه رحمهما الله تعالى ، وأن يجعل منزله يوم القيامة الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وأعتم فرصة هذه الكلمة التأبينية لتقديم العزاء لأهله وذويه الأفاضل ، وأسأل المولى جل وعلا أن يعظم أجرهم في مصابهم الجلل . وإنا لله وإنا إليه راجعون.
Aucun commentaire