فقدت صوتها بعد حقنها بإبرة في المنخار: حكاية مواطنة قادها « الرعاف » إلى مستعجلات مستشفى الفارابي بوجدة
فقدت صوتها بعد حقنها بإبرة في المنخار
حكاية مواطنة قادها « الرعاف » إلى مستعجلات مستشفى الفارابي بوجدة
سميرة البوشاوني
منذ حوالي أربعة أشهر، وبالضبط يوم 15/06/2014، قصدت المواطنة نزهة الشبوط مستعجلات المركز الاستشفائي الجهوي الفارابي بوجدة لمعاناتها من « رعاف » شديد، عدم توقف نزول الدم من أنفها جعلها تتخوف من وقوع مضاعفات تؤثر على صحتها وبالتالي على معيشها اليومي لكونها المعيل الوحيد لطفليها (بنت 15 سنة وولد 3 سنوات).
قصدت الفارابي طلبا للعلاج، ففحصها أحد الأطباء بقسم المستعجلات وطلب منها إجراء بعض التحاليل مع تصوير بالأشعة وتخطيط للقلب، أحضرت التحاليل وصورة الأشعة والتخطيط المطلوب تطلع فيهم الطبيب ووصف لها أدوية أخبرها بأنها ستكون العلاج الشافي لسقمها.
تدبرت نزهة بعض المال واقتنت به ما وصفه لها الطبيب من أدوية (إبر للشرب وأقراص)، أخذتها لمدة أسبوع إلا أن حالتها ظلت كما كانت، فعادت مرة أخرى إلى المستعجلات حيث وجدت نفس الطبيب فارتاحت لدى رؤيته لكونه يعرف حالتها، أخبرته بأن الأدوية التي وصفها لها لم تجد نفعل في توقيف رعافها، فقال لها بأنها بحاجة إلى إبرة تحقن داخل الأنف.
أحضرت الحقنة المذكورة بعد حصولها على وصفة من الطبيب، وعمل هذا الأخير على حقنها بمنخار المريضة لتغادر أملا في انتهاء معاناتها لتستأنف رحلتها اليومية في البحث عن عمل لتوفير لقمة العيش لطفليها.
نامت ليلتها واستفاقت صباحا لتصطدم بـ »كارثة »، كما وصفتها، تحدثت إلى طفليها فلم يخرج لها صوتا، أعادت المحاولة مرات عديدة لكن بدون جدوى، فقدت صوتها والسبب –تقول- بأنه يعود للحقنة التي أخذتها على يد ذلك الطبيب لتوقيف رعافها.
ظلت على ذلك الحال ثلاثة أيام، استعادت بعضا من صوتها، صوت مبحوح خافت لا يسمع إلا إذا وضعت فمها على أذن المتحدث إليها، فعادت لرؤية الطبيب بعدما ضبطت مواعيد تواجده بقسم المستعجلات، وتوجهت إليه لتخبره، بما تبقى لها من قوة صوت، بمضاعفات الإبرة التي حقنها بها، فحاول طمأنتها قائلا بأنها حالة عابرة ناجمة عن العصبية.
وقبل أن تغادر استوقفها وطلب منها إحضار وصفات الأدوية والتحاليل والأشعة التي أعطاها إياها، لرؤية ما يمكن عمله، غادرت المواطنة وعادت بملف يحتوي على جميع الأوراق وحتى صورة الأشعة وتخطيط القلب ونتائج التحاليل، أخذ الطبيب الملف منها وقال لها اصعدي فوق واسألي عن فلان (اسم شخصي فقط) وهو طبيب سيجري لها تصويرا بالأشعة.
بعفوية المواطن الضعيف المغلوب على أمره، صعدت نزهة الشبوط وبدأت تسأل من تجده أمامها عن ذلك الطبيب، لكن سؤالا وحيدا كان يستوقفها « كنية الطبيب »، فعادت لتسأل طبيبها المعالج فأخبرها بأنه لا يعرفه، وعندما طلبت منه مدها بملفها الطبي لتغادر اصطدمت به ينفي تسلم أي ورقة منها وواجهها باللازمة الشهيرة « ما عندي ما ندير لك ».
وعندما حاولت الاحتجاج عليه لتأخذ على الأقل ما يثبت مرورها بهذه المؤسسة الاستشفائية خانها صوتها، ولم تشفع لها التوسلات في ردع الطبيب من استدعاء حراس الأمن الذين عملوا على رميها خارج قسم المستعجلات، والذي لم يعد مسموحا لها ولوجه بعد ذلك اليوم رغم محاولاتها الكثيرة.
ومنذ ذلك اليوم، حوالي 4 أشهر، والمواطنة نزهة الشبوط فاقدة لصوتها تعاني الأمرين في التواصل مع طفليها ومع محيطها الخارجي، خاصة وأنها بحاجة إلى العمل لسد رمق العيش وتوفير مستلزمات الدخول المدرسي لابنتها التي تتابع دراستها في السنة التاسعة إعدادي، دون أن نتحدث عن أضحية العيد التي أصبحت بالنسبة لها حلما بعيد المنال في ظل الأوضاع المزرية التي تعيشها بعدما تخلى عنها الزوج وتركها تعاني الأمرين رفقة طفليها.
إنها حكاية مواطنة من هذا البلد، شابة في بداية عقدها الثالث ضحية من ضحايا الصحة العمومية، كما روتها بعيون دامعة وقلب يعتصر ألما في أذن جريدة « الاتحاد الاشتراكي »، تقول بأن لها حق لكن متأكدة بأنها لن تأخذه في دولة الحق والقانون هاته، تريد العودة إلى المكان الذي ضاعف من معاناتها لتجد جوابا لسؤال يقض مضجعها « هل كنت ضحية لطبيب متمرس أم لمتدرب مازال يشق طريقه على حساب آلام المرضى الذين لا حول ولا قوة لهم؟ »، لكن باب المستعجلات أصبح محرم عليها تخطي عتبته…
Aucun commentaire