مقاله الغلاء
إن من حكمة الله تعالى أن يبتلي عباده بنقص في الأموال والأنفس والثمرات, وقد يعاقبهم ببعض ما كسبت أيديهم لعلهم يستيقظون ويتضرعون ويتوبون ويرجعون إلى ربهم, كما قال تعالى: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ). وما غلاء الأسعار في هذه الأيام إلا من أجل إيقاظ قلوب الناس من غفلتها وتذكيرهم بخطر الإسراف والترف والإنغماس في المعاصي. ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ), ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
وشكا الناس إلى عمر رضي الله عنه غلاء الأسعار فقال: ( أرخصوها بأعمالكم ) أي: بالتوبة والإستغفار والإقبال على الله وكثرة الدعاء. أراد رضي الله عنه أن يبين بأن غلاء الأسعار عقوبة من الله لا يرفعها إلا التوبة والإنابة. والله يا عباد الله لقد أخطأنا في حق أنفسنا فأسرفنا وضيعنا كثيراً.
لقد غضبنا كثيراً عندما رأينا غلاء أسعار الأرز وغيره من المنتجات, ونسينا أو تناسينا أننا في بعض الليالي والأيام: ما نرميه في الزبالة أكثر مما ندخله بطوننا.
إن لسان حال المؤمن العاقل ليقول: ما أحلم الله علينا إذ جعل العقوبة فقط هي غلاء الأسعار ونخشى أن تكون العقوبة القادمة أشد وأنكأ, وقد تكون زوال النعمة نعوذ بالله.
عباد الله: لا ينبغي أن يكون جشع التجار وتسلطهم وأنانيتهم حائلاً بيننا وبين محاسبة أنفسنا. وأنتم يا معشر التجار تذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وصدق وبر ), وليس من تقوى الله إرهاق إخوانكم وتكليفهم من الأسعار ما يشق عليهم. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا
Aucun commentaire