حتى لا نكون معارضين بالمجان…… معارضة متمردة تنصف ومقاومة شريفة وجريئة تنسف
هل فشلت جميع محاولاتنا في تفسير مواقف الدولة وكل مسؤوليها بهذه الجهة، أم أننا نظلم أحيانا المسؤولين ونظلم أنفسنا بالتدقيق فقط في النواقص معتبرين كل ما يقوم به هؤلاء من قبيل الواجب، ناسين أننا منذ أكثر من خمسة عقود ونحن نعاني التهميش الذي طالنا، والعزلة التي نهشتنا، أم أننا مازلنا هوائيي المزاج في تصرفاتنا وتصريحاتنا، أم أن البعض لازال يعتبرنا كقطار منتصف الليل ننسى ركابنا ووجوه زوارنا بعد كل نوبة مصالحة أو فتح أوراش محدودة، أم أن البعض لا زال يرفض الحقيقة ولا زالت تستهويه المعارضة…
طبعا لا ينكر سوى جاحد ما تعرفه الجهة الشرقية من تطور وأوراش مفتوحة، وإن كانت أحكامنا التي نحتفظ بها لغاية انتهاء المشاريع واحترام مواعيد انتهاء الأوراش قد تكون قاسية رغم موضوعيتها في المحاسبة… على ألأقل ربما هذا التصريح الذي صرحت به لجريدة السند الإلكترونية لم يعجب البعض الذي راح يعتبر هذا التصريح يحمل نوعا من المحاباة لوالي الجهة، وكأن هؤلاء نسوا كيف كانت اختلافاتنا كجريدة عميقة وصريحة في مواجهة سلفه، وغيرهم من المسؤولين الذين تحملوا مسؤولية تسيير أو تمثيل هذه الربوع من الجهة والذين لا زالت قضايانا معهم أمام المحاكم…
المؤكد أن مواطني الجهة الشرقية بدأوا يشعرون بنوع من إعادة الاعتبار لهم ولجهتهم، على الأقل هذا ما تشاطرني فيه الرأي العديد من فعاليات المجتمع المدني، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تفهم هذه الملاحظات بأنها مدح أو تطبيل بقدر ما يجب أن تساق في إطارها الموضوعي الذي يجب أن تحكمه القرائن والمقارنات مع ما سبق…
ونحن نستشرف اليوم نهاية العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، لا بأس من وقفة لمراجعة الذات وتقييم إنجازات الدولة والشعب خلال عقود ما بعد الاستقلال، وألا يكون واقعنا كواقع أولئك الذين أصبحوا يطالبون باعتذار الدولة، بل وبكل وقاحة يطالبون باعتذار الملك، وكأنهم يتناسون أن في ذلك إهانة لقدسية الدولة وسلطتها، والأصل أن الكثيرين ممن عوضتهم الدولة من أموالنا كمواطنين، كانوا السبب المباشر في ضياع وقت ثمين للمغرب وعليهم أن يقدموا اعتذارا للوطن وللمواطنين…
طبعا نقر أن الجهة كانت منسية كما نقر أن جل أبنائها لم يكونوا كعادتهم بررة، إلا أن الوصول المتأخر خير من عدمه في كثير من الأحوال…أقول هذا فقط للتعبير عن رأيي الذي يبدو أنه لا يعجب البعض إلا إذا كان ضد كل أجهزة الدولة حتى وإن كانت تصيب أحيانا، وهذا من باب احترامي للنقد وللرأي والرأي الآخر…
أتساءل اليوم ونحن نبتدأ سنة2008 هل كانت وجدة هكذا مدينة في السبعينات والثمانينات والتسعينات بل وحتى بداية القرن الحالي بهذا الشكل؟ لا يهم من كان وراء ما تعرفه المدينة والجهة اليوم بقدر ما يهم التصريح والاعتراف بأن الجهة تعرف نقلة نوعية في ميادين عدة، طبعا هناك إرادة ملكية، وهناك أوراش في كل المغرب لكن هناك أيضا بعد نظر وشبكة علاقات حقيقية للمسؤول الأول عن تسيير الجهة بغض النظر عن أي اختلاف في الرأي..
يجب أن نعترف بالجميل وننتقد ما دونه على الأقل، فأحيانا كثيرة أصبحنا نخشى أن نقول ما لدينا من الأشياء، وكأن بعض المتهافتين على السلطة والشعارات أصبحوا يصادرون أحلام الوطن الزرقاء ولا يتورعون في استعمال السكاكين لذبح الآمال والأشواق.
عندما تتحرك أعلى مؤسسة في الدولة لتنفض الغبار عن سنوات عجاف عاشها المغرب، ولتستشرف العقود المقبلة فإن هذا لا يعني أن الدولة أصبحت ضعيفة، أو أن أولئك الذين أرادوا دخول التاريخ من أضيق الأبواب أصبحوا في وضع قوي… المؤكد أننا ضد أية تجاوزات لحقوق المواطنة، لكننا أيضا ضد التعسف في استعمال الحق…. لقد حان الأوان لتحريك دواليب اقتصاد الدولة و طي صفحات الماضي بالنظر إلى آفاق المستقبل في ظل إكراهات العولمة و الاقتصاد الحر و الصراعات الجيوستراتيجية، فلندع سياسة الشعارات جانبا وكفانا من المغالطات التي لن تؤدي حتما لغير كهربة الأجواء مجددا وربما إدخال البلاد في دوامة جديدة من الصراعات و الحسابات الضيقة التي نحن فعلا في غنى عنها…
تستوقفني هنا – مع كل المنتمين لجيل ما بعد الاستقلال- إحدى محطات المندوب السامي للمقاومة بالجهة الشرقية و بالضبط بمدينة بوعرفة في مقر عمالتها حين كان يهم لمنح أظرفه بها بعض مئات الدراهيم لبعض رجالات المقاومة وليس شيكات بملايين الدراهيم على غرار المستفيدين من الإنصاف و المصالحة، وما كان لأحد المقاومين غير رفض الظرف مطالبا المندوب السامي بإضافته لمبالغ "المنصفين" لأنهم ربما قدموا أفضل من الاستقلال للمغرب، أما هم و آباؤنا الذين لم يستفيدوا رغم أحكام الإعدام الغيابية، و المتابعات ولو ببطاقة تثبت مقاومتهم، فكان لهم الله والموت الشريف، لأنهم كانوا يقومون بذلك في سبيل الله و الوطن، و لم يكونوا على غرار جموع الخونة ينتظرون المناسبة للظفر برخص سيارات الأجرة ورخص الصيد في أعالي البحار و الحصول على امتيازات ومواقع في السلطة، لأنهم اعتبروا أن ما عاشوه بعد الاستقلال مجرد إضافة ربانية وحياة جديدة، ماداموا كانوا عازمين على تقديم أراوحهم و أموالهم في سبيل استقلال الوطن.
طبعا سيكون ربما من واجب هؤلاء مطالبة فرنسا بمنتدى الإنصاف و المصالحة لتعويضهم بآلاف الأورو على مقاومتهم للاستعمار الفرنسي وضرب مصالحه على غرار ما قام به بعض متمردي المعارضة الذين توصلوا بملايين الدراهيم رغم جرائمهم ضد الوطن ولازالوا يتبجحون بمطالبة الدولة و الملك بالاعتذار. إنها حقا مفارقة غريبة بين معارضة متمردة تنصف ومقاومة شريفة وجريئة تنسف.
فهل تعيد فرنسا الاعتبار لمن حاربوها بالمغرب من أجل الاستقلال ما دام الإنصاف و المصالحة لم ينصف غير من تسببوا في مشاكل سياسية و اقتصادية بالمغرب…
ربما يكون على الأقل من حق هؤلاء مطالبة فرنسا و المستعمر الغاشم بالاعتذار و رد الاعتبار … و يكون ذلك أقل ما يمكن تقديمه لرعيل رحل شريفا بعد أن قاوم من أجل مغرب اليوم بكل جرأة… على الأقل كان لهؤلاء التاريخ و أصبحت لمن أنصفو اليوم الجغرافيا و الأموال و الأرصدة البنكية…..
أرصدة بنكية على حساب دخل المواطن العادي الذي تسببت له حركات التمرد معاناة اقتصادية وسياسية و اجتماعية، ليجد نفسه اليوم مجددا يدفع الثمن من رصيده الوطني ومالية الدولة لمن كانوا السبب في عرقلة سير المغرب نحو التقدم و قوقعته في الدونية و الصراعات السياسية و الحزبية الضيقة.
ماذا عسانا نقول اليوم؟ هل سرقوا منا الزمان المغربي، و سرقوا طموحنا الطفولي وهل بلغ بدر المغرب تمامه في زمن لازالت فيه الملايين لا ترى الخبز الكريم إلا في الخيال، ولازال فيه كبار القوم يركضون من غير نعال،… إنه زمن إخصاء البطولات و دخول التاريخ من باب المناصفات والكلمات الملغومة بالشعارات، فهل نستمر في هذا التوجه أم نغير اتجاه عجلاتنا نحو المستقبل بنظرة واعية وموضوعية؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأيام.
3 Comments
Certes, c’est une contradiction-hante, comme vous le dite à la 9eme paragraphes !!. Et je crois qu’il n’y a pas mieux et chér que l’INDEPENDANCE. Or, la France elle nous a déjà formé des élits, et jusqu’à maintenant des bon francophones, ce qui fait en vérité que notre mal supréme -comme le dit- le proverbe arabe, se compose dans nous même.
سيدي الكاتب لا توجد اية اوراش في جنوب المنطقة الشرقية انا زرت المنطقة مؤخرا. سمعت كغيري بان الدولة قررت جبر الضرر الجماعي و لكن في الواقع و لحد الان لا يوجد اي شيء. سكان المنطقة يعانون من انعدام فرص العمل. و الناس تعيش على تحويلات ابناءها المغتربين. في فجيج كمثال عدد كبير من العائلات اضطرت للهجرة الى وجدة فقط بسبب انعدام التطبيب. حتى سيارات الاسعاف منعدمة و الطبيب(ة) المداوم ينام ليلا في منزله بالمستوصف و تضطر الساكنة للبحث عن الطبيب الثاني في بيته و تتكفل بنقله لبيت المريض و ياخد …….اتعاب و هذا طبعا ممنوع و مخالف للقانون و لابسط مبادئ الانسانية. والاوراش الوحيدة تمولها جمعيات اجنبية المانية و حتى يابانية.
اشاطرك الراي ايها الصحفي الغيور رغم انني اختلف معك في بعض المواقف فلم يعد لدينا وقت نضيعه في السجالات العقيمة .يجب علينا كمواطنين و كمسؤلين كل من موقعه ان ننخرط في الاوراش التنموية التي دشنها العهد الجديد لضمان مستقبل افضل للاجيال الصاعدة و ان يكون همنا الوحيد هو التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لبلدنا.كما يجب علينا ان نشكر كل الايادي البيضاء في الجهة الشرقية و على امتداد وطننا.