Home»Régional»شهادة تبجيل

شهادة تبجيل

0
Shares
PinterestGoogle+

ينتاب المثقف اليوم حزن شديد حينما تقع أذنه ،وهو يتجول في أحد الأسواق المغربية، على ما يروج من اغاني سوقية مبتذلة ،وأحيانا خليعة. وقد يقف لحظة مستغربا وباحثا عن موطن القوة في الكثير من الأغاني التي تنعت بالراي ،ويتساءل عن السر الجذاب فيها ،أو ذلك المغناطيس السحري الذي يأسر آذان ونفوس شبابنا المعاصر ،فتستهويه وتوقفه باب دكان بائع الأشرطة المسموعة لعله يقتني واحدا منها ،تلك التي سجلت أو طبعت في بضع دقائق بتسهيل من آلات إلكترونية تحمل بداخلها إيقاعات مرتبة ،لينزلها هذا المغني أو ذاك الموزع بالسوق قصد سد نهـم المستهلك المناسب لهذا النوع من الموسيقى والغناء .

وقد يقول قائل ومن حقه: إن الألوان والأذواق لا تناقش ،وأنا أقول : إن الحوار الجاد الهادف يلغي هذه المقولة ،كما يلغي ما تحمله في عمقها من جمود وتقوقع على الذات ،. وما دام الذوق لدى الإنسان يرقى وينمو ، فإنه بات من اللازم أن نرفض هذه القاعدة ، ونفتح نقاشا جادا وموضوعيا علنا نحقق في ذات الآخر تلك الرغبة في التطور بصفة عامة ، وتطوير درجات ذوقه بصفة خاصة

وبفعل الغيرة على الأغنية العربية عموما ، والمغربية على الخصوص ،وجتني أسأل الكثير من شبابنا المعاصر عن سر عشقهم وولعهم بأغاني الراي ، فتضاربت الأجوبة : فمن مفضل لإيقاعاتها ، إلى محبذ للخروج عن المتوارث المألوف من الشعر والتفعيلات إلى عالم يعطي للكلمة الواحدة وزنها وأبعادها ودلالاتها المتعددة ، وبين صنف آخر يدعي أن أغنية الراي خفيفة وسريعة تبعث على الحركة والنشاط و

وهكذا قادتني هذه الأجوبة إلى تحريك مخزون ذاكرتي الفنية المتواضعة ،وتراجعت بي إلى أيام وليالي الستينات من الألفية الثانية باحثا عن الكفة الثانية لآضع الأغنية المغربية في الميزان ،ولأقيم مقارنة عادلة ومنطقية بين تراث الأمس وبضاعات اليوم .

ةقد لا يجادلني أحد إذا صرحت بصوت عال بأن الأغنية المغربية عرفت أوجهـا وبلغت قمة جمالها بفضل عباقرة مغاربة كرسوا كل حياتهم من أجل وضع هذه الأغنية في المكان المشرف لها ، والمكانة التي تستحقها والتي خلقت من أجلها . وقد لا يطاوعني القلم بين أصابعي أمام تلك السمعة والمكانة الساميتين اللتين حظي بهما أولئك الفنانون والأساتذة المبدعون الذي شرفوا المغرب ،ورفعوا رايته خفاقة في الفضاء بعيد وبعد الاستقلال ،إلى درجة أنه يستحيل إخضاع أولئك المبدعون للترتيب العددي أو حتى التاريخي ما داموا كلهم جنود المغرب في الفن كلمة وإيقاعا وأداء ، وما قدموه من خدمات للمغرب أولا ، وللأغنية المغربية ثانيا ، وللشعب المغربي والعربي ثالثا ساهمت في الترويح عن النفوس ، وتهذيب الأرواح والعقول ،وتربية الذوق والإحساس بالجمال .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. مهتم
    14/01/2008 at 14:38

    كل ما قلته صحيح ،وأنا أشاطرك الرأي في كل ما ورد في تحليلك ،الا أن ما حز في نفسي مؤخرا وأدهشني هو ثبوت السرقة الفنية في حق أحد عمالقة الغناء المغربي ، ويتعلق الأمر بالفنان عبد الهادي بلخياط حيث قام بتسجيل الأ غنية الروحية ً المنفرجة ً ناسبا ألحانها لنفسه ،الى أن ظهرت المفاجأة مؤخرا ، وهي أن الأغنية المذكورة لحنها وسجلها الفنان الليبي محمد عريبي في ستينيات القرن الماضي ( بنفس الكلمات ونفس الألحان ) .

  2. قاريء للموقع
    14/01/2008 at 14:38

    الصور التي نشرتها اخي قدوري مهمة وتمثل رموزا من رموز الاغنية المغربية الاصيلة . لكن كان عليك ( وهذه وجهة نظر خاصة ) ان تطعمها ببعض مطربي الجهة الشرقية القدامى الذين خدموا اغنية الجهة والاغنية المغربية امثال : محمد الجيلالي واشيخ صالح وبوشناق وغيرهم كثير .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *