لحن المؤذنين
إن لشعيرة الآذان بعدا دينيا عظيما في حياة الفرد والجماعة، فالآذان علامة على الإسلام ، وآية على إقامة الصلاة ووجود مصلين ومساجد. ثم إنه وسيلة لطيفة وذكية لتذكير المسلمين في فترات معلومة من اليوم، بمعاني التوحيد وبهويتهم.
وكما أن الإسلام اعتنى بالمضامين وجواهر الأشياء فإنه لم يغفل العناية بالشكل، فالله جميل يحب الجمال. وهو يحب العبد إذا عمل عملا أن يتقنه… ولهذا فلا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار بلالا لإقامة الآذان، دون عبد الله بن زيد، لتوفر شروط الآداء فيه، وقد ذكر ابن هشام أن الرسول عليه الصلاة والسلام، قال لعبد الله بن زيد صاحب الرؤيا: « قم مع بلال فليؤذن بها فإنه أندى صوتا منك [1](.
قال الإمام النووي في شرح هذه العبارة الأخيرة: « قيل، معناه أرفع صوتا، وقيل أطيب فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه وهذا متفق عليه« )[2]( لأن هذا مما يرغب النفس، وتطمئن إليه الأسماع ،وترتاح إليه قلوب رواد المساجد. وقد يكون الآذان الجيد الحسن مجلبة لمصلين جدد. إن إقامة الآذان واجهة علنية لهذا الدين، ولهذا يجب أن ينسجم في شكله وأدائه مع الروح الإسلامية السمحة. وهذا ما فهمه عمر بن عبد العزيز حيث قال لمؤذن: « أذن آذانا سمحا وإلا فاعتزلنا« )[3](. انظر كيف جعل الخليفة السماحة في الأداء شرطا في إقامة الآذان. وهو ما لا وجود له ولغيره مما أسلفت في كثير من المؤمنين.. فأكثرهم شيوخ أميون لا أداء جيدا لهم، ولا أصوات حسنة، بل إن آذانهم مغضبة للناس من جراء أصوات غير مفهومة ،وترانيم غير منسجمة، وصخب لا داعي له يزيده مكبر الصوت قبحا وبشاعة. والأدهى من هذا كله، أن هؤلاء المؤذنين يقعون في أخطاء بسبب لحنهم ،وعدم تمكنهم من ضبط مخارج الحروف. فبعضهم من يمد الباء من أكبر : فيصير أكبار. والأكبار جمع كبر،بضم الكاف،وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر)[4].( وآخرون يمدون في أول أشهد :فتصير آشهد..؟ فينصرف المعنى الى حيز الاستفهام.أو يقفون على لاإلاه ،وهو وقف قبيح.أو لا ينطقون بحرف الهاء ،المسهلة من التاء، في حي على الصلاة،فتتحول : حي على الصلى. أي حي على النار.قال تعالى:يصلى النار الكبرى . أو يبدلون الحاء هاء من الفلاح، فتنقلب :حي على الفلاه ،وهي الصحراء القاحلة، وكذلك يلحنون في الياء من حي، فيمدون الياء، وهو اسم فعل بمعنى هلموا، فيصير : حيى. وهو فعل ماض مضارعه يحيي.
في الأخير، وانطلاقا من خطورة ما أشرت إليه، فإنه ينبغي على هؤلاء المؤذنين أن يراجعوا أنفسهم، ويحققوا آذانهم،ويسألوا أهل العلم، ويستشعروا ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.والحمد.لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الدكتور خالد عيادي
[1]- « السيرة النبوية » لابن هشام ص 509، ج2 المكتبة العلمية، بيروت – لبنان.
2- صحيح مسلم شرح النووي باب بدء الآذان ص 77 ج4 من المجلد الثاني، دار الفكر 1981.
3- صحيح البخاري ج1 ص 188 ط1، 1992، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان.
4 – انظر الدر الثمين والمورد المعين – شرح ميارة ص 188 المكتبة الثقافية – بيروت، الجزء الأول.
5 Comments
.الله يعطيك الصحة أستادي على هاد المقالة أنتمنا نبقاو نتواصلو ديما وشكرا
وكما أن في الآونة الأخيرة قد وقعت فضاءح مع المؤذنين في لمسجد فيجب لى الجهات لمخصة أن تضع حدا ،وتعطي هذه المهة إلى المأدن الذي يستحقها ،وكما أن بعض الناس لايعيرون للؤذن أهمية
االسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،دائما أسمع مثل هذه الأخطاء في الآذان من قِبل المؤذن،وهذا التغني يكون على سبيل التطريب والتمديد الزائد في الحروف،والحاصل أن التغني بالآذان مكروه وقد يؤدي إلى بطلانه إن حصل تغيير للمعنى والله أعلم
ننتظر المزيد منَ المواضيع المهمة منْ أستاذنا الدكتور خالد العيادي
الآذان هو يحدد لنا وقت الصلاة أينما كنا، والمعروف يجب أن يكون صحيحا،مثل الآذان الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وكان يؤذن به بلال بين يديه حتى توفي عليه الصلاة والسلام،كان يؤذن به المؤذنون في حياته في مكة وفي المدينة، وهو الأذان المعروف الآن، وهو خمس عشرة جملة: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله).ولك شكري الدائم يا أستاد على هذه المعلومات.
بسم الله الرحمن الرحيم،ما أريد قوله هو أن هذه الأخطاء يجب أن يتداركها المؤذن ، و أنا أرى هذه الأخطاء تتداول بين بعض المؤذنين ، كما أعتقد أنني سمعتها عبر التلفاز أيضا، و لهذا يجب معرفة هذه الأخطاء من أجل عدم الوقوع في بطلان الآذان ،و الغريب في الأمر أن المؤذن عليه أن يكون عارفا بهذه الأمور و لا تَخْفى عليه مثل هذه الأخطاء ، و الله يهدينا من عنده، إن لا علما لنا إلا ما علمنا إنه العلي العظيم