مشروع مركز الإيواء والتكوين لنساء الموقف بوجدة التفاتة محمودة صوب فئة محرومة
لايمكن للمارة الذين يجوبون وسط مدينة وجدة القلب النابض ونواة الحركة الذؤوبة لمختلف الشرائح الاجتماعية وعموم الوافدين إلى المدينة , أن يغطوا الطرف عن تلك الفئة من النساء اللواتي تجمعن بالقرب من باب السوق المعروف والمسمى بباب سوق مليلية , بأسمالهن البالية وملامح وجوههن التي نخرها الحزن والحرمان وعمدت ظروف الزمن الغادر على طرد الابتسامة من محياهن حتى غدت نظراتهن الثاقبة كلها حقد على كل المحيطين بها وإحساسهن بالحيف وثقل المسؤولية يقض مضجعهن ويعلو متذمرا ومدويا دون أن ينبسن بكلمة , فلا يمكنك التمييز بين الشابة والمسنة نظرا للبؤس الذي طمس معالم الجمال والحيوية فيهن .
إن تلك الصورة الدرامية التي تعيشها تلك الفئة كل يوم وفي نفس المكان {الموقف}, حيث يتجمعن منذ الساعات الأولى للصباح والبعض منهن يصطحبن أطفالهن الصغار وحتى الرضع مستجديات عطف المشغل وكرم عطائه ,عسى أن تحضى إحداهن بمصروف يومها البئيس , فما إن تقف السيارة الواحدة بالقرب منهن إلا وتنهال عليه النسوة دفعة واحدة للفوز باختياره دون أن يتركن له فرصة للتفكير ,لينتهي به الآمر في كثير من الأحيان إلى صرف النظر عن الموضوع أساسا.
وإذا كان المثل المغربي يقول{خوك في الحرفة عدوك}, فان هذا الأخير يعد ساري المفعول وبحدة لدى هته الفئة التي قد يصل الأمر بها مبلغ العدوان والضرب والتراشق بالكلام النابي, ورغم هزالة الثمن الذي يتراوح عموما مابين 50 و60درهما, اللهم إذا جاد عليهن احدهم بمبلغ 100 إلى 150 درهما وهذا لايحدث إلا لماما, مع مايلاقينه من مشاكل مع المشغل , كسوء المعاملة والاعتداء والتحرش الجنسي أحيانا ,وفي هذا الصدد تفيد أخريات عكس هذا القول إذ صرحت إحداهن قائلة:"لا ابنتي عمرشي حد ماتعدى علينا ملي كنعقل على راسي , شي كايدينا نصبنوليه , شي كايدينا لفلاحة وخا مرة مرة كيك لونا فعرقنا لكن منهم لله ….., بصح حتى لعيالات ماشي ساهلات كاين هنا لي كتسرق أولي كتغش……"وهذه حقيقة بديهية وقائمة في الآن نفسه اعتبارا للمؤثرات والضوابط التي تشكل كل شخصية على حدا.
وارتباطا بهذه الأوضاع التي تكابدها هته الفئة من النساء فان إحدى الجمعيات التنموية بمدينة وجدة التي حملت على عاتقها الهم الجمعوي وراهنت الاشتغال منذ تاسيسهاعلى محور المرأة والطفل والنهوض بوضعيتهما والرفع من مستوى عيشها, والأمر يتعلق بجمعية "جذور للثقافة والتنمية"التي آثرت الالتفاتة لتلك الثلة من النساء والتفكير بجدية في أوضاعهن المزرية في غياب لامسؤول للوزارة المعنية , فكانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المحفز الهام للإقدام على هذا المشروع والانخراط الفاعل لتحقيق مراميه , وعليه تم التفكير في خلق مركز للإيواء والتكوين والخدمات لنساء الموقف , بشراكة مع ولاية الجهة الشرقية ممثلة في السيد والي الجهة عامل عمالة وجدة أنجاد رئيس اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , والجمعية المذكورة في شخص رئيستها السيدة عائشة أسنوسي, ويهدف المشروع الذي يعد رائدا وطموحا ـ حسب الرأي العام الوجدي ـ إلى إحداث مركز للخدمات والتكوين لنساء الموقف مع خلق حضانة للأطفال تتكفل برعايتهم في غياب أمهاتهم أثناء مزاولتهن لاعتمالهن ,كما سيعمل المركز على تكوين نساء الموقف في مجالات الطبخ والخياطة والتدبير المنزلي, مع الحرص على حصص محاربة الأمية والتربية الصحية وإعطاء دروس الدعم والتقوية لفائدة أطفالهن.
وبهته الطريقة سيتم تنظيم هذه الفئة من المجتمع, حيث سيعمد المشغل إلى الاتصال بالمركز مباشرة للحصول على خادمة بمواصفات معقولة وبطريقة تضمن الأمان للطرفين [المشغل والخادمة ], وبالتالي سيكون مركز الإيواء الكائن بمقر الجمعية بمثابة صلة وصل بين الطرفين , وفي اتصال بالسيدة أسنوسي رئيسة الجمعية حول دواعي المشروع أعربت هته الأخيرة أن فكرة المشروع نابع من الامتعاض من ذلك المشهد اليومي المؤسف الذي يسيء إلى كرامة المرأة وسمعتها من خلال تلك الوقفة , إذ أكدت للجريدة أنها مصرة على إنجاح هذا المشروع إلى آخره بمعية فريق العمل داخل جمعيتها كما تأمل في المزيد من الدعم والمساندة من طرف الشركاء في شخص المحسنين وكافة القوى الحية بالمدينة , ورغم أنها لا تخفي وجود مشاكل تعترض سير مشروعها المندمج في إطار البرنامج الأفقي الذي يتسم بدوره بالصعوبة , إلا أنها تطمح وبقوة إلى إنجاحه على أكمل وجه , حتى تخول هذه التجربة للنساء المستفيدات من الحصول على حرفة تمكنهم من خلق تعاونية تعود عليهم بالنفع مستقبلا.
وفي هذا السياق يتعين التذكير أن الفئة المستهدفة لهذا المشروع هي نساء الموقف اللواتي يعانين التهميش والفقر ويشتغلن بشرف , وليس تلك اللواتي يحشرن معهن في تلك الوقفة وذلك المكان [ الموقف ]ولكن بغرض الفحشاء والبغاء ويتخذن من الدعارة وسيلة لكسب المال, وهنا نتمنى أن يشكل هذا المشروع حصارا على تلك الفئة الباغية وفرصة للمسئولين لاتخاذ كل الأساليب الزجرية لمحاربتهن وتطهير المجتمع من تصرفاتهن.
ولان الإعلام الفاعل, يجب أن ينخرط في مواكبة مشاريع المبادرة, فان للجريدة عودة للموضوع لتتبع أشغال المشروع وترصد خطواته المنجزة……..
2 Comments
جازاك الله خيرا الاخت فاطمة وأكثر من أمثالك.
الله يعونكم على هاذالمشروع الإنساني أتمنا لكم اتوفيق وانجاح لعمل الخير والعطف على الضعيف ومساعدته وإنقاده من الذل الإحتقاروالحرمان