الأسر المغربية المسلمة مطالبة شرعا بوقاية أفرادها من دعوات المفسدين التي تستهدف هويتهم الإسلامية وتفضي بهم إلى سوء العاقبة
الأسر المغربية المسلمة مطالبة شرعا بوقاية أفرادها من دعوات المفسدين التي تستهدف هويتهم الإسلامية وتفضي بهم إلى سوء العاقبة
محمد شركي
تعبد الله عز وجل المؤمنين من عباده بوقاية أنفسهم وأهليهم من نار جهنم ، فقال : (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) . وبموجب هذا الأمر الإلهي تقع مسؤولية هذه الوقاية على كل من له أهل من المؤمنين . والأهل كما جاء في كتاب الله عز وجل هم أفراد الأسرة لقوله تعالى : (( فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا )) فأهل موسى عليه السلام زوجه ، وقوله أيضا : (( ونادى نوح ربه ربّ إن ابني من أهلي )) فمن أهل نوح عليه السلام ابنه .
والوقاية صيانة وحماية وحفظ من كل ما يضر ، وأكبر ضرعلى الإطلاق ضر يكون يوم القيامة لقول الله تعالى : (( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم )) ، وأي ضر أكبر من أن يدخل الإنسان نار جهنم ؟
والوقاية من نار جهنم إنما تحصل بطاعة الله عز وجل التي تجنب غضبه وسخطه . وحين يأمر الله عز وجل المؤمنين من عباده بوقاية أنفسهم وأهليهم نارا وقودها الناس والحجارة ، فهو يحمّلهم مسؤولية جسيمة سيحاسبهم عليها يوم القيامة، لأن هذه الوقاية واجبة عليهم شرعا ، والواجب الشرعي يسأل عنه الإنسان المؤمن ويحاسب به إن لم يقم به على الوجه المطلوب .
وقد يحرص الناس على حماية أهلهم كل أنواع الحماية في الدنيا، فيصونونهم من عراء وعري ومسغبة وعلة وجهل وكل آفة ،ولكنهم يغفلون كل الغفلة عن حمايتهم مما حذر منه الله عز وجل في اللآخرة ، وهو نار توقد من بشر ومن حجر . وقد يقي الناس أهلهم من كل أنواع النيران في الحياة الدنيا التي تخبو، ولكنهم يغفلون عن وقايتهم من نار الآخرة مع أنها لا تخبو كما تخبو نيران الدنيا.
وإذا كانت لنيران الدنيا مسببات ، فإن لنار الآخر مسببات أيضا . وقد يحتاط الناس أشد الحيطة من مسببات نيران الدنيا ، فيتخذون خزانات وخراطيم مياه ، وأسطوانات فيها مواد الإطفاء … فضلا عن تدابير وقائية أخرى إلا أن القليل منهم من تخطر بباله التدابير الوقائية من نار جهنم مع أن الله عز وجل وصفها أوصافا مرعبة في كتابه الكريم منها على سبيل الذكر قوله تعالى : (( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميّز من الغيظ ))، إنا نار بشهيق ،وفوران وانفجارا من شدة الغضب . وهذه النار يختلف التعامل معها بالأساليب التي تستعمل في التعامل مع نيران الدنيا ، ذلك أن هذه الأخير لها تدابير وقائية مادية صرفة، بينما نار جهنم تدابيرها الوقائية تتمثل في طاعة الخالق جل وعلا .
ومعلوم أن نار جهنم تتخذ إجراءات الوقاية منها مسبقا في الدنيا وهي دار سعي لأنه لا سبيل للوقاية منها في الآخرة وهي دار جزاء ونارها إنما أوقدت لتظل موقدة وعلى من فيها موصدة أبد الآبدين إلا ما شاء الله عز وجل . وإجراءات الوقاية منها عبارة عن توجيهات ربانية بها تحصل الطاعة ، وتكون العبودية لله وعبادته .
وأمر الله عز وجل بوقاية الأنفس والأهل من نار جهنم يلزم كل مؤمن مكلف ومؤهل ، فالمكلف إن لم يكن له أهل لزمه وقاية نفسه ، وإن كان له أهل لزمه وقاية نفسه ووقاية أهله .
وبموجب هذا الإلزام كل من في الأسرة مسؤول شرعا عن توفير الوقاية لكل أفرادها من نار جهنم صغارها وكبارها . أما الصغار فوقايتهم تكون بتنشئتهم على طاعة الله عز وجل بحيث يدربون عليها قبل أن يبلغوا سن التكليف ، وأما الكبار فإنهم بحكم التكليف ملزمون بالطاعة . وقد تحرص بعض الأسر على تنشئة صغارها على طاعة الله عز وجل حتى إذا ما بلغوا سن التكليف تلاشى حرصهم ، وغفلوا عن أمر ربهم بوقايتهم من نار جهنم مع أن حاجتهم تزداد إليها وهم مكلفون لا عذر لهم مع التكليف .ووقاية الأهل من نار جهنم هي صيانتهم من كل أشكال الفساد المفضي إلى معصية الخالق جل وعلا .
واليوم نجد الأسرة المغربية المسلمة مهددة بشتى أنواع المفاسد التي يسوّقها بعض المارقين من الدين من العلمانيين الذين يرومون تعطيله لتسود علمانيتهم المجتمع بفسادها وانحلالها وتهتكها ، وهم مناففقو هذا الزمان بامتياز يظهرون الانتساب الكاذب إلى الإسلام ، ولكن أفعالهم وأقوالهم ومواقفهم تظهر ما يبطنون من مروق . فما معنى أن يدعي هؤلاء الانتماء إلى الإسلام ، وهم يحلون ما حرم الله عز وجل ؟ وهل الدعوة إلى رفع التجريم عن فاحشة الزنا شيء غير إحلال ما حرم الله عز وجل ؟ إنها دعوة خبيثة لإفساد الأسرة المغربية المسلمة ، ذلك أنه إذا ما استهوت هذه الدعوة إلى ما يسمونه علاقة جنسية رضائية شبابها وهم في عنفوان طاقتهم الجنسية ، فإنهم سيكونون الحطب الجزل الذي تسعر به نار جهنم. ووقاية هذا الشباب منها يكون عن طريق احتياط شديد كما يحتاط من المواد القابلة للاشتعال بالنسبة لنيران الدنيا . والدعاة إلى فاحشة الزنا شأنهم شأن من يقرب البنزين من ولاعة ، فالبنزين هو طاقة الشباب الجنسية المتفجرة ، والولاعة هي الدعوة إلى فاحشة الزنا .
والأسر المغربية المسلمة ملزمة شرعا بوقاية شبابها ذكورا وإناثا من هذه الدعوات الخطيرة إلى الانحلال الخلقي والسقوط في أوحال الرذيلة التي تزين لهم تحت مختلف الشعارات، و يموه عليها بواسطة تسميتها بأسماء و نعتها بنعوت تخفي ما فيها من قذارة ، ففاحشة الزنا ب أصبحت تسمى علاقة جنسية رضائية ، فأين صفة رضائية المشتقة من فعل رضي يرضى رضا الدال على اطمئنان النفس واستحسانها وطيب خاطرها وارتياحها وقبولها من صفة فاحشة المشتقة من فحش يفحش فحشا الدال على شدة القبح والشناعة والمنكر ؟ وهل الذي سموا فاحشة الزنا علاقة جنسية رضائية أدرى من الله عز وجل بتسمية الأشياء بأسمائها ؟
وأول ما تقي به الأسر شبابها مراقبة صلتهم بالله عز وجل الصلة اليومية المتكررة خمس مرات ، وهي صلة صلاة يقول عنها الله عز وجل : (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) ،وهي بمثابة تطعيم أو تلقيح يومي من أجل صيانة مناعة هذا الشباب من فيروس فاحشة الزنا الفاتك .
وعلى الأسر أن تجعل حدودا فاصلة بين الجنسين لأن الاحتكاك غير المشروع بينهما يوقع في المحظور وليس للجنسين في شرع الله عز وجل من احتكاك إلا في حدود حدّها الله عز وجل لا تكون فيها خلوة ، ولا مصافحة ، ولا لقاء خارج ما تدعو إليه الضرورة من طلب العلم أو العمل أو أداء الفرائض الدينية… وما كان على هذه الشاكلة مما لا يخشى منه الاحتكاك غير المشروع .
ومما يغري بالاحتكاك غير المشروع الكشف عن الأجساد من خلال ارتداء ألبسة تصمم عن عمد وسبق إصرار لتكون كاشفة عما يحرك الغرائز ، فماذا يراد من تصميم سراويل الجينز على سبيل المثال التي تقد على الركب والأفخاذ مما يلي العورات سوى لفت الأبصار إليها؟
ومما يغري أيضا بالاحتكاك غير المشروع رفع القيود عن الأبصار المقتحمة للأجساد تلتمس فيها ما يثير الغرائز عن قصد وبسوء نية وفساد طوية ، وكذا رفع القيود عن تبادل الكلام المستدرج لإثارتها وتحريك مكامنها وهي عبارة عن براكين ملتهبة في أجساد الشباب ذكورا وإناثا .
ومما تلزم به الأسر بموجب الأمر الإلهي بوقاية أفرادها من نار جهنم مراقبة هؤلاء الأبناء فيما يتعطونه من سياحة بلا رقابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيلتقطون منها كل فيروس خطير مدمر لمناعتهم الأخلاقية . فكم من أسرة تراقب الأبناء وهم في خلواتهم يتواصلون مع أقرانهم من الجنسين عبر هواتفهم الخلوية أو عبر لوحاتهم الإلكترونية أو عبر الشاشات ، فتصيبهم عدوى الانحلال الخلقي خصوصا وأن لوسائل التواصل هذه عيون تطوي المسافات طيا ، وتقتحم الجدران وكل الموانع ، ويقع بواسطتها مثل ما يقع في اللقاءات المباشرة باستثناء الوقاع لتعذره ، وما يقع من أمور سواه يكون تمهيدا لوقوعه حين تحين اللقاءات .
وفي الأخير نطرح على أنفسنا هذا السؤال : ما الذي تفعله أسرنا مما ذكرناه كوقاية لأفرادها خصوصا الأغرار منهم مما يوقعهم في المحظور الذي حذر الله عز وجل من عاقبته الوخيمة ؟ ونترك لكل أسرة الجواب عنه ، وفي جوابها بيان لحقيقة استجابتها لقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )).
Aucun commentaire