أين نحن من محاربة الفساد والمفسدين يا دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويا حماة الفقراء والمستضعفين
أين نحن من محاربة الفساد والمفسدين
يا دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويا حماة الفقراء والمستضعفين
بقلم قدوري محمدين
إن الحديث عن الفساد والمفسدين » ولقطاطعية » – حسب تعبير أحد المناضلين محمد نوبير الأموي والتي أدى عليها الثمن غاليا بالحكم بسنتين نافذتين سنه 1992 – في هذا البلد ليس وليد اليوم أو اللحظة ،بل تعود جذوره إلى أزمنة غابرة ،تتجدد أشكاله وأساليبه ورموزه طبقا للتطورات والتحولات التي يعيشها المحيط محليا وإقليميا وعالميا .
لقد اشتدت وتيرته خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة في الفترة التي عم فيها صخب كبير وضجيج غير منقطع هنا وهناك، فرحا بقدوم الربيع العربي وميلاد حركة 20 فبراير.. حيث أصبح الكل وحتى ممن ظلوا ينتسبون إلى حظيرة الفساد والمفسدين العابثين بأموال الشعب والناهبين لخيرات الوطن ينادون بإسقاط الفساد والدعوة إلى الإصلاحات الدستورية والسياسية استغلته بعض الأحزاب للوصول إلى الحكم .ذلك الربيع الذي تحول في زمن قياسي إلى صيف جاف قاحل تباينت نتائجه من قطر لآخر، ضاعت معه آمال الشعوب في التغيير والغد الأفضل… ذلك أن العقوبة تراوحت ما بين ثورة وانقلاب، والأكثر من ذلك صدور أحكام بالبراءة على رموز الفساد ،وإطلاق سراحهم كما هو حال مصر .ومنهم من قتل شر قتلة ليرمى بجثته في مقابر مجهولة بعيدة عن الأهل والأحباب (ليبيا).ومنهم من فر بجلده طالبا الدعم والحماية في بلدان أخرى ليعيش غريبا عن وطنه (زين الهاربين-عبد الله صالح).ومنهم من استبد وتجبر وفضل قتل شعبه وتشريده من أجل السلطة (بشار الأسد).ومنهم من اختار الإصلاح الدستوري والسياسي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ،وتكوين حكومة تتمتع بصلاحيات تعيد الثقة في العمل السياسي والأحزاب السياسية وتضمن الأمن والاستقرار وجعل حد لكل مظاهر الفساد ( المغرب).
لكنه وبعد هذه المدة القصيرة والتي عرفت تشكيل حكومتين في لمح البصر ومعارضتين غير مفهومتين نظرا للتناوب على الأدوار من مؤيد إلى معارض ومن معارض إلى مؤيد ،وبعد القرارات الجائرة والمستفزة لكرامة المواطنين التي اتخذتها الحكومة في شتى المجالات ،كالزيادة في الأسعار والمحروقات وتجميد الترقيات والأجور وتقليص مناصب الشغل واللجوء إلى الاقتطاعات غير المشروعة من أجور الموظفين ،وتجميد الحوار الاجتماعي والتهرب من تنفيذ الالتزامات ،واللجوء إلى مواجهة الاحتجاجات والإضرابات المطالبة بالحقوق والحريات بالقمع والترهيب و الاجهاز على المكتسبات من حق الاضراب والتقاعد والترقية والعودة الى الاعتقالات السياسية كما انها لا تؤ من بالاشراك و التشارك او التوافق ،ناهيك عن الألفاظ التي يتلفظ بها السيد رئيس الحكومة أثناء الجلسات العامة للبرلمان ومجلس المستشارين ،والتي لا تليق بالشخصية الثانية في البلاد بعد الملك ..وهذا في الوقت الذي نرى فيه ملك البلاد يتحرك ويدشن ويصل النقط الهامشية والفقيرة نجد الحكومة تتخذ القرارات البئيسة وتعطي انطباعا بأن النخبة السياسية في المغرب غارقة في نقاشات عقيمة زادها التمزق والتشردم استفحالا …وهذه الرسالة ليست بالجيدة لا ن الناس سيفقدون الثقة في الطبقة السياسية والعمل السياسي ككل ،وهنا بيت القصيد .وأمام النتائج المحتشمة والهزيلة مقارنة بالأحلام والوعود مقارنة بسقف انتظارات المغاربة لاسيما وان هذه الحكومة بالذات عكس سابقاتها لها ما يميزها وهو أنها ولدت من رحم حركة 20 فبراير ومن بطن دستور 2011 ،الذي وعد فيه الملك محمد السادس الشعب المغربي بأنه سكون دستورا للانتقال الديمقراطي الحقيقي ونقلة نوعية في الحياة السياسية المغربية – أمام كل هذا يمكن لحماة المستضعفين ودعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يسألوا أنفسهم :هل سيبقى الشعب المغربي التواق للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وفيا لمبادئه ومواقفه ،سلاحه الأساسي المزيد من اليقظة كما كان أو أكثر لربح رهان التحدي والعمل على إسقاط الفساد ورموزه ومساءلة المسؤولين ،فيحقق بذلك وصية وأحلام الشهداء الإبرار أم يستسلم ويرفع الراية البيضاء ويتعايش مع الفساد ورموزه وحماته ؟ فهذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة ان كانت لهده الاجيال داكرة حية تؤمن بالحساب ورد الصاع صاعين ولن تترك الساحة فارغة .
.فعلى المجتمع المدني والحقوقي والإعلامي والشبابي والنسائي والثقافي والنقابي المكافح أن يكثف الضغط على الحكومة للرجوع إلى مناخ الربيع العربي ووعود 2011وخطاب 9 مارس ومكتسبات حركة 20 فبراير ..غير هذا لا شيء سيتغير…
فمنذ أن عمت شوارع المدن المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية والإضرابات المشروعة لم يتغير أي شيء ،وكل ما اقصده في مقالي هذا هو أنه لم نعش ولو لحظة بسيطة حول تنفيذ ما وعدت به حكومتنا الموقرة .فلم يسقط ولا فاسد واحد ولم تتم محاكمة واحدة لرموز الفساد وما أكثرهم لما كانت تعدهم الجهات المسؤولة أيام المعارضة و »التبوريدة « في مجلس النواب ومجلس المستشارين وأثناء تنظيم المسيرات والوقفات الاحتجاجية ،ولم يتم الكشف ولو عن شبكة واحدة من شبكات الفساد الكثيرة التي تعيث في هذا البلد فسادا والتي ما فتئت التقارير الدولية تثيرها وتحذر منها بالرغم من أن لنا ذاكرة تحتفظ بما كانت تقوم به الدولة من حين لأخر أيام أم الوزارات في سنوات الثمانينات والتسعينات حيث عرضت عدة نماذج بل مسرحيات حول أشكال وأنواع الفساد والمفسدين ،بل منهم من قدموا للمحاكم في ملفات خطيرة (المخدرات –نهب المال العام – الهجرة السرية- الدعارة – التهريب …)أما اليوم فحتى تلك المسرحيات المفبركة والتي كانت تصفي بها حسابات لم يعد لها وجود بل حتى الحديث عنها أصبح شيئا مرفوضا ،إذ أن كل شيء عوض بمصطلح العفاريت والتماسيح شأنها شان حكاية « الغول وعيشة قنديشة « ،وهو ما جعل الفساد ورموزه يطمئن على نفسه بل انتفخ وتجدر بقوة « وأخرج عينه « في وجه من نصبوا أنفسهم حماة للمستضعفين ليقول لهم: أتحداكم سأظل حرا طليقا أفعل ما أريد.
فالقضية قضية تحد لأن الفساد تدلل و »تفشش » ومن حق الطغاة والفاسدين أن يسخروا منا وأن يبصقوا في وجوهنا وأن يدخلوا بيوتنا من غير استئذان ويسلبوا متاعنا وينتهكوا حرماتنا لأن من سلمناهم مفاتيح مساكننا ومؤسساتنا رفعوا شعار (عفا الله عما سلف) وأنهم ليسوا مؤهلين لمجابهة التماسيح والعفاريت.
واليوم عوض توجيه الاتهامات لحكومتنا الموقرة وأزلامها و »القطاطعية »توجه أصابع الاتهام الى المتظاهرين الشجعان والمناضلين الشرفاء الذين يملؤون الشوارع صخبا وضجيجا هنا وهناك من طنجة الى الكويرة للتنديد بكل مظاهر واشكال الفساد بأنهم دعاة فتنة وفوضى وزعزعة الاستقرار ،أما اللصوص فهم طيبون ودعاة أمن واستقرار.
ومن هنا يقف شرفاء هذا البلد حائرون وهم يرددون سؤالا عريضا :لماذا يحظى الفساد ورموزه بالعناية وعدم المس بمصالحهم وامتيازاتهم ؟هل لأنه قوي لهذه الدرجة أم أن من أسندت إليهم مهام تدبير شؤون البلاد ضعاف جبناء، وأنهم غير جديرين بالثقة التي منحت لهم من طرف الشعب ؟الشيء الذي سمح للفساد أن ينام ويترعرع في أحضان الجميع ( في الادارة وفي النقابة وفي المقاولة وفي الجمعيات وفي المستشفيات وفي المحاكم وفي الوزارات و الاحزاب…)ومن هنا فالفساد شأنه شأن الطفل الذي يرفض الفطام يظل يدافع عن « بزولته »حتى لا يأخذها منه الآخرفادا كانت الحكومة الحالية والتي كانت تتوعد اصحاب الريع والفساد بالويل والثبور وعظيم الامور قد غيرت سياستها وعوضتها بسياسة دور مع العودة واشري بنتها حيث تحاول من خلالها اقناع واجبار المغاربة على دفع فارق الفساد وسوء التدبير عبر الزيادات المهولة و اللجوء السهل الى جيوب المواطنين في كل ازمة فانه في المقابل على شرفاء هدا الوطن الوعي بالمرحلة والاستعداد للمواجهة الايجابية.
اد انه كلما توفرت الشجاعة والروح النضالية العالية والتحلي بالصبر واليقظة وطول النفس والتوعية السياسية المواطنة سيكون بإمكان شباب هذا الوطن من تنظيم نفسه واستعمال كل الوسائل المشروعة والتي ستمكنه من توجيه الضربة .القاضية واقتلاع الفساد وحماته من الجدوروسحب الثقة ممن خان الامانة ومساءلته ومحاسبته
قدوري محمدين…
Aucun commentaire